«رمضان».. شهر ينتظره المسلمون فى مصر وأنحاء العالم أجمع للتمتع بالروحانيات والفضائل، لكنه لم يسلم من الانفلات الأخلاقى الذى يمر به المجتمع المصرى حاليًا. فإلى جانب العنف والدموية التى انتابت الشارع المصرى خلال الآونة الأخيرة، جاءت هجمة شرسة أخرى ضد قيم وأخلاقيات المصريين فى رمضان بطلتها الدراما التليفزيونية، فالمتابع لمسلسلات العام الحالى يلاحظ التدنى الأخلاقى المتمثل فى عرض صور للبلطجة والعادات السيئة، غافلة تمامًا كل الجوانب الإيجابية. عندما ننظر لدراما رمضان هذا العام ومن خلال بعض المسلسلات نجد أن العديد منها يتضمن حوارات ومفاهيم وموضوعات غريبة على مجتمعنا الشرقى بتقاليده وعاداته من جهة، وما ينبغى أن نصدره للمجتمعات العربية والغربية من جهة أخرى، فمن المفروض أن نصدر للعالم الخارجى القيم والمفاهيم المصرية الأصيلة والمثل والشخصيات الناجحة والمؤثرة، والقاء الضوء على الرموز الوطنية والقيادية وإبرازها بالشكل الأمثل حتى تكون نبراسا للأجيال القادمة للاقتداء بها وتغيير مسار حياتهم نحو التحدى والمثابرة وتحمل المسئولية حتى يصلوا للمناصب القيادية. ولكننا وجدنا العكس تماما فالدراما الرمضانية لم تراع أبسط قواعد الأخلاق بالنسبة للشهر الفضيل ولا تتناسب مع قيمته ومكانته الروحية، وذلك ما يجعلها عامل هدم وتخريب لعقول المصريين وحرمان الأجيال من خيارات معرفية صحيحة وسليمة. لان اغلب المسلسلات التى يتم عرضها عبر الفضائيات خلال الشهر الفضيل على سياق واحد من الابتذال والإسفاف وأصبحت هذه المشاهد كأنها أمر طبيعى فى المجتمع. إن الأزمة التى لم ينتبه إليها أحد تكمن فى خطورة هذه المسلسلات والأعمال الدرامية على الأسرة المصرية، خاصة الأطفال، وانعكاس تلك الأدوار على شخصيتهم بالإضافة إلى اختفاء الأعمال التاريخية التى تشرح للأجيال الجديدة تاريخ الدولة والإسلام والمسلسلات التى كانت تتناول بعض القيم والمبادئ بالمجتمع وترسخها فى وجدان المواطن؛ نتيجة البحث المستمر من جانب القائمين على الدراما عن المال. فى النهاية.. لابد أن أذكر نقطة مهمة للغاية، وهى أن الحملة الفرنسية عندما دخلت مصر ألفت كتابًا سمى «وصف مصر» ورد فى هذا الكتاب كلمات عن المجتمع المصرى مضمونها المعدن المصرى لا يوجد مثله على مستوى العالم، والمصريون بطبعيتهم لا يحبون الشر ولا العنف، فطبيعتنا كمصريين تخالف ما تعكسه الدراما الحالية، بالإضافة إلى أن فرنسا منعت فيلمين مضمونهما كيفية أن تتمكن من سواقة شاحنة كبيرة وأن تدهس بها بعض الأفراد فثار المجتمع ومنع الفيلمين من العرض، أين نحن من هذا؟ لابد من وقفة مع النفس لدى كل مسئول بداية من الكبير لأقل مسئول فيها وسن القوانين وتفعيلها لمنع هذا الضياع والإسفاف الذى إن ترك بدون تحجيم سيقضى على كل ما لدينا.