خرج حزب 'النور' السلفي من الجولة الأولي لانتخابات مجلس النواب المصري 2015 بهزيمة قاسية وحصاد من الإهانة والمهانة، وحاولت قياداته أن تواري سوءاته بإطلاق الاتهامات العشوائية يمينًا ويسارًا، ووصف يونس مخيون رئيس حزب 'النور' العملية الانتخابية بأنها 'نقطة سوداء في جبين هذا العهد'، وقال مخيون في صفحته علي الفيس بوك: 'أعتقد أن هذه من أسوأ الانتخابات في تاريخ البرلمان المصري'، وفي مداخلة مع قناة إخوانية قال رئيس حزب النور: 'إحنا تعرضنا لحملة إعلامية شرسة وغير عادلة وممنهجة ومنظمة في جميع وسائل الإعلام لتشويه صورة حزب النور.. أعتقد مفيش أي حزب تعرض لهجوم إعلامي كما تعرض حزب النور، وأعتقد لو أن أي حزب آخر تعرض لواحد علي ألف مما تعرض له حزب النور كان انمحي من الوجود من زمان'. أما ياسر برهامي نائب رئيس 'الدعوة السلفية' فقال في بيان نشره الموقع الرسمي ل'الدعوة السلفية': 'إن الملايين مِن أبناء الدعوة السلفية وحزب النور والمحبين لهم، أصيبوا بصدمة من نتائج الجولة الأولي للانتخابات البرلمانية'، وأشار إلي أنه يحمل 'رأس الدولة مسئولية ما حدث في الانتخابات'، وفي مداخلة علي فضائية المحور قال برهامي: 'إن أعضاء الحزب وطنيين لكن الرئيس السيسي تركهم يتعرضون لحملة تشويه متعمدة'!!! وتدفعنا تصريحات 'مخيون' و'برهامي' ورفاقهم إلي أن نأخذ بأيديهم إلي بعض السطور التي تكشف حقيقة حزب النور.. ذلك الحزب الذي اعتمد في مكونات تأسيسه علي من يسمون أنفسهم بدعاة 'الدعوة السلفية' وكان هؤلاء يتمسكون بمجموعة من الثوابت مثل تحريم التلفزيون.. تحريم الصور والتصوير.. تحريم ارتداء ملابس من يسمونهم بالفرنجة 'يعني البنطلون والقميص والبدلة'.. تحريم رابطة العنق بصفة خاصة 'الكرافتة'.. تحريم الموسيقي بكافة أنواعها.. لكن فجأة تغير حالهم وتسابقوا إلي التليفزيون 'الحرام' وظهروا علي الشاشات يرتدون الملابس التي كانوا يعتبرونها من المحرمات، وأسسوا الفضائيات وتصارعوا فيما بينهم علي البرامج التلفزيونية.. ثم تصارعوا علي القنوات وصار لكل شيخ ومعه جماعته ومجموعته قناته الفضائية!! وقبيل أحداث 25 يناير 2011 أعلن السلفيون أنهم بعيدون كل البعد عن المظاهرات وأصدروا فتاوي تحريم التظاهر وتجريم الخروج علي الحاكم.. لكن بعد ظهور روائح الغنائم والمغانم وما ظنوه نجاحًا للثورة.. تسابقوا إلي ميدان التحرير وكانوا قاسمًا مشتركًا مع 'الإخوان' في التظاهرات التي أسموها بالمليونيات وتكالبوا علي قصعة التمويل المتدفق علي الأحزاب المسماة بالدينية، وقادتهم الأهواء والأغراض إلي صراعات وانقسامات ولم يسعهم حزب واحد فتفرق جمعهم السلفي بين أحزاب 'النور' و'الفضيلة' و'الأصالة'.. ثم 'الوطن' و'الراية' وغيرها من الأحزاب المُسماة ب 'الإسلامية'، وتفرقت جماعتهم بين جبهة سلفية ودعوة سلفية، وإئتلافات وحركات ومجموعات بأسماء ومسميات تغترف من هنا وهناك أموالًا وتمويلًا ومعونات وتبرعات!! وسارع الكثيرون منهم إلي فتات موائد 'الإخوان' السياسية وتم استخدامهم كمجاميع في حصار المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي ودار القضاء العالي وشارك بعضهم في التظاهر علي مقربة من وزارة الدفاع، وقدموا كل الدعم البشري لجماعة الإخوان في أحداث قصر الاتحادية، وتعلقوا بثوب 'الإخوان' في الندوات والمؤتمرات وظلوا علي هذه الحال طوال عام الحكم الإخواني!! ومع الممارسة السياسية سقطت بعض الأقنعة ولاحقتهم الفضيحة تلو الأخري، وكانت فضيحة أنور البلكيمي الذي ادعي أنه تعرض لاعتداء من مجهولين ثم تبين أن أكذوبة الإعتداء كانت ساترًا لإخفاء عملية التجميل التي أجراها في أنفه.. وقبل أن تنتهي آثار تلك الفضيحة تفجرت فضيحة النائب السلفي علي ونيس الذي تم ضبطه في وضع مخل بالآداب مع فتاة داخل سيارة!! وعندما اقتربت رياح ثورة الثلاثين من يونية من عرش 'الإخوان' جمع السلفيون جمعهم ليشاركوا في اعتصامي 'رابعة' و'النهضة' وكانوا لتنظيم 'الإخوان' درعًا وسيفًا وأطلقوا من منصة 'رابعة' فواصل التهديد والوعيد، وانتظروا عودة مرسي اليوم وغدًا وبعد ساعات.. حتي انقضت مواعيد عرقوب وتم فض اعتصامي 'رابعة' و'النهضة' عاد الكثيرون منهم إلي عباءة حزب النور وساروا في ركابه وأظهروا غير ما تخفي نفوسهم وأعلنوا دعمهم للحزب عملًا بمبدأ التَّقِيَّة.. ولم تظهر حقيقة هذه الجموع والمجاميع إلا في المرحلة الأولي من انتخابات مجلس النواب حيث تركوا حزبهم يصارع الفشل أمام صناديق الاقتراع ولم يقتربوا من اللجان الانتخابية!! أما عن حملات التشويه التي يتحدث عنها مخيون وبرهامي ورفاقهم فقد كان السلفيون هم السابقين إلي تشويه صورة حزبهم 'النور' واستلوا ألسنتهم من غمدها وراحوا يضربون رقاب بعضهم، وبدا واضحًا أن أعضاء حزب النور يخربون بيوتهم بأيديهم قبل أن يقترب منهم خصومهم السياسيون، وتناثرت الأسرار والاتهامات بين المنتديات وصفحات التواصل الاجتماعي في توقيت قاتل!! في أحد المنتديات عاد الحديث عن التحقيق الداخلي الذي أشرفت عليه قيادات الدعوة السلفية مع مندوبها الذي سافر إلي الصومال مصاحبًا ل'الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح' قبل إنقاذ مصر من حكم 'الإخوان'، وتم اتهامه بالاستيلاء علي مبالغ تتراوح بين 8 إلي 16 مليون دولار، وزعم مندوب الدعوة السلفية 'المتهم' أنه سلمها للمجاهدين في الصومال رغم شهادة مرافقيه أنه لم يقابل أحدا سوي كبير السلفيين الذي اعتزل السياسة والجهاد علي حد سواء في الصومال، ولم يكن رد فعل القيادات السلفية سوي بعض الجلسات للضغط علي المندوب لرد هذه المبالغ مع تكليف مندوب آخر بمهمة توصيل ونقل التبرعات للصومال وذهب المندوب الآخرُ ليقيم في فنادق نيروبي بكينيا، يتابع أعمال شراء بعض المساعدات العينية وتصديرها إلي الصومال، ومعها يشتري الهدايا التي سيقوم بتوزيعها بعد عودته إلي مصر'!!!! ويتحدث أحدهم عن مليوني جنيه من أموال التبرعات كانت موضوعًا لجلسة في سبتمبر 2011 تتضمن الاتفاق علي بناء عمارة بالتجمع الخامس يكون عائدها بعد 6 أشهر من تاريخه أرباحا قدرها 8 ملايين جنيه '!!!' وكان الاتفاق – حسب الناشر - بضمانة اثنين من كبار شيوخ الدعوة السلفية وبدعوي أن هذه أموال الدعوة وينبغي استثمارها! ويلقي الناشر والناثر لبعض الأسرار بتساؤلات بين المنتديات عن أحداث جرت في قوافل الإغاثة السلفية التي سافرت من مصر إلي ليبيا ومنها الحادثة التي تعرضت لها إحدي سيارات قافلة الإغاثة في طريقها إلي السلوم.. ويسأل عن أسباب قيام شيوخ الدعوة السلفية بالإسكندرية ومطروح، بسحب السيارة قبل الفحص اللازم، لمعرفة المسئولية الجنائية من عدمها وتغيير مسرح الجريمة – حسب قوله – ويؤكد أن أحد الدعاة قام باستعادة بطاقة 'الفيزا الذهبية' من ملابس أحد الضحايا الثلاثة حتي قبل وضعه في ثلاجة الموتي!! ومن المنتديات إلي صفحات الفيس بوك التي شهدت معارك كلامية ووصلات من 'الردح' والقذف والسب العلني بين من يسمون أنفسهم بالشيوخ والدعاة، وكان أشهرها ما جري بين اثنين من قيادات الدعوة السلفية وحزب النور من اتهامات بسرقة أموال التبرعات والاختلاس والنصب والاحتيال، حيث أطلق الشيخ 'م. ع' عددا من المنشورات في حسابه علي الفيس بوك جاء في بعضها : - ''أ. أ' سرق أموال الناس بكفر الشيخ، ويقولك عايز منصب وعايز انتخابات'!!! - 'فين فلوس الناس اللي سرقتوها؟'!! - 'نسيت أبلغك أن ورق قضية نصب عائلتكم الكريمة.. تحب أرسله لك علي المكان اللي هربان فيه ولا أوفر عليك وانشر ليك منه كل يوم 10 صفحات أصل القضية كبيرة أوي'!!! - ''أ.أ' يكتب علي صفحته أن الحزب رماني ودلقني وحاجات كتير، ياعم أنا بسألك فين فلوس الناس اللي هربتوا بيها من كفر الشيخ؟ رد واسترجل وخليك راجل أنا بتهمك إنك حرامي'!!! ومن جانبه قال ' أ.أ' في حسابه علي الفيس بوك : - 'مش قلت لكم 'م.ع' عامل زي النسوان وينقل كلام يوقع بيه بين الناس وبعضيها'!! - 'اللي يضحك في 'م.ع' ده بيقولك إن حزب النور كان عاوز يرشحه أمين محافظة يا ضحك السنين يا ولاد'!!! - 'واحد يكذب علي الشيخ أبي ذر القلموني طاب يا أخي راعي الشهرة اللي أنت واخدها بالأونطة وراعي حتي ابنك الهربان في تركيا بعد اتهامه في قضية قتل يا أخي علشان ربنا يرجعهولك بالسلامة'!!! - 'بصراحة موقف م.ع صعب جدا'!! 'مكنتش متوقع الصراحة إن الحزب يكون واجع الشيء اللي اسمه 'م.ع' للدرجة دي، يعني ماشي قعد يتمحلس كتير علشان ننزله الانتخابات قبل كدة ومارضيناش'!!! - 'كان بيحاول بفلوسه 'لما كان عنده فلوس' إنه يعمل لنفسه مكان بارز في الحزب وبعدين اكتشف إننا مش زيه في المواضيع دي وعندنا مبادئ وركناه علي جنب علشان لا يصلح وساق طوب الأرض علشان يرجع الحزب ويبقي له وضع'!! وهكذا استمرت وصلات الردح، حتي تدخل أحد الدعاة السلفيين ليصلح بين المتصارعين وتتوقف الشتائم والاتهامات المتبادلة.. لكن ما فائدة الحذف وقد شاهدها الآلاف من جمهور السلفيين الذين فقدوا الثقة في رمزين من رموزهم، وشاهدوا جانبًا مما يدور في كواليس حزب 'النور' والدعوة السلفية!! وقد تسببت الخلافات الحادة بين قيادات الدعوة السلفية في اختيار الكثيرين من شباب السلفيين لمبدأ السلامة وكان قراراهم الابتعاد عن جميع المتنازعين بما فيهم حزب النور وسارع البعض الآخر خلف دعاة السلفية الذين طالبوا تابعيهم بالامتناع عن نصرة حزب النور، وظلت البقية الباقية في ركاب الحزب، وعندما اقتربت المعركة الانتخابية لم يجد الحزب سوي عناصر لا تحظي بالقبول بين قطاعات السلفيين أنفسهم فدفع بها للترشح حتي يستطيع استكمال قوائمه ومرشحيه علي المقاعد الفردية. لقد نجح حزب النور في تدمير نفسه ذاتيا قبل أن يبدأ الإعلام الوطني في توعية الناخب المصري بما سقط فيه دعاة الدعوة السلفية من تناقض في الخطاب الديني والسياسي، وما بدا للجميع من دعم واضح وصريح للإرهاب في مصر، وكانت صناديق الانتخابات معبرة تعبيرًا حقيقيًا عن موقف أبناء مصر من المتأسلمين المتاجرين بالدين!!