أجمع عدد من المثقفين علي أن ما حدث في انتخابات مجلس الشعب الذي انطلقت أولي جولاتها أمس الأحد 28 نوفمبر، من أعمال شغب وبلطجة، كان متوقعا، وأشار عدد منهم إليأن أعمال الشغب أمر أساسي في التراث الانتخابي المصري. ففي الوقت الذي أرجع فيه بعض المثقفين أعمال الشغب لجميع المتسابقين في هذا المارثون، أكد آخرون علي أن الدورة البرلمانية القادمة كان يجب أن تخلو من المعارضة تمهيدا لأجندة قادمة، فيما أكد فريق ثالث علي أن المشهد من خارج مصر أضر بها، ولم يكن متناسبا مع مكانتها الدولية. قال الناقد الدكتور جابر عصفور، مدير المركز القومي للترجمة، إن ما حدث في انتخابات مجلس الشعب 2010 كان أمرا متوقعا، مؤكدا علي أن انتخابات البرلمان المصري دائما ما تشهد بعض التجاوزات وأعمال الشغب والبلطجة. وأضاف عصفور، أنه لم يندهش عندما سمع وقرأ عن الإصابات والوفيات التي خلفتها تلك الانتخابات، مشيرا إلي أن ماحدث بات جزءا واقعيا من التراث الانتخابي المصري ولن يتغير إلا من خلال إرساء مبادئ السلوك الديمقراطي المعاصر في نفوس المواطنين. ونفي عصفور فكرة أن يكون مرشحو الحزب الوطني هم السبب الرئيسي في أعمال الشغب قائلا: كافة المرشحين مسئولون عما حدث، سواء كانوا مرشحي الحزب الوطني أو مستقلين أو حتي إخوان، وإن كان البعض ينسب هذه المخالفات للحزب الوطني فهذا يرجع إلي كثرة عدد مرشحيه ليس أكثر من ذلك. أما الشاعر شعبان يوسف فوصف المشهد الانتخابي الذي شهدته مصر أمس الأحد، ب"المذري"، قائلا إن الانتخابات جاءت كمقدمة ومؤشر للتوريث القادم. وأضاف يوسف: المطلوب في البرلمان القادم أن يخلو من الأصوات المعارضة والاحتجاجات، لذلك كان من الطبيعي أن يثير مرشحو الحزب الوطني كل هذا الذعر والقلق بالتعاون مع أفراد الأمن. وأشار يوسف إلي أن مرحلة الدعاية الانتخابية كانت مراقبة بشكل واضح من الأمن قبل الانتخابات بأسبوع، مضيفا أن الانتخابات هذه المرة شهدت حالات تزوير واستبعاد لعدد من المرشحين من بعض الدوائر، كما أن الأمن مارس أدواراً بشعة لحساب الحزب الوطني الحاكم، أهمها إرساء تقنيات بيروقراطية من شأنها تعطيل ناخبي الأحزاب المعارضة والجماعة. وأكد يوسف علي أن ما حدث بالأمس أعطي صورة سلبية عن مصر والمشهد السياسي فيها الآن. وأكد الروائي الجزائري واسيني الأعرج علي أن المشهد من خارج مصر، يبدو مختلفا، قائلا: يظهر جليا أن هناك دينماية وحركية ممتازة، لكن تظل مشكلة الإخوان المسلمين منحصرة بينهم وبين مرشحي الحزب الحاكم، مضيفا: لا أري قوة ثالثة معهما، ونحن في الوطن العربي بحاجة لهذه القوة الثالثة التي يمكنها أن تخلق بعض التوازن، مشيراً إلي أن تواجد هذه القوة ربما سيسمح للمجتمعات العربية بالتطور في طريق أفضل وأكثر قبولا للجماهير. وأوضح الأعرج أن هذه القوة الثالثة غائبة ليس في مصر فقط، وإنما في الوطن العربي كله، مؤكدا علي أن هيمنة الأنظمة جعلت إمكانية التغيير مؤجلة عربيا، وأشار الأعرج إلي أن الناخبين يفضلون الاستقرار، لهذا تذهب اختياراتهم لتثبيت الأحزاب الموجودة أصلا في السلطة، مضيفا: لم نستفد من تجربة الدول القريبة منا كالهند وباكستان، مؤكداً علي وجود مشكلة بنيوية في السلطة العربية التي تجعلها لا تتقدم أبدا. وأشار الأعرج إلي أن التغيير لا يأتي إلا من قوة تشكل حلقة وصل قد تكون من جهة تنويرية ما، أو من النظام نفسه. فيما أكد الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم علي أسفه الشديد من المشاهد التي نقلتها الفضائيات أمس عن أحداث المشاحنات والغضب والعنف، وقال: لا يليق بمصر مع مكانتها الكبيرة أن يحدث فيها هذا، واصفاً ما رآه أمس بال" الصدمة"، وأبدي القاسم اندهاشه الشديد مما نقلته له الشاشات أمس، وقال: كفاكم سفكا لدمائكم، فلا يليق بمصر وبشعبها الأصيل أن يحدث فيها هذا.