أكد المستشار مجدي عبد الباري، رئيس محكمة استئناف القاهرة، ورئيس دائرة المحكمة التي أصدرت قرارها بتمكين المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني من السفر، إن قرار رفع منع سفر المتهمين في القضية يتفق وصحيح حكم القانون إعمالا لأحكام المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض والقانون. وكشف المستشار عبدالباري النقاب عن مفاجأة كبري، هي أن المستشار محمد محمود شكري رئيس الدائرة الثامنة بمحكمة جنايات القاهرة 'التي كانت تنظر محاكمة المتهمين' أبلغ المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة قراره التنحي عن نظر طلب رفع منع السفر بالنسبة للمتهمين، وأنه في طريقه لارسال القضية لنظر الطلب أمام دائرة أخري في ذات اليوم. وقال - في بيان أصدره الثلاثاء تحت عنوان "الحقيقة الغائبة"- إن طلب رفع قرار منع سفر بعض المتهمين الأجانب في القضية، الذي أصدرته دائرة المحكمة التي يرأسها، لم تكن المحكمة التي نظرت الطلبات أن تملك إلا أن تصدر هذا القرار دون أي سلطة تقديرية في إصدار غيره. وأضاف المستشار عبدالباري أن دائرة المحكمة التي نظرت الطلب -طبقا لقرار الجمعية العمومية- مسند إليها بالاضافة للعمل بالمكتب الفني للمحكمة نظر التظلمات وأي طلبات تعرض عليها.. مشددا علي أنه استقر في وجدان المحكمة منذ الوهلة الاولي لمطالعة الاوراق دون أية تأثيرات خارجية أن قرار رفع منع سفر المتهمين مقدمي الطلبات يتفق وصحيح القانون إعمالا لاحكام المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض والقانون. وتابع انه بتاريخ "الثلاثاء" الموافق 28 من فبراير الماضي، قام عدد كبير من المحامين بالحضور الي مكتب المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأعلنوه بصفتهم مدافعين عن المتهمين الأجانب في قضية منظمات المجتمع المدني أمام الدائرة الثامنة بمحكمة جنايات القاهرة، وأبدوا تظلمهم من عدم الفصل في الطلبات سالفة البيان المقدمة منهم، والتي كانت قد تضمنت الالتماس بإلغاء حظر سفر المتهمين. وذكر البيان الذي أصدره المستشار مجدي عبدالباري، أنه عقب حضور المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة من مجلس القضاء الاعلي إلي مكتبه بالمحكمة ولقائه مع بعض هؤلاء المحامين الثائرين وتظلمهم من عدم الفصل في تلك الطلبات المقدمة برفع منع السفر منذ مهد الدعوي بالرغم من صرف جميع المتهمين المصريين منذ الجلسة الاولي، وبالاتصال التليفوني بين رئيس المحكمة والمستشار رئيس الدائرة 'المستشار محمد محمود شكري' للاستفسار عن سبب المشكلة ومصير تلك الطلبات، انتهت المكالمة بينهما، وعلمنا من المستشار إبراهيم أن المستشار شكري أبلغه بالتنحي عن نظر طلب رفع منع السفر، وأنه في طريقة لارسال القضية لنظر الطلب أمام دائرة أخري في ذات اليوم. وقال عبدالباري إنه عقب صدور قرار رئيس محكمة بإحالة الطلبات إلي الدائرة المنوط بها في الجمعية العمومية محكمة استئناف القاهرة بجلستها 2011/9/28 بنظر التظلمات والمنازعات المستعجلة وما يعرض عليها من أعمال أخري بتشكيل دائرة جزائية، وذلك بعدما تبين وجوب الفصل في تلك الطلبات المقدمة بشأن رفع الأمر الصادر بمنع المتهمين من السفر خلال 48 ساعة من تاريخ التظلم عملا بالمادتين 66 ، 167 من قانون الاجراءات الجنائية. وأوضح أن المحكمة 'برئاسته' طلبت من المحامين الحاضرين الانصراف جميعا عدا وكلاء المتهمين الحاضرين، واستقر عددهم علي ثلاثة محامين فقط، واستمرت مرافعتهم ساعتين تقريبا، وانصبت المرافعة علي طلب رفع منع السفر أسوة بالمتهمين المصريين الذين لم يصدر ضدهم قرارات منع من السفر، كما أن أيا من المتهمين المصريين أو الاجانب ليس محبوسا علي ذمة القضية، بالإضافة إلي أن المتهمين الأجانب - وهم متعددي الجنسية من أمريكا وألمانيا ولبنان وفلسطين وصربيا وجنسيات أخري وليس لهم مأوي بجمهورية مصر العربية وآخرين- لديهم ظروف مرضية تستدعي العلاج الفوري ببلادهم بالخارج، وبعضهم بمراحل التعليم المختلفة التي تستلزم أداء امتحاناتهم في ذلك التوقيت. وقال المستشار مجدي عبدالباري "لدي المداولة ومطالعة الاوراق تبين أن الدائرة المتنحية لم تصدر قرارا بشأن طلب منع سفر الاجانب مع إخلاء سبيل المتهمين المصريين منذ الجلسة الاولي بالمحكمة، بالرغم من وجوب صدور قرار في طلب رفع من السفر خلال 48 ساعة عملا بالمواد سالفة البيان، كما لم يسبق حبس أي منهم إحتياطيا أثناء فترة التحقيق مصريا كان أو أجنبيا، وأن القضية أمام دائرة المستشار محمد شكري تأجلت من جلسة 2012/2/26 الي 2012/4/26 للاطلاع، مع فصل طلب رفع السفر وتأجيل نظره لجلسة 2012/2/29، وأعقب ذلك التأشير علي الاوراق بقرار التنحي عن نظره، وتعجيل الجلسة إلي ذات اليوم الثلاثاء الموافق 2012/2/28 والتي تشكلت الدائرة 'برئاسة المستشار مجدي عبدالباري' نفاذا لهذا القرار الصادر بالتعجيل". وأضاف عبدالباري أن أوراق القضية تضمنت خطاب وزارة الخارجية المصرية المؤرخ 2012/2/19 والذي أفاد أن المنظمات التابع لها مقدمي طلب رفع السفر، تمارس نشاطها منذ أمد بعيد وسبق وأن تقدمت بطلب لانشاء أفرع لها ما بين عامي 2005 و 2006 وآخرها عام 2011 وشاركت في مراقبة الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتزامها الكامل بأحكام القانون المصري وأن هذه الطلبات قيد الدراسة. وأوضح أن الأوراق تضمنت كتاب السفارة الامريكيةبالقاهرة المؤرخ 2012/2/11 ويفيد أن السفارة تتعهد باستلام كافة الإعلانات والمستندات التي تتلقاها من المحكمة وإبلاغها للمتهمين عن طريق الجهات الامريكية تنفيذا لمعاهدة المساعدة القانونية المتبادلة بين مصر وأمريكا، علاوة علي تعهد المتهمين مقدمي الطلبات بإقرارات كتابية موقعة من كل منهم علي حدا بالمثول أمام المحكمة المختصة التي تنظر القضية في أي وقت. واستعرض المستشار مجدي عبدالباري -في بيانه- مجموعة من أحكام المحكمة الدستورية ومحكمة النقض وعدد من نصوص قانون الإجراءات الجنائية، مشيرا إلي انه بتاريخ 2000/11/4 صدر حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم 243 لسنة 21 ق دستورية بعدم دستورية نص المادة 8 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لسنة 1959 فيما تضمنه من تخويل وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية، سلطة تحديد شروط منح جواز السفر وبعدم دستورية المادة 11 من قرار رئيس الجمهورية بالقرار بالقانون المشار اليه والذي صدر بناء عليهما قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 بشأن تنظيم قواعد الممنوعين من السفر وقد قام حكم المحكمة الدستورية علي اساس ان الدستور عهد الي السلطة التشريعية باصدار القوانيين اللازمة لضوابط المنع من السفر دون غيرها. وذكر البيان أن المحكمة الدستورية أكدت انه لا يجوز اذا ما سلم الدستور حق من حقوقه إلي السلطة التشريعية ان تتنازل عن اختصاصها وتحيل الامر برمته الي السلطة التنفيذية دون ان تقيدها في ذلك بضوابط وأسس اساسية تلزم بالعمل في اطارها فاذا خرج المشرع عن ذلك ونصب السلطة التنفيذية لاصدار القرارات بمنع المواطنين من السفر كان تخليا عن اختصاصها الاصيل المقرر بالدستور. كما عرض المستشار عبدالباري لحكم أصدرته محكمة النقض بتاريخ 2010/6/14 في الطعن رقم 48117 لسنة 74 ق متضمنا ان قانون الاجراءات الجنائية قد خلا من ايراد قاعدة تحدد طرق الطعن في إلغاء قرار سلطات التحقيق بإدراج المتهمين علي قوائم الممنوعين من السفر. وأشار إلي أن نص المادة 201 من قانون الاجراءات الجنائية جري علي انه يجوز للسلطة المختصة بالحبس الاحتياطي ان تأمر بدلا منه باحد التدابير الاتية:- إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، وإلزام المتهم بأن يقدم نفسة لمقر الشرطة في أوقات محددة، وحظر إرتياد المتهم أماكن محدده، فإذا خالف المتهم الالتزامات التي يفرضها التدبير جاز الحبس الاحتياطي ويسري في شأن مدة التدابير أو مداها والحد الاقصي لها واستئنافها نفس القواعد المحددة للحبس الاحتياطي. وأوضح عبدالباري أنه بالرغم من أن تلك التدابير وردت علي سبيل الحصر وليس المثال ومن القواعد الاصولية في القانون الجنائي عدم القياس وأنه لا جريمة ولا عقوبة أو تدبير الا بنص وقد خلت تلك المادة من المنع من السفر - إلا أنه وبإعمال تلك المادة فقد سقط أمر منع السفر عن جميع المتهمين بقوة القانون والذي صدر منذ فجر التحقيقات حتي الان، ولم يعرض علي قاضي تحقيق أو محكمة للنظر في تجديده من عدمه حتي تاريخ إصدار قرارنا وانه معلوم للكافة أن اقصي مدة تقييد حرية 15 يوما لمده واحدة أو مدد مماثلة بعد تجديدها من قاضي التحقيق أو المحكمة وبعد سماع أقوال المتهم في كل مره إذا اتخذ قرارا مقيدا للحرية. وأكد المستشار مجدي عبدالباري رئيس دائرة المحكمة التي أصدرت قرار تمكين المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني من السفر، أن منع المتهم من السفر في حقيقته إجراء ماس بالحرية الشخصية وعلي الأخص حرية تنقلة المخولة له دستورا فمن ثم لا يجوز للسلطات ان تتخذ هذا الاجراء ضمن إجراءات التحقيق، وأن آية ذلك أن المشرع حتي هذه اللحظة لم يورد هذا الاجراء أو تنظيمه في أي قانون جنائي موضوعيا كان أو إجرائيا خاصة قانون الاجراءات الجنائية المعمول به حاليا. وأشار إلي أنه من المعلوم للمشتغلين بالقانون أن هذا الامر معروض في مشروع قانون الاجراءات الجنائية الذي وضعه شيوخ القضاء وكبار أساتذة القانون والمعروض علي مجلس الشعب والذي لم ير النور حتي الأن، وقد نظم ذلك المشروع أمر المنع من السفر ووضع ضوابط له بإعتباره من الاجراءات الماسة بالحرية الشخصية والتي لايجوز بحال المساس بها لاي هدف أو غرض كان. وقال إن المقرر قانونا في جميع دساتير العالم مبدأ المساواة في المعاملة بين جميع المتهمين سواء كانو وطنيين أو من جنسيات أخري، بالاضافة الي ضرورة سرعة الفصل في تلك الطلبات إعمالا للقانون لضرورة البت فيها خلال 48 ساعة حسبما سلف بيانه عملا بالمادتين 166 و 167 من قانون الاجراءات الجنائية خاصة أنه لم يتم حبس أي متهم سواء من مقدمي الطلبات أو غيرهم وفي مرحلة التحقيق أو المحاكمة. وأكد عبد الباري أن دائرة المحكمة 'التي يرأسها' انتهت إلي أنه إعمالا لحكم المحكمة الدستورية العليا رقم 243 لسنة 48 ق بجلسة 2010/6/14 حسبما سلف بيانه، وبمطالعة أوراق الدعوي بالقدر الكافي لاصدار القرار، تبين أنها لا تحمل موجبا للتفرقة بين المتهمين المصريين والأجانب وأن قرار منع السفر لأي متهم كإجراء من إجراءات التحقيق أصبح معدوما بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان وعدم إيراده وتنظيمه حتي الآن بقانون الاجراءات الجنائية. وأشار إلي انه بالنسبة لمثول مقدمي الطلب بوكيل عنهم، فإنه من المقرر قانونا عملا بنص المادة 388 من قانون الاجراءات الجنائية أنه يلزم حضور المتهم بشخصه أمام محكمة الجنايات التي تفصل في موضوع الدعوي، أما إذا كان المعروض مجرد طلب في إجراء تحفظي لمتهم غير محبوس، وخاصة إذا كان يتعلق بإنهاء المساس بحريته الشخصية،لا يلزم حضوره بشخصه. وأوضح أن سبب ذلك أن المشرع لم يلزم المحكمة المختصة بنظر استئناف المتهم في الأمر الصادر بحبسه إحتياطيا أو مد هذا الحبس بحضورة شخصيا أو سماع أقواله في هذا الامر، وذلك علي عكس ما أوجبه في حالة إصداره الأمر بالحبس أو مد هذا الحبس من النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو القاضي الجزئي أو محكمة الجنح المستأنفة. وأكد عبدالباري أن دائرة المحكمة 'التي يرأسها والمختصة قانونا بنظر طلب المتهين' وضعت المباديء الدستورية والقانونية السابق الإشارة إليها وهي بصدد نظر التظلم المقدم من المتهمين الأجانب دون غيرهم، حيث لم يعرض أمامها أي طلب رفع منع سفر لمصري علي وجه الإطلاق. وأوضح أنه من العلم القانوني العام أن المتظلم لا يضار من تظلمه، أما وقد أصبح جليا أن قرار منع السفر المعروض معدوما ساقطا لا سند له في الدستور أو القانون، فقد قدرت دائرة المحكمة مبلغ كفالة كبيرا يلزم حضور المتهمين أي جلسة، وذلك بديلا لإجراء منع السفر المعدوم دستوريا، منوها بأن القرار الذي صدر من الدائرة قابل للطعن عليه من النيابة العامة، وأنه حتي هذه اللحظة لم يقم عدد المتهمين بسداد الضمان المالي الذي قدرته الدائرة وضمنهم 6 يحملون الجنسية الأمريكية. واختتم عبدالباري بيانه قائلا "أما وأن الله جل شأنه قد هدي بصيرة الدائرة لإصدار هذا القرار فأنه يوم عزة للقضاء وشموخه لأنه قد رسخ مبدأ سيادة الدستور والقانون وأن الجميع أمام القضاء سواء وطنيا أو أجنبيا وليس عكس ما يثار أن هذا القرار قد صدر نتيجة لضغوط ما، كون المتهمين مقدمي الطلب من الجنسية الأمريكية حالة أن الواقع مخالفا لذلك، حيث أن ضمنهم جنسيات أخري حسبما سلف بيانه". وأضاف "للاسف الشديد أن ما طالعناه في وسائل الإعلام من تصريح للسيد الدكتور سعد الكتاتني رئيس السلطة التشريعية بتورط بعض القضاة في قرار رفع منع السفر عن هؤلاء المتهمين الأجانب حاله أن منعهم من السفر علي النحو السالف بيانه لا سند له من الدستور أو القانون فكان يجب قبل إصدار هذا التصريح مراجعة القانون خاصة الإجراءات الجنائية ومدي مطابقة القرار برفع منع السفر لهذا القانون ولحكم المحكمة الدستورية سالف البيان الذي أوضح جليا عدم دستورية منع المتهم من السفر بعد أن تقاعست حتي الآن السلطة التشريعية في إقرار هذا الإجراء وتنظيمه تشريعيا وتخلت عن مسئوليتها في هذا الخصوص للسلطة التنفيذية حسبما سلف بيانه". وأشار عبدالباري إلي أن ما تردد بشأن انتظار طائرة للمتهمين وتحرير شيكات بالضمان المالي وما إلي ذلك من أمور لوجستية قبل إصدار القرار - فلا علم للدائرة بذلك وقد سبق وأن أوضحنا أن قرار رفع منع سفر المتهمين من الجنسية الأمريكية قد صدر بتاريخ "الثلاثاء" الموافق 2012/2/28 وعلي من يهمه هذا الأمر أن يراجع الجهات التنفيذية لبيان عما إذا كانت إجراءات تنفيذ القرار الصادر من الدائرة سابقة أم لاحقة ليوم "الثلاثاء" الموافق 2012/2/28.