ممارسات أردوغان تثبت كل يوم تطلعاته إلي أن يكون زعيما ويتوج كسلطان يملك كل شىء، فهو مسكون بالمركزية ولا يريد لأحد أن يناطحه فى السلطة، فهو الحاكم الأوحد والديكتاتور الذى لا يشق له غبار، وهو القانون والدستور. ولهذا يظل يحلم باستعادة الامبراطورية العثمانية من جديد وتتويجه كسلطان أوحد. بل إنه يحلم بأن يكون زعيما ملهما للأمة الاسلامية. وتتوسع أحلامه يوما بعد يوم فيرى أن قدراته ومواهبه تؤهله لأن ينفرد بالسلطة كلية بحيث لا ينازعه أحد فيها. إنه الحالم الذى يشعر بتميزه عن كل الرؤساء، ومن ثم فهو يستحق أكثر من أن يكون رئيسا لتركيا. ولهذا رأيناه وقد دلف إلى التعاون مع أمريكا عندما وجد فيها بغيته فى إيصاله إلى تحقيق هدفه فى الزعامة المطلقة من خلال مشروع إحياء دولة الخلافة العثمانية. لا سيما أن أمريكا وجدت فيه النموذج المثالى لقيادة المنطقة بعد أن أثبت لها بأدائه توافقه مع المصالح الأوربية الأمريكية، وأثبت تماهيه مع مخطط أمريكا الرامى إلى إعادة تشكيل خريطة المنطقة. ولقد عكف على ذلك عندما ظهرت نواياه الخبيثة وتطلعه إلى تنفيذ بند التقسيم بداية من سورياوالعراق، فكان أن رأيناه يتطلع إلى ضم شمال سورياوالعراق تحقيقا لأحلامه فى إقامة دولة جديدة تضم غرب العراق وشرق سوريا. لن ينسى التاريخ لهذا الحالم المريض الدور الخسيس المقيت الذى لعبه فى سوريا عندما جعل أراضى دولته منطقة لتصدير آلاف الارهابيين إلى سوريا ودعمهم بالسلاح والتدريب والإيواء من أجل إسقاط الدولة، فكان أن أثمر تسليط الإرهاب ممثلا فى داعش والنصرة وغيرهما من تنظيمات إرهابية على سوريا من قتل وتشريد مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء. ومن ثم كانت أزمة اللاجئين السوريين وهى التى استغلها فيما بعد لابتزاز أوربا. جريمة أخرى ارتكبها مؤخرا ضد الساحل السورى فى خرق أمنى غير معهود لكل من «جبلة، وطرطوس» وهما من أكثر المناطق التى تتمتع بالأمن والاستقرار. وتم ذلك من خلال عمليات انتحارية ثلاث أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. وظهرت أمريكا كمراقب لما يحدث من حرب استنزاف وهى تأمل فى أن تنجح تركيا ومعها كل التنظيمات الارهابية سواء من القاعدة ، أو داعش، والنصرة، وجيش الاسلام، وأحرار الشام فى المهمة الموكولة لها لشن حرب استباقية لحرب حلب والهدف منها رفع معنويات الجماعات المسلحة والنيل من معنويات الجيش السورى. وتوجيه رسالة فحواها مقدرة هذه التنظيمات على إلحاق الأذى بالجيش السورى فى الشمال. واليوم خرج أردوغان المريض فى محاولة جديدة لتحقيق أحلامه فى أن يكون السلطان الأوحد من خلال محاولاته لتغيير الدستور وهو ما دفعه إلى الاطاحة بساعده الأيمن «داوود أوغلو» رئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية. هذا فضلا عن سياسته فى الهيمنة على القضاء والصحافة وسحب البساط من تحت أقدامهما. كل هذا يجرى من أجل تحقيق مبتغاه فى أن يكون الحاكم الديكتاتور حتى لو انتهى به الأمر إلي أن يضحى بتركيا فى نهاية المطاف.