في مسار عمره المديد.. محطات فارقة.. وفي سجله المضيء.. صفحات مشرقة.. لرجل.. ظل في صدارة المشهد.. لالينهل من بلاط السلطة'قبض ريحها'.. بل ليرسم علي جدران الوطن'أنشودة للعطاء'. أدمن منذ فجر شبابه'عشق مصر'.. ولم يبرح دربها يوما.. بل تجسدت في ملامحه، وفؤاده.. أسطورة يتغني بها.. وحكاية يرويها لأجيال، أدركت من الوطن'بعض أطرافه'.. فيما غاص هو.. وبكل مايملك، في محرابها المعبد بعطر فواح.. لينثر روائحه فوق خارطة الكنانة. هو من الأطول عمرا بين الساسة.. وأكثرهم جلوسا فوق مقاعد الحكم.. بيد أن رب العباد.. منحه قلبا.. لايعرف سوي'حب الوطن'.. وعقلا.. ماوظفه يوما.. لغير 'صناعة الخير'.. ونفسا.. بالغة الجسارة.. والنقاء.. زاد بها عن واقع.. تجاذبت أطراف عدة تلابيبه.. ساعيه لدفعه صوب'شراعات متهاوية'.. و'نوافذ متهالكة'.. و'بوابات رديئة'.. فانتصر'الراهب'في جل معاركه.. بفضل'منحة إلهية'.. أسبغت علي فؤاده.. 'صبرا جميلا'.. و'قدرة فولاذية'علي دحر كل 'صنوف الشر'في محراب الوطنية. سجله.. يشهد له.. وصفحته البيضاء.. تتحدي 'شراذم'الكذب.. و'أساطين'الخداع.. فكان في'نزاهته'نموذجا.. يحتذي.. علي المسئول.. حين تأبي نفسه 'الصغائر'.. فيتعملق في نظر كل من يبحثون عن الصدق في زمن الزيف والخداع. ولم لا.. وهو الوحيد الذي واكب ثورتين.. كاملتين.. وظل -رغم كل التحولات-ملء السمع، والبصر.. ولم لا.. وهو'الإبن البار'لوطن العظماء.. فكانت بساطته.. ونبله.. ووقوفه الدائم.. والثابت.. في صف من 'جبلوا علي الصمود'.. في'زمن البهتان'.. ولم لا.. وهو رئيس الحكومة.. الذي ظل.. رغم مناصبه المتعددة، والمتفرعة يأبي مغادرة'شقة'يقطنها بالايجار لفترة طويلة.. بقيمة ثمانية عشر جنيها في الشهر.. ليس أكثر. أحب مصر.. فعشقته حتي'الثمالة'رهن نفسه، وجهده، في 'درب العطاء'.. فبادله شرفاء الوطن.. عطاء.. بعطاء.. قطع العقود، الطوال.. زاهدا.. ناسكا.. يدون الارقام.. والسجلات.. ليرسم للمستقبل، صورة'زاهية'.. فتحول.. بكل ماقدمه، إلي'راهب حقيقي'.. يدعو للايمان بالوطن.. والاخلاص في دربه.. دون 'انتظار'لشيء.. فقبلته الوحيدة، صوب'كنانة الله في أرضه'.. وعشقه الأبدي، يتمدد بسريان النيل.. من جنوب مصر.. وحتي شمالها. تحمل، نصيبا وافرا من 'سفالات'أراذل البشر.. يوم ابتليت 'مصر العظيمة'بحكم كهنتهم، و'خيال مآتهم'.. غير أنه بقي في'خندق الميدان'عاقدا العزم، علي أن يبقي'وفيا'كعهده، للوطن الذي اجتاحته'غزوة الغربان السود'.. امتلك الرجل جسارة غير معهودة في'إبقاء ذاته عند 'قارعة التحدي'.. لم يركع مع الراكعين.. بل ولي وجهه شطر'الخطر الأعظم'.. ليرسم مع جموع المصريين، سبل الخلاص من'غزوة الأغبياء'بالثورة المباركة، التي اقتلعت 'البوم'وشؤمها من تربة الوطن. كان حريا بالزاهد في كل شيء، أن يبقي في مقعده، حافظا، وموظفا لخبراته الجليلة، في رحاب الوطن.. فأبقي عليه حامي الثورة.. وقائد الجيش الوطني والرئيس الذي أجمعت عليه إرادة الأمة'مستشارا'يقدم علمه و'عصارة خبرته'لصالح بلده.. وراح في'صمت مطبق'يدفع باتجاه مغاير.. فحين دلفت مصر صوب خطوات استحقاقها الوطني.. وحين قطعت شوطيها الكبيرين، في سباق'الدستور'و'الرئاسة'.. بادر'الزاهد'في محرابه، متشاركا مع'ثلة'من المخلصين، لرسم'سيناريو'لخارطة مصر'النيابية'.. ولمن ستدفع بهم 'جماهير الأمة'إلي صدارة'البرلمان الأخطر'. ولأنه يدرك، أنه'الأخطر'في تاريخ'الحياة البرلمانية.. فقد بادر'متطوعا'و'عاشقا'لكي يمنح'البرلمان المقبل'عصارة خبراء مصر، في'مجالات شتي'.. يديرون دفته.. بتوافق.. أراده جماعيا.. لايستثني منه، سوي من غادروا'مركب الوطن'واتبعوا آيات'الشيطان'.. فزاغت قلوبهم عن'الحق القويم'.. فتح بوابات'مقره'لكل من أراد بمصر'خيرا'.. ساعات طوال.. في'أشهر عديدة'.. واصل فيها.. هو.. ومن معه.. 'الليل.. بالنهار'.. لينسج علي منوال الوطن'لوحة زاهية'.. ومن'صنيع أبنائه'. هلل من يعرفون الرجل لجهده وعطائه 'الزاهد'.. فيما انبري'أطراف الشر'ممن يتقافزون في 'حلبة السياسة'.. ليعرضوا بالرجل.. ويصفونه بما ليس فيه.. ويسعون لاهالة التراب علي تاريخه المعبد بالورود.. والمتدثر برايات الوطن. خرج الرجل'بوقاره'ولأكثر من مرة.. لينفي، ويبدد، ويتعهد، أن'لاناقة له ولاجمل'فيما يقوم به.. وأنه يضع مصلحة الوطن.. في مرحلة'انبلاج فجره'في'أهداب عينيه'.. ولكن كلمات الرجل، تاهت، وسط ضجيج'معاول الهدم'وتجليات'صناع الشر'وأصحاب'نظريات التدمير لكل قيمة وطنية'. تحمل الرجل، مالم تتحمله الجبال.. وذابت كل آلام الحقد، والوضاعة، في دهاليز نفسة المشبعة بحب الوطن.. وسار في دربه.. متسلحا بعزيمة الولاء لوطن.. أقسم، أن يذود عنه بروحه.. واستمر في مسلكه، ساعيا لجمع 'أطراق الشتات'في 'بوتقة وطنية'واحدة.. أطلق عليها' القائمة الوطنية'. وسواء.. أنتج جهد الرجل العظيم.. 'قائمة وطنية'.. أوأثمر تشرذما'غبيا'بفعل'طعنات الغدر'.. و'سموم الحقد'.. فسيبقي الدكتور 'كمال الجنزوري'راهبا نزيها.. في محراب وطن.. قدم له جل طاقته، في سنين عمره الممتدة.. ووظف ماامتلك من قدرات.. ليمنح القادم بعض ماجناه في'ماضيه وحاضره التليد'.. وسيبقي الدكتور 'الجنزوري'ضميرا للوطن.. أينما حل.. فطاقته المتجددة ترفض الغياب.. 'مهما حاولوا.. أوفعلوا'.