بقدر ما كان للثورة مميزاتها الكبري .. بقدر ما انقلبت تلك المميزات إلي معانٍ أخري في أعقاب تحقيق الهدف الرئيسي للثورة والذي تجسد في الاطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك في الحادي عشر من فبراير لعام 1102. لم يكن للثورة منذ انطلقت في الخامس والعشرين من يناير لعام 1102 قيادة محددة .. بل كانت تعبيرًا طبيعيًا عن رغبات شباب الثورة في تطهير وطنهم من الفساد والاستبداد .. تناسي الجميع تناقضاته الثورية .. والسياسية .. وقفز كل شركاء الثورة فوق خلافاتهم .. ولم يكن بالميدان سوي نداء وهتاف 'إيد واحدة' .. كان هذا النداء هو سر نجاح الثورة والثوار في تحقيق أهداف وتطلعات أبناء الشعب المصري .. لقد كان التلاحم مصيريًا .. وكانت وقفة العز والفروسية هي أكبر دليل علي صحة المنهج الذي انطلقت الثورة علي أساسه. غير أن هذه الوحدة في الموقف سرعان ما تفتت .. وهذا النداء 'إيد وحدة' سرعان ما تبدد .. وأصبحنا نري علي مسرح الأحداث عشرات .. بل ومئات الائتلافات .. والتي راحت تفتت من حركة الشباب الموحدة .. ،تدفع كل ائتلاف .. وفئة .. ومجموعة .. في اتجاه متباعد عن الآخر .. وراح كل فصيل ينطلق نحو الفضائيات .. ينسب لنفسه الفضل الأكبر في نجاح الثورة .. رافعًا رايته الخاصة .. بعد أن تراجعت إلي الخلف راية وحدة الثوار .. وأصبح كل منهم يجسد في مواقفه نزعة نحو الانشقاق .. بل وطغت الانانية والذاتية علي الكثيرين من أبناء الثورة .. وشبابها .. فسرعان ما دبت الخلافات .. والانشقاقات .. وأصبحت المنافسة المحمومة هدفًا في حد ذاتها .. ورويدًا رويدًا .. راحت معالم الطريق تتوه .. وراح الوطن يحصد نتائج الانكسار الكبير في صفوف الثوار .. وراحت القضايا الكبري تتراجع لصالح القضايا الصغري .. وكانت تلك الأمور في جملتها هي أسوأ ما واجه الثورة من تحديات. وإلي الغد..