في مقدمة الكتاب يقول الكاتب الكبير وحيد حامد حكي المرحوم حسن البنا في مذكراته الاصلية وقبل أن تتدخل فيها جماعة الاخوان بالحذف والاضافة، حكي عن الشيخ الازهري امام المسجد في الاسماعيلية، الذي كان يمنعه من القاء الدروس في المسجد لأنه لم يكن أزهرياً، ولم يكن لديه الالمام الكامل بأمور الدين. والمعروف عن الاستاذ حسن البنا أنه كان يعمل مدرساً في مدرسة الزامية ' مدرس خط ' بمدينة الاسماعيلية، حيث تخرج من دار العلوم.. ولم يستسلم ' البنا' لهذا المنع أو يقبل به فعمد الي تقديم كتابين في الفقه الي امام المسجد هذا هدية منه لعله يلين، ولكن ظل الحال كما هو عليه، فكانت الخطوة التالية ' للبنا ' رحمه الله.. هو أنه أقام وليمة ودعا اليها هذا الشيخ الازهري.. أذكر هذا الأمر الذي ذكره مرشد الجماعة الاول في مذكراته، حتي أدلل علي انتهازية التفكير لدي الجماعة وأن فكرها من فكر مؤسسها، من لاتستطيع السيطرة عليه من خلال عقله عليك بالسيطرة عليه من خلال معدته، والأمر في كلا الحلتين ما هو الا رشوة سواء كانت كتاباً أو أكلة دسمة.. ويضيف :.. هكذا كانت الجماعة ومازالت.. ترتكب الأثم وتطفي عليه أحسن الصفات، وعندنا مثل شعبي يقول : ' اللي ياكل عيش الكافر يحارب بسيفه '، وعليه فان جموع المخدوعين تقبل بهذا الأمر المشين بقناعة زائدة.. ويمضي الكاتب الكبير قائلاً : '.. وما جري اليوم علي الساحة المصرية حيث تلجأ الجماعة الي دفع الاموال بسخاء للعناصر الاجرامية من كل أنواع الخارجين علي القانون، وتجنيدهم للعمل مع الفلول المتبقية من كتائبها وتنظيمها القتالي، يثبت لنا فساد هذا التنظيم الارهابي منذ النشأة وحتي الآن.. والباحث المحايد في تاريخ الاخوان يدرك أن الجماعة ليس لديها أي نوع من الاخلاص للحقيقة المجردة.. حتي لو كانت هذه الحقيقة لا سند قوي يدعمها بل يؤكدها.. ويختتم وحيد حامد مقدمته قائلاً :' ان هذا الكتاب الوثائقي يدحض كل الاكاذيب التي تنشرها هذه الجماعة الآثمة، وهي تحاول أن تغسل سمعتها وتمحوا جرائمها، الوثيقة تدمر المزاعم الباطلة، وتؤكد أنه في أحيان كثيرة يصعب ازالة الدم المراق.. وما أكثر الدماء التي أسالتها الجماعة بالعنف والحمق وغياب الضمير وعدم الانتماء الي الوطن.. ' بعد هذه المقدمة يعقب المؤلف الكاتب / شريف عارف سكرتير تحرير صحيفة ' المصري اليوم ' بمقدمة أخري تحت عنوان ' مقدمة لابد منها ' قائلاً : يظل حق القاريء في أن يعرف مصدر الوثائق التي يتضمنها هذا الكتاب، يدفعك نحو كتابة ' مقدمة لابد منها'.. ! ويمضي شريف عارف قائلاً : '.. الحكاية ببساطة أنني من هواة جمع الوثائق والمقتنيات القديمة، وظلت الهواية تسير في اطارها الطبيعي المعتاد.. حيث الاستمتاع بعبق التاريخ وجمال ' الورق الاصفر' وذكريات الدولة والزمن الجميل.. كانت الهواية في حدود مدينة صغيرة وجميلة هي بورسعيد مسقط رأسي، والتي تحمل سمة خاصة في تلاقي الحضارات بين شمال وجنوب البحر المتوسط.. ويضيف شريف عارف ظلت الهواية تلازمني من مكان الي آخر.. ومن عملي في مؤسسة صحفية الي أخري ، الي أن وجدت أمامي أحد باعة ' الروبابيكيا ' - الذي ارتبطت معه بصداقة طويلة - يحمل لي ' كرتونة ' من الاوراق القديمة.. مشهد غريب وعميق.. أن تجد تاريخ بلدك يباع علي الارصفة في سوق التونسي بمنطقة الامام الشافعي.. المهم أنني بلا تردد قررت شراء ' الكرتونة ' بما فيها دون التأكد من المحتويات.. وبعد رحلة طويلة من الفحص أمتدت لاسابيع أكتشفت أنني أم ' كنز تاريخي '، فقد ضمت الكرتونة ملفات التحقيقات في حادث ' حريق القاهرة ' عام 1952.. والذي – لازال – يمثل ' الحادث اللغز ' حتي اليوم. يتطرق الكتاب الي أوهام جماعة الاخوان المسلمين في حديثها عن ' الكفاح المسلح ' فيقول المؤلف : علي مدي عقود طويلة من تاريخ مصر، روج الإخوان المسلمون لفكرة 'الكفاح المسلح'، وأنهم استطاعوا أن يسطروا صفحات مضيئة في عمليات القتال ضد أعداء الأمة.. في الداخل والخارج! ولكن الواقع بالوثائق- وبشهادات قادة الإخوان أنفسهم- يثبت أن مثل هذا الترويج هو مجرد 'أوهام' صنعتها المنابر والمنشورات والقصص الخيالية. كل 'أوهام الكفاح المسلح' تحولت إلي حقائق في عقول الإخوان فقط - خاصة الشباب - حتي إنهم اضطروا لتصديقها في النهاية، من كثرة الأساطير التي نسجت حولها، في الوقت الذي كان هناك شبه إجماع بين المؤرخين والمعاصرين لتاريخ الإخوان علي أن العمليات التي قامت بها الجماعة - سواء أعضاء التنظيم الخاص أو الشباب- خلال فترة الأربعينيات كانت عمليات غير منظمة أفقدت الإخوان الكثير من رصيدهم لدي الجماهير! ويكشف الكتاب عن عن أربع وثائق خطيرة - تُنشر لأول مرة - حول علاقة جماعة الإخوان المسلمين ببريطانيا وأجهزة مخابراتها وسفارتها بالقاهرة خلال فترة حرب فلسطين عام 1948، وتلقي 'شعب الإخوان' أوامر لتنفيذ عمليات تخريبية في مصر، بهدف زعزعة الأمن والاستقرار خلال فترة الحرب. كذلك مراقبة البوليس السياسي لمرشد الجماعة ومؤسسها الشيخ حسن البنا لشكوك حول علاقته بضابط بالمخابرات البريطانية يدعي ' ليز'.تأتي أهمية الوثائق في أن جميعها يدور خلال عام 'الجدل الإخواني'، وهو عام 1948 الذي شهد اتهاماً للإخوان المسلمين بالهجوم علي أملاك اليهود المصريين، واغتيال الخازندار، وحرب فلسطين، إضافة إلي تصاعد التوتر مع الدولة إلي ذروته باغتيال رمز الدولة ورئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي في نهاية العام نفسه. هذه الوثائق تفتح باباً جديداً من الجدل حول علاقة الجماعة بالغرب، وشكوك أجهزة الأمن المصرية في تحركات المرشد العام للجماعة الشيخ حسن البنا نفسه.. ولكنها - بالطبع - لن تنهي هذا الجدل.. !