عندما نكتب عن موقف 'الإخوان' من ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 نستطيع أن نستخدم ذات الكلمات المتداولة في وصف علاقة 'الإخوان' بثورة الخامس والعشرين من يناير 2011م، دون تغيير أو تبديل.. وعندما نكتب عن موقف 'الإخوان' من الزعيم جمال عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة نستطيع – أيضًا- أن نستخدم نفس الكلمات المتداولة في وصف موقف 'الإخوان' من الزعيم عبد الفتاح السيسي والمجلس الأعلي للقوات المسلحة.. دون تغيير أو تبديل، ودون الحاجة إلي المقارنة بين أحداث 1952 وتوابعها وأحداث 2011 وما بعدها.. فقد توقفت عجلة الزمان بتنظيم 'الإخوان' ودفعت بهم لتكرار ذات المواقف والأقوال والأفعال، وتكرار أخطاء وخطايا 'الصعود إلي الهاوية' رغم المسافة الزمنية الطويلة التي تفصل بين يوليو 1952 ويوليو 2013 !! بعد أيام من نجاح ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 كان اللقاء الأول بين جمال عبد الناصر ومعه عدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة 'المجلس العسكري' من جانب ومرشد 'الإخوان' حسن الهضيبي ومعه قيادات الجماعة علي الجانب الآخر.. واستقبل 'الإخوان' ناصر ورفاقه ولسان حالهم يقول: 'نحن الأكثر عددًا والأقوي تنظيمًا ولولا كثرتنا ولولا تنظيمنا لما نجحت الثورة'، ومن هنا كان الاستعلاء والاستكبار مظلة يستظل بها المرشد العام حسن الهضيبي وهو يتحدث مع الزعيم جمال عبد الناصر.. يأمر.. ويطلب.. وينتظر من عبد الناصر السمع والطاعة!! كانت المطالب ظاهرها الرحمة.. فهي إصلاحات وفق منظور إسلامي.. أما باطنها فهو إقصاء الجميع وتسليم الثورة ومجلس قياداتها 'المجلس العسكري' إلي مكتب الإرشاد ليكون الجميع بين يدي 'المرشد' كالميت بين يد مغسله.. وهذا ما قابله عبد الناصر برفض قاطع أصاب مرشد 'الإخوان' بالصدمة.. وانتهي اللقاء ب'فتور بالغ'، - حسب رواية شاهد العيان' محمد حامد أبو النصر - 'المرشد العام الرابع' في كتابه 'حقيقة الخلاف بين 'الإخوان المسلمون' وعبد الناصر'. وفي الثالث والعشرين من يناير 1953 وبعد أسبوع واحد من حل الأحزاب، وأثناء الاحتفالات بمرور ستة أشهر علي قيام الثورة تم الإعلان عن تأسيس 'هيئة التحرير'، ورغم أن قرار حل الأحزاب لم يشمل تنظيم 'الإخوان المسلمين' بتوصية من جمال عبد الناصر.. إلا أن مكتب إرشاد 'الإخوان' كان يري أن تأسيس 'هيئة التحرير' بمثابة إعلان الحرب عليه وأنها قامت لتكون تنظيمًا سياسيًا أو حزبًا كبيرًا تابعًا لمجلس قيادة الثورة يسمح له بالسيطرة علي الحياة السياسية في البلاد.. وأصدر مرشد جماعة 'الإخوان' حسن الهضيبي، بيانا يحذر فيه أعضاء الجماعة من الانضمام إلي 'هيئة التحرير'، ويعتبر كل من ينضم إليهم مفصولًا من 'الإخوان' وكان سيد قطب سكرتيرًا عامًا مساعدًا للهيئة قبل أن يتحول من عقل مفكر للثورة إلي عقل مفكر وقيادي في التنظيم الإخواني الإرهابي! وبدأ 'الإخوان' تحركاتهم السرية والعلنية ضد الثورة والجيش وضد الوطن.. وأصدروا أوامرهم لخطباء 'الإخوان' باستغلال المساجد 'مراكز التواصل الاجتماعي' للهجوم الحاد علي قيادات الجيش و 'هيئة التحرير'.. وتم تحريض الطلاب الأعضاء في الجماعة علي العمل داخل الجامعات والمدارس كتنظيم سياسي معارض للدولة.. وبدأت الأسر الإخوانية داخل الجيش في العمل وكأنها وحدات تنظيمية داخل الجماعة تتبع مكتب الإرشاد ولا سلطان للجيش عليها.. وبدأت الجماعة في تنظيم صفوف أعضائها من الضباط، وكانت تحركات 'الإخوان' في المساجد والجامعات وفي الكثير من القطاعات ترسل بالكثير من الرسائل لمجلس قيادة الثورة.. والتزم عبد الناصر ورفاقه 'المجلس العسكري' ضبط النفس وسعة الصدر وحاولوا مرارًا وتكرارًا أن يمنعوا 'الإخوان' من غيهم وضلالهم باستخدام الحكمة والموعظة الحسنة.. ولجأ عبد الناصر إلي وسائل التفاوض والإقناع ليأخذ بيد القيادات الإخوانية إلي الرشد والصواب ويعيدهم إلي أحضان الوطن دون إجراءات عقابية، وظن عبد الناصر أن دخول قيادات جديدة في مكتب الإرشاد الثاني في عهد حسن الهضيبي بعد انتخابات ديسمبر سنة 1953 قد يكون له أثر إيجابي داخل الجماعة ووجه عبد الناصر دعوة إلي الشيخ محمد فرغلي ومحمد حامد أبو النصر لتناول الإفطار في منزله بمنشية البكري، وكان اختيار عبد الناصر للشيخ فرغلي وأبو النصر باعتبارهما من أبناء أسيوط.. لكن لم يأت اللقاء بنتيجة إيجابية في ظل استعلاء التنظيم الإخواني وتمسكه بمفاهيم الهيمنة والوصاية علي الثورة. تعددت محاولات عبد الناصر ورفاقه لإعادة 'الإخوان' إلي الرشد والصواب، وكانت هناك محاولة من عبد الحكيم عامر قائد القوات المسلحة وعضو مجلس قيادة الثورة الذي وجه دعوة إلي مرشد 'الإخوان' حسن الهضيبي ومعه أعضاء مكتب الإرشاد لتناول الشاي في حديقة منزله بثكنات العباسية، وبعد الأحاديث الودية الجانبية.. وبعد فواصل من الحب والمودة الظاهرة.. دعا عبد الناصر عددًا من أعضاء مكتب الإرشاد إلي لقاء جانبي خاص وكان منهم الشيخ محمد فرغلي، والقاضي عبد القادر عودة وعبد الحكيم عابدين ومحمد حامد أبو النصر، وطرح عبد الناصر علي المجتمعين شكواه وشكوكه من من نظام الأسر الإخوانية الموجود داخل الجيش، فطلب منه عبد الحكيم عابدين ذكر أسماء الذين يتصرفون تصرفات لا تريحهمم، فقال الضابط عبد الناصر : أنا لا أذكر أسماء، وسأضطر لتقديمهم للمحاكمة إذا لم يمتنعوا عن مزاولة هذا النشاط.. واعترف عبد القادر عودة بوجود هذه الأسر أي وجود النشاط الإخواني التنظيمي داخل الجيش وقال: 'نظام الأسر نظام تربوي إسلامي ليس فيه ضرر' وحاول عبد الحكيم عابدين أن يعرف منه أسماء الأشخاص.. لكن عبد الناصر رفض ذكر الأسماء لأنه شعر بأن 'الإخوان' تريد معرفة من تم اكتشاف أمرهم، فعاد عبد الناصر ليؤكد وعده بتقديمهم للمحاكمة إذا لم يتراجعوا وقال: 'إن لم يرجعوا فسأضطر لتقديمهم للمحاكمة، والشيخ فرغلي يعرف كل حاجة'، فقال حامد أبوالنصر : 'ليس من صالحك تقديم 'الإخوان' في الجيش للمحاكمة فهم عون للثورة'، فقال : 'أنا لا أفعل ذلك إلا مضطرًا'. ولم تكتف جماعة 'الإخوان' بما كانت تفعله من تحركات داخل الجيش.. وأصدرت أوامرها إلي خطباء 'الإخوان' لاستغلال منابر المساجد في مهاجمة حكومة الثورة وقيادات هيئة التحرير بزعم اضطهادهم للإخوان والتشهير بهم وبمرشدهم، وقد تسببت خطبة ألقاها القيادي الإخواني حسن دوح – أحد القيادات الطلابية وخطيب 'الإخوان' في مسجد الروضة – في هجوم المصلين عليه ووقعت اشتباكات بين الشرطة والإخوان، وبسبب اعتداء 'الإخوان' علي الشرطة تم اتخاذ عدة إجراءات قانونية ضد الطلبة والخطباء الناشطين من 'الإخوان' وتم القبض علي عدد كبير منهم. اتجهت جماعة 'الإخوان' إلي الاستقواء بالخارج وفي 23 من فبراير سنة 1953 تم اللقاء بين المرشد حسن الهضيبي، والمستر إيفانز مستشار السفارة البريطانية داخل منزل الهضيبي، وسبق هذا اللقاء اجتماعات أخري ل'الإخوان' بممثلين للسفارة البريطانية وكان يمثل 'الإخوان' في هذه الاجتماعات صالح أبو رُقيق، ومنير دلة.. وعندما نجحت مفاوضات مجلس قيادة الثورة مع بريطانيا - بعيدًا عن 'الإخوان' – وتم توقيع اتفاقية الجلاء.. أعلن 'الإخوان' رفضهم للإتفاقية وعارضوها جهارًا نهارا!! واستعان 'الإخوان' بالخبرات الشيعية الإيرانية في العمل التنظيمي المسلح أو ما يسمونه بالعمل الثوري وكان هذا واضحًا لكل ذي بصر وبصيرة عندما احتفل 'الإخوان' في جامعة القاهرة بذكري شهداء القناة في صباح يوم 12 يناير سنة 1954 حيث كان ضيف الشرف في هذا الحفل 'نواب صفوي' مؤسس جماعة 'فدائيان إسلام' الشيعية وأقبل جمهور من طلاب 'الإخوان' علي الاجتماع حاملين نواب صفوي علي الأكتاف وصعدوا به إلي المنصة حيث خطب في الجماهير وأشعل الاحتفاء بالقيادي الشيعي غضب طلاب 'هيئة التحرير' الذين اقتحموا الاحتفال ورددوا هتافات ضد 'الإخوان'، وتطور الأمر إلي اشتباكات في موقع الإحتفال وتدخلت قوة عسكرية كانت قريبة من موقع الحفل فما كان من طلاب 'الإخوان' إلا أن قاموا بالهجوم علي سيارة جيب عسكرية وأحرقوها 'وكانت لهم فتاوي تدعم عمليات إحراق سيارات الجيش والشرطة' وجمعوا كثرتهم وانهالوا ضربًا علي الجنود !! وعلي أثر هذا الحادث الذي اعتبرته الحكومة تحديا لها قررت حل جماعة 'الإخوان' وذلك في 13 يناير سنة 1954، وتم القبض علي المرشد حسن الهضيبي وبعض أعضاء مكتب الإرشاد، وأعضاء الهيئة التأسيسية وأودعوا جميعا في زنازين السجن الحربي، وهنا نري أن مجلس قيادة الثورة ظل صابرًا علي تجاوزات تنظيم 'الإخوان' طوال أكثر من 18 شهرًا، وعند اتخاذ إجراءات لم تشمل جميع القيادات الإخوانية أو قواعد الجماعة.. وترك عبد الناصر أمام قواعد 'الإخوان' طريقًا مفتوحًا للعودة إلي أحضان الوطن والمشاركة في بناء الدولة. وفي بادرة طيبة.. قام عبد الناصر ومعه عدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة بزيارة إلي قبر مؤسس 'الإخوان' وقائدها الأول حسن البنا في يوم ذكراه في 12 فبراير سنة 1954، وكان في استقبال جمال عبد الناصر ورفاقه كل من : ' الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا، وأشقاء البنا، ومعهم نجله أحمد سيف الإسلام ممثلين للأسرة، كما شارك في الاستقبال من رموز 'الإخوان' وقياداتهم : عبد القادر عودة وصالح عشماوي وعبد الرحمن السندي وسيد سابق وعبده قاسم والشيخ محمد الغزالي والحاج محمد الصولي والحاج محمد جودة.. وغيرهم واستحق هؤلاء من قيادات 'الإخوان' ومؤرخيها وصف المُغرر بهم !! كان عبد الناصر يقدم المبادرات تلو الأخري ويفتح الباب أمام 'الإخوان' للعدول الاختياري عن أخطائهم وخطاياهم.. لكن في المقابل كان 'الإخوان' يعودون إلي مخططاتهم التي كانت تعتبر الخلاص من الزعيم جمال عبد الناصر هدفًا أول.. لأنه العقبة الكبري أمام هيمنة 'الإخوان' علي العباد والبلاد!! وفي مذكراتهم عن تنظيم إخوان 65 يتفق عبد العزيز الصروي، وأحمد عبد المجيد، وعلي عشماوي، وهم من القيادات التاريخية للتنظيم أن أعضاء في الجماعة ناقشوا فكرة التخلص من الرئيس جمال عبد الناصر باغتياله رميًا بالرصاص داخل القصر الرئاسي أو بدس السم في طعامه وشرابه!! أما عن الفيومي الذي عرض تنفيذ عملية اغتيال عبد الناصر رميًا بالرصاص فهو إسماعيل محمد عبد المجيد الفيومي، من مواليد أكتوبر 1933م وظل يعمل ثماني سنوات في الحرس الجمهوري وكان معلمًا للرماية 'مدرسة ضرب النار' قبل التحاقه بالحرس وتم القبض عليه بعد اكتشاف أمره في 19 أغسطس 1965م. وفي كتابه 'الإخوان وعبد الناصر القصة الكاملة لتنظيم 1965م' يقول القيادي الإخواني أحمد عبد المجيد عن إسماعيل الفيومي: '.. وكم كان دائم الطلب للشهادة، حريصًا علي نيلها، ويري أن أقرب طريق لنيلها هو اغتيال جمال عبد الناصر ليخلص 'الإخوان' والبلاد منه ومن عهده، وكان كلما رفض طلبه يعاود الرجاء في تلبية طلبه يقول: 'لماذا تحرمونني من نيل الشهادة، وأنا أستطيع تأدية ذلك بسهولة، حيث يكون أمامي عبد الناصر علي بعد أقدام وداخل القصر، ولن أبوح بشيء أبدًا إن شاء الله'. أما عن محاولة قتل عبد الناصر بالسم فكان صاحب الفكرة هو عبد العزيز علي أحمد الوزير السابق في وزارة محمد نجيب وأحد قيادات التنظيم السري لجماعة 'الإخوان' وعن هذه المحاولة يقول علي عشماوي في مذكراته: 'إن الفكر التنفيذي للوزير السابق عبد العزيز علي في قيادة التنظيم كان يعتمد علي 'دس السم لعبد الناصر في الطعام بعد ترتيب محكم لهذا الموضوع'، وأن 'قتل عبد الناصر في حد ذاته غاية من الغايات التي يجب أن يبذل فيها الجهد'.. ولم تتم المحاولة لخلافات علي قيادة الوزير للتنظيم.. كما لم تتم محاولة الاغتيال بمعرفة إسماعيل الفيومي لاكتشاف أمر التنظيم والقبض علي عناصره. وفي يوم 26 أكتوبر 1954 وأثناء إلقاء الرئيس جمال عبد الناصر لخطابه في ميدان المنشية بالإسكندرية بمصر.. انطلقت رصاصات الإخواني محمود عبد اللطيف مستهدفة جمال عبد الناصر.. لكن ضلت الرصاصات الهدف وأصابت آخرين في المنصة، وكسرت الرصاصة الاولي التي أطلقها عبد اللطيف جانبا من المنصة الاسمنتية امام عبد الناصر! وقد اعترف محمود عبد اللطيف بجريمته اعترافًا كاملًا أمام المحكمة التي قضت بإعدامه، وكشف خليفة عطوة المتهم السادس في محاولة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر عن أسرار الحادث وقال إن الخطة كانت تعتمد علي قيام مجموعة انتحارية تضم هنداوي سيد أحمد الدوير ومحمد علي النصيري، باغتيال عبد الناصر بأن يرتدي أحدهم حزاما ناسفا يحتضن عبد الناصر وينسفه إذا فشل محمود عبد اللطيف في إصابة الهدف بطلقات الرصاص. وبعد سنوات من حديثهم عن مظالم 'الإخوان' المزعومة في عهد عبد الناصر توالت الاعترافات بمحاولة اغتيال ناصر في المنشية، وعاد المؤرخ والكاتب الإخواني أحمد رائف ليعترف بمسئولية 'الإخوان' عن حادث المنشية، ولكن قال إن 'الإخوان' حاولوا إيقاف العملية، لكن كانوا قد فقدوا الاتصال بمحمود بعد اللطيف، كما اعترف فريد عبد الخالق عضو مكتب الإرشاد بأن محاولة الاغتيال كانت حقيقية.. لكنه حاول نفي مسئولية مكتب الإرشاد وسار علي نهج من قالوا إنها كانت من التصرفات الفردية.. التي لم يوافق عليها مكتب الإرشاد!! وعقب أحداث عام 1954 أسس 'الإخوان' ثلاثة تنظيمات سرية سقطت في قبضة أجهزة الأمن تنظيمًا تلو الآخر، وهي حسب ما ورد من اعترافات 'الإخوان' في مذكراتهم: 'تنظيم يناير 1955 - تنظيم مارس 1955 - تنظيم يونية 1955، ويزعم المهندس عبد العزيز الصروي في مذكراته أن هذه التنظيمات الثلاثة 'التنظيمات النوعية' نشأت كمحاولة لجمع ما بقي من شتات 'الإخوان'، وكان حصاد محاكمات التنظيمات الثلاثة بالإضافة إلي المحاكمة الأولي عن أحداث 1954، أحكامًا بالإعدام لحوالي ثلاثين شخصا تم تنفيذ ستة أحكام إعدام وخفف الباقي إلي السجن المؤبد بقرار من عبد الناصر!! بالإضافة إلي الأشغال الشاقة المؤبدة لعدد فوق المائة بالإضافة إلي أحكام بالأشغال الشاقة خمسة عشر عاما وعشرة أعوام والأشغال الشاقة خمسة أعوام لآخرين. وبين المحاكمات كانت هناك قرارات اعتقال لا تطول بأصحابها وكانت أطول فترة اعتقال من 29 أكتوبر 1954 حتي 25 يونية '1956م' وفي كل مرة - وحسب قول القيادي الإخواني عبد العزيز الصروي-: كان عبد الناصر يظن أن هؤلاء المعتقلين قد تابوا وأنابوا.. ورجعوا عن أفكارهم.. واستجابوا للتعهدات والوساطات التي كانت تتدخل للإفراج عنهم.. وكان منها الوساطة التي قام بها الملك سعود ونتج عنها الإفراج عن عدد كبير من قيادات وأعضاء تنظيم 'الإخوان' في يوم الأربعاء 24 من مارس سنة 1954. ولكن بعد كل وساطة وعفو ووعود بالمراجعات الفكرية كان 'الإخوان' يعودون إلي نهجهم في التخطيط لقلب نظام الحكم وبعد تنظيمات ثلاثة نشأ التنظيم السري الرابع والمعروف إعلاميًا بتنظيم 1965 وكان التنظيم الأخطر في فكره التكفيري تحت قيادة سيد قطب. وكان من أهداف التنظيم - حسب اعترافات عبد العزيز الصروي-: 'الاستعداد لضرورة التخلص من جمال عبد الناصر.. ' ويستدرك الصروي هذا الاعتراف بقوله : 'ولكن كيف يتم عمل ذلك هذا موضوع حوار طويل دار في أروقة التنظيم وكان هناك اكثر من وجهة نظر في هذا الموضوع.. والأمر لم يكن محسوما تماما كما يظن الكثيرون'!! واستمر 'الإخوان' في مخططات استهداف عبد الناصر ونظام حكمه حتي سقط التنظيم المعروف باسم تنظيم إخوان 65 في قبضة أجهزة الأمن وكانت الأحكام الصادرة ضد المتهمين في هذه القضية ضربة قاضية ولم تقم للتنظيم قائمة إلا بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر!! وتمر السنوات وتأتي أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، ويتصدر الصفوف القيادية في جماعة 'الإخوان' أعضاء تنظيم 1965 ومنهم : محمد بديع المرشد العام ومحمود عزت نائب المرشد وآخرون، وتجتمع عقول هؤلاء مع رأس خيرت الشاطر، وتكون مواقفهم من 'المجلس العسكري' وقيادات الجيش ومؤسسات الدولة هي ذات المواقف التي اتخذتها الجماعة بعد أحداث ثورة يوليو 1952، وتصعد القيادات الإخوانية بالتنظيم إلي الهاوية ويكون الثالث من يوليو 2013 موعدهم مع السقوط الأخير.. وعلي الباغي تدور الدوائر!!