وسط أكوام القمامة في أطراف جبل المقطم بشرق القاهرة، تجلس فتاة من 'الزبالين' تقوم بفصل النفايات العضوية عن الأوراق وعبوات البلاستيك، لإعادة تدويرها في منطقة حي الزبالين في المقطم.تقول والدة الفتاة أنها لا تذهب لجمع القمامة بنفسي ولكنها تستأجر سيارة وأشخاصا ليجمعوا القمامة ويأتوا بها إليها، مضيفة أنها تعمل علي فصل القمامة 'و بيع الكارتون والبلاستيك والمواد المطاطية التي تستخدم في صنع القفازات.' مشكلة القمامة من أكبر المشاكل التي تواجه القاهرة، والتي تنتج نحو 14 ألف طن من القمامة يوميا، ويُلقي بها في الشوارع. جامعو القمامة بحي الزبالين يجمعون ما يقرب من 85 بالمائة من مجمل النفايات التي تنتجها العاصمة المصرية. إضافة إلي توليهم تدوير بعض النفايات لتكون علفا يقدم لمزارع تربية الخنازير. تعرض الزبالون إلي حملة شنتها السلطات المصرية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، واستهدفت خنازيرهم وقد نتج عنها قتل نحو 300 ألف خنزير التي كانوا يربونها فيما وصفته السلطات المصرية في عام 2009 بالأجراء الوقائي ضد أنفلونزا الخنازير التي انتشرت آنذاك. وقد شكل ذلك أزمة قصوي لجامعي القمامة، حيث كانت الخنازير تمثل حلقة أساسية في عملية تدوير القمامة، لأنها تأكل النفايات العضوية، ويتم بيع لحمها فيما بعد. بعد تنحي مبارك بدأت بعض المنظمات في دعم جامعي القمامة، كما أوضحت وزيرة البيئة السابقة ليلي إسكندر، كاشفة أن السلطات تخطو بجد لتقنين عمل جامعي القمامة. بعد أن فشل التعاقد مع شركات أجنبية لجمع القمامة، أُطلق برنامج تجريبي لقياس مدي نجاح العمل مع الزبالين، ومن المفترض أن يقوم وزير البيئة الجديد خالد فهمي باستكمال الإصلاحات. كما تقول إسكندر أن محافظ الجيزة أول من وافق علي المشروع لأنّ الشركة الأجنبية المتعاقد معها انسحبت من ثلاث مناطق، مما اضطر المحافظ لسد الفجوة. إسكندر كانت تعمل مع جمعية 'روح الشباب' التي أسسها جامعو القمامة بمنطقة المقطم، وتدعم الجمعية لتأسيس مشاريع متوسطة وصغيرة تتيح لهم فرصة التعاقد مع السلطات المحلية. في إطار المشروع الجديد ستدفع الحكومة 12 جنيهاً عن كل وحدة سكنية، في حين يجني الزبالون ما يقرب من 4 جنيهات مصرية يومياً مقابل جمع القمامة من المنازل. كما تصف إسكندر الخطوة بأنها ' نقلة كبيرة، وتتيح لهم الفرصة لتحديث شاحناتهم وتحسين مظهرهم الخارجي، ليعيشوا حياة كريمة ويعنوا بتعليم أولادهم.' كما أشار مدير جمعية ' روح الشباب' عزت نعيم جندي إلي أن الزبالين قد أنشأوا أكثر من 750 شركة لجمع القمامة بمنطقة المقطم، بعد أن اقتنعوا بفكرة المشروع، مضيفا أنّ الزبالين لن يستفيدوا وحدهم من تقنين جمع القمامة، ولكن التغيرات ستشجع الشباب بشكل عام علي المشاركة. أضاف جندي أن كثير من المصريين العاطلين عن العمل بدأوا بالفعل في التسجيل لجمع القمامة وإعادة تدويرها' مضيفاً 'أنهم أقبلوا علي المهنة بعد أن أدركوا اعتراف الحكومة بها.' وبالرغم من احتمالية المنافسة من خارج مجموعة الزبالين من الطائفة القبطية إلا أن جندي لا يري في ذلك خطورة إذ توجد كميات من القمامة تكفي الجميع، بحسب قوله. كما يري جندي إن القاهرة وضواحيها 'تنتج يومياً قرابة 14 ألف طن من النفايات، يجمع منهم الزبالون تسعة آلاف طن، وتبقي 5 آلاف طن لا توجد جهة محددة تتعامل معها، ' مضيفاً أن الشركات الأجنبية لا تستطيع جمع كل المتبقي، وبذلك فإن نحو 3 آلاف طن تظل في الشارع دون أن يجمعها أحد'. حسب جمعية روح الشباب، يعاني نصف الزبالين من مرض التهاب الكبدي الفيروسي C–، وتأمل الجمعية أن يقدم المشروع مساعدة لهم. في مدارس حي الزبالين بمنطقة المقطم، لا يدرس الأطفال القراءة والكتابة والرياضيات فحسب، بل يتعلمون أيضاً كيفية عد وفصل عبوات الشامبو الفارغة لإعادة تدويرها. تشجّع المدرسة الأطفال علي الحضور بانتظام بأن تدفع لهم أجراً علي جمع الزجاجات الفارغة، في هذا السياق تقول معلمة تقنيات الانترنت ماري مفيد أن هذا يسمح للأطفال بالتعلم فيما يكسبون المال لأسرهم. البعض لا يبدو مقتنعا بالفكرة، بل يشككون في نجاح فكرة المشروع، فحسب قول عبد المسيح فايز أحدالعاملين في جمع القمامة أن سكان المنازل كانوا يدفعون لنا أجرة شهرية مباشرةً، ولكنهم الآن يدفعون مبلغا إضافيا علي فاتورة الكهرباء، معني ذلك أنّ الحكومة ستأخذ جزءا من المبلغ المخصص لنا' ومضي مستاء إلي القول 'أنا لا أثق في الحكومة، وأفضّل أن أعمل بنفسي لضمان رزقي ورزق أولادي' كما أعرب فايز عن رغبته في مواصلة أولاده الدراسة حتي لا يفنوا حياتهم في جمع القمامة مثلما فعل هو وأبوه وجده من قبله.