فى اكتوبر المجد توقع المصريون مجدداً فرحه تسعد القلوب وتابعوا بكل شغف ربما للمره الاولى فى تاريخهم الحديث نتيجة انتخابات منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة المعروفه بأسم اليونسكو حيث تتنافس بنت النيل المصريه السفيره مشيره خطاب مع عدة مرشحين اخرين للحصول على هذا المنصب الرفيع للمنظمه التى تأسست عام 1945 للمساهمة فى إحلال السلام والأمن العالميين عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة وإرساء مبادىء الاحترام العالمي للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق البشر وحرياتهم . . تم اعلان ترشح السفيره مشيره خطاب صاحبة ال 71 عاما لهذا المنصب خلال مؤتمر " مصر واليونسكو والقضايا الثقافية " الذى أقيم في المتحف المصرى فى يوليو 2016 ولعل الرهان وقتها كان على الاسم المحترم دولياً للسيده مشيره خطاب ودورها الرائد حول العالم كسفيره فى عدة دول ووزيره سابقه ومهتمه بقضايا المراه والتعليم والثقافه بالاضافه الى ثقل مصر الحضارى والتاريخى داخل وخارج المنظمه الدوليه منذ نشأتها والأعتماد على وجود كتلتين كبيرتين من الاصوات كنا نعتقد انهم داعمين بقوه للمرشحه المصريه حيث هناك 7 دول عربيه لها حق التصويت بالاضافه الى 17 دوله افريقيه وبالتالى فمعنا على الاقل 24 صوتاً من اصل 57 دوله اعضاء فى المكتب التنفيذى للمنظمه ولهم حق التصويت .. الا انه ليس دائماً تأتى الرياح بما تشتهى السفن ..!!
بداية القصه كانت باعلان دويلة قطر عن ترشيح وزيرها السابق للثقافة ومستشار الأمير الحالي للشئون الثقافية حمد الكواري لمنصب المدير العام لليونيسكو ليحدث اول تفتيت لأصوات المجموعه العربيه داخل المنظمه الدوليه ولتتحكم عوامل السياسه والهوى فى تغيير بوصلة الاختيارات لتصبح حرباً غير معلنه فى كواليس وأروقه اليونسكو بين مرشحين يمتلك احدهما التاريخ والانتماء الى حضاره عريقه فى حين يمتلك الاخر بعض الاموال والهدايا والمهاره فى الابتزاز السياسى للدول اصحاب حق التصويت خاصة الدول الافريقيه الفقيره والتى اكدت الجوله الاولى للتصويت انها لم تعطى لمرشحة افريقيا اكثر من نصف اصواتها او ربما اقل من ذلك فى حين راحت اغلب الاصوات الافريقيه الى المرشح القطرى الاسيوى فى حين تباينت مواقف الدول العربيه الخمس الاخرى ... على الطرف الثالث دخلت فرنسا بلد المقر لمنظمة اليونسكو على طريق المنافسه وبقوه لتحصل مرشحتها على مركز الوصيف فى التصويت الاول والثانى حتى الان بفضل اصوات الدول الغربيه والتى لا تؤمن كثيرا بان العرب قادرين على ادارة مثل هذه المنظمات الدوليه العامله فى مجالات التعليم الثقافه والحريات وحقوق الانسان .
مع نهاية جولتين حتى الأن واقتراب المرشح القطرى من التنافس بقوه فى الجولات الاخيره مع المرشحه الفرنسيه يبدو اننا واقعياً قد خرجنا من هذا السباق ولكن الاهم ان يكون الخروج بدرس هام وهو ان لدينا مشكله فى التسويق الدبلوماسى لمرشحتنا او ان علاقاتنا بالعمق الافريقى ما زالت تحتاج الى المزيد من الجهد والعطاء نحو ابناء القاره السمراء الذين كانت اصواتهم وحدهم كفيله بانهاء الصراع لصالح مصر ناهيك عن الخمس دول العربيه صاحبة حق التصويت مع مصر وقطر وهى دول " المغرب والسودان وسلطنة عمان والجزائر ولبنان ".. فاين ذهبت هذه الاصوات ولمن ذهبت ولماذا ..!!
دروس هامه يجب ان يعكف رجال الخارجيه والعلاقات الدوليه والسياسه على تدبرها لنعرف اين نحن وماذا ينقصنا لنعود كما كنا دائماً مفتاحاً لإفريقيا وقلباً نابضاً للعروبه .. فهل سقط كل هذا امام اموال قطر ام ان هناك لاعب خفى ادار الامور باقتدار من خلف الستار ليحقق نوعاً من التوازن فى المصالح السياسيه فى المنطقه وفقا لرؤيته واهدافه الغير معلنه ويرجح كفة المرشح القطرى مجهول الهويه والتاريخ على حساب مرشحة مصر صاحبة الحضاره والعطاء ... انها السياسه بكل سخافاتها قد قالت كلمتها ويتبقى لنا ان نقول نحن المصريون كلمتنا ليس بالصراخ والبكاء على اللبن المسكوب ولكن بتعديل بوصلة الأهتمامات الخارجيه من جديد نحو افريقيا والوطن العربى فهؤلاء هم العمق والامن القومى المصرى الحقيقى ... حفظ الله مصر ارض الحضاره والعلوم والثقافه والتاريخ .. حفظ الله الوطن الغالى .