أظهرت دراسة أمريكية نشرت نتائجها، أمس الخميس، أن معظم الناس ربما لا يحبون الجلوس وحدهم وقضاء وقت في التأمل دون ازعاج، حتي وإن كان البعض يعتبر ذلك أحيانًا أقصي أمانيه. ووجد معظم المتطوعين في الدراسة الأمر صعبًا حين طلب منهم قضاء نحو 15 دقيقة وحدهم في غرفة دون القيام بشيء سوي الجلوس والتفكير. بل ووصل الأمر ببعض المتطوعين خاصة من الرجال، في واحدة من 11 تجربة قادها باحثون من جامعة فيرجينيا، أن فضلوا التعرض لصدمة كهربائية متوسطة الشدة علي الجلوس دون عمل شيء. وقال تيموثي ويلسون أستاذ علم النفس في جامعة فيرجينيا، الذي قاد الدراسة التي نشرت في دورية ساينس، 'يري كثير من الناس أن من الصعب استخدام عقولهم في إمتاع أنفسهم، خاصة حين يطلب منهم القيام بذلك بشكل فوري'. وأضاف، 'في العصر الحديث ومع كل الأجهزة التي نملكها يبدو أن الناس يشغلون كل لحظة ببعض النشاط الخارجي'. وشارك نحو 800 فرد في الدراسة وشملت بعض التجارب طلابًا جامعيين فقط، ثم قام الباحثون بتوسعة مجالها، لضم أشخاص بالغين يعيشون في نفس المنطقة. ثم ذهب الباحثون إلي كنيسة وسوق للمزارعين للاستعانة بأشخاص من خلفيات مختلفة وأعمار متباينة تصل إلي 77 عامًا، وجاءت النتائج متطابقة إذ لم يرغب معظم المشاركين بغض النظر عن العمر أو الجنس في الجلوس مع أفكارهم فحسب دون عمل شيء. وفي بعض التجارب طلب من متطوعين جامعيين الجلوس بمفردهم في قاعة معمل بلا أدوات وقضاء من ست دقائق إلي 15 دقيقة دون القيام بأي شيء سوي التفكير أو أحلام اليقظة، ولم يسمح لهم باصطحاب هاتف محمول أو مشغل موسيقي أو مادة للقراءة أو أدوات للكتابة، وطلب منهم لزوم مقاعدهم والبقاء متيقظين، وأكد معظمهم أنهم لم يستمتعوا بالأمر، وكان من الصعب عليهم التركيز. وطلب الباحثون حينئذ من بالغين وطلاب القيام بنفس الشيء في منازلهم، وحصلوا علي نفس النتائج، وعلاوة علي ذلك لجأ ثلث المتطوعين إلي الغش بالقيام بأمور مثل استخدام هاتف محمول أو الاستماع إلي موسيقي. وأجري الباحثون تجربة لمعرفة ما إن كان المتطوعون من الطلاب يفضلون خوض تجربة مزعجة علي مجرد الجلوس ساكنين متأملين، وعرضوهم لشحنة متوسطة من الكهرباء الساكنة. وسئل المتطوعون عما إن أعطوا خمسة دولارات فهل سينفقون بعضًا منها لتفادي التعرض للصدمة الكهربائية مرة أخري، ومن قالوا إنهم علي استعداد للدفع لتجنب صدمة ثانية طلب منهم الجلوس بمفردهم والتفكير لمدة 15 دقيقة، لكن منحوا خيار تعريض أنفسهم لنفس الصدمة بمجرد الضغط علي زر. ولجأ كثيرون لهذا الخيار خاصة الرجال إذ تعرض نحو الثلثين '12 من بين 18 مشاركًا' لصدمة واحدة علي الأقل، وعرض أحدهم نفسه للصدمة 190 مرة بينما ربع النساء '6 من 24' عرضن أنفسهن لصدمة واحدة علي الأقل. وقال ويلسون، 'أعتقد أنهم أرادوا مجرد صعق أنفسهم بسبب الملل.. أحيانًا يكون التحفيز السلبي أفضل من لا شيء'.