في كتابه 'من معالم الحق' يقول الشيخ/ محمد الغزالي: 'إنَّ الذين يحسبون أنفسهم 'جماعةَ المسلمين' يرون مخالفة الأستاذ حسن الهضيبي ضرباً من مخالفة الله ورسوله، وطريقاً مُمَهِّدة إلي النار، وبئس القرار! وقد كنتُ أسيرُ مع زميلي الأستاذ/ سيد سابق قريباً من شُعبة المَنيَل، فمرَّ بنا اثنان من أولئك الشُّبّان المفتونين، وأَبَيا إلاَّ إسماعَنا رأيهم فينا، وهو أننا من أهل جهنم'! الإخوان.. خوارج العصر! وينتقد الغزالي الفهمَ الخاطئ للإسلام من قِبَل البعض، فيقول عن الإخوان: ' إنني تذكرتُ بعد أيام هذا العداء المُرَّ، والأوامرَ التي أوحتْ به، فعزَّ عليَّ أن يُلعَب بالإسلام وأبنائه بهذه الطريقة السمجة، وأن تتجدَّد سياسةُ الخوارج مرة أخري، فيُلعَن أهلُ الإيمان، ويُتْرَك أهلُ الطغيان! فمِن المُضحك أو المُبكي أن يخطب الجمعةَ عقب فَصْلِنا من المركز العام 'للإخوان' مَن يؤكد أنَّ الولاء للقيادة يُكَفِّر السيئاتِ، وأن الخروجَ عن الجماعة يمحقُ الفضائل، وأن الذين نابذوا القيادة عادوا إلي الجاهلية الأُولي، لأنهم خلعوا البَيعة.. ورُئِيَ الدكتور محمد يوسف موسي -أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة- يخلُص بالخطيب جانباً، ليقول له: أيُّ إسلامٍ هذا؟ ومَن مِن علماء الأولين والآخرين أفتي بهذا اللغو؟ وكيف تُلبِسون الدين هذا الزيَّ المُنكَر'! ويتهكم الشيخ الغزالي من قول واحدٍ من أقرب رجال المرشد 'الهضيبي' له: 'إن الإيمان بالقائد جزءٌ من الإيمان بالدعوة'! ويُعلِّق الغزالي علي هذا الكلام- قائلاً بمرارة: 'وبمثل هذا الأسلوب رُسِمَ مجري المعاملة بين مرشد الإخوان والجماعة، فلمَّا استغربناه وتأبَّينا عليه.. ونُعامِله مُخطئاً أو مُصيباً غيرَ مُقرِّين هذه الهالة، التي أضفاها الأغرارُ عليه، مَقَتَنا الرجلُ أشدَّ المقت، مَقَتَنا كما يمقتُ الكُفّارَ والفُّسّاق'! وفي سيرته الذاتية التي سماها 'ابن القرية والكُتّاب' يقول الدكتور/ القرضاوي: 'من الحوادث التي وقعت في تلك الفترة، وكان لها أثرٌ سيء علي الإخوان: قَتلُ القاضي أحمد الخازندار، قتله اثنان من شباب الإخوان، من المُنتمين إلي النظام الخاص، هما: محمود سعيد زينهم، وآخر نسيتُ اسمه، وقد قُبِض عليهما، وسِيقا إلي المحاكمة، وحُكِم عليهما بالسجن المؤبَّد مع الأشغال الشاقّة. لم يكن للأستاذ حسن البنا المرشد العام عِلمٌ بهذه الحادثة، ولا أَذِن فيها، ولا أُخِذَ رأيه فيها، إنما الذي تولَّي كِبْرها، وحمل تبعتها هو النظام الخاص، ورئيسه عبد الرحمن السندي، الذي دبَّر العملية وخطَّط لها، وأمر بتنفيذها'! 'البنا' يتبّرأ من الإخوان! يقول القرضاوي: 'لقد سمعتُ من الأخ الكبير الأستاذ/ محمد فريد عبد الخالق -وكان رئيساً لقسم الطُّلاّب في ذلك الوقت، وكان من القريبين من الأستاذ البنا- يقول: 'إنه دخل علي الأستاذ البنا، بعد نشر وقوع الحادثة، فوجده أشدَّ ما يكون غضباً وحَنقاً، حتي إنه كان يشد شَعْره من شدة الغضب، وقال له: أرأيتَ ما فعل إخوانك يا فريد؟ أرأيتَ هذه الجريمة الحمقاء؟ إنِّي أبني، وهم يهدمون، وأُصْلِح، وهم يُفسِدون؟ ماذا وراء هذه الفعلة النكراء؟ أيُّ مصلحةٍ للدعوة في قتل قاضٍ؟ متي كان القضاةُ خصومنا؟ وكيف يفعلون هذا بدون أمرٍ مني؟ ومَن المسئول عن الجماعة: المرشد العام، أمْ رئيس النظام الخاص؟ هؤلاء سيدمرون الدعوة'! إلي آخر ما قال الأستاذ 'البنا' حسب رواية الأستاذ فريد، وقد سمعتُ منه هذه القصة أكثرَ من مرة!' ويعترف القرضاوي بفداحة هذه الجريمة، وسلوك البعض من الإخوان المسلك الخاطيء، فيقول: 'لقد كان هذا خطاً، بل خطيئة ارتكبها النظام الخاص، وهو الذي يتحمَّل وِزرها، وقد شعر الأستاذ البنا في الآونة الأخيرة بأن النظام 'الخاص' بدأ يستقل بنفسه، ويتمرَّد علي سلطانه، ويجعل من نفسه جماعةً داخل الجماعة، أو دولة داخل الدولة، بل يري أن كلمته هي العليا، وهو مشكلة عويصة يبدو أن الأستاذ 'البنا' بدأ يفكر في حلها، ويُسِرُّ إلي بعض المقربين منه بخصوصها، وإن لمْ يهتدِ سبيلاً إلي حلها، أو لم يُمهله القَدَر حتي يجد طريقاً لعلاجها'! تهديد الغزالي بالقتل! وفي كتابه 'الشيخ الغزالي كما عرفته' يقول الدكتور/ القرضاوي: 'بعد أن اختلف –الغزالي- مع مرشد الإخوان الثاني حسن الهضيبي، قال: إن ميدان العمل لله ورسوله أرحب من أن يحتكَّ فيه متنافسون، وأسمَي من أن يشتبك فيه مُتشاكسون! وقد كنتُ حريصاً علي الصمت الجميل يومَ عرفتُ أنِّي سأعملُ للإسلام وحدي، بيدَ أن أحداً من خَلْق الله اعترضني'مِن قيادات الإخوان' ليقول لي: إنْ تكلَّمتَ قُتِلْتَ! فكان هذا هو الحافز الفذ علي أن أتكلَّم وأُطنِب'! ويُعقِّب -القرضاوي- قائلاً: لقد كان للشيخ الغزالي رأيٌ في سياسة حسن الهضيبي، فنقدَ بعنفٍ هذه السياسة، وازداد عنفه حينما أعلن الهضيبي فَصْله من دعوة الإخوان، التي قضي فيها شبابه، ونَذَر لها عمره، ولم يكن يتصور أن يأتي يومٌ يُبْعَد فيه عن دارٍ كان أحدَ بُناتِها، وحَمَلَة حِجارتها.. وكان مما هاج غضبه، واستثار غريزةَ الدفاع فيه، أنَّ بعض أُولي الهَوَس من الإخوان هدَّده وتحدّاه، كما حكي ذلك الشيخ في بعض كُتُبه! كتاب الغزالي المجهول! وممّا يُحكي أيضاً، أنَّ الشيخ/ الغزالي كان قد ألَّفَ كتاباً، كشف فيه خطايا وجرائم الإخوان طوال تاريخهم، وما دبَّروه، ويُدبِّرونه للوصول إلي السلطة، ولو علي حساب المبادئ، والإسلام نفسه، والوطن! واهتدي إلي أنَّ الجماعة أصبحت تتخذ أسلوب الماسونية العالمية طريقةً لها ومنهج حياةٍ، مع تعيين المرشد الثاني/ حسن الهضيبي، الذي وصفه الشيخ الغزالي بأنه كان ماسونياً! وأنه جاء إلي الجماعة، وهو ليس منها، فأصبح مرشدها، بقدرةِ قادرٍ! هذا الكتاب عنوانه'كفاح حياتي' لكنه لم يخرجْ إلي النور، ولم يُطبعْ بعدُ! ومن المحتمل أنْ يكون الإخوان قد وسَّطوا أُناساً من العلماء، للحيلولة دون نشر الكتاب! وهو ما أُرَجِّحه، خاصةً إذا عرفنا شجاعة وجسارة الشيخ الغزالي، ودخوله في معارك فكرية، وسياسية عديدة، لم يخشَ فيها أحداً! فليتَ هذا الكتابَ يُطبعُ الآن، لنعرف عنهم المزيد، والمزيد ممّا كشفه الشيخ/ محمد الغزالي، وعرفه عنهم، وعن فكرهم المعوج، من الأسرار، والمآسي، والجرائم، والقصص الدامية، فكَتَبَه إبراءً للذمَّة، وشهادةً للتاريخ!