زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر العربية هي أول زيارة رسمية لرئيس دولة كبري في العالم تتم بدعوة شعبيية سابقة علي الدعوة الرسمية ، حيث شهد ميدان التحرير المصري في يونيو عام 2013 أكبر يطاقة دعوة شعبية حينما لوحت الجماهير المصرية بصور الرئيس بوتين بين صورتي الزعيم جمال عبد الناصر قائد ثورة 23 يوليو الأم والمشير عبد الفتاح السيسي قائد الجيش المصري الذي انتصر للشعب بالشعب في ثورة 30 يونيو. وهذه الزيارة التاريخية البالغة الأهمية التي انتظرتها مصر طويلا من رئيس روسي صديق لشعب روسي صديق تأتي استجابة أيضا لدعوة شعبية تالية حملها الوفد الشعبي المصري الممثل لتحالف الثالث من يوليو في زيارته إلي موسكو في أعقاب ثورة يونيو الشعبية.. وهو ماسبق الدعوة الرسمية من القيادة الوطنية المصرية التي اختارها الشعب المصري بإرادة غلابة ، خلال الزيارة الرسمية الأولي للرئيس عبد الفتاح السيسي إلي روسيا كرئيس مصري منتخب. وهي أول زيارة روسية غير مسبوقة علي هذا المستوي الأعلي منذ أكثر من أربعة عقود، حينما شهدت السياسة المصرية بعد حرب اكتوبر 'إنقلابا 'علي الشرق بالاتحياز إلي الغرب ظنا منها أن 99% من أوراق اللعبة في يدأمريكا، مع أنه دائما ما تشرق الشمس من الشرق وتغرب في الغرب! واليوم، ومع تلك العلاقات والزيارات المصرية الروسية المتبادلة، لاتشهد السياسة الخارجية المصرية ' انقلابا ' علي الغرب نحو الشرق، بينما الغرب هو الذي قام بانقلاب علي ثورة الشعب المصري في تحد لإرادته وعداء لدولته، وإنما مايجري الآن هو إعادة صياغة لتصحيح المعادلات المختلة في بعض العقولالمحتلة بهدف إعادة مسارها نحو الاتجاه الصحيح بتوازن استراتيجي، بدلا من الجنوح إلي الغرب بينما تغرب شمسه، ومن الجموح بالعزلة عن الشرق بينما الشرق هوالذي تشرق شمسهاليوم وغدا. واليوم، ومصر التي لاتنسي من دعموها من الأشقاء والأصدقاء منذ ثورة يوليو الوطنية وحتي ثورة يونيو الشعبية، مثلما لاتنسي مواقف من تنكروا لها من الأعدقاء، إذ ترحب بزيارة الأصدقاء، لاتقول أن ' الروس قادمون '، بل تقول أن ' الروس باقون ' علي الأرض المصرية بما بنوه من صروح للتنمية كالسد العالي ومصانع الحديد والصلب ومجمع الألمونيوم ومئات المصانع.. والروس عائدون ' لإعادة بناء ما تهدم من جسور مابين الشعبين، ولمواصلة دورهم التاريخي إلي جانب الشعب والجيش المصري. و' الروس باقون ' في ذاكرة الشعب المصري الوفي لأشقائه ولأصدقائه الذين وقفوا معه في معاركه التاريخية، ولايغيب عن ذاكرة المصريين، ' التسليح الروسي للجيش المصري عام 55 حينما رفض الغرب، ولا الإنذار الروسي الشهير أثناء العدوان الثلاثي الغربي علي مصر عام 56 بضربلندن وباريس وتل أبيب بالصواريخ، ولا إنتصار الجيش المصري والسوري في حرب أكتوبرعام 73 بإرادة المصريين والسوريين وبالدعم العربي وبالسلاح الروسي. فعندما تواصل العدوان الثلاثي علي مصر، طار الرئيس السوري شكري القوتلي إلي موسكومطالبا قادة الاتحاد السوفييتي حينها الرئيس بولجانين والزعيم خروتشوف بموقف حاسم يوقف العدوان ويحقق الانسحاب،.. وقبل مغادرة الرئيس السوريموسكوصدر 'الإنذار الروسي ' الحاسم الذي أسهم بلاشك إلي جانب مقاومة الشعب وتصدي الجيش المصري في إجبار المعتدين البريطانيين والفرنسيين والصهاينة علي الانسحاب ! واليوم، يلتقي الرئيسان المصري والروسي السيسي وبوتين في القاهرة ، بينما تجمعهما نفس المباديء وذات المصالح المشتركة للشعبين الصديقين، وتجبرهما السياسات الغربيةوالأمريكية المعادية للأمن القومي للبلدين الصديقين علي صياغة استراتيجية الرد والردع الشامل المشترك وعلي كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية والشعبية.. خصوصا والرؤية المشتركة تجاه القضايا الدولية مثل قضايا نزع السلاح النووي وإصلاح النظام الدولي والمسائل الأوكرانية والجورجية منقاربة، والأزمات الإقليمية خاصة في الملفات السورية والليبية والعراقية واليمنية تكاد تتطابق تمسكا بالتصدي للإرهاب والحلول السلمية للأزمات ورفض التدخلات العدوانية الغربية في الشئون الداخلية العربية والروسية معا طبقا لمباديء القانون الدولي. فالتحديات التي يواجهها البلدان تكاد تكون واحدة، والتهديدات الغربية الأطلسيية العدوانية في محيط البلدين من ليبيا وسوريا والعراق علي الحدود المصرية ومن أوكرانيا وجورجيا وبولندا علي الحدود الروسية واحدة، وبذات الأدوات المخابراتية والإرهابية والدعائية السوداء، في هجمة غربية مرتدة علي الضربات المصرية والروسية لاستراتيجية الهيمنة الأمريكية علي العالم، وهو مايتطلب ضرورة صياغة استراتيجية روسية عربية مشتركة للمواجهة بحشد تحالف الأحرار في مواجهة حلف الاستعمار.