في فرنسا قانون يحظر الحديث بين الناس بلغة غير اللغة الفرنسية، ويمنع أن تقوم الشركات بتحرير أي مكاتبات رسمية موجهة إلي أي فرد أو مؤسسة بغير اللغة الفرنسية أيضًا، بل لقد حدثت أزمة وزارية لاستخدام أحد المسئولين الفرنسيين في مؤتمر للاتحاد الأوروبي للغة الإنجليزية دون الفرنسية.. مما أغضب المجتمع الفرنسي كله.. أما عندنا.. فحدث ولا حرج.. التليفزيون الرسمي يتحدث مذيعوه بمزيج من العامية والإنجليزية الركيكة، والمؤسسات الثقافية توجه دعواتها وتكتب الإعلانات عن أنشطتها باللغة الإنجليزية، حتي البنوك الوطنية أصبحت تصدر كشوف حساباتها لعملائها باللغة الانجليزية رغم أن هذا مخالف للدستور والقانون معًا. الأخطر هو انتشار الاعلانات عن الشركات بالإنجليزية سواء في الصحف أو الطرق فضلًا عن تسمية المحلات والشركات بأسماء أجنبية رغم مخالفة ذلك لقانون الشركات الذي ينص علي أن تكون أسماء الشركات أسماء عربية، ذلك كله يحدث بشكل يهدد الثقافة القومية، والهوية الثقافية دون أن يتدخل أحد.. ورغم وجود قانون مجمع اللغة العربية الذي أعطي حق 'الضبطية القضائية' في قضايا انتهاك اللغة العربية للمجمع، عن طريق حقه في إصدار قرارات ملزمة لمؤسسات الدولة، لكن القانون شيء والواقع شيء آخر. الأخطر هو استخدام العامية المبتذلة في إعلانات الطرق وإعلانات الصحف والتليفزيون، والتي تتضمن اشارات بذيئة دون تدخل من الرقابة لمنع هذا العبث.. الأطرف هو أن وزارة التموين هي المنوط بها تطبيق قانون الالتزام باللغة العربية في كتابة لافتات المحلات التجارية، ولقد ذكر لي مرة الراحل النبيل الدكتور أحمد جويلي وزير التموين الأسبق إبان توليه الوزارة أنه علي استعداد لتطبيق القانون لكن عقوبة عدم الالتزام باللافتة العربية علي واجهة المحلات غرامة تتراوح ما بين 03 و05 جنيهًا وأوصي أيامها بضرورة تغليظ العقوبة ومنع هذه الظاهرة من المنبع اي عدم الترخيص لأي منشأة تجارية تسمي نفسها اسمًا أجنبيًا وعلي فروع الشركات الاجنبية ان تختار لنفسها اسمًا عربيًا بجوار اسمها الاجنبي ويكتب بشكل واضح لأن المسألة تتعلق بالسيادة الوطنية وهذا كان معمولا به في الستينيات والتزمت به شركات الفنادق العالمية. المسألة ليست شكلية ولا عنصرية لأنها تتعلق بثقافتنا القومية وهويتنا خاصة بعد رحيل نظام مبارك التابع وانتصار ثورة 52 يناير و03 يونية الوطنية التحررية التي تؤسس لإعادة بناء الدولة الوطنية الحديثة وفي إطار عودة مصر لممارسة لدورها العربي استرتيجيا وسياسيا وثقافيًا وحضاريًا. المطلوب ياسادة موقف حاسم من عملية طمس الهوية العربية التي مارسها نظام التبعية المباركي بدعم من الرأسمالية الوكيلة لخواجات العولمة فمصر العربية لا بد أن تبقي عربية اللسان والهوية ولا بد أن نزيل أحزان اللغة العربية في مصر المحروسة.