لماذا نجحت مصر في دحر الاحتلال الإخواني؟! ولماذا فشلت تركيا عن بَكْرَة جيشها ومخابراتها وشرطتها وشعبها المسكين الذليل الخانع تحت نِيْر العصف المتأسلم الفاجر، والمسخ الشيطاني الغادر؟! فلعلها لن تكون المحاولة الأولى والأخيرة في مسلسل الإطاحة بالغزو الإخواني المارق لأنقرة قبل حوالي عقدٍ ونصف؛ الجاثم بثقله وزخمه وغطرسته فوق الجسد التركي المريض؛ حيث راح المحتال أردوغان؛ يؤسِّس لخلافته المزعومة؛ ويُؤَخْوِن فيها أجهزة ومفاصل الدولة التركية العلمانية؛ فاشترى الولاءات، والضمائر، والنفوس، والأجِنَّة، والشبيبة، والأحزاب، والأحياء، والموتى؛ بكل حيلةٍ ممكنة؛ حتى إنه أخْوَن الجيش التركي؛ ذلك الجيش العلماني؛ الذي تربّى على مبادئ أتاتورك الراسخة؛ فأحدث الإخوانُ الملاعينُ ثغرةً في ثوب الجيش التركي؛ فصار الباب مفتوحاً أمامهم؛ فدخلوا عن طريقها إلى أعمق أعماقه؛ فأطاحوا بكبار القادة الرافضين لنموذج الأخونة داخل الجيش؛ وخلال السنوات التي تلت اعتلاء أردوغان لسُدَّة الحكم بالحديد والنار؛ واليورو والدولار؛ تمَّ تصعيد مَن لبسوا عباءة الإخوان؛ وتخلَّوا عن الأتاتوركية الوطنية؛ مقابل العمولات، والصفقات، والرشاوى! بل إنه قَسَم المعارضة التركية؛ فاصطنع أحزاباً وزعماء لها؛ لزوم أوهام المسرح؛ في حين أنها أردوغانية التلفيق والترقيع والتخليط والتمزيق والفِتَن! لكنَّ السؤال الأبرز هنا: تُرى؛ أين الشعب التركي من كل هذا التغيير الراديكالي الديماجوجي العنصري المتطرف لخريطة السياسة والحكم في تركيا؟! ولماذا لم يستفد الأتراك من التجربة المصرية البارزة الناجحة في القضاء على الإخوان قبل ثلاثة أعوام؟! لا جرم؛ أن مصر غير تركيا؛ وأنَّ الجيش المصري أمهر، وأكثر حِنكةً وخبرةً وفعّالية من الجيش التركي! فالجيش المصري مُتَغَلْغِلٌ في النسيج المجتمعي المصري، وجذوره أعمق من أن تُزيلها ألاعيب إخوانية صبيانية على غرار ألاعيب أردوغان ومرسي العيّاط مثلاً! فشعبية الجيش المصري لدى المصريين .. المسلمين والأقباط؛ لا تزاحمها شعبية، ولا تُضاهيها مكانة! والدليل؛ أنَّه طوال تاريخ مصر الحديثة منذ أيام محمد علي باشا وحتى الزعيم السيسي؛ فالجيش المصري هو البطل في الواقع والخيال؛ هو الفاعل والمُؤَثِّر في الأحداث والأزمات؛ هو المراقِب واللاعب؛ هو الحامي والسند؛ هو الظهر والنجاة؛ هو الشرعية والمصداقية! أمّا في تركيا؛ فالجيش صورةً فقط؛ بعد أن تمَّ نزع مخالبه وأنيابه؛ بإيجاد جيشٍ موازٍ داخل الجيش التركي؛ هو جيش الإخوان والمرتزقة من حلفاء الإخوان؛ بشراء الأنفس والأرواح؛ وقتل المعارضة وتسريحها! في تركيا؛ نجح أردوغان في ما فشل فيه مرسي العيّاط بجدارةٍ ومكرٍ؛ حيث شلَّ حركة الجيش التركي عن المباغتة والمفاجأة والحسم والتغيير؛ حتى أصبح أغلب القادة الكبار؛ إخوان الهوى والفؤاد والمزاج والمصلحة! أمّا في مصر؛ فالبون شاسعٌ، والمقارنة مستحيلةٌ؛ والأخونة منعدمة؛ لماذا؟! نظراً لطبيعة الجيش المصري؛ الذي تشرَّب الوطنية، والعقيدة القتالية دفاعاً عن الدولة وسيادتها وحدودها وطبيعتها المجتمعية وشرعيتها الدستورية. فأصغر ضابط في الجيش المصري؛ لا بل أصغر صف ضابط فيه؛ يدين للإسلام المعتدل الأزهريّ، ولا يدين بأيِّ ولاءٍ، أو مصلحةٍ لأفكار الإخوان النابتة ضد الوطن، والدولة، والدستور، والجيش ومؤسسات مصر! ففي مصر؛ إسلام الأزهر حاكمٌ طبيعيٌ؛ وفي تركيا العلمانية المتطرفة هي الحاكمة؛ فأوجد الإخوان لهم؛ موضع قدمٍ داخل الجيش التركي؛ باسم الإسلام الإخواني الأردوغاني؛ فحدثت الهوة، والزلزلة، والصاعقة؛ عندما تمَّ الزجّ بالجيش التركي في حلبة السياسة؛ بل خدمة أردوغان على حساب الدولة التركية الأتاتوركية! والعجيب؛ أنَّ مُدَبِّري المحاولة الأخيرة؛ للإطاحة بأردوغان؛ هم من المتأسلمين؛ من فريق فتح الله كولن؛ ذي الناب الإخواني المتأمرك! أيْ أنَّ حال ومآل ومستقبل تركيا؛ وقع بين أجنحة الراديكاليين المتطرفين المتأسلمين المنقسمين؛ فلو نجح كولن؛ فلن تنعم تركيا بالديمقراطية، ولن تحكم مبادئ أتاتورك كما كانت! بل سيذوق الأتراكُ من الكأس نفسها؛ العلقمَ والزَّقُّوم! وفي ظل قبضة أردوغان الفاشية؛ ومساندة الغرب وإسرائيل له؛ فلن يجد الشعب التركي منقذاً له على غرار الشعب المصري؛ عندما بايعوا السيسي زعيماً؛ ضد أطماع الإخوان، وانتهازية الإخوان، وجبروت الإخوان، وعمالة الإخوان؛ ومحاولة الإخوان هدم الدولة، وتقويض الجيش، وتقسيم البلاد، وشراء الذِّمَم، وتقديم إسلام آخر لم يعرفه الناس؛ يقوم على السمع والطاعة، والبيعة، والكهنوت، والقتل، والسحل، وفرض الحسبة بالقوة، وإرهاب المخالف والمعارض، ووأد الرأي الآخر، وتكميم الأفواه وشراءالنوايا، وتغيير الدول، وتسريح جيوشها، والطعن في قضائها، وتخوين شرطتها! باختصار؛ هذه هي مصر التي جرَّعت الإخوانَ كئوس الهزيمة والخيبة والندامة! وهذه هي تركيا؛ التي جرَّعها الإخوانُ كئوسَ الذل والعربدة والنار والشرار! وهذا؛ هو السيسي؛ نصير الشعب؛ وصوت الناس؛ وحامي حمى الوحدة الوطنية والدولة المصرية الراسخة! وهذا هو جيش مصر المرابط المناضل؛ أقوى جيوش الشرق الأوسط؛ إذن؛ فلتنعم مصر بالأمن والأمان؛ بعد طرد الإخوان! فلو تأسّى الأتراك بالنموذج المصري الناجح؛ لصار أردوغان اليوم أمام محكمة الشعب التركي؛ بِتُهَم: الخيانة، والعمالة، والعربدة، والقتل، والتزوير، ومخالفة الدستور، والأخونة! فهنيئا لمصر الإسلام والعروبة والقرآن .. ولا عزاء للأتراك؛ ورَبِّنا يجعلها آخر الأحزان!