حلت علينا هذه الايام تلك الذكري المؤلمة التي صارت جرحا عميقا لايريد أن يندمل ذكري اغتصاب وطن بأكمله من يد أصحابه وتشريدهم في بقاع الارض واقتلاعهم من جذورهم ومصادرة حقوقهم بعد مئات المذابح التي قام بها هذا الكيان اللقيط ضد شعب أعزل لم يجد غير التشريد والتعذيب والمعاناة طوال تلك السنوات المريرة .لقد أقام الكيان الصهيوني دولته علي أنقاض دولة فلسطين المنكوبة حيث تمكنوا من احتلال اكثر من 75%من الاراضي الفلسطينية سنة 1948 بمعاونة الغرب وفي مقدمتهم بريطانيا وبتواطؤ عربي وفلسطيني وذلك تنفيذا لوعد بلفور المشؤوم الذي اهدي العصابات الصهيونية وطنا علي اراض عربية مغتصبة وبقوة السلاح انه الوعد الباطل الذي زرع هذا السرطان في جسد الوطن العربي وزرع معه المأساة والدمار والصراع في المنطقة .وبعد أكثر من ستين عاما على هذه المهانة والذل وبدلا من انهاء الاحتلال ورجوع الحق لأصحابه ووقوف العرب يدا واحدة ضد اسرائيل ومن يحميها تأتينا نكبة كبري اسمها الربيع العربي الذي قطع أوصال الأمة بدلا من التآمها وشرد شعوبا اخري غير فلسطين ولكن هذه المرة بأيدي العرب انفسهم وبتحريض وتدخل سافر من بعض الدول الغربية والاقليمية . لقد جاءت نكبة العراق وتفتيته أمام أنظار العالم لتبدأ الامة العربية عصرا مريرا من الانهيار والتشرذم .لقد وقف العالم أجمع صامتا أمام هذه الجريمة التي قسمت بلدا كان ملء السمع والبصر وكان جيشه من أقوي جيوش العرب وكان حمى حما الخليج ومصدر عزها وفخرها لقد اصبح الآن جيشا طائفيا يقتل بعضه بعضا ودمرت العراق ودخلت في دوامة الفوضي الي أن يشاء الله. ثم بدأت نكبات الربيع العربي تتوالي بعد ذلك وها هي سوريا والحرب الدائرة هناك بين العديد من الفرقاء مابين جيش النظام الحاكم وتنظيم داعش وجبهة النصرة والمعارضة والضحية هو شعب سوريا الشقيق الذي دفع ثمنا باهظا ومازال يدفع وقد أتت هذه الحرب علي الأخضر واليابس وتشرد الملايين من الشعب السوري الي بلدان العالم مثلما حدث مع الشعب الفلسطيني قبل ذلك ولا أحد يعلم ماذا ينتظر هذا البلد الشقيق في المستقبل والمؤشرات تقول ان بوادر التقسيم قد ظهرت في سوريا. اما نكبة اليمن فهي تكملة لمسلسل نكبات العرب فلم يعد اليمن سعيدا كما كان فالحرب الاهلية دمرته ودارت رحي الحرب بين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع صالح من جهة وبين قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والحكومة اليمنية الشرعية من جهة اخري وما زال الوضع مأساويا للشعب اليمني الذي قتل منه الآلاف وتشرد الآلاف وانهار الاقتصاد اليمني والله وحده يعلم متي تنتهي آلة الحرب هناك وبهذا تنضم اليمن الي العراقوسوريا بعد فلسطين للنكبات العربية ودخلت معهم علي الخط ليبيا التي كانت من قبل ابعد ما تكون عن الصراعات الداخلية لكنها الآن أصبحت مرتعا للارهاب والتطرف والصراعات المسلحة بين منظمات متطرفة تسعي للسيطرة علي البلاد وبين حكومة شرعية وجيش وطني يريد انقاذ ما تبقي من وطن وتتصارع قوي دولية اخري لدعم كل طرف علي حدة ويدفع شعب ليبيا الثمن باهظا نتيجة لتلك الصراعات ويقتل ويشرد المئات منه. اذا كانت نكبة فلسطين تتطلب من الجميع التضامن الانساني العربي والاسلامي ضد الكيان الصهيوني وعدم نسيان قضية القدس الشريف وجعلها نصب اعيننا أمام العالم أجمع فإن نكبتنا نحن كعرب تتطلب منا أيضا الصمود والتحدي في وجه أعداء الامة الذين يريدون تقسيمنا الي دويلات متناحرة يقتل بعضنا بعضا. ان سلاح الوحدة العربية هو السبيل الوحيد لنا للخروج من أزماتنا ونكباتنا لأن العالم لا يحترم إلا الأقوياء وقوتنا نحن كعرب تأتي من وحدتنا فاذا توحدنا فعليا فلن تخيفنا اسرائيل ومن يقف وراءها.