أكتب لكم هذه المرة ليس بصفتي المهنية بل كمواطن مصري خرج من طينة هذا الوطن مثلما خرج منه ملايين من المصريين. أكتب لكم بأصالة وعراقة مجتمع تربي على قيم ومبادئ عتيقة، ترسخت داخل وجدانه تقاليد وعادات توارثتها الأجيال عبر قرون طويلة مضت. هذا الإرث الثقافي نقش حروفه على جدران الثقافة المصرية. لم تستطع أعتى الدول حضارة وقوة أن تمحو الذاكرة من عقول المصريين. دائمًا وأبدًا أعداء الإسلام في مواجهه معنا منذ فجر الإسلام وحتى اللحظة، ينفذون إلى الجسد الإسلامي، إما تباعا وإما مجتمعين، يدخلون في معارك وحروب طاحنة، ونظل باقين بعد أن نستقوى بالضربة ويشتد نسيجنا الوطني فيسقط هؤلاء الأعداء في مستنقع الذل على اعتاب صمودنا وإيماننا بعمق قضيتنا.. الدفاع عن الإسلام.. ومع كل دورة من دورات الزمان في سلسلة الحروب الصليبية لم ننهزم قط، بل عظُم دورنا وعلا شأننا، فجيوش الاستعمار تحتل البلاد وتستعبد العباد وتنهب الثروات وما تلبث أن تسقط إمبراطورياتهم وتختفي لغاتهم وتندثر ثقافتهم وتطمس هويتهم وينتهي تاريخهم تحت أقدام المصريين، ويصبحوا خارج التاريخ، ونبقى نحن صامدين بعروبتنا وثقافتنا وحضارتنا وبلغة كتاب الله حتى مجيء الساعة. اليوم تغيرت قواعد الحرب وبدلًا من غزو الشواطئ وتحليق المقاتلات باتت اللعبة حروبا للأفكار ..غزو العقول..تحريرالعقول..تفريغ العقل من المضمون الديني والثقافي والاجتماعى وحتى السياسى والاقتصادى، وبعد أن يتحرر العقل من القيود المفروضة عليه من صنع الطبيعة والبيئة والموروث، يبدأ بالانطلاق في عالم بلا حدود بعد أن تتم برمجته بمفاهيم جديدة تفرغ الشىء من مضمونه وتعيد تسمية الاشياء بمسميات جديدة تطمس الهوية وتكسر الثوابت وتغير التقاليد وتستبدل القيم وتلغي الموروث. يحدث كل هذا بهدوء داخل مضمار حرب الأفكار والهدف تغيير وجه الإسلام ذاته، ويصبح الدعاة الجدد أصحاب الكرافتات الشيك وقنوات الضلال الديني ونموذج الحكم الديني لجماعة الإخوان المسلمين وإرهاب داعش والجماعات المنبثقة عنه هى الوجه الآخر من عملة أشد قبحًا داخل هذه المنظومة تستخدم الإعلام المتحرر والمنفلت بإعلاناته وبرامجه الترفيهية ومسلسلاته الموجهة كأدوات لهذه الحرب الموجهة في الأساس ضد الإسلام والمنتج المقدم هو تحرير العقول في قالب حرية الرأي والإبداع الذي نص عليه دستور عمرو موسي اما المستهلك فحتما سيكون نحن وعلينا أن نختار بين تطرف الإخوان وإرهاب داعش بعنوان العودة إلي صحيح الدين وبين أفكار إسلام البحيرى واقرانه ممن يدعون إلى إلقاء البخارى ومسلم فى القمامة وألا نقيم وزنا للائمة الأربعة بحجة تحرير العقول من الماضي بأخطائه البشرية وحينها لن نجد أمامنا من مرجعية سوى القرآن الذي سيصبح هو الآخر فى مرمي قوس النيران بدعوى أن من جمعوه هم بشر وكل البشر خطاءون. على المصريين أن يختاروا بين دعاوي مجتمع السلفية المتشدد وبين دعاوي حرية الرأي والإبداع التي تعمل على تكسير ثوابتنا الدينية رويدا رويدا بفزاعة داعش واخواتها من الأفكار التي تلقي باتهاماتها فى وجه كل من يتجرأ على صد اللعبة دفاعًا عن ديننا الحنيف. إعلان عن مشروب مياه غازية يمرر فكرة الشذوذ في اللاوعي للمتلقي أصبح حرية إبداع، وقبلها بأسابيع برنامج توك شو شهير يستضيف دكتورا معروفا ليدافع عن الفكرة بل ويروج لها داخل مجتمعنا الإسلامي . إعلان عن لبن محفوظ يحدثنا دون حياء عن الدندون (ثدى المرآة) في ليالي رمضان بزريعة حرية الإبداع، مسلسلات رمضانية تبرر لأبطالها الخروج عن القانون وشرب الخمر وممارسة الدعارة والسرقة والقتل بدعوى تناول سلبيات المجتمع وكأننا نعيش في غابة بلا قانون وكأنها دولة علمانية وليست مدنية بمرجعية دينية. الحرب شرسة وطويلة وقطاع عريض من المصريين في حيرة وقد فقدوا بوصلتهم وباتت عاداتهم وتقاليدهم على المحك بعد أن وقعوا في براثن حرب الأفكار. وأولى خطوات الحل تكمن فى تعريف أصل الرواية وهى «الحرب على الإسلام لتغيير وجه الإسلام ذاته»، ثم معرفة العدو الحقيقي وهو من أفصح ذات يوٍم بالقضاء علي الخطر الأخضر (الشيوعية) والتوجهه صوب الخطر الأخضر(العالم الإسلامي)، وأخيرًا تحديد ادواتنا واسلحتنا في هذه الحرب وهى أسلحة قديمة انتصرنا بها مرارًا وتكرارًا على كل قوى الشر، التمسك بتعاليم وقيم الدين الإسلامي وسماحته، أما جنود المعركة فلن تكون الدولة هذه المرة بل سنصبح نحن الجنود المقاتلة. حتمًا سيصموننا بالدعايشة الجدد أو معتنقي الفكر الوهابي حتى يثنونا عن المواجهة والدفاع عن ديننا رغم اننا لا هذا ولا ذاك . لن نكل أو نمل في الحفاظ على هويتنا الإسلامية وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا التى نشأنا وتربينا عليها وسنربي أبناءنا واحفادنا على إرث ما تركه لنا آباؤنا وأجدادنا، ولنعلم جميعًا أن هؤلاء قد نجحوا في تكريس ظاهرة الإسلاموفوبيا داخل عقول الشعوب الغربية ولا يجب أن ينجحوا في ترويجها داخل مجتمعاتنا الإسلامية وعلينا ألا نشترى منهم السلعة بكل هذه السذاجة. وسيظل شهر رمضان كريما في حسناته والله أكرم يا مصريين. مواطن مصري