عندما اندلعت الثورة السورية ضد نظام بشار الاسد، تحولت سوريا الي مركز استقطاب الحركات الجهادية الاسلامية بكل تصنيفاتها السلفية والاخوانية والقاعدية التكفيرية، ومن ابرز الفصائل والتنظيمات الجهادية التي برزت علي الساحة السورية 'كتائب عبد الله عزّام ' وجبهة النصرة لبلاد الشام ' ولواء احرار الشام وغيرها من الحركات الجهادية ولما بات التدخل العسكري في سوريا من قبل القوات الامريكية مستبعدا في ضوء سياسة اوباما القائمة علي تقليص النفقات واعادة نشر القوات بعد انسحابها من العراق نوفمبر 2011 وخطة انسحابها من افغانستان 2014 وتفاوضها مع طالبان.فبالتأكيد انها غير متفرغة للتورط في سوريا بعد محاولاتها ان لا تبقي عالقة في الشرق الاوسط. في وقت تصاعد الدعم العسكري واللوجستي للنظام السوري من قبل روسيا والصين وايران والعراق ... ومع احتدام المعارك وتقصير الائتلاف وهيئة الأركان في توفير الدعم اللازم للعمل العسكريّ، وصل الخلاف إلي درجة القطيعة بعدما أصدر 13 فصيلًا إسلاميًا في 24 سبتمبر 2013 البيان رقم '1'، والذي سحب الاعتراف من الائتلاف والحكومة المؤقتة، ودعا إلي التوحد ضمن إطار إسلامي يقوم علي أساس تحكيم الشريعة وجعلها المصدر الوحيد للتشريع في أكبر عمليّة اندماج منذ انطلاق الثورة السورية، أعلنت سبع فصائل عسكريّة ذات توجهات إسلاميّة هي: حركة أحرار الشام، وألوية صقور الشام، وجيش الإسلام، ولواء التوحيد، ولواء الحق، وكتائب أنصار الشام، و أعلنت الجبهة الإسلاميّة الكردية في 22 نوفمبر 2013 عن اندماجها في تنظيم موحّد سمي 'الجبهة الإسلاميّة'. وجاء في البيان التأسيسي أنّ الجبهة 'هي تكوين سياسي عسكري اجتماعي مستقل يهدف إلي إسقاط النظام وبناء دولة إسلامية راشدة 'وتسعي الجبهة لأن تكون بديلًا حقيقيًا من النظام علي الصعد كافة'. ويعني هذا تجاوز هدف التوحيد العسكري إلي تشكيل بديل سياسي، مما يعني ضمنيًا عدم الاعتراف بالائتلاف الوطني لقوي الثورة والمعارضة في سوريا من دون التصريح بذلك بوضوح. ادي ذلك الي احتمالات نجاح مؤتمر' جنيف 2 ' المزمع عقده في 22 يناير 2014 والذي يستهدف بحسب القراءتين الامريكية والروسية إلي إيجاد تسوية بين النظام والمعارضة تحافظ علي مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش والأجهزة الأمنيّة، وتوجه الجهد إلي محاربة 'الإرهاب'. وازاء ذلك تري الفصائل الإسلاميّة أنّ هذه التسوية التي وافق الائتلاف الوطني علي المشاركة فيها تنسف مبادئ الثورة وأهدافها وتستهدف وجود بعضها بشكل ما. وانطلاقًا من ذلك، سارع 21 فصيلًا إسلاميًا من بينها الفصائل المنضوية تحت 'الجبهة الإسلاميّة' التي تشكلت في 27 أكتوبر 2013 اعتبروا فيه مؤتمر 'جنيف 2 ' حلقة في سلسلة مؤامرات الالتفاف علي ثورة الشعب في سوريا وإجهاضها'. ولمواجهة تحدي هذا المؤتمر وما يمكن أن ينجم عنه من نتائج، كان الاندماج في الجبهة الإسلاميّة بشكل يضمن للفصائل المنضوية تحتها قدرة أكبر علي التأثير في القرار السياسي للثورة، وموقعًا متميزًا يمكّنها من التحكّم بمسارات التسوية المحتملة. لقد أدي الإعلان عن 'الجبهة الإسلامية' إلي إعادة خلط الأوراق في ما يتعلق بمزاعم تمثيل الثورة والشعب السوريّ في مؤتمر' جنيف 2'، لان هذا من شأنه أن يضعف موقف المعارضة وقدرتها علي مواجهة النظام في هذا الاستحقاق السياسي المهم من جهة، ويعزز، من جهة أخري، موقف النظام الذي تغذّي بتشرذم هذه المعارضة، والذي طالما وضع الجميع أمام خيار بقاء النظام أو القبول بحكم الجماعات المتشددة المرتبطة فكريًا بتنظيم القاعدة. لذا فعلي 'الجبهة الإسلامية' أن تعلن بشكل واضح عن دعمها الائتلاف الوطني وأنها لا تسعي لتشكيل بديل سياسي منه،. وهذا الامر لن يكون بالسهولة التي يتمناها منظمي مؤتمر 'جنيف 2 '، خصوصا اذا ما تمكنت 'الجبهة الإسلامية' من تطوير رؤيا سياسية تقدم نفسها بديلًا من تلك التي يقدمها الائتلاف، خاصة أنّ الجبهة تشكل الآن أكبر جسم عسكري في سوريا وتضم نحو 100 ألف مقاتل يتوزعون علي مختلف المناطق. استنادا' للتطورات الميدانية والسياسية علي الساحة السورية فان مؤشرات نجاح مؤتمر 'جنيف 2 ' تكاد تكون ضعيفة ان لم تكن معدومة الامر الذي يعني بشكل واضح أن سوريا تتجه بسرعة نحو 'الأسلمة السياسية 'اذا ما سقط نظام بشار الاسد وستكون سوريا مساحة جغرافية جديد للتطرف بل ستكون قاعدة تفرخ قواعد جهادية وتكفيرية اشد خطورة من تلك الموجودة في اليمن والعراقوافغانستان.