حكايات مصاصو الدماء المجسدة علي شاشات السينما لها أصول في التراث الشعبي ومصدر تاريخي وأدبي شهير. وقد عبر كل جيل عن تجربته الخاصة مع الخوف من مصاصي الدماء عبر السينما. يقول بيرند ديزينغر، مدير متحف الأفلام في مدينة دوسلدورف الألمانية'الخوف والانبهار الناتج عنه يرافقان الشخص طيلة الحياة'، ويضيف أن الجميع يتذكر أول فيلم عن مصاصي الدماء عرض علي الشاشة الكبيرة رغم مرور سنوات عديدة، في عام 1922 قام المخرج الألماني فريدريش فيلهيم مورناو بعرض فيلم عن مصاصي الدماء بعنوان 'نوسفيراتو'، هذا الفيلم أصبح فيلما كلاسيكيا من بعد وأيقونة أفلام الرعب. قام الممثل الأمريكي بيلا لوغوسي، بتمثيل شخصية دراكولا عام 1931 والذي أعطاها نكهة تثير الرعب والخوف في نفس المشاهد.وخلد بيلا لوغوسي اسمه في عالم السينما بتمثيله لدور دراكولا في فيلم مورناو وأصبحت شخصيته بعد ذلك محفورة في الذاكرة. كل من نشأ في أواخر خمسينيات وستينيات القرن الماضي نشأ مع أفلام دراكولا البريطانية للممثل كريستوفر لي في دور البطولة. وبعد ربع قرن استمر هذا النوع من الأفلام بنكهات أخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية للمخرج فرانسيس فورد كوبولا والممثل غاري أولدمان في دور مصاص الدماء. من هنا نري أن سلسلة أفلام الشفق التي نعيشها حاليا ما هي إلا استمرار لأسطورة أفلام رعب نشأت منذ فترة طويلة. وكانت رواية دراكولا للكاتب برام ستوكر عام 1897 مصدر إلهام العديد من كتاب السيناريو والمخرجين وأصبحت نموذجا للإبداعات السينمائية، تأثر كُتاب مثل برام ستوكر وفنانون آخرون واستوحوا إبداعاتهم من شخصيات تاريخية مثل الأمير فلاد تَيْبْش، فقد استلهم ستوكر قصته من أمير في القرن الخامس عشر برومانيا اسمه فلاد تَيْبْش اشتُهر بلقب دراكولا قبل أن يُطلق عليه اسم فلاد المخوزق. وسمي الأمير فلاد تَيْبْش بهذا الاسم بسبب قسوته، وسمي دراكولا نسبة إلي أبيه دراكول العضو البارز في تنظيم التنين، وهو تنظيم سري أسس بالتعاون مع باقي ملوك وأمراء أوروبا لحماية المسيحية في أوروبا الشرقية من المد العثماني. وزيادة علي القسوة والرذائل التي اشتهر بها الأمير فلاد تَيْبْش، نسب إليه شرب الدم أيضا. يقول بيرند ديزينغر إن الفيلم بني علي هذه الخرافات والأساطير واستخدمها لتكون أكثر فعالية في إنتاج سينمائي. 'الفيلم يجمع بين أشياء مختلفة ولكن تطويره جاء نتيجة ديناميكية داخلية' كما أشار إلي أن العديد من الحيثيات التي تُنسب اليوم إلي أسطورة مصاصي الدماء مصدرها في الحقيقة السينما. علي سبيل المثال أن يتحول مصاص الدماء إلي غبار بمجرد ملامسة أشعة الشمس له هو مجرد تأليف إضافي ابتكره كتاب السيناريو لرفع درجة التشويق في الأفلام. كتب باحث الميثولوجيا هانس مويغار مقالاً: 'مصاصو الدماء هو إسقاط ناجح للمخاوف البدائية لدينا، ومخلوق لاهوتي بعمق فلسفي ونفسي هائل'.وهذا يفسر استمرار شعبية هذا الشكل المعين من أشكال الرعب، أيضا كتب مويغار: 'الموت هو أعظم رعب بالنسبة للعديد من الناس'. لذلك حاول معظم الناس القضاء علي الموت باعتباره نهاية لهم وإعادة تفسيره إلي طقوس تُنبؤُ بالحياة بعد الموت، وأضاف مويغار: 'ليس هناك من لم يستثن وجود حياة بعد الموت' لتتحول هذه القضية إلي ظاهرة عالمية. عثر ديزينغر أثناء القيام ببحثه في عروض مصاصي الدماء في دوسيلدورف علي عدد لا يحصي من أفلام دراكولا من جميع أنحاء العالم 'ربما هناك حوالي 1000 عنوان'. ويقول المحلل النفساني البريطاني إرنست دجونس: 'إن السبب الجذري لهذا الإسقاط هو بلا شك أمل الموتي في أن لا ينساهم الأحياء'، ويضيف: 'هذه الرغبة منبثقة في الحقيقة من ذكريات الطفولة وخوف الطفل بأن يُترك لوحده من قبل والديه الأحباء'.