بديهي جداً أن جميع الأديان التي جاءت وأنزلت من السماء جميعها توقن أن القوة الصالحة هي التي توجه الإنسان إلي الخير، وأن الحياة الاخلاقية لا غبار عليها. وذلك لأن الحياة تتطلب منا الرحمة في التعامل، بل نحو جميع مخلوقات الله، والوفاء بالعهود والمحبة والإخلاص، وكف غرائز الأنانية، فكلها تتفاعل وتتحد وفق قوانين الطبيعة واخلاقية المصدر الإلهي. أظهرت إلينا الأزمنة الطاحنة اليوم في بعض المربّين الذين يتبعون سياسة وفلسفة التربية التي تمارس في الغرب تجاه أبنائهم واتباع الفلسفة الانشطارية. فعلي الآباء والأمهات أن يتحرروا من ربقة التقليد الغربي ومن الجهل ومن العقائد الفاسدة عن تحريف التربية الإسلامية، فالسلوك التربوي لابد أن يشمل العلم والأخلاق، فهما وجهان متلازمان للبناء الحضاري في التربية، لأن العلم إذا انفصل عن الإطار الأخلاقي تحول إلي محو الشر والباطل وسوء الأخلاق، فليس هناك إنفصال بين النظرية والسلوك العلمي للتربية. والمربّين الأخيار هم الذين يربون ويعلمون ويبنون أولادهم في مجتمع سليم متعاطف ومتوازن ببناء الأفراد وبناء الأخلاق علي أرضية أساسية للعلم والثقافة. فالتربية هي تجسيد لكل ما تعتز به الأمة من قيم مؤمنة وإنسانية فقد أصبح من الطبيعي أن تتجسد في التربية وروح الأمة. ولاشك أن الآباء والأمهات هم الذين يربون أولادهم علي التربية والأخلاق، فإنهم يرسمون لأولادهم ضوابط تحميهم وترفع عنهم الأخطار في المجتمع، مما تدفع بهم أن الحياة الدنيا هي دار عمل وبناء وتشييد. ولاشك أن التربية هي بمثابة وسيلة بناءة لإعداد جيل وأجيال في المجتمع، جيل يحمل علي عاتقة منهج شامل قوامه الإيمان بالله والعمل في الأرض حيث الحركة والخلق والعقل والقلب. والإنسان بطبيعته يولد خيراً لا شريراً، فالتربية ليست شرط أساسي مرتبط بالتعليم فقط، بل لابد أن يصطحب العلم ويلازمه تربية الذوق والعقل والروح، فلابد من التربية الإسلامية أولاً حتي تتضمن تربية الأفراد تربية كاملة من خلال المجتمع تكون قوامها المحبة والإيثار. .. فالتربية في مشمولها هي ضرورة محاسبة المرء لنفسه، بل رقابة حصيفة علي النفس وترويضها علي الكمال والخير تمشياً مع طبيعة الإسلام. ويعلمنا ديننا بأن الأخلاق هي قيم ثابتة ترتبط إرتباطاً كلياً بالإنسان، وهي قيم لا تتغير في الأصول والثوابت، لأنها مرتبطة بالنفس البشرية للإنسان، لكي تنطلق من معتقدتها في الإيمان بالله إلي التقوي والعمل، فهي طابع سلوكي يحتوي علي مجموعة من التصرفات في شتي المجالات داخل المجتمع، بما يوصي بالعطاء والعفو والسماحة والرحمة، فالأخلاق والتربية لا ينفصلان عن العقيدة الإسلامية، فإذا إنفصلا فقدت الأخلاق والتربية محورهما الأصيل. فإن تربية الأولاد هي مدرسة وفن، فقد يستعصي علي كثير من الآباء والأمهات في فترة من فترات الحياة كيف السبيل للتعامل مع الأبناء. فدور الأسرة مهم، فإذا فسد الأولاد كان نتيجة إهمال الآباء، وترك تعليمهم لفرائض الدين والحياة، فإذا أهملت صغارك فلن ينفعوك كباراً، ينبغي علي الوالدين المعاملة الثابتة علي مبادئ ومثل معينة كالحب والحكمة، فالأخذ بيد الأبناء وأنشئهم علي محبة الله ورسوله والناس، فقد تم غرس التقوي والتربية والأخلاق في قلوبهم ونتج عن ذلك تربية حسنة. فالأولاد أمانة فاحرص علي تربيتهم وتوجيههم. فيقول ربنا عز وجل يا داود: قل لابنك يكن لي، كما كنتَ لي، أكُنت له كما كنتُ لك. فإذا أحسن الآباء والأمهات تربية وتوجيه أبنائهم للناس فكانت التربية حسنة.