قال الإعلامي مصطفى بكري، إن الشعب المصري كان يعيش حالة من الاحتقان المجتمعي قبل 25 يناير، لافتا إلى أن اللواء حسن عبد الرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، كتب مذكرة يوم 18 يناير من 12 صفحة، حذر فيها من خطورة الأوضاع التي تعيشها البلاد، وطالب بتنفيذ الأحكام القضائية للمعارضين الذين نجحوا في انتخابات مجلس الشعب عام 2010 وتم إسقاطهم بالتزوير، كما طالب بتعيين نائب لرئيس الجمهورية وإجراء تعديل في الحكومة، واتخاذ إجراءات اقتصادية في صالح الفقراء، وطالب بإعمال مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد، ولكن لم ينظر أحد إلى هذه المذكرة، رغم أنه سلمها لوزير الداخلية في ذلك الوقت. وأضاف بكري خلال برنامجه "حقائق وأسرار" المذاع على قناة "صدى البلد"، أنه رغم أيضا ما حذر منه السيد عمر سليمان يوم 19 يناير في المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد بشرم الشيخ، لكن لم يحدث شئ، سوى اجتماع حضره رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور أحمد نظيف، وتم مناقشة الأمور ورفع توصيات، لكن لم يُؤخذ بهذه التوصيات، وتم عرقلة إصدار أي قرار في هذا الوقت، فكان طبيعيا أمام حالة الاحتقان المجتمعي أن يخرج الناس في تظاهرات سلمية ثم سرعان ما تحولت إلى أزمات ومشاكل في بعض الميادين، وخاصة في ميدان التحرير، وكذلك في بعض المحافظات وخاصة السويس . وتابع بكري، أن مباحث أمن الدولة كان لديها، ولدى المقدم محمد مبروك على وجه التحديد، مكالمات بين محمد مرسي، عضو مكتب الإرشاد في هذا الوقت، وبين أحمد عبد العاطي مسؤول التنظيم الدولي للإخوان في تركيا، لافتا إلى أن هذه المكالمات كشف عن وجود اتصالات مع الأمريكان ليشارك الإخوان في المظاهرات التي حدثت في 25 يناير، مشيرا إلى أن هذه الاتصالات تكررت يوم 26 يناير في مكالمتين تم تسجيلهما، وفي ضوء ذلك تم القبض على 27 من قيادات الإخوان بتهمة التخابر، ودُفع بهم إلى سجن وادي النطرون، مضيفا أن الإخوان يوم 28 يناير كانوا قد حسموا أمرهم ونزلوا بكل قوة إلى ميدان التحرير، وتحولت أقسام الشرطة إلى كتل من اللهب بسبب الاعتداءات والمؤامرات التي تمت في هذا الوقت ضد الشرطة المصرية. وأوضح بكري، أنه كان مطلوبا إسقاط الشرطة المصرية، وإنهاء هذا الدرع الواقي والمحافظ على الأمن والاستقرار، ونُفذت المؤامرة في هذا الوقت وانهارت الشرطة إلا من رجالا أوفياء ظلوا في مكاتبهم حتى اللحظات الأخيرة، ولكن الحالة التي عاشتها مصر في هذه اللحظة قالت بكل صراحة ووضوح، إن الشرطة المصرية تعرضت لمؤامرة خطيرة، وأن الهدف كان اقتحام أقسام الشرطة والسجونة؛ للافراج عن البلطجية وقيادات الجماعة الإرهابية، وبالفعل خرج محمد مرسي ومجموعته، وقد شاهدنا اتصاله بقناة الجزيرة في هذا الوقت. وأشار إلى أن الأمور مضت سريعة إلى أن قام الجيش المصري بإصدار بيان يوم 1 فبراير بعد أن نزل إلى الشوارع يوم 28 يناير لحماية البلد، وأعرب في بياته، تفهمه للمطالب المشروعة للشعب المصري، وتعهده بعدم إطلاق أي رصاصة في وجه المتظاهرين السلميين، مشيرا إلى أن الرئيس مبارك كان في هذه الليلة يتحدث في خطاب عن نيته لترك الحكم ولن يترشح للانتخابات مرة أخرى، ولكن افتعلت حادثة موقعة الجمل بواسطة جماعة الإخوان الإرهابية، والتي أدت إلى زيادة الاحتقان مرة أخرى، ورأينا بعد ذلك الحوار الوطني الذي أجراه السيد عمر سليمان يوم 6 فبراير مع الأحزاب السياسية، ثم حوار آخر يوم 8 فبراير في قصر الاتحادية، لافتا إلى أن جماعة الإخوان كانت تتحدث في الحوار بوجه وتعمل في الخفاء بوجه آخر، وكان هناك جناح آخر يصعد الأمور بقصد أن تصل البلاد إلى حالة من الاحتقان المجتمعي التي تدفع مصر فيها الثمن غاليا في هذا الوقت، لافتا إلى أن المشير محمد حسين طنطاوي كان يعرف تماما أبعاد المؤامرة، وكان لديه يقين أن الأمريكان مصممون على سيادة الفوضى في البلاد والمجئ بجماعة الإخوان الإرهابية، واستمرت الضغوطات عبر الرئيس الأمريكي السابق أوباما، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، والضغط لتسليم محمد البرادعي رئاسة الحكومة، وكان الهدف أن يتسلم السلطة في مصر، ورأينا المؤامرة التي كانت تحاك في التسريبات التي سمعناها، وقد ظل الجيش المصري يحمي البلد إلى أن عقد اجتماعا يوم الخميس 10 فبراير للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبدون رئيس الجمهورية، وخرج ببيان وجه فيه إنذارا للسلطة في هذا الوقت وأكد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيظل في حالة انعقاد دائم ومستمر. وأكد بكري، أن الرئيس الأسبق مبارك، أصدر في مساء هذا اليوم "الخميس"، بيان كانت طريقة صياغته للأسف لم تؤدي الغرض منه، مشيرا إلى أن عمر سليمان أكد له أن مبارك كان يريد تفويضه لإدارة شئون البلاد من 29 يناير 2011، ولكن هناك من وقف عقبة أمام إتمام هذا الأمر، وكان يريد أيضا حل مجلس الشعب، لكن تكرر الأمر وكان هناك من وقف عقبة في إتمام ذلك، لافتا إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ظل مجتمعا حتى فجر الجمعة، وأصدر بيان أعرب فيه عن رضاءه عن نقل السلطة للسيد عمر سليمان وتعهد فيه بأن يكون الضامن والحامي لهذا الأمر، وقد غادر مبارك القاهرة إلى شرم الشيخ، وهناك التقى السيد عمر سليمان والفريق أحمد شفيق والمشير طنطاوي، وأمام زحف الجماهير إلى القصر الجمهوري، تم التواصل مع الرئيس مبارك وعُرض عليه التنحي عن السلطة، ودار حوار طويل بينه وبين السيد عمر سليمان في نهايته أبدى استعدادا للتنحي انقاذا للبلاد وحماية للوطن من الانهيار، ولكن كان له شرطين، أن يكون الأمر تخليا عن السلطة وليس تنحي، وألا يتم إذاعة البيان إلا بعد مغادرة سوزان مبارك وجمال مبارك إلى شرم الشيخ، وهذا ما حدث .