يزور بابا الفاتيكان فرنسيس الأول 'كنيسة القيامة' داخل أسوار البلدة القديمة في القدسالمحتلة، خلال زيارته التي بدأت اليوم لفلسطين. وتعتبر كنيسة القيامة الأهم للمسيحيين والأكثر قداسة، ولن يستطيع البابا دخولها إلا بعد أن يُفتح بابها الوحيد بمفتاح أعطاه القائد صلاح الدين الأيوبي لعائلة مسلمة حين استعاد القدس من الصليبيين قبل أكثر من 8 قرون، مرفقا بإذن منه أن يكون لهذه العائلة وحدها حق فتحه وإغلاقه بالمفتاح الذي يحتفظ به الآن سليل هذه العائلة، الفلسطيني أديب جواد جودة. الكنيسة بنتها الملكة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين، بدءا من العام 325 ميلادية 'علي التلة التي يعتقدوا أن السيد المسيح صُلب عندها، وفوق المغارة التي دفنوه فيها' لأنها عثرت حين زيارتها للقدس 'علي خشبة الصليب الذي علقوه عليه، لذلك قررت بناءها هناك' طبقا لتواترات مسيحية كتبوها عبر الزمن عن الكنيسة. وقد وصل مفتاح الكنيسة الي سلسل العائلة المقدسية المسلمة 'جودة' متناقلا كميراث عن أجداده طوال قرون. وحسب المعتقدات المسيحية فإن كنيسة القيامة والكنيسة تعتبر الأكثر قداسة، لأن بناءها تم أيضا 'فوق المكان الذي قام فيه المسيح من الموت وارتفع وهو حي إلي السماء' لذلك سموها كنيسة القيامة، وفيها سيقيم البابا قداسا قصيرا مساء اليوم الأحد. والمتأمل بصورة 'كنيسة القيامة' سيري بابيها الوحيدين: الأول إلي اليمين، مغلق منذ 827 سنة بأمر من صلاح الدين الأيوبي. أما الثاني إلي اليسار، وهو بارتفاع 5وعرض 3 أمتار، فبأمره التاريخي أيضا يتم فتحه وإغلاقه بالمفتاح الذي تم توارثه ووصل ليد أديب جودة مع فرمان من أحد الحكام العثمانيين في الماضي البعيد. قال جودة، في تصريحات، أن صلاح الدين 'خشي من عودة الصليبيين متنكرين برهبان لدخول الكنيسة الشهيرة، فأغلق أحد بابيها وأبقي الثاني للفتح والإغلاق بمفتاح حديدي سلمه عام 1187 لأجدادي من عائلة جودة، لأنهم كانوا شيوخ المسجد الأقصي، ووجد أن أفضل طريقة لحماية القدس منهم هي أن يعطي مفاتيحها للمؤتمنين عليها، وهي عائلتنا'. وذكر جودة، وهو صاحب محل لبيع الملابس في القدسالمحتلة، ومتزوج وعمره 49 عاما، وهو أب لثلاثة أبناء، أن المفتاح الذي أعطاه صلاح الدين لأجداده موجود لديه داخل خزنة بالبيت، لكنه مكسور 'ولا أبيعه في أي مزاد، ولو بملايين الدولارات. أما المفتاح الذي أحتفظ به في الخزنة أيضا، وبه نفتح كل يوم باب الكنيسة الوحيد، فتاريخه من عام 1149 وورثته عن أبي بعد أن تنقل وراثة في عائلتنا منذ ذلك العام' كما قال. وللكنيسة بوّاب، هو أيضا فلسطيني مسلم من عائلة نسيبة، يأخذ المفتاح يوميا من أديب جودة في الرابعة فجرا، أو من أحد أبنائه فيما لو كان علي سفر أو حال أي مانع آخر من وجوده بالقدس، ويمضي إلي الباب فيضع عنده سلما ليصعد ويفتح قفلا في أعلاه، ثم آخر أسفله، وبذلك تستقبل الكنيسة الأشهر في العالم المسيحي زوارها، وفي الثامنة مساء يفعل الشيء نفسه صعودا علي السلم ونزولا لإغلاقها. ويملك أديب جواد جودة في بيته أيضا 165 فرمانا، أو مرسوما، وصلت إليه بالورثة عن أجداده، وهي من 27 سلطانا عثمانيا حكموا القدس منذ استعادها صلاح الدين، وجميعها تؤكد حق عائلته بحراسة المفتاح 'ومعترف بها من الكنائس في القدس' وفق تعبيره. وحول ما ستكون عليه ردة فعله إذا ما تقدم منه البابا فرنسيس حين يراه الأحد مع آخرين يستقبلونه عند باب الكنيسة، ويطلب المفتاح ليحتفظ به الفاتيكان مثلا، أو ليعطي مهمة فتح وإغلاق الباب للكنائس المعتمدة في المدينةالمحتلة، قال جودة: 'لا أعتقد أن البابا سيطلب المفتاح مني، وأنا علي أي حال لا أسلمه لأحد، حتي لو طلبته الدنيا بأسرها. هذا حق تاريخي وشرفي للمسلمين يتناقلونه عبر عائلتنا منذ مئات السنين' وأكد أنه لا يتسلم أي راتب أو أتعاب عن المهمة التي يقوم بها، بل لا يريد راتباً علي الإطلاق.