جاء اعتراف السويد هذه الأيام بدولة فلسطين ليحيي الأمل عند شعبها، وليوقظ في الوقت نفسه الضمير الإنساني لدي شعوب العالم لينظرون لحظة بعين العدل والرحمة لتلك القضية التي طال أمدها ذاق خلالها الشعب الفلسطيني العذاب والمعاناة والآلام عبر فترة زمنية طويلة تعرض خلالها للقتل والتشريد والتخريب إضافة إلي التهديد الذي قضي علي معظم أراضيه ناهيك عن تأخره عن باقي شعوب العالم في الوقت الذي لم تستطع الأممالمتحدة رغم قراراتها أن تلزم إسرائيل يوما بالتزام وتنفيذ تلك القرارات، كما أن إسرائيل نفسها لم تلتزم أبدا بكل الاتفاقات التي أبرمت مع موت الرئيس عرفات رمز القضية الفلسطينية دون أن يري دولته، وباعتبار السويد دولة هامة في الاتحاد الأوروبي بما لها من ثقل وسمعة نزيهة بين شعوب العالم فإن اعتراف رئيس حكومتها الحالية ' ستيفان لوفين ' يأتي في وقت زاد فيه العدوان الإسرائيلي علي غزة بشكل فاق كل تصور جعل الفلسطينيون بقيادة رئيسهم عباس أبومازن يخرج عن صمته بعد نفاذ صبره ليصر علي الذهاب للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية للمطالبة بالاعتراف بدولته وما تتعرض له من عدوان أمام صمت العالم بعد أن أضاعت الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر رؤسائها وآخرهم أوباما فرصة تحقيق السلام بعد فشل ما يسمي خطة الطريق والرباعية، لتثبت لنا تلك السنوات الطوال أن أمريكا لم تكن يوما راغبة للسلام لأنها لم تفكر أن تنظر يوما بنظرة حق وعدل وتعاطف لقضية الشعب الفلسطيني ومساندته في إرجاع جزء من حقوقه لأنها كانت وعبر الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة تفكر في أمن إسرائيل وتوسعها الاستيطاني علي حساب حقوق الشعب الفلسطيني الذي لم يعد يملك شيئا، لهذا جاء قرار رئيس الحكومة السويدية منصف لقضية الشعب الفلسطيني عندما قرر أثناء كلمته أمام البرلمان بمناسبة مراسم تعيينه لمهامه الاعتراف بدولة فلسطين وقال أن الاعتراف سيتم في إطار التزام المطالب المشروعة للفلسطينيين والإسرائيليين فيما يتعلق بحقهم في الأمن وتقرير المصير، يشار إلي أن الحزب الديمقراطي بالسويد يرغب أيضا في النظر في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ورفع الاحتلال عن غزة، وقد رحبت السلطة الفلسطينية بتلك التصريحات، في الوقت الذي أعلنت فيه الخارجية الأمريكية عن رفضها لهذا الاعتراف وعبرت عن تحفظها عليه، وحذرت من أي اعتراف دولي بدولة فلسطين لأنه وكما تري سابق لأوانه وبهذا فقد ظهرت أمريكا علي حقيقتها وأثبتت أنها المعرقل الرئيسي لتلك القضية، مع غياب وتراخي وهوان من جانب دول الاتحاد الأوروبي التابع لسياسة أمريكا، وأما الموقف الإسرائيلي فقد انتقد هذا التصريح عبر وزير الخارجية الإسرائيلي إفيجدور ليبرمان وأعلنت وزارته استدعاء السفير السويدي للاحتجاج الرسمي علي هذا الاعتراف في الوقت الذي أعلن ليبرمان أنه من الأفضل للسويد التركيز علي مسائل أكثر إلحاحا في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا فيما يحدث من إرهاب في سوريا والعراق وبلدان أخري، وأكد بأنه لا بديل عن المفاوضات المباشرة بين الطرفين. إن حكومة يسار الوسط الجديدة برئاسة ستيفان لوفين المؤيدة للاعتراف بدولة فلسطين أوضحت أن لفلسطين معزة وتقدير من جانب الشعب السويدي لتصبح السويد أول دولة غربية رئيسية تتخذ تلك وسوف تولد فكرة الاعتراف داخل بلدان من داخل الاتحاد الأوروبي ومزيد من دول العالم، كما ستعطي القوة عند الشعب الفلسطيني بعد أن حركت المياه الراكضة في المستنقع الإسرائيلي الرافض للسلام، في الوقت نفسه فإن السويد عازمة علي انتقاد أمريكا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي بسبب تضيعهم الفرص لإحداث السلام عبر السنوات الماضية بحجة إشراك الطرفين في عملية تفاوض غير مجزية أضاعت علي الفلسطينيين تلك السنوات دون تحقيق مشروعية دولتهم، يحدث ذلك في الوقت الذي يلح فيه الرئيس أبو مازن اتخاذ مواقف أحادية الجانب سعيا لإعلان دولته وتحقيق استقلاله، وسعيه للحصول علي مصادقة مجلس الأمن الدولي علي مشروع قرار تقدمت به السلطة الفلسطينية بهدف وضع سقف زمني للاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدسالشرقية وفق خطة من ثلاث نقاط محددة، وسط معارضة شديدة من أمريكا التي تهدد بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني مع التلويح باستخدام حق النقد الفيتو أمام أي خطوة من هذا النوع، ومؤكدة علي ضرورة أن تقوم الدولة الفلسطينية وفق مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وباتفاق مع الدولة العبرية. ورغم اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة عمليا بدولة فلسطين عام 2012 لصالح منح فلسطين حق دولة مراقبة غير عضو بعد عرقلة مشروع عضويتها الكاملة عام 2012 بمجلس الأمن بسبب الموقف الأمريكي، إلا أن معظم الدول الكبري وبخاصة دول الاتحاد الأوروبي القوية لازالت لم تعترف بدولة فلسطين بشكل رسمي، لتأتي السويد سباقة بهذا الاعتراف لتثبت تأييدها لحقوق الشعب الفلسطيني وانتقادها في نفس الوقت لسياسات الإسرائيلية الغاشمة ولتكسر حائط الصمت والعزل الدولي تجاه أفق تلك القضية التي طال أمدها الأمر الذي سيجعل دول أخري تلحق بركب الاعتراف منها مشروع سيطرح من جانب رموز المعارضة في انجلترا أمام مجلس العموم البريطاني، ثم فرنسا التي اعترفت بفلسطين باليونسكو ويفكر بعض من رموز أحزابها إعلان هذا الاعتراف الذي سيؤدي في مجمله لتضييق الخناق علي إسرائيل وأمريكا ويؤدي للاعتراف في مجلس الأمن بدولة فلسطين عن قريب.