بتصفيقهم وهتافاتهم تجاوب جمهور مؤتمر "دعم الحريات والمواطنة والوحدة الوطنية" الذي استضافة حزب الوفد، مساء أمس الأول الأربعاء، بمشاركة عديد من القوي السياسية، مع ما ذهب إليه المتحدثون عن مسؤولية سياسات الدولة والأزمة الاقتصادية وغياب القانون والمساواة عن حالة التوتر الطائفي التي يمر بها المجتمع المصري في الآونة الأخيرة. تفاعل الجمهور الذي زاد علي الألف مع كلمات المؤتمر التي توزعت ما بين السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، وعبد الجليل مصطفي، منسق الجمعية الوطنية للتغيير، وسمير مرقس ممثل المجتمع المدني. صفقوا بحرارة حين قال البدوي: "إن الفتن دائما ما تكمن وتنهزم في الفترات التي يسود فيها الأمل والعدل، ولا تنشط وتطل بوجهها القبيح إلا في الفترات التي افتقد فيها المصريون الأمل والعدل"، وهو ما تكرر بعد قوله: إن الحل يبدأ ب"استرجاع ثقافة المواطنة وترسيخ العدل واحترام القانون". مرة أخري علا التصفيق وارتفع هتاف: "عاش الهلال مع الصيب، وتحيا الوحدة الوطنية"، وهو يقول: "لا بد وأن يشعر الجميع بعدالة القانون، فلا يجب أن يسمح القانون للمسلمين ببناء المساجد في الوقت الذي لا يوجد قانون يحدد المعايير والإجراءات الميسرة لإنشاء الكنائس وتطويرها". وجاءت كلمة منسق الجمعية الوطنية للتغيير، التي اعتبرتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر معبرة عن كلمات كل القوي السياسية التي تضمها الجمعية، لتشعل المزيد من حماسة الحضور، بما تضمنته من مزيد من الهجوم علي "الدولة الضعيفة والحزب الوطني الحاكم". صفق الحضور أيضا لمنسق الوطنية للتغيير عندما كان يؤكد علي أن "الاحتقان الطائفي لا ينمو ويستفحل إلا في الدول الضعيفة التي هدَّ الفساد قواها وجمد الاستبداد عروقها وحريتها ومبادراتها وإبداعتها وإنجازاتها، وهو ما تكرر حين دعا "المصريين جميعا، مسلمين ومسيحيين، إلي توجيه غضبهم تجاه الحكومة التي خلقت هذه المشكلات". "هي الثورة؛ غيرها مفيش"، "قوم يا محمد قول ليونس، بكره مصر تحصل تونس"، شعارات أخري حركتها كلمة منسق الوطنية للتغيير حين كان ينادي ب"تنحي الحزب الحاكم والمتحكم، وتشكيل حكومة انتقالية تضع دستورًا ديمقراطيًّا جديدًا يقوم علي المواطنة والمساواة والتعدديه السياسية، ويمهد الطريق لانتخابات حقيقية تنتج حكومة وطنية منتخبة ومسؤولة". وكانت القوي السياسية المشاركة في مؤتمر "الوحدة الوطنية"، والتي تضم أحزاب وقوي الوفد والتجمع والناصري والكرامة والغد 'جبهة نور' والوسط والإخوان وتحالف المصريين الأمريكيين قد اعتبرت في توصياتها التي تلاها منير فخري عبد النور، سكرتير عام الوفد، أن حادث الإسكندرية والأحداث السابقة عليه "كاشفة لسياسات الدولة التي تهاونت في تفعيل نصوص الدستور التي تؤكد علي المواطنة والمساواة بين كل المصريين أمام القانون". وأكدت أن "هذه الأحداث الإرهابية هي نتاج الأزمة الاقتصادية، وارتفاع نسبة البطالة، وإهدار أحكام للقضاء، وتمديد حالة الطوارئ، وسوء توزيع عوائد التنمية، واتساع رقعة المهمشين، فضلاً عن المؤامرات التي يحيكها المتربصون بأمن واستقرار مصر". وطالبوا بإصدار القوانين الحامية لقيم المواطنة المنصوص عليها بالمادة الأولي من الدستور، وبالتحديد: قانون بناء دور العبادة الموحد، وقانون مناهضة التمييز وتجريمه للتأكيد علي المساواة التامة في الحقوق والواجبات، وكفالة تكافؤ الفرص بين المصريين جميعهم، كما طالبوا بمراجعة المناهج الدراسية وتنقيتها مما يتخللها من أفكار تتناقص وقيم وحقوق الإنسان والمواطنة". كما نادوا بتطوير الخطاب الديني والتركيز علي الرسالة المشتركة للأديان بهدف تنمية أواصر التآلف بين المصريين جميعهم، والابتعاد عن إثارة النعرات الطائفية، وناشدوا العاملين بوسائل الإعلام صياغة ميثاق شرف مهني يكفل أن يبتعد الخطاب الإعلامي عن كل ما يمس الوحدة الوطنية أو يثير نعرات عصبية.. وأن تتم هذه الصياغة والمحاسبة من خلال نقابات ومنظمات مهنية. وأعلنوا تشكيل "الهيئة الوطنية لحماية الحقوق المدنية والمواطنة" لتكون آلية شعبية دائمة ترصد وتراقب مظاهر ومؤشرات ومصادر الاحتقان الطائفي، وتسترعي انتباه الرأي العام إلي أي تجاوزات أو ممارسات تخرج عن مقتضيات احترام حقوق المواطن. وكان قرار اللجنة التحضيرية للمؤتمر في اللحظات الأخيرة بإقتصار كلمات المؤتمر علي أربع كلمات فقط بدلا من 17 كلمة لممثلي مختلف القوي، كما كان مخططا في البداية، قد تسبب في غضب عدد من ممثلي القوي المشاركة. بدأت الأزمة بانسحاب ممثل حزب التجمع وعضو مكتبه السياسي نبيل عتريس، قبل بداية المؤتمر، بمجرد أن تأكد أنه تم إلغاء كلمته، فيما استنكر جورج إسحاق وأمين إسكندر تغيير الاتفاق مع بقية القوي السياسية دون إبلاغهم ووضعهم "أمام الأمر الواقع"، وقال إسحق: "هذا بيت الأمة، ويجب ألا يتم تحجيم أحد بداخله"، وطالب بعقد جلسة مع القوي الوطنية للاتفاق علي أسس للتعامل داخل "هيئة حماية الوحدة الوطنية التي تقرر تشكيلها". في المقابل أرجع السيد الغضبان، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر وممثل الجمعية الوطنية بها، ما حدث إلي اعتبارات تنظيمية بحتة، قائلا: "رأينا أنه لن يتم الالتزام عمليا بالخمس دقائق المقررة لكل متحدث، وأن كلمة الجمعية الوطنية للتغيير معبرة عن كل القوي باعتبارها ممثلة لمعظم القوي السياسية". وهو ما أكده النائب الإخواني السابق محمد البلتاجي الذي قال: إننا -بصفتنا أعضاء في الجمعية الوطنية للتغيير- فوضنا الدكتور عبد الجليل مصطفي بإلقاء الكلمة نيابة عن أعضاء الجمعية كافة، بما فيها الإخوان، موضحًا أن عدم حضور الإخوان أمس لا يعني إنسحابهم من الهيئة التي قررت قوي المعارضة تشكيلها للحفاظ علي الوحدة الوطنية