أتمنى أن يتم تأجيل كافة العروض بمسرح العرائس لحين العثور على قصص جديدة وسيناريوهات أكثر حبكة.. فبرغم النجاح التجاري الساحق نتيجة للإقبال الجماهيري الكبير بسبب المشاهد الساخنة إلا أن المستوى الفني في أحط درجاته فالحوارات مليئة بالإفيهات المُسِفة، والعرائس متهالكة، ومحركوها فقدوا الخفة والمهارة لدرجة أننا صرنا مشغولين بمراقبة أصابعهم التي باتت مُتيبسة ومرتعشة، لا فرق بين عواجيزهم وشبانهم فجميعهم من أبناء المدرسة الكلاسيكية البالية في هذا الفن القديم.. أما العرائس فلا حول ولا قوة.. تتشكل، وترتدي، وتتزين، وتتراقص أيضاً بحسب ما أراد صانعوها، ومهما طال زمانها فهو قصير لأن المتفرج في عصرنا هذا أصبح سريع الملل، وكل الدُمى مآلها مع الكراكيب في المخازن، إن لم يكن مع القمامة في مستوقدات الحرق.. والحِدِق يفهم. أتمنى أن يتوقف العارفون المحترمون في كل مجال عن الاكتفاء بمجرد صب اللعنات والانتقادات على رؤوس الفاشلين والمخالفين والمتقاعسين، والانتقال الفوري من منصات المُنَظِرين المتحذلقين إلى كتائب الفاعلين فالمثل يقول: "اللي ع البر عوام" ونحن نطالب كل من يرى في نفسه خبيراً أن ينفُذ برؤاه من عالم الخيال إلى أرض الواقع، ويسعى لاحتلال المساحة المهجورة بين النظرية والتطبيق، فعبقرية الحلول تكمن في إمكانية تحقيقها، والكلام لا يصنع حضارات، وبالكلمة وحدها لا يستطيع المرء التطلع إلى الجنة وإنما بالفعل، لذا أراد الله أن تكون وصاياه وفرائضه أفعالاً.. فالكلمة نور يهتدي به الناس في الطريق، ولكن كي يصلوا ينبغي أن يسيروا أولاً، والسير فعل في حد ذاته. لو أنت تعرف الأفضل فلما لا تأتي به في حياتك وتصير نموذج للآخرين.. إن كنا نعتقد أن الفن المقدَم رديء وبذيء وساذج فعلينا محاربته بالأفضل والأرقى والأبقى.. إن كنا نرى الشوارع فوضى فكل منا ماهو إلا جزء منها، فالزحام والقمامة والصخب والتلوث والإشغالات وغيرها من الخطايا اليومية نحن الذين نقترفها بأيدينا بلا ضمير يبكت ولا تشريعات تردع.. نعرض الرشوة جهاراً نهاراً قبل أن تُطلَب منا ولأتفه الدواعي.. نتفاخر بمواهبنا في الالتفاف على القوانين.. نعامل الآخرين بما نكرهه لأنفسنا، ندينهم ونحن من نستحق نار جهنم.. نفضحهم وندعو الله بالستر علينا.. نظلمهم ونقهرهم ما استطعنا ونتشدق بالعدل والرحمة.. نطالب بالتكميم والتكبيل لهم أما الحرية فهي حكر لنا وحدنا. دعونا مع نهاية العام نتعهد مخلصين أمام الله بأن ننتفض الآن وفوراً لتصحيح أنفسنا بأنفسنا، وإلا سنتحول جميعاً إلى روبابيكيا يزدحم بها مخزن كبير إسمه الوطن، لا تجد من يرتبها، ولا من يوظفها ويستفيد بها، ولا حتى من يقايض عليها أو يشتريها بأبخس الأثمان. وكل عام وأنتم بخير.