ولد محمود تيمور في أحد أحياء مصر القديمة في، ونشأ في أسرة عريقة علي قدر كبير من الجاه والعلم والثراء، فقد كان أبوه أحمد تيمور باشا واحدًا من أبرز أعلام عصره ومن أقطاب الفكر والأدب المعدودين، وله العديد من المؤلفات النفيسة والمصنفات الفريدة التي تكشف عن موسوعية نادرة وعبقرية فريدة. وقد تَشربَّت نفسه وروحه بتلك الأجواء الشعبية التي نشأ فيها منذ نعومة أظفاره، واختزنت ذاكرتُه العديدَ من صور الحياة الشعبية والشخصيات الحية التي وقعت عيناه عليها، وأعاد رسمها وعبر عنها -بعد ذلك- في الكثير من أعماله القصصية. وما لبثت أسرته أن انتقلت إلي ضاحية عين شمس، فعاش في ريفها الساحر الجميل الذي كان ينبوعًا لوجدانه، يغذيه بالجمال والشاعرية، ويفجر فيه ملكات الإبداع بما فيه من مناظر جميلة وطبيعة خلابة ساحرة. وقد تعلم محمود تيمور بالمدارس المصرية الابتدائية والثانوية الملكية، والتحق بمدرسة الزراعة العليا، ولكن حدثت نقطة تحول خطيرة في حياته وهو لم يتجاوز العشرين من عمره بعد، فقد أصيب بمرض التيفود، واشتدت وطأة المرض عليه، فانقطع عن دراسته الزراعية، ولزم الفراش ثلاثة أشهر، قضاها في القراءة والتأمل والتفكير، وسافر إلي الخارج للاستشفاء بسويسرا، ووجد في نفسه ميلاً شديدًا إلي الأدب، فألزم نفسه بالقراءة والاطلاع، وهناك أتيحت له دراسة عالية في الآداب الأوربية، فدرس الأدب الفرنسي والأدب الروسي، بالإضافة إلي سعة اطلاعه في الأدب العربي. واتسعت قراءاته لتشمل روائع الأدب العالمي لعدد من مشاهير الكتاب العالميين، مثل: 'أنطون تشيكوف'، و'إيفان تورجنيف'، و'جي دي موباسان'. وكان شقيقه 'محمد' خير مرشد له بما يسديه، وبما لديه من ثقافة واسعة، وموهبة أدبية رفيعة، ومما لا شك فيه أن تيمور الابن قد ورث عن أبيه العديد من الملكات والصفات، فقد كان مغرمًا بالأدب واللغة، شغوفًا بالقراءة والبحث والاطلاع، محبًا للكتابة والتأليف. عرف بشغفه الخاص بالمنفلوطي الذي غرس فيه نزعته الرومانسية، كما تأثر بعدد من الشعراء، خاصة شعراء المهجر، وعلي رأسهم 'جبران خليل جبران'، الذي كان لكتابه 'الأجنحة المتكسرة' بنزعته الرومانسية الرمزية تأثير خاص في وجدانه. لم يكن المرض هو مأساة تيمور الوحيدة، فقد كان فقدُهُ لأخيه محمد مأساةً أخري، صبغت حياته بحالة من الحزن والتشاؤم والإحباط، لم يستطع الخروج منها إلا بصعوبة بالغة، وكذلك فقده لولده وهو في العشرين من عمره، وكان ملاذه الوحيد في كل تلك المحن هو الكتابة، يَهرع إليها ليخفف أحزانه، ويضمد جراحه، ويتناسي آلامه. وقد حظي محمود تيمور بحفاوة وتقدير الأدباء والنقاد، ونال اهتمام وتقدير المحافل الأدبية ونوادي الأدب والجامعات المختلفة في مصر والوطن العربي وأوروبا وأمريكا. كما نال إنتاجه القصصي جائزة مجمع اللغة العربية بمصر، واحتفلت به جامعات روسيا والمجر وأمريكا، وكرمته في أكثر من مناسبة، وقد كتب محمود بن الشريف كتابا عنوانه 'أدب محمود تيمور للحقيقة والتاريخ'، توجد منه نسخة في مكتبة الدكتور أكرم علي حمدان الخاصة، في منزله بلندن، كانت من مقتنيات محمود تيمور وقد أهداها لبعض أصدقائه، مع بطاقته الشخصية التي تحمل اسمه وعنوانه.