ما أن تقدم النائب «مصطفى بكرى» باقتراح لمجلس النواب، ساعيا لإصلاح الأوضاع المختلة داخل المؤسسات الصحفية «القومية» حتى خرج «مدّعو الديمقراطية» من جحورهم، كاشفين عن وجوههم الحقيقية فى «مخالفة القانون» و«تجاوز أحكامه» طالما تعارض مع طموحاتهم الذاتية، ومآربهم الشخصية.. فالنائب «بكرى» استجاب لدعوة الأغلبية الساحقة من الصحفيين، والتى طالبته، هو ونوابًا آخرين، بسرعة التصرف، لإصلاح المؤسسات الصحفية القومية من الخلل الذى تعانيه، والذى دفع بالأوضاع للتدهور على كافة المستويات داخل تلك المؤسسات التى «تمولها» الدولة، وتدفع بملايين الجنيهات إلى خزائنها، لمعاونتها على مواجهة سيل الخسائر الذى تعانى تبعاته على المستويات كافة. ناهيك بالطبع عن المخالفة القانونية الصارخة، والمتمثلة فى انتهاء فترة رؤساء مجالس إدارة المؤسسات الصحفية القومية «كافة» منذ الثالث من شهر يناير الماضى، فيما تنتهى ولاية رؤساء التحرير على صحفهم فى الثامن والعشرين من يونية الجارى.. ذلك فى الوقت الذى لا يحق فيه للمجلس الأعلى للصحافة «المد» لأى منهم، لأكثر من مدة واحدة، وقد انقضت بحكم القانون والدستور. لكل ذلك تقدم «بكري» بمشروع قانون لمجلس النواب، استطاع أن يحظى بتوقيع 324 نائبًا عليه، وهو ما يتجاوز نصف عدد نواب البرلمان، وتقدم به لرئيس المجلس الدكتور على عبد العال، الذى أحاله للجنة الثقافة والإعلام التى أقرته بالأغلبية، وأحيل للجنة التشريعية،قبل أن يعرض قبيل نهاية الشهر الجارى على مجلس النواب فى جلساته العامة. جاء تحرك «بكرى» فى إطار قانونى صرف، وبمبادرة شخصية منه، عكست مواقفه التى أعلنها على مدار شهور عديدة مضت، من التحذير من مغبة استمرار الوضع الخاطئ داخل المؤسسات الصحفية القومية، التى تراكمت خسائرها، وتزايدت أزماتها، وتفجرت الصراعات الحادة فى بعضها، دون أن يتحرك أحد لانقاذ الأوضاع، فى ظل رغبة عارمة من القواعد الصحفية فى المؤسسات الصحفية القومية لإصلاح الأوضاع المختلة.. وحين تقدم «بكرى» بمشروع القانون الذى يحتوى على مادة واحدة، تنص على «يستبدل بنص المادة 68 من القانون رقم 96 لسنة 1996 النص الآتي: يصدر رئيس الجمهورية قرارا بتشكيل المجلس الأعلى للصحافة للقيام بالمهام المنوط بها ولحين صدور قانون بتنظيم الصحافة والاعلام، على أن تنتقل إلى المجلس جميع السلطات والاختصاصات التى كان يمارسها مجلس الشورى فيما يخص شئون الصحافة والصحفيين والمؤسسات الصحفية القومية الواردة فى هذا القانون وغيره من القوانين». كان واضحا من مشروع القانون، أن الهدف من وراء التقدم به، هو إعادة تشكيل المجلس الأعلى للصحافة، ومن ثم إصلاح الوضع المخالف داخل المؤسسات الصحفية القومية بتعيين رؤساء مجالس الادارة ورؤساء التحرير الذين انتهت مدتهم والمحددة بعامين فقط ، لا يجوز مدها وفقا لما نص عليه الدستور والقانون..أى «إعمال نصوص القانون وإصلاح الأوضاع المختلة». هنا أدرك القائمون على المجلس الأعلى للصحافة أن مصالحهم باتت مهددة، وأن استبعادهم من السيطرة على المجلس بات مسألة أيام، لا أكثر، فبادروا بشن هجوم ملىء بالأباطيل والافتراءات على مقدم المشروع، وراحوا يستعينون برجل قانون، معادٍ للدولة الوطنية بعد 30 يونية بشكل لا يقل ضراوة عن جماعة الإخوان، وأتباعها، والذى راح يقدم لهم تخريجات «بلهاء» فى محاولة «ساذجة» للتحايل على القانون والدستور، وتفسيره بما يخدم أهداف تلك المجموعة «الجاثمة» على رأس المجلس الأعلى للصحافة.. وتذكر هؤلاء «المغيبون» أخيرًا أن مدة رؤساء مجالس ادارات الصحف التى انتهت منذ ستة أشهر، يجب التدخل لمدها مرة أخرى، ليضيفوا إليها المد لرؤساء التحرير،فى قرار «منعدم قانونًا» لأنه يتعارض مع نص القرار بقانون رقم 66 لسنة 2013 والذى يمنح المجلس الأعلى للصحافة حق التعيين لمدة واحدة لا تزيد على السنتين.. متحديًا بذلك القانون والدستور، لخدمة مصالح مجموعة محدودة لاغير. أما الحجة التى ساقها المجلس الأعلى للصحافة، مستندًا إلى المادة 224 من الدستور، والتى يزعم أنها تمنحه هذا الحق، فهى حجة باطلة، ذلك أن المادة المذكورة لا يسوغ الاحتجاج بها فى هذا الخصوص، لأن المجلس استنفد سلطته، وخرج عن إطار النص الذى يحميه الدستور، وأى قول يخالف ذلك غير قانونى. والقضية الأخطر، أن هؤلاء الذين لا يتوقفون عن تصديع رؤوسنا -ليل نهار- بحديثهم الممجوج عن «الديمقراطية» و«إعلاء شأن القانون» هم أول من يطعنون «القوانين» و«الدستور» فى مقتل، طالما تعارض الأمر مع مصالحهم، هم، ومن يتبعون فكرهم!! إنهم ليسوا أكثر من «مدّعى ديمقراطية»!!