اكد الاعلامي محمود بكري في كلمة الافتتاح خلال الاحتفالية التي أقامها ائتلاف شباب القبائل العربية بمناسبة انتصار أكتوبر ان الجيش المصري اثبت بانحيازه للشعب انه قادر علي دحر كل المؤامرات.. وهنا النص الكامل للكلمة التي ألقاها بكري في المؤتمر الحاشد الذي عقد بالمسرح الكبير بنقابة الصحفيين: نستحضر اليوم ذكري غالية وعزيزة، نستحضر حدث من أهم أحداث تاريخنا المعاصر، بل لعله الأهم علي الإطلاق، إنها ذكر العزة والكرامة، ذكري الانتصار الذي أعاد للمصريين والعرب ثقتهم في أنفسهم, في قدرتهم علي الصمود والتحدي والعبور من الهزيمة إلي النصر، إنها ذكري انتصار المجيد الذي سطر فيها الجيش المصري بحروف من عرق ودم أغلي فصول التضحية والفداء. لقد ولدت مصر من رحم جيشها العظيم، فقبل أن تنشأ الدولة بكيانها الإداري والسياسي، نشأ الجيش المصري، ليدافع عن الأرض والعرض، ويصون الحقوق ويحفظ للإنسان المصري كرامته، وفي كل مرة كانت الدولة تضعف أو يخفت بريق إشعاعها الإنساني والحضاري، بسبب محتل غاصب أو حاكم فاسد ضعيف، كان يخرج من بين جنود مصر قائدا عظيما ليحرر الأرض ويعيد بناء الدولة ويصحح مسارها، هكذا فعل أحمس، وهكذا فعل محمد علي الذي رفعه المصريون إلي سدة الحكم فأدرك أن الدولة بدون جيش قوي لن تنهض ولن تزدهر، وهكذا فعل ازعيم جمال عبد الناصر، وهكذا يفعل اليوم أبن مصر وبطلها الفريق أول عبد الفتاح السيسي. إن نصر أكتوبر المجيد، لم يكن مجرد حرب خاضتها مصر لتستعيد أرضها المسلوبة وكرامتها المهدورة، بل كانت حرب أكتوبر هي حرب تحرير الإنسان المصري وإسقاط أوهام العدو عن الجيش الذي لا يقهر، وعن إسرائيل الكبري التي ستمتد من النيل إلي الفرات، قلقد عاش الإنسان المصري سنوات من انعدام الثقة بعد نكسة يونيو 67، وسقط المصريون والعرب في دوامات من الإحباط واليأس كانت كفيلة بتدمير الأمة كلها، ولم يكن من الممكن أن يستعيد الإنسان العربي ثقته في نفسه إلا بانتصار عسكري يؤكد قدرة قواته المسلحة علي قهر الأعداء وحماية الأوطان، وفي موازة ذلك كانت غسرائيل بعد النكسة تروج لإنتهاء عصر العرب، وتؤكد أن الجيوش العربية لن تقوم لها قائمة، وأن إسرائيل أصبحت سيدة المنطقة بلا منازع، وجاء 6 أكتوبر 1973 ليسقط الأساطير والأوهام، ويرسم بعزيمة الرجال ودم الأبطال لوحة إبداع خالدة ويمحو الذكري الأليمية لنكسة يونيو 67. تتوالي الأيام وتتعاقب السنوات، ويظل أكتوبر هو يوم الفرحة ويوم العزة والكرامة، ويتجه الجيش المصري إلي الحفاظ علي لياقتة القتالية واستعداده ويقظته، بل ويشارك في تنمية البلاد وإقامة مشروعات تخدم الإنسان المصري، ومع تتابع السنين يظن الحكام أن الجيش انشغل بشئونه الخاصة من تسليح وتدريب ورفع للقدرات القتالية، وأنه ابتعد عن الشعب، لتجئ ثورة 25 يناير 2011 فغذا بالشعب والجيش يدا واحدة، تنزل القوات المسلحة إلي الشوارع فيطمئن الناس ويستقبلونها بالورود والأهازيج، وينحاز الجيش إلي شعبه دون تردد أو خوف أو حسابات للمكسب والخسارة، ويرحل نظام مبارك، ويدرك الطامعون في السلطة المدعومون من الغرب، الذين عقدوا الصفقات مع واشنطن أن الجيش هو العقبة الأساسية في طريق استحواذهم وسيطرتهم علي البلاد، فيحرضون ضد الجيش ويشوهون قادته، ويفتعلون المعركة تلو المعركة، والحادثة تلو الأخري لكي يزيحون الجيش من طريقهم للوصول إلي السلطة ن ولم يدركوا أنهم مهما فعلوا فلن تهتز مكانة القوات المسلحة في قلوب المصريين ولن تتحرك قيد انملة. ثم جاء عام الرمادة، عام حكم جماعة الإخوان المسلمين فكان كابوسا أرق ليل المصريين وسود نهارهم، عاثت الجماعة وحلفاؤها فسادا في الوطن، تآمرت علي أمنه القومي، حاولت السيطرة علي مؤسسات الدولة، اعتقلت وعزبت وقلت شباب في عمر الزهور لم يكن لهم ذنب إلا أنهم رددوا نداؤء المصريين جميعا ' يسقط حكم المرشد، صمت الجماعة آذناها عن كل نصح، لم تسمع إلا صوت التمكين والوحي الآتي من واشنطن، وظل الجيش صابرا يحاول ضبط الإيقاع وإرجاع البلاد إلي مسارها الصحيح لكنه في كل مرة كان يقابل بالرفض والتعالي والغرور، حتي أتت ثورة الثلاثين من يوينيو وحرجت عشرات الملايين من المصريين رافضين لحكم جماعة غير وطنية، رافضين أن تتحول بلادهم إلي مرتع للأفكار المتطرفة، وأن ينطفي نور حضارتها وإشعاعها الفكري والثقافي والفني، وأن يتحكم في مسارها جهلة ومتآمرين، ومرة أخري كان الجيش حاضرا، كمنازا إلي الشعب متحديا التهديدات الداخلية والخارجية ن فارضا إرادة مصر فوق كل إرادة، فوق إرادة الجماعة وحلفائها، فوق إرادة قطر وتركيا الوكلاء الإقليميين لمشروع الشرق الأوسط الكبير، فوق إرادة الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تصورت أن سيف المعونات يمكن أن يغل يد الجيش عن نصرة شعبه، لكن بيان العبور الثاني صدر رغم كل الأحقاد والمؤامرات، صدر في الثالث من يوليو حين وقف قائد الجيش ليعلن أن مصر ستخطو نحو المستقبل، وإن مصر لن تكون إلا شعلة للحضارة والتقدم والبناء، وأن مصر لن يخطفها خفافيش الظلام، وأن مصر لن يسوسها المتطرفون والجهلاء، وإن مصر ستبقي منارة للفكر والإبداع والثقافة، وأن مصر ستبقي بلد الأزهر والكنيسة بلد التسامح والتعايش والانصهار الحضاري والإنساني. تحية إلي الرجال، تحية إلي أبطال الجيش المصري، الذين ارتوت الأرض بدمائهم فأمتلت لهم حبا، وأينعت زهورها تحفظ ملامحهم وتنشر في الدنيا رائحة أجسادهم العطرة الطاهرة، تحية من رمل سيناء الذي طهرها الجيش مرتين، مرة من الاحتلال الصهيوني ومرة من الإرهابيين والخونة، تحية للأمهات اللواتي فقدن أبنائهن فداء للوطن، تحية للزوجات اللواتي ترملن والأولاد الذين فقدوا أبائهم، تحية المجد والخلود في ذاكرة الأمة وروح الوطن.