أصدر المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المحكمة الدستورية العليا أمرًا وقتيًا بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى القاضى ببطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، ويقوم هذا القرار على ما خلص إليه تقرير هيئة مفوضى المحكمة من رجحان القضاء بعدم الاعتداد بهذا الحكم لمخالفته قواعد الاختصاص الولائى لقضائه بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود حال كونه ممنوعًا من ذلك، لأن التوقيع على المعاهدات الدولية عمل من أعمال السيادة التى تخرج عن رقابة القضاء. والمعروف أنه عندما أنشئت المحاكم المختلطة سنة 1876، والأهلية سنة 1883، وردت لائحة الترتيب لكل منهما خلوًا من أية إشارة إلى أعمال السيادة، أما المحاكم الأهلية، فقد أقرت بطائفة أعمال السيادة بالرغم من عدم النص عليها فى لائحة ترتيبها، وأما المحاكم المختلطة، فقد تعرضت لبعض أعمال السيادة، وحكمت بالتعويض عنها، ولهذا اضطر المشرع إلى أن ينتهز فرصة إعداد لائحة ترتيب المحاكم المختلطة سنة 1900 لينص فيها صراحة على منع المحاكم المختلطة من التعرض لأعمال السيادة، وفى سنة 1937 عدلت لائحة ترتيب المحاكم الأهلية بمناسبة اتفاقية «منترو» فنص على أنه ليس للمحاكم الأهلية أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فى أعمال السيادة، ولم يكلف المشرع نفسه عناء تحديد أعمال السيادة. وبقى الوضع على حاله طوال سريان قانون نظام القضاء رقم 37 لسنة 1949 وبعده قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 حتى العمل بالقانون المعمول به حاليًا رقم 46 لسنة 1972 إذ صيغت كافة هذه القوانين بعبارة واحدة هى: ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فى أعمال السيادة. «مجلس الدولة» وعندما أريد وضع قانون مجلس الدولة، كان من الطبيعى أن تثار مسألة أعمال السيادة، فنص عليها صراحة فى المادة السادسة من القانون رقم 112 لسنة 1946، ولكن المشرع لم يسر على السياسة التى انتهجت فى لائحة ترتيب المحاكم، بل ضرب أمثلة لأعمال السيادة، ولقد أثار تعداد هذه الأمثلة ريبة بعض النواب، فارتفعت أصواتهم مطالبة بالاقتصار على إعلان المبدأ فى ذاته، دون حاجة إلى ضرب الأمثلة، لأن المرجع الأخير فى ذلك إلى القضاء، وأثير أيضًا هذا الاعتراض فى مجلس الشيوخ، وأخيرًا سلم المشرع بوجاهة هذه الاعتراضات، ولهذا اكتفت كافة قوانين مجلس الدولة بالنص على أن مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى لا يختص بالنظر فى الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة. وحاول مجلس الدولة من أول الأمر أن يرسم حدود أعمال السيادة فأورد فى حكمه الصادر بجلسة 21/4/1948 فى القضية رقم 304 لسنة 1 ق أن عبارة أعمال السيادة الواردة فى القانون لا تنصرف إلا إلى الأعمال التى تتصل بالسياسة العليا للدولة، والإجراءات التى تتخذها الحكومة بما لها من السلطة العليا للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها فى الداخل أو الخارج، ذلك لأن النص ورد فى صدد سيادة الدولة وكيانها فى الداخل والخارج، الأمر الذى يقتضى منطقيًا أن لا يفسر أعمال السيادة إلا قياسًا على طبيعة الأعمال التى تتصل بالسياسة العليا للدولة. ثم صدرت أحكام عديدة من محكمة القضاء الإدارى عرفت فيها أعمال السيادة بأنها الأعمال أو الإجراءات العليا التى تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم، لا سلطة إدارة، تباشرها بمقتضى هذه السلطة لتنظيم علاقاتها بالسلطة العامة الأخرى، داخلية كانت أو خارجية، إذ تتخذها اضطرارًا للمحافظة على كيان الدولة، واستتباب الأمن فى الداخل، أو للذود عن سيادتها فى الخارج. وإذا كان ظاهر هذه الأحكام يشير إلى أن مجلس الدولة التزم معيارًا معينًا فى تحديد أعمال السيادة، فإن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، وليس من المصادفات أن تستعمل المحكمة العبارات السابقة تمهيدًا لنفى صفة عمل السيادة عن بعض التصرفات الداخلية، وليس أدل على هذا المعنى من حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر بجلسة 19/1/1956 الذى جاء فيه: إن معيار التفرقة بين أعمال السيادة والأعمال الإدارية هو معيار مادى أساسه كنه العمل وطبيعته، فأعمال السيادة: هى تلك التى تباشرها الحكومة باعتبارها سلطة عامة، فى نطاق وظيفتها السياسية، والأعمال الإدارية هى تلك التى تقوم بها عادة فى حدود وظيفتها الإدارية، إلا أنه بالرغم من ذلك لم يتيسر وضع تعريف حاسم أو حصر دقيق لأعمال السيادة. وأكدت المحكمة الإدارية العليا فى حكمها الصادر بجلسة 10/12/1966 أن الأصل أن معيار التفرقة بين الأعمال الإدارية وبين أعمال السيادة، مرده إلى القضاء الذى ترك له المشرع وحده سلطة تقدير الوصف القانونى للعمل المطروح عليه. وقضت محكمة القضاء الإدارى بجلسة 7/3/1956 فى الدعوى رقم 4079 لسنة 7 ق أن التدابير التى تراها الثورة ضرورية لحماية نفسها، والنظام القائم عليها، تندرج ضمن أعمال السيادة، وأن قرار الاستغناء عن عدد من الضباط الذين لا يتلاءمون مع الثورة من قبيل هذه الأعمال. وقضت بجلسة 25/4/1957 فى الدعوى رقم 3715 لسنة 7 ق بأن من حق الثورة، وقد نجحت وأصبحت السلطة الشرعية فى البلاد، أن تتخذ من التدابير ما تراه ضروريًا لتأمين سلامتها، وتدعيم نطاقها، والسير قدمًا لتحقيق أهدافها، وإبعاد كل ما من شأنه أن يقف فى سبيل تحقيق هذه الأهداف، وتبعًا لذلك يعتبر قرار رئيس مجلس قيادة الثورة بالإحالة إلى المعاش، تدبيرا اتخذ لحماية الثورة، والنظام القائم عليها، لتحقيق أهدافها، ويخرج بذلك النظر من اختصاص مجلس الدولة لأنه من أعمال السيادة. وقضت بجلسة 20/3/1979 فى الدعوى رقم 198 لسنة 33 ق بأن قرار تشكيل الوزارة الصادر من رئيس الجمهورية، لم يصدر منه بوصفه رئيسًا لسلطة إدارية، وإنما بصفته رئيسًا للدولة واستنادًا إلى السلطة المخولة له بمقتضى المادة 141 من الدستور، فهو يصدر من رئيس الجمهورية باعتباره سلطة حكم ويندرج فى أعمال السيادة. وذهبت فى حكمها الصادر بجلسة 26/6/1979 فى الدعوى رقم 717 لسنة 32 ق إلى أن القرار المطعون فيه بحل المجلس المصرى للسلام واللجان المنبثقة عنه، إنما هو صادر من رئيس الجمهورية بوصفه رئيسًا للاتحاد الاشتراكى العربى، فى نطاق وظيفته السياسية، مما يخرجه من نطاق قرارات الإدارة بالمعنى المفهوم فى القانون، ويعد من أعمال السيادة. كما قضت بجلسة 1/5/1979 فى الدعوى رقم 287 لسنة 33 ق بأن قرار رئيس الجمهورية بعقد اتفاقية السلام بكامب ديفيد يعد من أعمال السيادة. قضت بجلسة 7/1/1986 فى الدعوى رقم 1729 لسنة 36 ق بأن قرار تجميد أرصدة المنظمة العربية للتنمية والزراعة التابعة للجامعة العربية، هو عمل من أعمال السيادة، لأن الدولة اتخذته فى نطاق مسئوليتها السياسية، مراعاة لحالة الضرورة، ولتأمين اقتصاديات البلاد. وقضت بجلسة 27/11/1990 فى الدعوى رقم 667 لسنة 45 ق بأن قرار رئيس الجمهورية رقم 415 لسنة 1990 بحل مجلس الشعب ودعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الشعب يوم 29/11/1990، وقد صدر من رئيس الدولة بوصفه سلطة حكم، مستهدفًا تحقيق مصلحة الجماعة السياسية، ومجال علاقة الحكومة بالبرلمان، فإن هذه القرار يعد من أعمال السيادة التى تنأى عن رقابة القضاء، ولا تختص المحكمة ولائيًا بنظر ما يثار بشأنه. المحكمة الإدارية العليا وقضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29/3/1958 بأن عملية تفتيش السفن وضبط الغنائم فى أوقات الحرب، هى من أعمال السيادة، لاتصالها بالتدابير الحربية التى تتخذها الدولة لصون أمنها الخارجى. وقضت بجلسة 29/12/1979 فى الطعن رقم 830 لسنة 20 ق بأن قرار إعلان حالة الطوارئ من أعمال السيادة، التى تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم. لا سلطة إدارة، بحسبانه من الإجراءات العليا التى تتخذ فى سبيل الدفاع عن كيان الدولة. كما قضت بجلسة 11/1/1986 فى الطعن رقم 675 لسنة 30 ق بأن إعلان نتيجة الاستفتاء هو خاتم الإجراءات التى يمر بها تعديل الدستور، وأن نفاذ التعديلات الدستورية منوط بهذا الإعلان ومرتبط به ارتباطًا لا انفصام له، ومن ثم فإن مجلس الدولة لا يختص بنظر الطعن على قرار إعلان نتيجة الاستفتاء. كما قضت بجلسة 25/6/1989 فى الطعن رقم 1439 لسنة 31 ق بأن قرار إعلان حالة الطوارئ يعتبر من أعمال السيادة، لأنه صدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة، لتعلقه بالإجراءات العليا التى تتخذ فى سبيل الدفاع عن كيان الدولة، واستتباب الأمن أو النظام العام. وقضت أيضًا بجلسة 5/1/1991 فى الطعن رقم 2184 لسنة 30 ق بأن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشعب هو فى القمة البارزة لأوضح صور أعمال السيادة، على اعتبار أن هذا القرار يتعلق بتمكين أفراد الشعب صاحب السيادة من اختيار ممثليه أعضاء مجلس الشعب، ويتعلق أيضا، بالعلاقة بين مجلس الشعب والحكومة الذى يتولى بعد تشكيله الإشراف عليها ورقابتها. «محكمة النقض» وقضت محكمة النقض بجلستها المعقودة بتاريخ 5 مارس سنة 1968 بأن أعمال السيادة هى تلك التى تصدر عن السلطة التنفيذية، باعتبارها حكومة، أو بعبارة أخرى هى الأعمال التى تقوم بها هذه السلطة، وهذه الأعمال هى أبعد خطرا من تلك التي تجريها بصفتها الإدارية، ويراد بأعمال السيادة تلك التى تتصل بسلامة الدولة الخارجية والداخلية، أو التى تحكم روابط ذات صبغة سياسية ظاهرة، فتعتبر أعمال سيادة، الأعمال التى تنظم العلاقات بين السلطات العامة التشريعية والتنفيذية والتضامنية، والأعمال التى تصدر عن الدولة باعتبارها من أشخاص القانون الدولى العام، أى باعتبارها عضوا فى العائلة الدولية، كعقد معاهدة، أو التنازل عن جزء أو ضم جزء إلى إقليم الدولة، والأعمال المتصلة بسلامة الدولة الداخلية أو الخارجية، كذلك لا تختص المحاكم بنظر الدعوي المتعلقة بالأضرار الناتجة عن أعمال الحرب. وذهبت بجلسة 24/6/1999 في الطعن رقم 9552 لسنة 64 ق إلى أن أرض النزاع تتمركز فيها بعض الوحدات العسكرية، التابعة للقوات المسلحة، وأن بها منشآت لخدمة هذه الوحدات، وهو ما يستخلص منه أن استيلاء تلك القوات عليها، كان الهدف منه تأمين نطاق أعمالها العسكرية المنوطة بها، حفاظا على أمن الوطن، وسلامة أراضيه، مما يعد عملا من أعمال السيادة يخرج عن ولاية المحاكم نظر النزاع بشأنه. وقضت بجلسة 28/4/1993 فى الطعن رقم 2018 لسنة 58 ق بأنه إذا كان المشرع لم يورد تعريفًا أو تحديدًا لأعمال السيادة التى نص فى قانون السلطة القضائية علي منع المحاكم من نظرها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فأنه يكون منوطًا بالقضاء أن يقول كلمته فى وصف العمل المطروح فى الدعوى، وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السيادة، أم يخرج عنها، لكى يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه مطاعن. وقضت بجلسة 18/12/1986 فى الطعن رقم 2427 لسنة 55 ق بأنه ولئن كان يتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة، أو حصر دقيق لها، إلا أن ثمة عناصر تميزها عن الأعمال الإدارية العادية، أهمها تلك الصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية، فهى تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم، فينعقد لها فى نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسير على أقدام دستورها، والإشراف على علاقاتها مع الدول الأخرى، وتأمين سلامتها وأمنها فى الداخل والخارج، فالأعمال التى تصدر فى هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلا للتقاضى لما يكتنفها من اعتبار سياسى، يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق فى اتخاذ ما ترى فيه صلاحًا للوطن وأمنه وسلامته، دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليها فيه. كما قضت بجلسة 6/1/1983 في الطعن رقم 1956 لسنة 48 ق بأنه إذا كانت المسائل التى طرحت على الاستفتاء الشعبى، إنما تتعلق بصميم سياسة الحكم التى تمس مصالح عامة للبلاد، وقد استهدف بها حماية الوطن وأمنه الداخلى، ودفع الأضرار عن وحدته الوطنية، فإن قرار رئيس الجمهورية الصادر بشأن هذا الاستفتاء يعد عملا من أعمال السيادة فلا يجوز التقصى عن مدي صواب أو خطأ هذا المؤثر، وحقيقة مبرراته السياسية، إذ أن ذلك يدخل فى نطاق المسئولية السياسية لعمل من أعمال السيادة، لا ولاية للمحاكم بنظره. المحكمة الدستورية أما المحكمة الدستورية العليا فقضت بجلسة 16/6/1993في القضية رقم 10 لسنة 14 قضائية دستورية بأن القضاء الدستورى جرى على استبعاد الأعمال السياسية من نطاق ولايته، وخروجها بالتالى من مجال رقابته على دستورية التشريع، وأنه اذا كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساسها كأصل عام فى مبدأ الشرعية، وسيادة القانون، وخضوع الدولة لأحكامه، إلا أنه يرد على هذا الأصل استبعاد الأعمال السياسية من مجال الرقابة القضائية، تأسيسا على أن طبيعة هذه الأعمال تأبى أن تكون محلا لدعوى قضائية، والعبرة فى تحديد التكييف القانونى للأعمال السياسية هى بطبيعة العمل ذاته، لا بالأوصاف التى يخلعها المشرع عليه، متى كانت طبيعته تتنافى وهذه الأوصاف ذلك أن استبعاد الأعمال السياسية من ولاية القضاء الدستورى إنما يأتى تحقيقا للاعتبارات السياسية، التى تقتضى النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية، استجابة لدواعى الحفاظ على الدولة، والذود عن سيادتها، ورعاية مصالحها العليا، مما يقتضى منح الجهة القائمة بهذه الأعمال سواء كانت هذه السلطة التشريعية أو التنفيذية سلطة تقدير أوسع، وأبعد نطاقًا، تحقيقا لصالح الوطن وسلامته، دون تخويل سلطة القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه فى هذا الصدد. كما قضت بجلسة 9/10/1990 فى الدعوى رقم 4 لسنة 14 ق منازعات تنفيذ بأن العبرة فى تحديد التكييف القانونى لأى عمل تجريه السلطة التنفيذية لمعرفة ما إذا كان من أعمال السيادة، أم لا، هى بطبيعة العمل ذاته لا بالأوصاف التى قد تخلع عليه، متى كانت طبيعته تتنافى مع هذا الوصف. كما قضت بجلسة 21/7/1984 فى القضية رقم 48 لسنة 4 ق دستورية بأن العبرة في التكييف القانونى لما يعتبر من أعمال السيادة، وما لا يعتبر منها، هى بطبيعة هذه الأعمال ذاتها، التى يجمعها إطار عام، هى أن تصدر عن السياسة العليا للدولة، بما لها من سلطة عليا، وسيادة فى الداخل والخارج، مستهدفة تحقيق مصلحة الجماعة السياسية كلها، مع احترام الحقوق التى كفلها الدستور، وتنظيم علاقاتها الخارجية بينها وبين الدول الأخرى، وتأمين سلامتها فى الداخل والدفاع عن إقليمها من الاعتداء الخارجى والمرد فى ذلك إلى السلطة التقديرية للقضاء وحده. وإذا كان البادى من مطالبه هذه الأحكام أن المحاكم هى المختصة وحدها بتقدير الوصف القانونى للعمل الصادر عن السلطات العامة، فإن اعتبرته من أعمال السيادة، فلا يكون لها ثمة اختصاص بالنظر فيه. وإذ كانت المادة 151 من الدستور تنص على أن رئيس الجمهورية هو الذى يمثل الدولة فى علاقاتها الخارجية، وهو الذى يبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، فإن معنى ذلك أن المحكمة الدستورية اعتبرت الاتفاقات الدولية التى حددتها المادة 151 من الدستور واستلزمت عرضها على البرلمان وموافقته عليها من الأعمال السياسية التى تخرج عن ولاية القضاء. وبالتالى فإن توقيع ممثل الحكومة المصرية على الاتفاقات الدولية يعد من أعمال السيادة التى تخرج من رقابة القضاء. وإذ كانت حجية الأمر الصادر من رئيس المحكمة الدستورية العليا حجية مؤقتة فإن هذا الأمر لا يفيد المحكمة الدستورية إبان نظر الدعوى الموضوعية وهو ستكشفه الأيام القادمة.