كان يوم الغضب واحداً من الأيام المشهودة في تاريخ نضال الحركة الوطنية المصرية ضد الفساد والاستبداد، رموز من كافة الاتجاهات زحفت إلي مبني دار القضاء العالي وسط العاصمة، قادة سياسيون وبرلمانيون تم اقصاؤهم وتزوير الانتخابات ضدهم بسبب مواقفهم المعارضة ودفاعهم عن مصالح الجماهير، مثقفون، طلاب، وكوادر حركات احتجاجية لها جمهورها الواسع في الشارع، إعلاميون، وقضاة سابقون، مواطنون بسطاء زحفوا من كل مكان ليقولوا كلمتهم: 'باطل' في إشارة إلي التجاوزات الصارخة التي شهدتها العملية الانتخابية الأخيرة التي تعد امتداداً للتزوير الذي شهدته انتخابات مجلس الشوري في شهر يونيو الماضي. إنه حقاً يوم الغضب، عواصف ورياح انطلقت كأنها تعلن غضبة السماء علي ظلم الأرض ورجال زحفوا ليقولوا كلمتهم في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة. الحصار الأمني طوّق المكان والشوارع الجانبية منذ الصباح وكأنها خطة محكمة، هدفها الحيلولة دون تجمع شعبي كبير، والسعي إلي منع الوافدين من كل مكان للتجمع وإعلان غضبتهم في مواجهة الظلم الذي استشري في البلاد بطولها وعرضها. هتافات وبيانات، كلمات صاخبة، غضب يعتمل في الصدور، وشارع يتحسر علي ما آل إليه حال العباد. إنها وقفة حتما ستتلوها وقفات أخري، في مقدمتها وقفة نواب مجلس الشعب ضحايا التزوير الذين سيجتمعون في الثانية عشرة من صباح اليوم الاثنين أمام مجلس الدولة ليؤدوا القسم علي حماية الدستور والقانون ومصالح الوطن، ثم لتبدأ بعد ذلك فعاليات هذا المجلس الشعبي في مناقشة القوانين ومناقشة قضايا الوطن والتصدي للفساد وكشفه. بدأت الوقفة في الواحدة ظهرا بمشاركة كافة القوي السياسية حيث قسم المتظاهرون والمحتجون أنفسهم لعدة مجموعات .. جماعة الإخوان المسلمين يتقدمها الدكتور محمد البلتاجي النائب السابق وباقي كتلة الإخوان احتشدوا أمام مدخل دار القضاء العالي بشارع رمسيس رافعين اللافتات التي تحمل كلمة 'باطل' .. في المقابل جاءت عناصر حركة 'كفاية' رافعة اللافتات السوداء، ومرددة نفس الهتاف، حيث شكلت الحركة مجموعة استطاعت اختراق الكردون الأمني الذي أغلق شارع 26 يوليو بالكامل، فيما حضر بكثافة العديد من نواب المعارضة والمستقلين الذين تم اسقاطهم بالتزوير في انتخابات مجلس الشعب وفي المقدمة منهم حمدين صباحي ومصطفي بكري ومحمد مصطفي شردي وسعد عبود وعلاء عبدالمنعم ومحمد العمدة ومصطفي الجندي وكذلك ضياء رشوان فيما شارك من رموز الحركات الشعبية والوطنية كل من يحيي حسن وعبدالعزيز الحسيني وكمال أبو عيطة وعبدالعظيم المغربي وجورج اسحاق والكاتب بهاء طاهر ويحيي قلاش ومجدي قرقر وجمال فهمي ومحمد الدماطي وأمين اسكندر ومحمد عبدالقدوس وأسامة الغزالي حرب وسامح عاشور. وعلي الرغم من موجة الطقس السييء التي خيمت علي القاهرة أمس والرياح المحملة بالاتربة إلا أن الحشود الجماهيرية اندفعت إلي موقع الاحتجاج أمام دار القضاء العالي معبرة عن رفضها لتزوير الانتخابات وتنفيذ الأحكام الصادرة ببطلان انتخابات مجلس الشعب فيما أعلنوا عن تأسيس برلمان شعبي شرعي يضم جميع الرموز السياسية والقانونية، وأكد المشاركون من كافة القوي السياسية والمعارضة وجماعة الإخوان المسلمين والمستقلين أنهم سيطرقون كل السبل لإبطال المجلس الجديد والدفع إلي حله استنادًا للأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا، وقد جاءت هذه الوقفة من القوي السياسية المصرية بهدف مقاطعة مجلس الشعب الجديد وعدم الاعتراف بشرعيته خاصة بعد الانتهاكات والتجاوزات الصارخة التي صاحبة العملية الانتخابية، ووصف المشاركون في الوقفة غياب المعارضة بأنه سيؤثر علي أداء مجلس الشعب معتبرين أن الدعوة لإنشاء مجلس شعب بديل يستهدف مناقشة القوانين والمقترحات ووضع الحلول للقضايا الجماهيرية التي تهم جمهور المواطنين مشيرين إلي أن هناك عددًا من الخبراء يتولون حاليًا دراسة فكرة البرلمان الشعبي البديل. وقد طلب المشاركون من الرئيس مبارك ضرورة حل مجلس الشعب تنفيذًا للأحكام القضائية التي صدرت ببطلان الانتخابات .. وقد أجمع كافة المحتشدين أمام دار القضاء العالي تحت حصار الحشود الأمنية التي حاصرت المكان علي الهتاف بصوت واحد وعلي قلب رجل واحد 'باطل' تعبيرًا عن رفض الشعب المصري لمجلس الشعب المطعون في شرعيته.