محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    ألاعيب سيارات الاستيراد.. واستفسارات عن التحويل للغاز    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    «حماس» تتلقى ردا رسميا إسرائيليا حول مقترح الحركة لوقف النار بغزة    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    كولر : جماهير الأهلي تفوق الوصف.. محمد الشناوي سينضم للتدريبات الإثنين    "في الدوري".. موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد الفوز على مازيمبي    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    نظر محاكمة 14 متهما في قضية "خلية المرج".. السبت    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا تعترف بإسرائيل فور قيامها.. وتعتبر مصر والعرب أعداءها الحقيقيين
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 06 - 12 - 2013


ذلك المنافق الحالم بدولة الخلافة والباب العالي
خرسيس.. فرسيس.. أدب سيس.. قالاد أردوغان!! كيف تحطم المشروع التركي الذي يقوده أردوغان علي صخرة الرفض المصري؟
لماذا شارك رئيس المخابرات التركية في اجتماعات التنظيم الدولي للإخوان؟
أردوغان ينتحر علي أعتاب الثورة المصرية.. ويضع مستقبله في مهب الريح
برغم المماحكات الدينية الكاذبة.. والمراوغات المكشوفة.. وأنواع الادعاء والخداع والتقمص.. فقد أصبح رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا تجسيدًا كاملا للصورة النمطية الشعبية السائدة في مصر للشخصية التركية التي عرفها المصريون أيام الاحتلال العثماني البشع.. وأصبح نموذجا لذلك 'التركي' الذي جار عليه الزمان.. ولم يعد لديه ما يمكنه من 'العنطظة' الفارغة.. والصلف البغيص.. وممارسة 'الرزالة' علي خلق الله.. فقام بشراء عدد من 'القلل' بما بقي لديه من قروش.. وملأها بالماء.. وجلس بجوارها.. وكلما اقترب عابر سبيل.. ومد يده إلي 'قله' يريد أن يشرب.. نهره التركي صارخا: اسمع قالاد مصري.. حظرتنا يقول.. سيب القلة هذي.. واشرب من القلة الثانية.. وقد ظل علي هذا المنوال.. يقضي وقته.. ويمارس 'العنطظة' و'السنكحة' في آن.. ولم يذكر لنا الحكَّاء الشعبي ما انتهي إليه الحال بذلك العثمانلي الأجوف.
فوق كل ذلك وقبله وبعده.. فقد أصبح أردوغان أشهر منافق في العالم.. وأكبر متزلف عرفته البشرية.. وأكذب الناس طرًّا.. فهو أمام القوميين الأتراك.. من زعماء القومية المتشددين.. يقول في مؤتمر لهم: 'نحن أمة واحدة.. لها علم واحد.. ووطن واحد.. ودولة واحدة.. ومن يعارض في ذلك عليه أن يرحل.. '
وهو بين الأكراد الذين يمثلون خمس السكان في تركيا.. ناهيك عن امتداداتهم في دول الجوار خاصة العراق وسوريا.. هو بينهم من زعماء الأكراد والمؤيدين لهم ولمطالبهم.. وخلال حملته الانتخابية قام بزيارة كافة المناطق الكردية.. وخطب فيهم بلغتهم.. ووعدهم في 'ديار بكر' بأنه سوف يسمح باستخدام الكردية في التعليم وفي البث الإعلامي.. وهو يعلم أن النائبة الكردية 'ليلي زانا' حكم عليها بالسجن 10 سنوات عام 1994 بتهمة الخيانة لأنها نطقت قسم البرلمان.. بلغتها الكردية.. أكثر من ذلك فقد نافق الأكراد، ودللهم.. وتعهد أمامهم بدعوة 'سيفابيروير' للعودة إلي تركيا.. وهو مغن شعبي كردي شهير يعيش في المنفي منذ عام 1976.. أكثر من ذلك فقد قام أردوغان بتوفير الحماية لنائب كردي اسمه 'أمد ترك' خاطب البرلمان بالكردية.. وقد نهض القوميون المتشددون في هياج شديد متهمين الأكراد بأنهم يمثلون حركة انفصالية.. ولا يؤمنون بما أكد عليه أتاتورك من أن 'كل مواطن في تركيا هو تركي'..
ومن عجائب أردوغان.. ذي الوجوه المتعددة.. والأقنعة التي لا حصر لها.. أنه أمام الإسلاميين شيء ثالث.. فقد حوكم وتعرض للسجن بتهمة التحريض علي الكراهية الدينية.. عندما قال في مؤتمر إسلامي: 'مساجدنا ثكناتنا.. قبابنا خوذاتنا.. مآذننا حرابنا.. والمصلون جنودنا.. وهذا الجيش المقدس يحمي ديننا'.. وهي كلمات قريبة من شعارات الإخوان التي صكها حسن البنا عندما أسس جماعته عام 1928.. 'الإسلام ديننا.. والرسول زعيمنا.. والقرآن دستورنا.. والجهاد سبيلنا.. والموت في سبيل الله أسمي أمانينا'..
هكذا يتلون أردوغان مع كل اتجاه.. وكل جماعة.. ولا يخجل من سلوكه المشين الذي يمارسه تحت رايات الإسلام.. والتمحك في الدين.. وربما كانت حياته القاسية.. ونشأته وسط ظروف ضاغطة، لا يتوافر لها الأمان الكامل والاستقرار.. إلي جانب تركيبته النفسية، وغير ذلك من العوامل.. ربما كان كل ذلك وغيره السبب الأساسي وراء توتر أردوغان وتلونه.. وعدم ثباته علي مبدأ.. أو عقيدة..
1 يبدو أن شيئا ما يكمن في العقل التركي.. ويهيئ له أن دولة الخلافة ما زالت قائمة.. وأن تركيا مازالت 'الباب العالي' الذي يحكم ويتحكم في دول المنطقة من أواسط آسيا حتي شمال إفريقيا ومن ثم فالمعارك بين تركيا ومعظم دول المنطقة خاصة مصر لم تهدأ يوما.. أو هي تهدأ لحظات لكي تشتعل من جديد..
عندما اندلعت ثورة 23 يوليو 1952.. تعجل سفير تركيا في مصر وقتها وصرح للإعلام الدولي بأن 'مجموعة من الشباب الطائش انقلبوا علي الملك'.. فتقرر رفع الحصانة الدبلوماسية عنه.. وأمره بمغادرة البلاد في 24 ساعة.. ومن وقتها لم يكف 'السفير التركي'.. أي سفير.. عن التدخل في شئون مصر.. بتعليمات من بلاده.. وكثيرا ما قاد السفير التركي الحملات المعادية ضد قادة ثورة يوليو وتوجيه الفاظ نابية لهم.. وقد تطاول ذلك السفير علي جمال عبد الناصر في احدي المناسبات وهاجم قانون الإصلاح الزراعي.. ونسب إليه خراب مصر.. وقد تضاعف التوتر بين مصر وتركيا عقب الإعلان عن قيام 'حلف بغداد' الذي كان يضم 'بريطانيا وفرنسا وأمريكا وايران وباكستان والعراق وتركيا' ومبادرة تركيا التي وجهت الدعوة لكافة الدول العربية للدخول في الحلف الذي كان يستهدف حصار الاتحاد السوفيتي وقتها.. والتمهيد لتدخل أمريكا في المنطقة، واستعادة نفوذ بريطانيا وفرنسا.. ووضع تركيا كقائد لدول المنطقة.. وقد تصدي جمال عبد الناصر لذلك الحلف.. وأسقطه من خلال معارك شهيرة شهدها العالم وقتها.. ومكنت مصر وعبد الناصر من تبؤ مكانة متقدمة في المجتمع الدولي.. وتوترت العلاقات مجددا بين مصر وتركيا مع إعلان الوحدة مع سوريا.. وقد جاهرت تركيا بعدم موافقتها علي تلك الوحدة.. وألمحت بسعيها لمنعها.. أو إفشالها.. وفي كل مرة كانت تصدر صحف القاهرة تحمل علي صدرها 'المانشيت' الرئيسي 'طرد سفير تركيا في مصر'..
وفي مناسبات محددة.. كانت العلاقات الدبلوماسية تعود من جديد بين البلدين.. مثلما جري في الستينيات عندما لعبت مصر الدور الحيوي لتهدئة الأوضاع بين سوريا وتركيا في نزاعهما حول المياه، والحدود، والأكراد.. وكذلك بعد اتفاقية كامب ديفيد.. وتقارب السادات من الدولة العبرية وحلفائها.. ومنهم بالطبع تركيا.. وفي عهد مبارك الذي حرص علي القيام بزيارات ودية متعددة إلي تركيا تحسنت العلاقات إلي حد كبير.. خاصة بعد قيام مبارك بنزع فتيل مواجهة عسكرية بين سوريا وتركيا علي خلفية اعتقال الزعيم الكردي 'عبد الله أوجلان'.. وأيضا بعد وصول بشار الأسد إلي الحكم.. والحديث حول مباحثات سلام مباشرة ترعاها مصر.. فقد تحسنت العلاقات بين مصر وتركيا، وسوريا وتركيا وكان بينهما شهر عسل لم يدم طويلًا.. وقد ضاع كل ذلك في لحظة.. فعقب زوال حكم مبارك.. نسيت تركيا كل ما كان بينها وبين مبارك.. وأيدت ثورة 25 يناير 2011 بشدة.. وقام الرئيس التركي عبد الله جول بزيارة للقاهرة عرض خلالها إمكانية دعم التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري بين القاهرة وأنقرة.. ثم قامت تركيا بتقديم الدعم غير المحدود للمعارضة السورية.. أو ان شئت الحقيقة للغزو.. وفتحت أراضيها وحدودها.. للقوات الزاحفة من كل اتجاه تقصد هدم النظام في سوريا وتفتيتها.. وقد داعبت تركيا وقادتها خاصة أردوغان أحلام الهيمنة والزعامة، فاعتبرت ما يجري في سوريا.. وما سمي بثورات الربيع العربي جزءًا من أجندتها.. ومدخلا لتحقيق أهدافها في الهيمنة علي دول المنطقة.. والبروز الدولي.. ودخول الاتحاد الأوربي.
2 كان التناقض صارخا وفاضحا وجارحا.. فتركيا 'المسلمة.. والتي تدعي الحرص علي لم شمل المسلمين' كانت من أوائل الدول التي اعترفت باسرائيل.. في مارس 1949.. وكانت ثاني أكبر دولة مسلمة بعد ايران الشاهنشاه تعترف بالدولة العبرية.. وتفتح كل أبوابها للتعاون.. وبناء علاقات رصينة مع العدو الأساسي للمسلمين والعرب.. وتعترف جهارا نهارا بأن اسرائيل هي المورّد الأساسي للسلاح في تركيا.. وفي عام 1958 عندما كانت تركيا تحشد كل قوتها للحيلولة دون قيام الوحدة بين مصر وسوريا.. وقع بن جوريون مع عدنان مندريس رئيس وزراء تركيا اتفاقية تعاون ضد التطرف !! وضد نفوذ الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط.. وهو تعاون كامل في كافة المجالات.. خاصة العسكرية.. حيث استعانت تركيا بعدد كبير من الخبراء العسكريين الصهاينة..
ومع ذلك ظل البعض يؤكد أن 'أردوغان ليس مجرد زعيم حزب تركي.. أو رئيس وزراء لبلاده.. ولكنه جزء مهم من منظومة.. الحركة الاسلامية العالمية.. التي تسعي بشكل غير مباشر لاستعادة الخلافة موضوعا لا شكلا، جوهرا لا مظهرا.. ومن ثم فإن طموحات أردوغان وحزب العدالة والتنمية لا تقف عند حدود تركيا.. لكنها تتجاوز ذلك إلي أقطار العالم الاسلامي المختلفة.. وبالطبع فمصر هي الجائزة الكبري في تلك المنظومة علي اعتبار أنها البلد الذي نشأ فيه الاسلام السياسي عام 1928'.. وعليه كان الغضب الشديد لأردوغان وحزبه بسبب ما جري في 30 يونيو.. وأجهض ما كان منتظرا.. ونسف ما كان قاب قوسين أو أدني من التحقق.. خاصة أن العلاقات الاقتصادية.. بين مصر وتركيا علاقات متميزة.. فلما حكم الإخوان فتحت الأبواب علي مصاريعها للنفوذ التركي.. والتخطيط للاحتكارات.. وضرب سلع محلية لصالح سلع تركية.. ومع سقوط الإخوان.. دخلت العلاقات المصرية- التركية مرحلة من التدهور لم تصل إليها من قبل.. حيث بلغ أردوغان درجة من الانفلات جعلته يفقد السيطرة علي تصرفاته.. وراح يهذي بمناسبة وغير مناسبة.. ويصف ثورة الشعب المصري بأنها انقلاب عسكري.. ويرفع وهو رئيس وزراء تركيا علامات رابعة بنجاحاتها ومأسويتها.. ورغم تنبيهات واعتراضات الخارجية المصرية.. فقد تمادي أردوغان في الاساءة إلي شعب مصر والتطاول علي رموز الشعب المصري.. وقد بلغ تطاوله الامام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر..
وما قام به أردوغان من بذاءات وتطاول وتدخل في الشأن المصري.. ربما يكون غير مسبوق.. وكان رد مصر هادئا دائما.. يأمل في تراجع أردوغان وحزبه.. وفي 20 أغسطس الماضي صدر بيان رئاسة الجمهورية يؤكد أن 'رصيد مصر من الصبر تجاه تصريحات أردوغان.. قارب علي النفاد'.. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية 'إن تصريحات أردوغان مستفزة.. تتضمن افتراءات وقلبا للحقائق وتزييفا للواقع المصري.. وإهانة لإرادة الشعب التي عبر عنها في 30 يونيو الماضي'.
ورغم موقف مصر المسئول والملتزم.. فإن أردوغان لم يتوقف وأصر علي التمسك.. برؤيته ورؤية حزبه 'العدالة والتنمية' وهو المعادل التركي للإخوان.. رافضا الارتقاء بمواقفه من موقف حزب إلي موقف دولة.. واستمر في هذيانه وتصريحاته التي تعكس تدخلا شائنا وسافرا في شئون مصر الداخلية.. ووصل به الأمر إلي الزج باسم اسرائيل في بعض الأحداث التي جرت وكان بطلها الوحيد وبلا منازع هو الشعب المصري الذي خرجت ملايينه يوم 30 يونيو.. لم يخجل أردوغان من الزج باسم 'إسرائيل' في محاولة بلهاء للإساءة إلي مصر.. ونسي أنه يعيش في كنف إسرائيل.. ويستقوي بسلاحها.. ويخضع جيشه لتكتيكاتها وخبرائها العسكريين.
وكانت مصر عند مسئوليتها قالت: إنها تكن كل الاعتزاز والتقدير للشعب التركي.. لأن هناك روابط ووشائج.. لا يمكن أن تمحوها تصريحات حمقاء.. وقال المتحدث باسم الخارجية: 'إن مصر منحت القيادة التركية الفرصة تلو الفرصة تغليبا للمصالح العليا بين الطرفين.. لكن هذه القيادة مضت في مواقفها غير المقبولة، وغير المبررة.. وحاولت تأليب المجتمع الدولي ضد المصالح المصرية.. ودعمت اجتماعات تنظيمية تسعي إلي ايجاد حالة من عدم الاستقرار في مصر' في اشارة واضحة لاستضافة تركيا اجتماعات التنظيم الدولي للإخوان أكثر من مرة.. وقد تعفف المتحدث باسم الخارجية المصرية عن ذكر ما تم رصده والتأكد منه.. وهو استغلال الحصانات الدبلوماسية في نقل التمويل إلي الإخوان في مصر.. وتهريب الأسلحة والمعدات.
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير.. في تصريحات أردوغان قبل سفره مؤخرا إلي روسيا.. والتي مثلت انتهاكا لكل الأعراف الدولية.. تحدي فيها إرادة الشعب المصري وتطاول خلالها علي قيادته.. 'أحيي موقف مرسي أمام المحكمة.. إنني أحترمه.. ولا احترم مطلقا أولئك الذين قدموه للمحاكمة'.. وجدد رفضه للاعتراف بما وصفها ب 'حكومة الإنقلاب العسكري' قائلا: 'إن دعاة الديمقراطية، واحترام إرادة الشعب تواطؤوا مع الإنقلاب السافر علي مسار الديمقراطية'.. وقال: 'إن ما حدث في مصر يوم 30 يونيو ليس ثورة بل إجهاز علي الديمقراطية من قبل فئات لها مصالح خاصة في استمرار حكم ديكتاتوري قمعي.. ' وقال: إن مائة يوم تمر علي 'مذبحة رابعة العدوية' تلك الدراما الانسانية التي أسفرت عن استشهاد 3210، وإصابة 20 ألفا واعتقال المئات.. ورغم أكاذيبه الواضحة فقد استمر أردوغان يقول: إن قادة الانقلاب العسكري يحاولون الآن إبراء ساحتهم، وتبرير ما اقترفته أيديهم بترديد 'مرسي فاشل'.
وقد واصلت الخارجية التركية بعد سحب السفراء تصريحاتها المستفزة وقالت في بيان لها: 'نأسف لهذا الموقف.. ولكن المسئولية عما حدث تقع علي الإدارة المؤقتة في مصر.. التي جاءت إلي السلطة في ظل ظروف استثنائية متمثلة حسب كذبها في انقلاب 30 يونيو.. وقال عبد الله جول رئيس تركيا شخصيا إنه يأمل في عودة العلاقات.. وإنه يأمل أن تتمكن مصر من استعادة الديمقراطية!!
3
يعتقد البعض أن حالة الهوس التي سيطرت علي أردوغان.. كان وراءها الخوف من انتقال العدوي.. وإقدام تركيا علي الاقتداء بما جري في مصر.. خاصة بعد اندلاع الاحتجاجات علي حكم أردوغان وحزبه الإسلامي.. وما جري في ميدان 'تقسيم'.. خاصة بعد ما تردد هنا وهناك حول عدم صلاحية الاسلام السياسي لحكم الدول الاسلامية.. وعدم صبر الشعوب علي مناهج المتأسلمين في الحكم.. ففي تركيا وصل 'نجم الدين أربكان' إلي الحكم ولكنه سرعان ما سقط وانهار.. وقد تكرر نفس الشيء في مصر بالنسبة ل 'محمد مرسي' والإخوان.. وقد أصاب كل ذلك أردوغان بصدمة قاسية.. وهو يعد العدة.. وينتظر الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية بعد شهور.. وخلال عام 2014..
قد يكون ذلك أحد أسباب توتر أردوغان وانفلاته.. وإن كان ثمة سبب آخر يمثل الفاعل الرئيس في كل ما جري والذي دفع أردوغان وأركان حكمه يتفرغون للهجوم علي الشعب المصري.. رافضين حقه في الثورة علي الإخوان.. رافضين احترام إرادته في اختيار من يحكمه.. والتدخل في شئون مصر.. وهو ما فضح الحقيقة.. وكشف عن المخبوء.. بعد أن تحول كل شيء إلي نوع من التعبير عن خيبة الأمل والمرارة من فشل المشروع التركي في مصر والذي كانت تمثله الجماعة المحظورة والحكم الإخواني..
والحكاية قديمة.. أقدم من وصول الإخوان إلي الحكم في مصر.. وربما تكون أقدم من وصول حزب العدالة والتنمية إلي السلطة في تركيا عام 2002 وتولي أردوغان رئاسة الحكومة في 14 مارس عام 2003.. ولأن أردوغان جزء من الحركة الإسلامية العالمية التي تؤمن بالخلافة.. وحتمية عودتها بصورة تتوافق مع العصر.. وتضمن قيادة تركيا للعالم الإسلامي السني.. فيما عرف ب 'العثمانية الجديدة'.. ولأن تركيا كانت تدرك استحالة ذلك في ظل وجود دول عربية قوية.. فقد بدأت تخطط لإضعاف الدول العربية القوية حتي تتمكن من الانفراد بقيادة المنطقة.. وكان العراق أو للضحايا.. فقبل غزو أمريكا للعراق عام 2003 مباشرة وافق حزب 'العدالة والتنمية' الحاكم علي توسيع ورفع مستوي القواعد العسكرية الأمريكية في تركيا.. كما صوت الحزب لصالح غزو العراق.. ومشاركة الجيش التركي في الغزو.. وحشد الجيش التركي علي الحدود مع العراق.. وعندما رفض البرلمان التركي ذلك الاندفاع المكشوف.. اكتفي حزب العدالة والتنمية بفتح المجال الجوي التركي للولايات المتحدة دون قيد أو شرط.. وإبان ما سمي بثورات الربيع العربي.. وما يجري في سوريا.. تأكد التحالف بين تركيا والإخوان في دول المنطقة، ودعمهم بكل السبل حتي يتمكنوا من سرقة الثورات العربية..
4 كان الإخوان قد تشابكوا مع أردوغان وحزبه في علاقات مصيرية علي مدي السنوات العشر الأخيرة.. وقد بذلوا جهودا جبارة في الترويج لما سمي بالنموذج التركي للديمقراطية الاسلامية 'ومعها أنهم القوة الوحيدة القادرة علي استنساخ نفس النموذج في مصر بمواصفات مصرية' ثم.. العمل الجاد لاستعادة إرث الخلافة بعد التخطيط لاستخدام كافة الجهود والامكانات لتحقيق ذلك تحت قيادة أردوغان.. وقد وافق الإخوان بعد وصولهم للسلطة في مصر علي كافة طموحات تركيا وأردوغان.. في مقابل البقاء في حكم مصر وتلقي الدعم بأنواعه.. ودعم حلفاء تركيا أيضا.. وعلي رأسهم الدولة العبرية التي قدم لها الإخوان دعما لم تكن لتحلم به.. وفرضت علي حماس اتفاقية 'عدم القيام بأعمال عدائية ضد اسرائيل'!!
وكان انهيار حكم الإخوان في مصر يعني انهيار أحلام أردوغان.. والحالمين بعودة الخلافة العثمانية.. التي يخطط لها أردوغان وحزبه 'العدالة والتنمية' وكافة الأحزاب الاسلامية السابقة عليه.. والتي آلت في النهاية إليه كمحصلة.. ومعهم إخوان مصر الذين سرقوا الثورة.. وسرقوا كرسي السلطة.. ويعلنون عن استعدادهم لعمل أي شيء للبقاء في الحكم ولو علي حساب التاريخ والجغرافيا.. والتفريط في الكثير مما لا يفرط فيه.. ومن ثم كانت حالة الهوس التي ضربت أردوغان.. فصب كل حماقاته علي مصر وشعبها.. وبعثر الاتهامات يمينا ويسارا ضد ثورة 30 يونيو.. ووضع كل امكانياته التي لا حصر لها تحت تصرف التنظيم الدولي للإخوان لضرب الاستقرار في مصر.. ومحاولة استعادة السلطة.. والعودة إلي الحكم.. لدرجة مشاركة رئيس الاستخبارات التركية في اجتماعات التنظيم الدولي للإخوان التي تقرر فيها تحديد حصص تلتزم بدفعها دول بعينها.. حتي يمكن تخصيص مئات الملايين من الدولارات لتمويل الأنشطة الارهابية في مصر.. وتنظيم الحملات الدولية.. وشراء الشركات العالمية المتخصصة لتشويه صورة الشعب المصري وما يجري في مصر..
والمشاهد بعد كل ذلك أن أردوغان يتلاعب بالمصالح العليا لبلده لحسابات شخصية وحزبية بحتة.. لدرجة التضحية بعلاقة مع بلد كبير مثل مصر.. وتوتر العلاقات بينهما والذي أدي علميا إلي تذبذب مستوي الاقتصاد التركي.. برغم أموال قطر التي تضخها لدعم الليرة التركية التي تهاوت أمام الدولار الأمريكي..
ومهما قيل ويقال حول ضرب الحكم الإخواني في مصر وتأثيراته المباشرة علي الشعب التركي الذي يعاني من حكم 'اخوان تركيا' أقصد 'حزب العدالة والتنمية'.. ومنح المعارضة التركية دفعة قوية للاقتداء بالشعب المصري واسقاط النظام الاردوغاني.. رغم كل ما يقال حول هذا الموضوع.. يظل فشل 'المشروع التركي' وتبخر الأحلام الخاصة بعودة الخلافة، وقيادة أردوغان وحزبه لدول الاسلام السني في العالم هي المشكلة الحقيقية.. والضربة القاصمة.. التي أصابت الرجل وحزبه في مقتل..
5
كانت تركيا خلال السنوات الأخيرة.. ومن خلال بعض المواقف الجزئية المساندة للحقوق الفلسطينية بالذات.. وغيرها.. قد أصبحت صاحبة علاقات متميزة بل ربما توصف بأقوي العلاقات مع دول الشرق الأوسط.. حيث فتحت تلك الدول.. وأولها وأقواها مصر.. أبوابها للتبادل التجاري.. وفتح أسواقها الواسعة للمنتجات التركية.. في مظاهر مشهودة وموضوعية.. وفجأ تغير الموقف تماما.. واختلفت المواقف بسرعة غير عادية.. وتحولت تركيا خلال ثلاث سنوات فقط إلي دولة شبه معزولة اقليميا.. دولة تصدر التوتر.. والخلافات.. وتسعي بين الدول بالشر.. وتتحالف مع الشيطان من أجل مصالح شبه مستحيلة.. وأهداف وهمية.. فقد تحولت علاقتها مع الحليف الرئيس 'إسرائيل' بسبب المواقف المتناقضة.. والوجوه المتعددة.. إلي علاقة مملوءة بالنبذ والكراهية وعدم الثقة.. والشك.. والأمر نفسه.. بل أبشع منه مع سوريا التي تآمر عليها أردوغان.. وفتح أراضيه وكل امكانياته لغزو سوريا.. وتدميرها وأصبح هو نفسه الآن يعاني من تغلغل القوي الارهابية التي مرت عبر أراضي تركيا.. وتمركزت عند الحدود بما تمثله من تهديدات.. وعمليات اجرامية عشوائية.. واخيرا علاقات محتدمة مع مصر.. انتهت بما يشبه القطيعة.. والحروب الاعلامية.. وقيادة أردوغان نفسه للجناح الرافض للتهدئة مع مصر.. ومن ثم كان الموقف السعودي الاماراتي الكويتي العازف عن تطوير العلاقات مع تركيا.. المكتفي بعلاقات عادية.. بل باردة.. سواء في مجالات السياسة أو الاقتصاد.. بعد جنوح تركيا غير الواعي للتعامل 'السري' مع إمارة قطر التي أصبحت تمثل 'خميرة عكننة' بالنسبة للمنطقة.. والموقف علي ذلك يمثل عزلة قاتلة بالنسبة لتركيا.. التي فقدت في شهور ما حرصت علي بنائه عبر سنوات من علاقات بدول الجوار.. التي كانت تتباعد عنها.. وتتشكك في نواياها.. منذ حلف بغداد 'وفراغ ايزنهاور' والموقف من العراق.. ثم من سوريا.. والارتماء المهين عند أعتاب أوروبا..
وما يمكن قوله إن المأزق الكبير الذي أوقع فيه أردوغان تركيا.. وحولها من دولة واعدة.. عائدة إلي الحصن الاسلامي والعربي.. إلي دولة منبوذة إقليميا.. تعاني من عزلة قاتلة.. ذلك المأزق سيظل متفاقما طالما بقي أردوغان وحزبه.. وسوف تزداد أخطاء تركيا.. ونزقها السياسي.. وتوترها الشديد الذي يسم كل علاقاتها وتصرفاتها.. وسوف تظل نموذجا للدولة فاقدة الرشد.. وكلما فشل أردوغان الذي يعادي مصر.. مساندا لأوهام الإخوان.. ازداد شراسة.. وازداد قبحا.. وتميز خطابه.. وسلوكه بالبشاعة.. وعدم التهذيب والقاء النفس في التهلكة.
6
وخلاصة ما يمكن قوله لأردوغان.. النموذج الحي للرعونة.. والحماقة التي أعيت من يداويها.. 'قالاد رجب طيب أردوغان.. طظ في جناب حظرتكم'..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.