ما تزال الجماعات الاستيطانية تعمل علي قدم وساق وبوتيرة مكثفة تسابق الزمن، لالتهام الأراضي الفلسطينية وبناء آلاف الأحياء الاستيطانية في الضفة الغربية علي المكشوف علي وتيرة سريعة، مستغلا ضعف الجانب الفلسطيني من جهة والصمت العربي والدولي من جهة أخري، من أجل تحقيق أهدافها ومخططاتها في المنطقة. وإن كان الاستيطان بالضفة لن يتوقف فإنه في مدينة القدس يشكل خطا احمر أعلنت سلطات الاحتلال مرارا و تكرارا عدم إمكانية توقفه، وخاصة بعد تصريح نتانياهو بأن البناء في القدس كالبناء في تل أبيب لن يتوقف. ويعيش نصف مليون مغتصب يهودي في أكثر من 100 مغتصبة بنيت منذ احتلال "إسرائيل" للضفة الغربيةوالقدسالشرقية في عام 1967. لا تجميد للاستيطان بدوره قال عمر عبد الرازق - النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس:"إن الاستيطان لم يتوقف في الضفة إلا إعلاميا، ولا في القدس التي كان فيها الاستيطان علنيا خلال هذه الفترة". وشدد عبد الرّازق علي موقف حركته من المفاوضات بصورة كاملة قائلا: "موقفنا واضح برفض المفاوضات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، بتوقف الاستيطان أو استمراره، وضد أجندة المفاوضات أي كانت شروطها". استمرار المفاوضات علنيا مسئول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس أوضح أن النشاط الاستيطاني لم يتوقف يوما وأن البناء استمر في كافة المستوطنات وبشكل علني، وخاصة أن المستوطنين لا يأبهون بقرارات حكومتهم بتجميد الاستيطان أو وقفه. وأضاف دغلس: "في هذه الأيام الاستيطان يتم بقرار مشترك بين الحكومة و مجلس المستوطنات حيث أعلنت الحكومة مؤخرا طرح عطاءات لبناء 2400 وحدة سكنية بالضفة الغربية، وشرعت في بناء 280 وحدة حاليا بمناطق مختلفة من الضفة". رسم حدود الدولة من جهته قال الخبير في قضايا الاستيطان خليل التفكجي :"إن الاستيطان أصبح المحدد لحدود الدولة الفلسطينية ويرسم حدودها من خلال تنفيذ المشاريع الاستيطانية بحيث تكون هذه الحدود واضحة في حال أي حل سياسي تطبيقا لمقولة رئيس الوزراء لإسرائيلي ارائيل شارون عندما تحدث عن دولة فلسطينية دون تواصل جغرافي إلا من خلال الأنفاق والجسور، وبناء المستوطنات في الضفة يحقق هذه الغاية بالتحديد". و تابع التفكجي: "الاستيطان يحقق حلم الدولة الكيان المنشودة بحيث يكون غور الأردن الحدود الشرقية لهذه الدولة، ولهذا نري بوضوح استمرار الاستيطان في هذه المنطقة، كما أن الاستيطان في ظهر الجبل بعمق الضفة الغربية تتركز في المراكز الإستراتيجية حيث تستطيع قطع أي تواصل جغرافي بين الجنوب والشمال والشرق والغرب في أي لحظة ترغب بها "إسرائيل". وعن إمكانية التوصل لاتفاق تسوية بوجود هذه المستوطنات يقول التفكجي:"إسرائيل" يمكن أن تتخلي عن بعض المستوطنات إذا أرادت أن تقيم سلام حقيقي وهذا ممكن من خلال تفكيك هذه المستوطنات وخاصة المستوطنات التي تشكل عبئا امنيا عليها مع التركيز علي الحفاظ علي البؤر الاستيطانية الكبري". وذكر التفكجي أن التوسع الاستيطاني في البؤر الاستيطانية الكبري يوضح أن الكيان الصهيوني يمكنه التخلي عن بعض المستوطنات، وخاصة في ظل رسالة التطمينات الأمريكية بأخذ الوقائع علي الأرض بعين الاعتبار، موضحا أن أي اتفاق تسوية سيضمن الحفاظ علي البؤر الاستيطانية الكبري في الضفة الغربية، و خاصة أن الحديث يدور عن استثناء مدينة القدس بالكامل عن أي وقف أو حل سياسي. إلا أن التفكجي استبعد هذا الخيار قائلا:" البناء الاستيطاني في الآونة الأخيرة الهدف منه هو الحيلولة من أي تواصل جغرافي مستقبلي ممكن و تبديد إمكانية التوصل إلي "سلام" حقيقي و منع أي إمكانية لتقسيم مدينة القدس لعاصمتين فلسطينية ويهودية". و أشار التفكجي إلي عدم جدية الكيان الصهيوني بأي محاول لتفكيك المستوطنات، والدليل علي ذلك أن المستوطنات التي تم إخلائها في 2005 في شمال الضفة الغربية لم تعود إلي السيطرة الفلسطينية حتي الآن وما يزل المستوطنون يسطرون عليها رغم تفكيكها وهدمها بشكل كامل. وفيما يتعلق بالاستيطان في القدس قال التفكجي:"إن الأمر في القدس مختلف، فالاستيطان له أكثر من وجه ويقصد منه الحفاظ علي أغلبية يهودية في المدينة و منع أي إمكانية لتقسيمها و بقائها دولة يهودية، كما أن المستوطنين باتوا يحكمون المدينة". استخفاف صهيوني من جانبه بيّن قاضي قضاة فلسطين، الشيخ تيسير التميمي ل"الأسبوع" أن الانقسام الحاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة أعطي الاحتلال الضوء الأخضر لمواصلة عمليات الاستيطان في الضفة والقدس بوتيرة أسرع مما كانت عليه. وأشار إلي استخفاف الاحتلال بالأمتين العربية والإسلامية، مؤكدا علي ضرورة توحد الصف الوطني الفلسطيني والعربي والإسلامي ووضع مخططات لمقاومة ومواجهة المخطط الصهيوني.