ما بين يناير 2011 ويناير 2012 أشياء كثيرة تحققت وأشياء أخري ننتظر ويجب أن نسعي لتحقيقها. ما تحقق يستحق أن نحتفل به في الذكري الأولي لثورة الخامس والعشرين من يناير.. من حقنا أن نحتفل بإجهاض سيناريو التوريث الذي كان المسرح السياسي مهيأ لتنفيذه.. الإعلام الرسمي وتحديدًا الصحف القومية والتليفزيون المصري الرسمي أعاد ترتيب الصور والأخبار في الصفحة الأولي والنشرة التليفزيونية ليحتل الوريث الترتيب الأول.. وتصريحات من قيادات بالحزب الوطني تمهد له باعتبار أنه لا بديل. من حقنا أن نحتفل باستعادة المصريين ثقتهم في صندوق الانتخابات وإحساسهم بأن لصوتهم قيمة خرج أكثر من 27 مليون مصري للإدلاء بصوتهم محققين نسبة مشاركة لم تتحقق من قبل أكثر من 65%. من حقنا أن نحتفل بأول مجلس شعب جاء بإرادة المصريين انتخابات توفرت لها كل مقومات النزاهة إشراف قضائي وصناديق زجاجية وجود مندوبين عن جميع المرشحين ومراقبين العملية الانتخابية لرصد أي تجاوزات مشاركة المصريين بالخارج مجلس يستحق أن نحتفل به لأنه مجلس اختاره الشعب. من حقنا أن نحتفل بعودة النقابات المهنية التي جمدوها ليكون للمهندسين أول مجلس منتخب بعد غياب أكثر من 25 سنة. من حقنا أن نحتفل بعام كسر فيه المصريون حاجز الخوف من الحاكم والرئيس لإدراكهم أنهم يستطيعون إسقاط أي رئيس بعد أن أسقطوا 'مبارك' هذا علي مستوي السياسات العامة وعلي المستوي الاجتماعي تحققت أشياء أخري مهمة. تعيين العمالة المؤقتة خاصة في عدة قطاعات وترتب علي ذلك زيادة مرتبات وتمتع بنظام علاجي وغيره من الحقوق التي تترتب علي التعيين وفي مقابل ما تحقق، هناك الكثير الذي لم يتحقق ويدفعنا لإعلان الغضب واستمرار المطالبة حتي تكتمل الثورة ما لم يتحقق تطهير الإعلام فأصحاب مقالات الرأي الذين نافقوا مازالو يكتبون. وأحدهم كتب بلا حياء مقالاً عن المنافقين فعلا 'إن لم تستح اكتب ما شئت'.. ما لم يتحقق ويدعو إلي الغضب محاسبة من أفسدوا الحياة السياسية والتشريعية.. ما لم يتحقق استرداد المليارات المنهوبة لارتباط ذلك بانتهاء المحاكمات التي يستشعر الناس بطئها الشديد خاصة مع شعور الناس بحجم الجرم الذي ارتكبوه في حق مصر والمصريين ليس فقط قتل المتظاهرين وإنما تقزيم مصر ودورها وإفقار المصريين حتي يظلوا طوال الوقت مشغولين بلقمة العيش. الناس تريد أن تري أهداف الثورة تتحقق: عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية.. عام مضي والناس تنتظر، المتشائمون يرون أن المجلس العسكري استمرار لنظام مبارك وأنه غير جاد في تسليم السلطة ويطالبون بمحاكمته عن الأحداث التي وقعت بعد تنحي مبارك من أحداث ماسبيرو إلي شارع محمد محمود ومجلس الوزراء. ويطالبونه بتسليم السلطة والمتفائلون يرون ان النظام الجديد لا ينشأ في يوم وليلة وأن الصبر مطلوب وأن العجلة بدأت الدوران بانتخاب البرلمان الذي سيحدد لجنة وضع الدستور وسيضع التشريعات ويهيئ البيئة السياسية لقيام نظام جديد، الإنصاف يقضي بالاعتراف بأهمية ما تحقق وما كان له أن يتحقق بدون إرادة المصريين شعب وجيش، والإنصاف يتطلب التأكيد علي ما لم يتحقق بعد لأنه ينتقص من الثورة، فدماء الشهداء لن تبرد حتي يتم القصاص من القتلي، ودموع الامهات لن تجف إلا بعد أن يروا حبل المشنقة يلتف حول رقاب من أصدروا الأوامر بقتل أبنائهم.