أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن الحضارات القديمة المختلفة في مقدمتها الحضارة المصرية القديمة واليونانية وضعت تشريعات وعقوبات رادعة تصل إلي حد الإعدام لكل من يقترف جريمة التحرش الجنسي, مشيرا الي أن الحضارة اليونانية اعتبرت الإغتصاب جريمة في أساطيرهم, وفرض القانون اليوناني القديم علي المغتصب غرامة مالية واعتبر اليوناني القديم الإغواء جريمة أكبر من الاغتصاب لأنها مقدمة للتحرش والاغتصاب وضاعف العقاب في الإغواء ليصل لحد تحويل فاعل هذه الجريمة الي مرتبة العبودية. وأوضح ريحان - في تصريح اليوم - أن الأسطورة الإغريقية تزخر بالعديد من القصص التي تروي عملية الاغتصاب الجسدي سواء بين الأرباب أو بين الأرباب والبشر, ويتبين من خلال تلك القصص أن من يحاول ارتكاب تلك الفعلة ينتهي أمره بالعقاب الرادع الذي يصل إلي حد الموت وأن المغتصب تعتريه شهوة وقتية بصرف النظر عن نتائجها يصبح في حالة نفسية وعقلية مغيبة تماما عن الوعي تدفعه لاختلاق أفعال شيطانية للحصول علي غرضه ومنها التخطيط للخطف أو التحايل والإغواء, كما تظهر رفض المجتمع اليوناني وكذلك كل الحضارات الإنسانية لهذه الجريمة النكراء, وضرورة تشديد عقوبتها وإغاثة من تتعرض للاغتصاب مع حرص المجتمع علي منع هذه الجرائم بشتي الوسائل. وأشار ريحان الي الدراسة التي اجراها الدكتور محمود الفطاطري أستاذ الآثار اليونانية الرومانية بكلية الآداب جامعة كفر الشيخ ووكيل الكلية لخدمة المجتمع وشئون البيئة حول 'تصوير الاغتصاب علي الفخار الإغريقي ذي الطراز الأحمر علي الأرضية السوداء في العصر الكلاسيكي', والتي صور فيها الفنان اليوناني رفض الضحية لعملية الاغتصاب وشهامة المدافعين عنها, الي جانب منظر علي كأس من الفخار يصور خطف المعبود زيوس للأميرة الفينيقية إيروبا عبر البحر إلي جزيرة كريت, وعلي كأس آخر محفوظ بمتحف بوسطن يصور لحظة اختطاف الكنتاوروس نيسوس لديانيريا تمهيدا لاغتصابها ووجود هيراكليس لينقذها بعد استنجاد ديانيريا به رافعة يدها اليمني وباسطة أصابعها المرتعشة باتجاه هيراكليس الواقف إلي الخلف من الكنتاوروس ورافعا يده اليسري ليمسك بذراع المختطفة, بينما يقبض بقوة علي هراوته ليهم بها علي الكنتاوروس لينقذ الفتاة المخطوفة, ويكون المغتصب دائما منشغلا بجسد المغتصبة التي تكون أكثر إدراكا في تلك اللحظة وتحاول بكل ما تملك من قوة دفع الأذي عنها. وقال إن الفن اليوناني القديم صور أهمية إغاثة المرأة لحمايتها من الاغتصاب في منظر علي أمفورا فخارية حيث يظهر العملاق بروفيريون لحظة هجومه علي هيرا التي صرخت مستنجدة حيث يقوم زيوس برميه بالصاعقة بينما يقتنصه هيراكليس بالسهام. ويتضح في المنظر المقاومة الشديدة للشخصية المغتصبة هيرا, فهي لم تكتف بطلب المساعدة ولكنها تحاول القبض بأطراف أصابع يدها اليسري علي درع هلالي الشكل وتهم بدفع الحربة التي تمسكها بيدها اليمني في اتجاه صدر من يحاول اغتصابها, ويصور المنظر فشل عملية الاغتصاب للمقاومة التي أبدتها الشخصية المغتصبة إلي جانب النجدة الممثلة في الشخصيات التي تساعد عن بعد دون أي تدخل مباشر مع المغتصب. وأضاف ان الدراسة اشارت للاغتصاب النفسي, وهو أخذ بالقوة لشيء ضد الرغبة, حيث صور علي أنية فخارية محفوظة بالمتحف البريطاني عملية خطف لإبنتي ليوكيبيديس اللتين تحملان بالقوة من أمام زوجيهما من قبل ديوسكوروي في حضرة المعبودة أفروديت الجالسة علي المذبح, وأمامها تقف بيثو التي تلعب دور الإغراء للفتاتين, ويتضح من خلال الموقف المصور أن الفتاتين قد اختطفتا ضد رغبتهما, وهو ما يبدو في القوة التي تحمل بهما, بالإضافة إلي المقاومة التي تبديها الفتاة المتطايرة في الهواء وكأنها تقاوم الاتجاه التي تقاد إليه.