استفزني كما استفز ملايين المصريين الجدل العقيم حول الطلاق الشفهى ، فهناك حفنة من شيوخ الفضائيات الذين لا نعلم نواياهم ولا منزلتهم العلمية فى البحث والعلم الديني ، يتبنون وجوب الطلاق على يد مأذون وإبطال الطلاق الشفهي ، وليس لديهم أسانيد عملية يمكن الاعتماد عليها ، و لا نعرف من أين أتوا بكلامهم هذا! وعلى الجانب الآخر نجد أن الازهر الشريف ودار الافتاء يؤكدان أن الطلاق الشفهي نافذ وهو حد من حدود الله أي أنه من ثوابت الدين ، التي لا يمكننا المساس بها . ولي أن أستشهد بكلام الشيخ الدكتور عبد الله رشدي حين قال " إن الطلاق هو آخر الوسائل حين نعجز عن العلاج فى حل المشاكل بين الزوجين، كما أن الطلاق هو أحد حدود الله يجب عدم الاستهانة بها وثوابت الدين واضحة وخط أحمر ولا يستطيع أحد التقرب منها والاجتهاد والتجديد ليس له دخل فيما يتعلق بالأعراض ، حيث إن الأعراض مصانة، وأن الرئيس لعلمه بحجم هذه المسئولية فقد ترك الأمر وأحاله لأهله في الأزهر الشريف لإيجاد حل لأزمة الطلاق الشفوى " وأنا هنا أتكلم عن بسطاء هذا الشعب الذين تاهوا وسط الالاف الفتاوى التى تصدر ليل نهار ، و تفتح لها ساعات الإرسال على القنوات الفضائية من خلال مشايخ للأسف منهم من ينتمى لمؤسسستنا العريقة الأزهر الشريف ! هل الهدف هو النيل من الأزهر الشريف ؟ أم زيادة نسبة المشاهدة لديهم بتصدير حالة الجدل البيزنطى لعامة الناس ؟ أم الاصطياد في الماء العكر كما لاحظنا بعضهم يحاول أن يصدر لنا أن هناك حالة من الشقاق بين الرئاسة والأزهر ؟ ثم راح يعرض بالأزهر الشريف وكأنه جامد لا يقوم برسالته ، ولايستجيب لوطنه حين يستدعيه كما كانت استجابته في السابق ؟ ولماذا تثار قضية الطلاق الشفهي فى هذا التوقيت بالذات ؟ وما سر هذا الهجوم الشديد على مؤسسة الازهر ؟ هل لأن تردي الحالة الاقتصادية فى مصر زاد من حالات الطلاق فأراد المسئوليين عن ذلك الخلل وهذه الحالة غسيل أيديهم من زيادة حالات الطلاق ؟ لقد سجلت الإحصاءات الدولية بالأمم المتحدة أخيرا ارتفاع نسبة الطلاق فى مصر حتى أصبحت الأولى عالميا بمعدل فاق 170 ألف حالة فى العام الأخير، وأغلبها عن طريق قانون الخلع وارجعت ذلك للظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحية فضلا عن نقص الوعى أو إدمان المخدرات وانتشار المواقع الإباحية على الانترنت مما جعل هناك تزايدا فى نسب الطلاق عاما بعد عام خاصة مع قانون الخلع الذى يساعد المرأة على الطلاق دون علم زوجها. ولكن هل فكر هؤلاء الداعين لالغاء الطلاق الشفهي فى تأثير هذا الفكر على المجتمع ؟ أشك أنهم فكروا لو للحظة في الأثر السيء التاثيرالذى سيحدث نتيجة إلغاء هذا الطلاق الشفهى. نحن مجتمع شرقي تربى على عادات وتقاليد منها أن الراجل مربوط بكلمتة أي أن أي كلمة تخرج من فم الرجل يحاسب عليها. فكيف يستقيم الأمر إذا حدث عناد من الرجل ضد المراة وأصر على عدم تطليقها كتابة وأنكر أنه طلقها شفهيا ؟ كيف ستستمر الحياة بين الطرفين بالله عليكم !. لذا لابد أن نعتصم بفتاوى الأزهر فقط وألا نلقي بالا أو اهتماما لمشايخ اتخذوا من الدين تجارة يتربحون منها ، وعلى الأزهر أن يفعل دوره الأساسي ، وهو توعية العامة بأمور دينيهم وأن ويتصدى لمن يفتون بغير علم أو لأولئك الذين يتمسحون فى تجديد الخطاب الدينى وهم للاسف يبددون الدين . إنني أقول كامرأة مصرية وأؤكد أنه لا سبيل للحد من انتشار ظاهرة الطلاق فى مصر سوى أن تتضافر كل الجهود فى إيجاد حلول عملية لكل مشكلاتنا الاجتماعية فى مصر ، وأن يكون ذلك فى إطار قومي مجتمعي بفكر مدروس لتفعيل هذه الحلول ، وأن يشارك الجميع فى هذا المشروع الاجتماعي . كما أطالب بتدشين حملة قومية للحد من انتشار الطلاق فى مصر ، يشارك فيها الجميع وبرعاية شيخنا الجليل فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الازهر الشريف لتسهم فى رفع الوعي الاجتماعي وتهدف إلى التبصير والتوعية وذلك وصولا إلى الحد من ظاهرة انتشار حالات الطلاق فى مصر كى ينصلح حال المجتمع المصري ، وكي نشعر جميعا بالارتقاء بهذا البلد العظيم . وأخيرا أقول لبعض شيوخ الفضائيات ومن ورائهم ماذا تريدون من الازهر ؟ هل تريدون هدم أزهرنا الشريف ؟ المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر في العالم والتى أنشات عام 970م . ألا تستحون ؟ لا والله لن تقدروا فان للأزهر شعبا يحميه . حفظ الله مصر من كيد الكائدين وعبث العابثين ودامت مصر آمنة مستقرة من الفتن .