فى الوقت الذى يباد فيه مسلمو بورما ويفرون هربًا من أعمال القتل والانتهاكات الخطيرة، وسط صمت أكشاك منظمات حقوق الإنسان بعد أعمال الحرق والعنف وأعمال الإبادة الجماعية، أعلن شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب عن خطة للتحرك على المستوى العربى والإسلامى والدولى يقودها الأزهر لوقف المجازر ضد مسلمى الروهينجا الذين يتعرضون لهجمات وحشية بربرية لم تعرفها البشرية. ومن المنتظر أن يلقى فضيلة الإمام الأكبر خطابا بمؤتمر «التعايش السلمى والحوار بين الحضارات والتأكيد على قيم التعايش والسلام»، والذى يعقد فى ألمانيا، بحضور أكثر من 400 من الرموز والقادة الدينيين حول العالم، وفى ذات السياق أصدر الإمام الأكبر بيانًا للعالم «اكد فيه رفضه لتلك الجرائم وقال إن موت الضمير العالمى هو سبب فى المشهد الهمجى والإنسانى فى ميانمار وطالب بوقف سياسة التمييز العنصرى والدينى بين المواطنين، معربا عن أسفه للموقف المتناقض لمن يحمل جائزة نُوبل للسلام بإحدى يديه، فى إشارة إلى رئيسة الوزراء أونج سان سو كى، ويبارك باليد الأخرى الجرائم التى تضع «السلام وطالب الأزهر الشريف، فى بيانه، كافة الهيئات والمنظَّمات الدولية وجمعياتِ حقوق الإنسان فى العالَم كُلِّه أن تقوم بواجبها فى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق فى هذه الجرائم المنكرة، ولتعقُّب مرتكبيها وتقديمهم لمحكمة العدل الدولية لمحاكمتهم كمجرمى حرب جزاء ما ارتكبوه من فظائع والتوقُّف عن سياسة التمييز العنصرى والدينى بين المواطنين». وفى ذات السياق أعلنت المؤسسات الدينية فى مصر والمجلس الأعلى للطرق الصوفية تضامنها مع مسلمى بورما داعين لموقف موحد مع الإمام الأكبر من أجل المساهمة فى إنهاء تلك الأزمة واصفين موقف الإمام بأنه صمام الأمان لكل المسلمين فى العالم كله. بيئة خصبة للإرهاب الباحث فى شؤن الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولى منير أديب قال: ما يحدث فى بورما هو جزء من سلسلة الاعتداءات التى تستهدف الأقليات عمومًا، سواء الأقليات الإسلامية أو غيرها من الاقليات التى ربما لها فكر ورؤيا، وبالتالى الإرهاب والتطرف له شكل واحد سواء من يمارس الإرهاب والتطرف إسلاميين أو أنظمة، تمارس هذا التطرف تجاه الأقليات الإسلامية. وأشار أديب إلى أن ما حدث لمسلمى بورما يعطى مبررًا للتنظيمات المتطرفة أن هناك اضطهادًا للمسلمين، وهو ما يدفع هذه التنظيمات لإقناع الآلاف من الشباب بضرورة الدفاع عن الإسلام ضد الهجمات التى يتعرضون إليها وهؤلاء من يطلق عليهم بالذئاب المنفردة والذين يقومون بتفيذ عشرات العمليات فى أوربا وغيرها. وأوضح أديب أن التطرف وممارسته تجاه الأقلية المسلمة يؤدى إلى أن تجد التنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة وباقى التنظيمات الإرهابية بيئة خصبة لنشر أفكارها المتطرفة ضد ما يحدث للمسلمين وبالتالى سيؤدى إلى مزيد من الإرهاب. وطالب أديب بضرورة مواجهة الهجمة الشرسة التى يتعرض لها مسلمو بورما لأنها ستؤدى إلى انتشار أكثر للجماعات المسلحة والمتطرفة التى ستتخذ مما يحدث ذراعا لها لنشر أفكارها بعدما تتعلل بأننا تخلينا عن نصرة المسلمين وستكون ذريعة لإقناع الشباب بالجهاد واستغلال الحماس لديهم وعلى الجميع أن يعوا حقيقة ما يدبر وأن نعى الأمر وأوربا والمجتمع الدولى تتحمل مسئولية الدفاع عنهم والتخاذل تجاه مسلمى بورما سيؤدى لمزيد من العمليات الإرهابية. قطع العلاقات الدكتور فوزى الزفزاف وكيل الأزهر السابق حذر من خطورة المجازر والانتهاكات التى ترتكب بحق مسلمى بورما واصفًا بيان الإمام الأكبر بالقوى والجرىء وأنه أدان العالم كله، خاصة الجمعيات التى تصف نفسها بأنها تحافظ على حقوق الإنسان دون أدنى تحرك من قبلها، الموقف لا يحتمل الشجب والندب ولكن يحتاج لتحرك على أرض الواقع تجاه ما يحدث من تعذيب وقتل وحرق ضد الأطفال والنساء والشيوخ من مسلمى الروهينجا ببورما، واصفًا تلك الجمعيات بأنها تمارس أغراضًا ضد الإسلام وضد الدول التى تنادى باستقلالها، مؤكدًا أن العالم كله يتحمل المسئولية ولابد من تحرك دولى ضد هؤلاء الذين خططوا ودبروا الجرائم والانتهاكات ضد مسلمى الروهينجا أو على المتخاذلين أن يعوا أن التاريخ لن يرحم أحدًا ودماء هؤلاء المسلمين ستكون سيفًا على كل متخاذل وعارًا على الإنسانية. وطالب الزفزاف بقطع العلاقات مع تلك الحكومة الغاشمة من جراء ما ماترتكبه من جرائم وانتهاكات ضد الإنسانية، واختتم تصريحاته بدعوة كافة القوى الإسلامية فى العالم والمجتمع الدولى وكافة المنظمات العالمية الحقوقية بالوقوف صفًا واحدًا لنصرة مسلمى بورما. صناعة الكراهية الدكتورعبد اللطيف حسن طلحة من علماء الأزهر قال، الوضع خطير وما يحدث مع مسلمى بورما يحتاج لوقفة وتحرك عاجل.و بيان شيخ الأزهر كان بيانًا وبحق يستحق التقدير من أكبر مؤسسة إسلامية فى العالم لكننا. وهنا نتساءل وهذا لسان حال البسطاء: أين المنظمات الإسلامية مثل منظمة المؤتمر الإسلامى؟ متى تتحرك إن لم تتحرك فى هذه ظروف؟ موضحًا أن مشكلة بورما صناعة الكراهية بامتياز تمتلك الدول الكبرى أو بالأحرى التى تمتلك حق الفيتو صناعة القرار العالمى والتأثير فيه باقتدار، هناك كراهية لانتشار الإسلام ولكن رغم أنف الحاقدين فإن الإسلام باق، فكل دولة من الدول الخمس دائمة العضوية تستخدم حقها فى الفيتو بما يتناسب مع مصالحها وكلهم مجتمعين استخدموا حق (الفيتو) مرات عديدة، ولا يغيب عن كل ذى بصيرة أن هذه دول لا تهتم بقضايا الدول الصغيرة من فقر ومرض وقتل واضطهاد الشعوب. وأشار طلحة إلى أنه على سبيل المثال لا الحصر المسلمون فى بورما أو ميانمار يعانون منذ عدة عقود مضت من جريمة الإبادة العنصرية لعرقهم ونرى مناظر تقشعر منها الأبدان من حرق وقتل وتقطيع وسلب ونهب وإغراق وخلافه، فتاريخ اضطهاد المسلمين فى بورما منذ عقود دون أن تحرك المسماة بالأمم المتحدة لاستصدار قرار بإنهاء هذه المهزلة ووقف هذا الإجرام البغيض، بل إن الدول العظمى لا تعترف بحق الدول الصغيرة فى العيش بكرامة وأمان وسلام. وأضاف: كانت أول مذبحة للشعب البورمى فى عام 1852 م وكما تقول كتب التاريخ راح ضحيتها اعداد كبيرة آنذاك، وفى عام 1997 م قام البوذيون بقتل وحرق وتدمير المسلمين ودنسوا المساجد واعتدوا على أملاك المسلمين هناك تحت سمع وبصر العالم، وفى عام 2001 م قام الرهبان البوذيون بتوزيع كتيب يسمى (الخوف من ضياع العرق) يحثون انصارهم فيه على تطهير البلاد من عرق المسلمين لأنهم ينتشرون بسرعة ففى مايو من نفس العام هاجم البوذيون المسلمين مما اسفر عن قتل اكثر من أربعمائة وهدم 11 مسجدًا وحرق 200 مسجد للمسلمين، فى يونيو 2012 وقعت أحداث دامية أخرى أسفرت عن قتل العشرات من المسلمين بالإضافة للهدم والتدمير للممتلكات، الجرائم التى ترتكب بحق المسلمين لم يشهد لها التاريخ مثيلا فى فظاعتها حيث تتحدث التقارير عن استخدام جثث المسلمين طعامًا للحيوانات المفترسة مثل التماسيح وغيرها وحرق الأحياء والاغتصاب، هذا الأمر لم يحرك المجتمع العالمى الذى يتغنى بحقوق الإنسان أليسوا هؤلاء من البشر ولهم نفس الحقوق والواجبات؟! اختتم طلحة تصريحاته بمناشدة الجميع التوحد وتوجيه رسالة قوية بان الاسلام باقٍ وان ما يحدث من مجازر لن يمر مر الكرام. الإعلام وفضح الممارسات الدكتور الأمير محفوظ أبو عيشة من علماء الأزهر قال: نحن جميعًا علينا أن نعلن عن تضامننا التام مع مسلمى بورما ولابد من الضغط على تلك الحكومات التى لا تراعى الحقوق والواجبات بطرد سفرائها من الدول العربية وهذا أقل القليل، وخيرًا فعل فضيلة الإمام الأكبر، فإن موقف الأزهر الشريف الممثل فى بيان فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر لهو خير مثال حى على قول الله (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). وهى الأخوة التى دعانا إليها الأسلام الحنيف فقال (إنما المؤمنون إخوة)، ومن حق المسلم على المسلم تقديم النصح الواجب والمشورة الصحيحة فضلًا عن المعونة والنفع والمساعدة التى تصلح حال الضعفاء والأرامل واليتامى والثكالى، وتقديم المساعدات المادية بجميع انواعها وصورها، والمساعدات المعنوية والإنسانية من دعوة الضعفاء المظلومين ونهى الظلمة المعتدين عن اعتدائهم، وعلى كل منا أن يقوم بالدور المنوط به حتى ولو بالدعاء لنصرة هؤلاء المستضعفين. وهذا جهد المقل وسوف يسألنا الله يوم القيامة عن نصرة المستضعفين. وأشار أبو عيشة إلى ضرورة نشر معانى الإخوة فى الإنسانية كى يتحرك العالم لنصرة هؤلاء مطالبًا الإعلام أن تدعم قضيتهم وتبرز المجازر الوحشية التى يتعرضون لها مع التعريف بقضيتهم والإحساس بمعاناتهم وأن نرسل لهم عبر وسائل الإعلام رسائل تضامنية بأننا نقف معهم ولن نتخلى عنهم فالعالم الإسلامى والعالم الإنسانى ينتفض بسببهم لأنهم جزء غالٍ منا. مؤتمر دولى فيما أكد حاتم زكريا سكرتير عام نقابة الصحفيين وعضو المجلس الأعلى للإعلام على دور الإعلام فى تناول القضايا الخاصة بمسلمى بورما وفضح تلك الممارسات واصفًا ما يحدث هناك بالخطر وانه يفوق تصور البشر نتيجة حرق الأفراد أحياء، مطالبًا بتوحيد كلمة العرب لأن مثل هذه الممارسات تبين للعالم ضعف الموقف العربى، ونحن نثمن بيان شيخ الأزهر ولكن الأمر يحتاج لتفعيل، فالكلام لن يجدى وسط تلك الهجمة التى تستهدف وجود الإسلام، موضحًا أنه مطلوب تحرك عربى وتضامن حقيقى ليتم أخذ الموضوع بجدية كناحية إنسانية وليست دينية، والخروج من حالة التخبط والوهن التى ألمت بنا بعد ثورات الربيع العربى نريد صحوة وتضامنًا إعلاميًا عربيًا لفضح تلك الممارسات. وتساءل زكريا: أين المنظمات الدولية والدول العظمى مما يقع فى بورما فى الوقت الذى لو حدث ذلك فى دولة الكيان الصهيونى لقامت الدنيا. وأشار زكريا إلى أن ما يحدث الآن إنذار خطر وأن الوضع الحالى كشف فرقة العالم الإسلامى وأعطى فرصة للغير فى التدخل فى شئون المسلمين ما يحدث فى بورما يدخل فى حيز الإرهاب والتطرف، مثلما يحدث فى الدول العربية من قبل داعش وأخواتها. وطالب زكريا بعقد مؤتمر دولى للتأكيد على أسس العدالة الإنسانية للتعامل مع البشر بعيدًا عن العقائد الدينية على أن تشارك فيه كافة الدول وجمعيات حقوق الإنسان، وأقترح أن يعقد هذا المؤتمر فى شرم الشيخ برعاية مصرية سعودية، خاصة أن منطقة الشرق الأوسط مهبط الأديان خاصة فى سيناء، وبالتالى انعقاد هذا المؤتمر فى تلك المرحلة الراهنة سيسهم فى إنهاء تلك الأزمة، ويفضح تلك الهجمة ويعزز من قدرات الدول العربية فى حماية الإسلام والمسلمين بما يتفق وجهود الإمام الأكبر فى التحرك لنصرة مسلمى بورما.