باكستان تعلن استهداف الهند ل3 قواعد جوية بصواريخ    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم بعد انخفاضه في البنوك    المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يعلن اليوم معدل التضخم لشهر أبريل    د. حسين خالد يكتب: جودة التعليم العالى (2)    ذهب وشقة فاخرة وسيارة مصفحة، كيف تتحول حياة البابا ليو بعد تنصيبه؟    جوجل توافق على دفع أكبر غرامة في تاريخ أمريكا بسبب جمع بيانات المستخدمين دون إذن    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    بعد 8 ساعات.. السيطرة على حريق شونة الكتان بشبرا ملس    نشرة التوك شو| البترول تعلق على أزمة البنزين المغشوش.. وتفاصيل جديدة في أزمة بوسي شلبي    طحالب خضراء تسد الفجوة بنسبة 15%| «الكلوريلا».. مستقبل إنتاج الأعلاف    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    شعبة الأجهزة الكهربائية: المعلومات أحد التحديات التي تواجه صغار المصنعين    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    برلمانية: 100 ألف ريال غرامة الذهاب للحج بدون تأشيرة    جيش الاحتلال يصيب فلسطينيين بالرصاص الحي بالضفة الغربية    طريقة عمل الخبيزة، أكلة شعبية لذيذة وسهلة التحضير    عقب الفوز على بيراميدز.. رئيس البنك الأهلي: نريد تأمين المركز الرابع    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات السبت 10 مايو 2025    الشقة ب5 جنيهات في الشهر| جراحة دقيقة بالبرلمان لتعديل قانون الإيجار القديم    استشهاد قائد كتيبة جنين في نابلس واقتحامات تطال رام الله    العثور على جثة متفحمة داخل أرض زراعية بمنشأة القناطر    زعيم كوريا الشمالية: مشاركتنا في الحرب الروسية الأوكرانية مبررة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    الهند تستهدف 3 قواعد جوية باكستانية بصواريخ دقيقة    الترسانة يواجه «وي» في افتتاح مباريات الجولة ال 35 بدوري المحترفين    ملك أحمد زاهر تشارك الجمهور صورًا مع عائلتها.. وتوجه رسالة لشقيقتها ليلى    «زي النهارده».. وفاة الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي 10 مايو 1937    تكريم منى زكي كأفضل ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي للسينما    «ليه منكبرش النحاس».. تعليق مثير من سيد عبدالحفيظ على أنباء اتفاق الأهلي مع جوميز    «غرفة السياحة» تجمع بيانات المعتمرين المتخلفين عن العودة    «زي النهارده».. وفاة الفنانة هالة فؤاد 10 مايو 1993    «صحة القاهرة» تكثف الاستعدادات لاعتماد وحداتها الطبية من «GAHAR»    حريق ضخم يلتهم مخزن عبوات بلاستيكية بالمنوفية    عباسى يقود "فتاة الآرل" على أنغام السيمفونى بالأوبرا    ستاندرد آند بورز تُبقي على التصنيف الائتماني لإسرائيل مع نظرة مستقبلية سلبية    حدث في منتصف الليل| ننشر تفاصيل لقاء الرئيس السيسي ونظيره الروسي.. والعمل تعلن عن وظائف جديدة    تعرف على منافس منتخب مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب    رايو فاليكانو يحقق فوزا ثمينا أمام لاس بالماس بالدوري الإسباني    الأعراض المبكرة للاكتئاب وكيف يمكن أن يتطور إلى حاد؟    البترول: تلقينا 681 شكوى ليست جميعها مرتبطة بالبنزين.. وسنعلن النتائج بشفافية    متابعة للأداء وتوجيهات تطويرية جديدة.. النائب العام يلتقي أعضاء وموظفي نيابة استئناف المنصورة    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    «بُص في ورقتك».. سيد عبدالحفيظ يعلق على هزيمة بيراميدز بالدوري    يسرا عن أزمة بوسي شلبي: «لحد آخر يوم في عمره كانت زوجته على سُنة الله ورسوله»    انطلاق مهرجان المسرح العالمي «دورة الأساتذة» بمعهد الفنون المسرحية| فيديو    أسخن 48 ساعة في مايو.. بيان مهم بشأن حالة الطقس: هجمة صيفية مبكرة    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر (فيديو)    بسبب عقب سيجارة.. نفوق 110 رأس أغنام في حريق حظيرة ومزرعة بالمنيا    النائب العام يلتقي أعضاء النيابة العامة وموظفيها بدائرة نيابة استئناف المنصورة    هيثم فاروق يكشف عيب خطير في نجم الزمالك.. ويؤكد: «الأهداف الأخيرة بسببه»    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    «لماذا الجبن مع البطيخ؟».. «العلم» يكشف سر هذا الثنائي المدهش لعشاقه    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل عبد الناصر في أفريقيا يرسم خارطة طريق لمواجهة مخاطر سد النهضة الأثيوبي
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 22 - 03 - 2014

رسم وزير الإعلام السابق، محمد فائق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي يوصف ب'رجل عبد الناصر في إفريقيا '، ما سماه خارطة طريق لمواجهة مخاطر إتمام سد النهضة الأثيوبي، وتنشيط الوجود المصري في القارة السمراء، والدور الذي يمكن أن تلعبه دول الجوار، ودول عربية لها وجودها في شرق إفريقيا، في دعم الحقوق التاريخية المصرية في مياه النيل.
كما كشف فائق، ل'صالون التحرير'، الذي يديره الكاتب الصحفي عبد الله السناوي، وتبثه فضائية التحرير، في العاشرة مساء السبت، كواليس فض اعتصام رابعة العدوية، الذي أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريره عنه قبل أيام.
شارك فائق في رسم خريطة العودة لإفريقيا: الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن. الدكتور السيد فليفل، العميد السابق لمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، والمستشار السابق لرئيس الوزراء في الشؤون الإفريقية. الكاتب الصحفي جمال نكروما، نجل الزعيم الغاني الراحل كوامي نكروما، أول دعاة منظمة الوحدة الإفريقية، ورئيس قسم الشؤون الخارجية بالأهرام ويكلي.
وخلال المناقشات، قدم 'عمدة' دراسات الشؤون الإفريقية، السيد فليفل، رؤية كاملة لج1ور ودوائر ما وصفه ب'الضغط الأثيوبي' علي مصر، مقترحا تشكيل وفد من 'حكماء أفريقيا'، يضم فائق والجنوب أفريقي 'ثابو بيكي'، رفيق نيليسون مانديلا، لإدارة الازمة مع أديس أبابا.
بدأ السنّاوي، النقاش، بسؤال لفائق، حول تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان، قبل أيام، بشأن 'فض اعتصام رابعة '، وانتقاد كل الأطراف له، وقرار رئيس الجمهورية، عدلي منصور، بندب قاض للتحقيق فيما ورد بالتقرير.
قال فائق: قرار الرئيس استجابة لتوصياتنا، والتقرير تم إعداده بحيادية كاملة، وبمبادرة من المجلس وفي أول اجتماع له، حيث قررنا إجلاء الحقيقة في أحداث الاعتصام وفضه والاعتداءات علي الكنائس، وأحداث قسم كرداسة، وسيارة ترحيلات أبو زعبل، التي صدر بشأن حكمها، وسنبحث الموقف من القضية الأربعاء المقبل.
كان هدفنا وضع الحقائق أمام الناس، كضرورة للعدالة الانتقالية. وانتقاد كل الأطراف للتقرير، دليل علي حياديته، ولم يقع خلاف بين أعضاء المجلس حول التقرير، وإنما كانت وجهات نظر، وكان الزميل حافظ أبو سعدة يري عدم إعلانه للرأي العام، وأن نحيله للجنة تقصي الحقائق التي شكلها رئيس الجمهورية.
وزارة الداخلية تأخرت فعلا، لكنها قدمت لنا ماطلبناه، عدا خطة فض الاعتصام المسبقة، ومكتب النائب العام لم يتجاوب معنا إطلاقا، والطب الشرعي كان متعاونا معنا لأبعد الحدود، ولو تعاونت معنا وزارة الصحة لكانت سهلت القضية كثيرا.
وردا علي سؤال للسناوي بشأن 'عمومية ماورد بالتقرير، وحاجة قاضي التحقيق للتحديد أكثر'، أضاف فائق: لا أملك سلطة استدعاء أحد للتحقيق. نحن نتحري الحقيقة من ملابسات الموضوع، حتي لو كانت لدي معلومات لايصح إعلانها إلا بالتحقيق مع أطرافها، حتي يصبح المتهم متهما حقيقيا، وهذا الأمر فعلته حين كنت عضوا في لجنة تحقيق أممية في دارفور، حيث وضعنا المعلومات في مظروف مغلق وأرسلناها للأمين العام للأمم المتحدة.
وسأل السناوي، فائق: عن توصيات التقرير، وتدريب الشرطة علي فض الاعتصامات المسلحة، وفق المعايير الدولية. فرد رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان: لم يكن لدينا في السابق اعتصامات او مظاهرات بالأسلحة والمولوتوف، وهذا يحتاج لتدريب خاص لفضها بأقل خسائر ممكنة، وتلقيت في لقاء بعدة سفراء أجانب، منهم السويدي، عرض من الأخير بإنهم مستعدون لتدريب الشرطة علي فض التجمعات، لو كانت الدولة المصرية مستعدة لذلك.
سأل السناوي محفوظ عن قراءته ل'مشاهد' اعتصام رابعة العدوية، وفضه؟ فقال عبد الرحمن: شيء مفزع جدا وصعب جدا تحمله انسانيا، كان فيه محاولة للعدل وللسلوك الصحيح، ومحاولة أخري للاستدراج لشيء آخر. محاولة خداع، تراجيديا فظيعة وفيها أحيانا 'اقتلني عشان أكسب'، خداع متقدرش تتعامل معاه، لكني مدرك ان مفيش طرف نقي تماما، واننا لا نعرف كل شيء. لكن المؤكد أن عن الإخوان مخادعون، والخداع في عقيدتهم مشروع جدا.
عاد السناوي لفائق بسؤال حول هجوم مؤتمر الإخوان، في اسطنبول بتركيا، علي التقرير، وزعمهم إن عدد القتلي تجاوز الألف. فرد فائق: أعلنا القتلي بأسمائهم، ولا يتم دفن أي ميت مقتول إلا بتشريح وبشهادة. وقلنا لتحالف الشرعية: أرسلوا لنا ما لديكم من أسماء ومعلومات، لكن لم يتجاوبوا. وزميلنا في المجلس محمد عبد القدوس، وهو إخواني، كانت له تساؤلات وأشياء استجبنا له، وأضفناها، وطلبنا منه دعوة شهود من الإخوان، فتجاوبوا، لكن لم يحضروا، ربما صدرت لهم تعليمات بذلك، ونحن مستعدون حتي الآن لاستقبال أية معلومات إضافية.
سأل السناوي نكروما، عن رؤيته لتقدم مصر في سبيل العدالة الانتقالية وضمان الحرية العامة، وارتباط ذلك بوقف تعليق عضويتها في الاتحاد الإفريقي؟ فأجاب: الدول الافريقية جنوب الصحراء بدأت بالتجربة الديمقراطية قبل مصر بعشرين سنة، وأنا متفاءل جدا بالدستور الجديد لمصر، لكن هناك بعض الأشياء عليها علامات استفهام، مثل مادة الأحوال الشخصية، لذلك لابد أن نجد إجابة واضحة عن مفهوم المواطنة، ففي إفريقيا جنوب الصحراء، يمكن للمرأة تولي رئاسة الجمهورية ويمكن لغير المسلم أن يصبح رئيسا في دولة غالبيتها من المسلمين.
مصر لها مكانة كبيرة في إفريقيا، منذ أيام الزعيم جمال عبد الناصر والأستاذ محمد فائق، المشكلة أن مصر لم تعد تلعب الدور المنوط بها في إفريقيا، قلصته كثيرا، وتقدم بدلا منها تركيا وإيران، وهما دولتان من خارج القارة، ليلعبا دورا كبيرا جدا، وأول شركة طيران ذهبت إلي العاصمة الصومالية، مقديشيو، كانت تركية، في حين أنه كان من المفترض أن تذهب قبلها 'مصر للطيران'.
سأل السناوي فليفل حول الموقف الإفريقي مما يجري في مصر؟ فرد: أود الحديث عن فض اعتصام رابعة، ولكي نفهم ماحدث، يجب أن يتذكر الناس أن الجيش الأمريكي فض اعتصاما قبل عشرين عاما، لطائفة معبد الشعب، وقتل 350 شخصا، ولم يتحدث أحد، وفي الصين عام 1989 كان هناك اعتصام في بكين، تم فضه بالدبابات وقُتل فيه الآلاف، والرئيس الروسي الأسبق يلتسين ضرب البرلمان بالمدافع، فهذه أمور تحدث حين تكون الدولة نفسها مهددة.
الفكرة أن هناك من وقف حائلا أمام 'الخروج الآمن' للمعتصمين، ولابد من تحقيق سياسي في استمرار اعتصام مسلح في رابعة لأكثر من أربعين يوما.
وفيما يتعلق بإفريقيا، طالبت الاتحاد الإفريقي بالتمهل في الحكم علي الموقف من مصر، لأن رئيسه الحالي جاء للسلطة بانقلاب، بعد تغيير أجراه الجيش الموريتاني، ولانه لا يجوز التعامل مع مصر كما لو كانت دولة صغيرة وانقلابية. ولا أبريء اللجنة التي اتخذت قرار تعليق العضوية، من الأغراض الإقليمية لبعض الدول، وكان علي الاتحاد الإفريقي أن يتذكر أن زعيم مصر الذي تتغني به القارة، عبد الناصر، جاء بانقلاب سُمي بالحركة المباركة ثم بثورة 1952، وكان عليهم أن يسألوا ضباطهم الذين تعلموا في مؤسسات التعليم العسكرية بالقاهرة، هل الجيش المصري، جيش انقلابي؟ وكيف لا يعيد الاتحاد النظر في قراره، وهو يري شوارع مصر تتخرب بالمظاهرات المسلحة والإرهاب. ودور مصر في إفريقيا لم يتوقف رغم كل مامرت به، فهناك دائما مئات الخبراء يعملون في القارة.
عاد السناوي لسؤال فائق عن العدالة الانتقالية وإجراءاتها، فرد: اليوم نشهد إرهابا وعنفا ممنهجا ومظاهرات بمولوتوف وأسلحة، تستهدف الشرطة والجيش، الأمن مهم وحقوق الإنسان مهمة أيضا، ولايجوز التخلي عن أحدهما لحساب الآخر طبعا، ولاتعارض بينهما، لكن حقوق الإنسان يقابلها التزام بالقانون، والإفلات من العقاب أيضا أمر ضد حقوق الإنسان، وحقوق الإنسان أصبحت تتسع لتمس كل شيء، وقضية التنمية لم تعد قاصرة علي النمو الاقتصادي فحسب، بل صارت تشمل تمكين المواطن ليحصل علي كافة حقوقه.
مصر تقاوم الإرهاب والعنف الممنهج، وأمامنا شوط طويل، والحقوق والحريات في الدستور علي أعلي مستوي، ونحن لم نكتب الدستور ليوضع في الدرج، لكنه يحتاج لسلسلة من التشريعات كبيرة جدا لتطبيقه، ومن ثمّ تنفيذه، وهذا ينقل مصر نقلة كبيرة جدا.
العدالة الانتقالية تبدأ بكشف الحقائق، والدولة مهتمة بها، بدليل وجود وزارة خاصة بها، وتجهز لإنشاء مفوضية لهذا الغرض، لكنها تحتاج لبرلمان منتخب للموافقة علي كل ماتقرره من اعفاءات أو غير ذلك، والعدالة الانتقالية تتحقق بعدما تهدأ الأمور، وهي التي ستساعدك علي الانتقال للديمقراطية.
وردا علي سؤال بشأن أوضاع المحتجزين، قال فايق: الحبس الاحتياطي أصبح يمتد لمدد تجعله عقوبة في حد ذاته، وبالتالي يجب الإفراج عن كل من لاتثبت بحقه الإدانة. كنا نتفهم في بداية الإرهاب والعنف المركز أن تتسع دائرة القبض، وليس هناك اعتقال، فكله بأمر النيابة وباتهامات محددة، لكن الدائرة اتسعت كثيرا، والمطلوب هو تصفية هذه العملية أولا بأول، ومن لايواجه باتهام واضح يفرج عنه، وهناك حالات تأتي للمجلس، وبينها أطفال.
وعن الوضعية الحقوقية للاجئين السوريين في مصر، قال فائق: للأسف الشديد السوريون هنا في حالة من أسوأ مما يمكن، وقد أصبحوا أكثر شعب لجوءاً إلي الخارج، ولا يعاملون في مصر المعاملة الواجبة، وربما يعود ذلك لانخراط أعداد محدودة منهم في أعمال عنف، وبعضهم يحاول الهجرة عبر البحر بطريق غير شرعي، ومن يقبض عليه يتم ترحيله ويفقد حقه في الإقامة.
رأي الأديب محفوظ عبد الرحمن أن ما نعيشه اليوم، داخليا وخارجيا، هو نتاج ما سماه تجريفا ثقافيا، بدأ أواسط السبعينات، واستمر حتي اليوم. فالأنظمة المتتالية تجاهلت أن الثقافة هي المركب الذي تصل به القوي الناعمة لشعوب الأرض، حيث تصل لهم أفكارنا وأحلامنا ومحبتنا، الآن، العملة المتداولة هي عملة 'المصلحة'، لكن أنا أقول إنه يجب النظر لعلاقاتنا الخارجية بمنطق حب الآخرين والجوار.
القضية الأساسية هي استعادة الدور المصري، بإعادة البناء الثقافي للبلد، ولايمكن أن يتم أي نشاط بدون ثقافة، فهي ليست حليّة، وإنما رؤية للعالم، وحين أفهم العالم، أستطيع أن أفهم كيف اتعامل معاه.
واليوم أصبح من الأسهل أن تسافر لباريس ولندن، من أن تسافر إلي أي بلد إفريقي. حتي نهاية الستينيات، كانت أولويات دوائر علاقاتنا الدولية معروفة جدا، وهي الدائرة الإفريقية والعربية والإسلامية.
سأل السناوي فليفل عن أسباب تدهور مكانة مصر في إفريقيا، فرد: حين يرتقي لقمة السلطة مسؤول غير مثقف. التقيت وزير خارجية سابق، وفوجئت انه لا يعرف أن الوزارة متعاقدة مع معهد الدراسات الإفريقية ليكون ذراعا علميا لها، ووجدت الإدراك بأننا أفارقة غائبا عنه، وحين ناقشنا وضع إفريقيا في مناهج التعليم قبل الجامعي اكتشفنا 'مهزلة'، أضافوا بعد ذلك دراسة نيجيريا والسودان. إفريقيا لم تعد حاضرة بعدما كنا نغني في الخمسينات 'إفريقيا للإفريقي.. لا لأجنبي أمريكي.. ولا لأجنبي بلجيكي'.
وفوجئت قبل سنوات بوزير الإعلام يخبرني بإلغاء الإذاعات الموجهة باللغات الإفريقية، بدعوي أنها تكلف 7 ملايين جنيه، لم تعد هناك خطة، ووزارة الخارجية والري والأجهزة السيادية كل منها كانت تعمل في إفريقيا كجذر منعزلة، ومبارك قطع الاتصال مع إفريقيا منذ محاولة الاغتيال.
وتدخل نكروما قائلا: الإعلام مقصر بشكل عام، والقوي الناعمة مقصرة أيضا، فنحن نعرف هوليوود الأمريكية وبوليوود الهندية، لكن لانعرف ثالث أكبر منتج للأفلام، نيولوود النيجيرية، ونحن ننظر للإفريقي باعتباره شخص داكن البشرة، وهذا خطأ.
وتحدث فايق بعد ذلك عن أهمية الدور الذي قام به الزعيم الغاني الراحل، كوامي نكروما مع عبد الناصر، بعد استقلال غانا عام 1957، وقال: ثلثي الأمة العربية في إفريقيا، وكانت الصحراء تعزل بين الشمال الإفريقي والجنوب تماما، لذلك تم عقد أول مؤتمر للدول المستقلة، من خمسة دول 3 عرب و2 أفارقة، واجتمعوا في غانا، وسقطت فكرة العزل بين دول الجنوب والشمال، واستمرت الوحدة الإفريقية، وكان نكروما متحمسا جدا للولايات المتحدة الإفريقية وكان دائما يقول: here and now، لكن عادت الصحراء لتفصل مرة أخري بين جنوب القارة وشمالها، ويجب أن ننتبه لذلك ونحن نتحدث عن قارة واحدة. وعلينا أن ندرك أن مصر مخلوقة لتلعب دورا دوليا، بحكم الموقع والتاريخ.
سأله السناوي عن رؤيته لإدارة الدولة لأزمة سد النهضة، فقال: وزير الخارجية 'نبيل فهمي' بدأ مهمته بزيارة عدة دول افريقية، فهناك اهتمام بافريقيا بعد 30 يونيو، لكن قبل ذلك مصر غابت تماما عن دورها.
موضوع المياه سيستمر معنا لفترة طويلة، ليست الأزمة في النهضة، لكن في إدارة هذا السد، لذلك فلابد من الدفاع عن حقوق مصر المائية من ناحية القانون الدولي، فانجلترا حين كانت تحتل مصر، أبرمت عدة اتفاقيات مع إيطاليا، محتلة إريتريا، وأهم اتفاقية كانت عام 1902 بين انجلترا وإثيوبيا ووقع عليها الإمبراطور الإثيوبي نفسه، فلم تكن أديس أبابا محتلة حينها، مع وزير خارجية انجلترا. والاتفاقيات تتضمن نصوصا واضحة بعدم إقامة أي سدود تضر بحقوق مصر، وهناك اتفاقيات أخري مهمة، لو درستها باستمرار فسيكون لديك حقا دوليا، بألا تضار حقوقك بأي شكل.
لايجوز لنا منع دولة من أن تنمو وتؤسس مشروعات، لكن يجب أن يكون هناك اتفاق بألا تؤثر أي دولة علي حقوقنا، لذلك أقترح تشكيل لجنة مكونة من مؤرخين ودبلوماسيين ورجال قانون دولي ومهندسي سدود، مثلما فعلنا في 'طابا'، ولابد أن تعرف إثيوبيا أننا لن نتنازل عن حقوقنا.
وأنا التقيت الرئيس الأوغندي، فقال لي: خذوا المياه لكن نحن نواجه مشكلة في الكهرباء. والكونغو أكبر دولة في العالم يمكن أن تنتج كهرباء، هناك أشياء كثيرة كان يمكن عملها لكن لم نفعل شيئا، وإثيوبيا وقفت ضدنا حين كنا نبني السد العالي، لكن علماء الري عندنا قالوا إنها لن تستطيع فعل أي شيء خلال عشرين عاما حينذاك.
وتدخل فليفل: الحكومة الإثيوبية تتعامل منذ عهد رئيس الوزراء الراحل ميليس زيناوي، مع الاتفاقيات القديمة علي أنها استعمارية، في حين أنها اتفاقيات حدود في الأساس تتضمن بنودا بشأن المياه، وهي محصنة بموجب القانون الدولي، ولايجوز لطرف تعديلها بمفرده، والقول إنه تم توقيعها أثناء الاستعمار مردود عليه بأن كل دول حوض النيل كانت محتلة عدا إثيوبيا التي وقعت منذ سنوات علي نفس ماوقعت عليه عام 1902، لكن المفاوض المصري كان يجهل هذه الأمور، ولم يستشر أحدا حين قيل له هذا الكلام، تم إهدار الكفاءات التي يمكنها المساعدة في الفهم والتحليل أمام المفاوض المصري.
إثيوبيا تمارس الانتهازية والخداع، ونحن شاركنا في بناء خزان تانا من حيث الفكرة والتمويل ودراسة الجدوي لديها، ولم نعترض علي تنمية مواردها، في حين أن زينازي انتهز 25 يناير وانشغالنا، وبدأ في بناء سد النهضة قبل نهاية أبريل، رغم تعهده لوفد الدبلوماسية الشعبية بأنهم لن يفعلوا شيئا دون تشاور.
فوجئ الجميع بالإعلان عن بناء السد، بطاقة 14.5 مليار لتوليد الكهرباء، ثم غيّر مكانه بعدما كان علي بعد 100 كم من السودان، إلي مسافة 14 كم من حدود السودان، وستكون كمية المياه التي يخزنها 47 مليار متر مكعب، رغم أن إثيوبيا لديها 16 حوض نهري و12 نهر، ولديها روافد أنهار وأنهار داخلية وانسيابات تصلح لتوليد الكهرباء، لكن لديها عيب فني يجعل كل سدودها موقوتة، عمرها الافتراضي يتفاوت بين 20 و25 عاما بحسب كمية الطمي التي ستقف أمام كل منها.
والمفاجأة أن المنطقة التي يبني عليها سد النهضة هي منطقة بني شنقول السودانية، بتواطؤ مع الخرطوم.
وعاد نكروما: عزل مصر عن إفريقيا شاركت فيه بعض الدول العربية مثل تونس وليبيا والسودان، وأنا أقول للأفارقة كثيرا إن هناك فرق بين الإسلام وبين التنظيمات الإرهابية.
وثار جدل بين نكروما وفليفل حول تعداد سكان إثيوبيا، قال الأول إنهم 90 مليونا، والثاني: لايزيدون عن 85 مليونا. ورد نكروما: لتكن هناك وحدة إفريقية، لابد أن نتعاطف إلي حد ما مع مشاكل دول الجوار.
وقال فليفل: إثيوبيا خاضت مباردة حوض النيل في إطار عزل مصر، لأن مشروعات الكهرباء المقترحة لاثيوبيا ليس فيها سد بهذا الحجم، وهي تتجاوز القانون الدولي، وتعتمد علي مبدأ تم إبطاله منذ ستين سنة، وهو مبدأ 'السيادة'، وصدر تقرير من اللجنة الدولية المعنية بالسد، قالت فيه إن التصميمات المقدمة من إثيوبيا لاتتناسب مع سد بحجم 'النهضة'.
وهناك لجنة مشتركة من كلية الهندسة بجامعة القاهرة ووزارة الري، توصلت إلي أن السد لو تم بناءه بمعايير 74 مليار متر مكعب من المياه فسيخزن مياه الفيضان، وسيكون خلفه سدّان آخران ليرتفع حجم المياه إلي 180 مليار، ولن تكون لدينا بحيرة ناصر، والأسوأ أن إثيوبيا اختارت شركة إسرائيلية لتوزيع كهرباء السد.
وقال فائق: لابد من تأكيد حقوق مصر من ناحية القانون الدولي، بحيث لو تم بناء السد نستطيع التحكم فيه، وبعد إثبات حقنا دوليا، نستطيع اللجوء لمحكمة العدل الدولية والأمم المتحدة. أثيوبيا استغلت انشغال مصر ب25 يناير، لكن مصر لن تظل منشغلة عن هذا الموضوع، وهو يحتاج لتفاوض عميق. ولابد أن يعلم العالم أن لدينا مشكلة، ونحتاج لمساندته، وأتصور أننا مصر ستعود للاتحاد الإفريقي قريبا جدا.
وفي مقابل ذلك، لابد أن نعرف مالذي نريده بالضبط، لابد أن أتركه يحصل علي الكهرباء التي يريدها، لأعرف حدود التفاوض، فكل ذلك وسائل للضغط علي إثيوبيا.
وقال فليفل: لابد من حوار حقيقي مع الطرف الاثيوبي، لأن هناك من يتحدث لديهم عن أن سد النهضة سيضر الشعب الإثيوبي نفسه، ولابد أن نتحاور مع السودان أيضا، والدراسات المؤكدة تقول إنه مهما كان عمر السد طويلا فهو الي انهيار، وهذه رسالة للرئيس السوداني بإعادة موقفه وألا يتخذ القرار من زاوية سياسية.
يجب أن تصبح مصر نافذة علي البحر المتوسط للدول التي ليس لها موانئ، ونحتاج لبرامج تنموية لإفريقيا عبر وكالة مصرية للتنمية، وأن نجري حوارا فنيا حقيقيا، يشارك فيه المهندسون والعلماء في الجامعات ومراكز البحث، مع وجود لجنة حكماء إفريقية يشارك فيها الأستاذ محمد فائق مع نظرائه من الرؤساء الأفارقة السابقين، علي رأسهم رئيس جنوب أفريقيا السابق، ثابو بيكي، شريك نضال نيلسون مانديلا، لإقناع الطرف الإثيوبي بإحترام القانون الدولي والحقوق التاريخية لمصر.
وقال نكروما: مصر لم تقم بدورها في صراع جنوب السودان، فطرفاه ذهبا للتفاوض في إثيوبيا، في أن مصر هي الوسيط الطبيعي بينهما.
وقال فائق: علي مصر أيضا أن تكون موجودة في دول القرن الإفريقي في الصومال وجيبوتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.