أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    وصول مدير حملة أحمد طنطاوي إلى المحكمة للمعارضة على حكم حبسه    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    أسعار البيض اليوم الاثنين 3-6-2024 في الأسواق    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 3 يونيو 2024    وزير المالية: وثيقة السياسات الضريبية «2024-2030» مازالت تحت الدراسة    وزير الإسكان يوجّه بتسليم الوحدات للمقبولين بإعلانات «الاجتماعي» في الموعد المحدد    «النقل»: 5.150 مليار جنيه صافي أرباح 4 شركات متخصصة في الحاويات    تراجع معدل التصخم في إندونيسيا خلال الشهر الماضي    «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي يقصف منطقة المغراقة وسط قطاع غزة    المجلس النرويجي للاجئين: بوركينا فاسو الأزمة الأكثر إهمالاً في العالم    مصادر طبية فلسطينية: 21 شهيدا منذ فجر اليوم في غارات إسرائيلية على غزة    إعلام فلسطيني: مدفعية الاحتلال تستهدف منطقة المغراقة وسط قطاع غزة    موجة حر قاسية تجتاح الهند.. عشرات القتلى و25 ألف مهددون بالموت جراء ضربة شمس    محمد الشناوي يحرس عرين منتخب مصر أمام بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    محمد الشناوي يرفض عرض القادسية السعودي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    «الأرصاد»: محافظات الصعيد الأكثر تأثرا بالموجة شديدة الحرارة اليوم    رئيس البعثة الطبية للحج: جاهزون لاستقبال الحجاج.. وفيديوهات إرشادية للتوعية    كشف غموض العثور على طفل مقتول داخل حظيرة «مواشي» بالشرقية    السكة الحديد تعدل تركيب عدد من القطارات وامتداد أخرى لمحطة القاهرة    القاهرة الإخبارية: غارات جوية إسرائيلية تستهدف المناطق الشمالية لخان يونس    مخرجة «رفعت عيني للسما»: نعمل في الوقت الحالي على مشاريع فنية أخرى    مدينة الدواء المصرية توقع شراكة استراتيجية مع شركة أبوت الأمريكية    خلال يومين.. الكشف وتوفير العلاج ل1600 مواطن ببني سويف    صباحك أوروبي.. صفقة ليفربول الأولى.. انتظار مبابي.. وإصابة مدافع إيطاليا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    5 فصول من مواهب أوبرا دمنهور في أمسية فنية متنوعة    مواعيد مباريات اليوم الإثنين 3-6- 2024 والقنوات الناقلة لها    مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في حادث تصادم بأسيوط    الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    أخبار مصر: حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم، بيع مقتنيات سمير صبري، السكك الحديدية تحذر المواطنين،أفشة: 95% من المصريين مش بيفهموا كورة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كلاوديا شينباوم.. في طريقها للفوز في انتخابات الرئاسة المكسيكية    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس القاتل
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 16 - 09 - 2013


تفاصيل المؤامرة الإخوانية ضد متظاهري الاتحادية
مكتب الإرشاد حشد الميليشيات والرئيس أصدر الأوامر بالقتل
مرسي هدد اللواء أحمد جمال الدين وبعدها بأيام قليلة تمت إقالته قائد الحرس الجمهوري رفض إدخال المقبوض عليهم إلي القصر وأسعد الشيخة أشرف علي التعذيب
مشادة حامية بين اللواء محمد زكي ورئيس الجمهورية حول موقف الحرس الجمهوري
أيمن هدهد كان حلقة الوصل بين ميليشيات الإخوان ومدير مكتب الرئيس
100 من عناصر الإخوان تولوا حراسة مرسي في دار الحرس الجمهوري مساء الثلاثاء 4 ديسمبر
يصدر خلال الأسابيع القليلة القادمة كتاب 'سقوط دولة الإخوان.. من السلطة إلي السجن' للكاتب الصحفي مصطفي بكري عن الدار المصرية اللبنانية للطباعة والنشر.
يتناول الكتاب تفاصيل ووقائع الأحداث التي شهدتها مصر منذ تولي محمد مرسي رئاسة الجمهورية في 30 يونية 2012 وحتي إعلان سقوط النظام.
أسرار جديدة يتناولها الكتاب حول الوقائع التي شهدتها مصر في هذه الفترة، وعلاقة الرئيس بمؤسسات الدولة المختلفة، وخفايا العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والجيش، والصفقات الخفية حول سيناء واستباحة الأمن القومي.. وتفاصيل الأحداث التي شهدتها مصر من صدامات وتحركات جرت من خلف ستار وصولاً لانتصار الثورة وانحياز الجيش إليها في 3 يوليو.. والدور الخفي الذي لعبه الفريق السيسي في صناعة الأحداث وإنقاذ البلاد.
وفي هذه الحلقة يكشف الزميل مصطفي بكري عن أسرار ما جري في أحداث الاتحادية والدور الخفي الذي لعبه الرئيس محمد مرسي في تصعيد الأحداث مما أدي إلي سقوط عشرة من الشهداء وإصابة المئات الآخرين.
دعت القوي الوطنية الثورية المصريين إلي التظاهر أمام القصر الجمهوري في الاتحادية يوم الثلاثاء الرابع من ديسمبر 2012 للإعلان عن رفضهم للإعلان الدستوري 'الانقلابي' الذي أصدره الرئيس محمد مرسي في 21 نوفمبر من ذات العام.
خرج المصريون من كل أنحاء البلاد، مسيرات انطلقت من أمام المساجد والحواري والمناطق المختلفة، وفي مساء ذات اليوم كان قد بلغ عدد المحتشدين حول القصر الجمهوري حوالي مليون متظاهر.
كانت الهتافات تندد بسياسة الرئيس مرسي وتطالب بإسقاط حكم جماعة الإخوان وإسقاط الإعلان الدستوري، ظلت المظاهرات علي سلميتها دون أية أعمال عنف.
وفي هذا اليوم قام ضابط كبير بالحرس الجمهوري بدعوة المحتشدين إلي الدخول إلي ساحة القصر إن إرادوا ذلك، كما أن العديد من المدرعات والدبابات حول القصر ولت فوهاتها باتجاه القصر الرئاسي في إشارة لا تخلو من دلالة.
كان هناك أحد القياديين المعروفين موجودًا مع المتظاهرين أمام القصر، حذر من اقتحام القصر والدخول إليه، وقال للمتظاهرين إن مظاهراتنا سلمية وعلينا ألا نمنحهم الحجة لإطلاق الرصاص.
كانت قوات الشرطة قد أقامت العديد من الحواجز والأسلاك الشائكة أمام القصر الجمهوري للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلي القصر، إلا أن المتظاهرين استطاعوا تجاوز هذه الحواجز بسلمية ودون الاحتكاك برجال الشرطة.
في هذا الوقت اتصل اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري بالرئيس مرسي وأبلغه بوجوب مغادرته للقصر الجمهوري فورًا خوفًا علي حياته بعد أن بدأ المتظاهرون في الاقتراب من أبواب القصر، كما أن اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية طلب من د.أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس ضرورة مغادرة الرئيس للقصر سريعًا ودون تردد.
وعلي الفور طلب الرئيس مرسي تجهيز موكب المغادرة وخرج من الباب الخلفي للقصر إلي دار الحرس الجمهوري، وأثناء المغادرة حاول بعض المواطنين التصدي لسيارته وقاموا بإلقاء الحجارة والأحذية عليه، غير أنهم لم يتمكنوا من اعتراضه!!
ظل المتظاهرون يحيطون بالقصر في مظاهرتهم السلمية حتي وقت متأخر من فجر اليوم التالي دون أي محاولة لاقتحام القصر، وإنما اكتفوا فقط بكتابة بعض العبارات التي تطالب بإسقاط حكم الإخوان وعزل الرئيس.
في الثانية من صباح اليوم التالي اتصل الرئيس محمد مرسي بقائد الحرس الجمهوري وسأله عن الأوضاع حول القصر فقال له اللواء محمد زكي: إن تجمعات جماهيرية كبيرة لاتزال حول القصر، وأن هناك مجموعات شبابية بدأت في نصب الخيام أمام باب '4' وهو الباب الرئيسي للقصر الجمهوري.
اشتاط الرئيس مرسي غيظًا وراح يهدد بكلمات أقرب إلي الشتائم وبدا أنه في حالة عصبية شديدة واتهم الجميع بالتواطؤ ضده وعدم الحسم.
وقال لقائد الحرس الجمهوري أمامك ساعة واحدة من الآن، عليك أن تفض التظاهرة والاعتصام فورًا، وأن يتم طرد 'شوية العيال دول' كما وصفهم من أمام القصر الجمهوري، وإلا فإنه لن يسكت علي ذلك ويضع حدًا بنفسه لهذه الفوضي.
كان اللواء محمد زكي يعرف أن فض الاعتصام بالقوة ستكون له خسائر كبيرة، وأنه سيدفع الثمن قبل الآخرين، وأن الأمر يحتاج إلي حل سياسي أكثر من الحل الأمني.
قال قائد الحرس للرئيس: من المستحيل أن نفض الاعتصام بالقوة، العدد كبير والخسائر ستكون فادحة ولن نستطيع إنهاء الأمر بهذه السهولة خاصة أن المتظاهرين هم خارج القصر وليسوا بداخله وهذا ليس من اختصاص الحرس الجمهوري.
قال الرئيس مرسي: دعك من كل هذا الكلام أمامك ساعة من الآن لفض الاعتصام، وإلا سيكون لي موقف آخر.
أغلق الرئيس سماعةالهاتف في وجه اللواء محمد زكي، لقد طلب نفس المطلب من وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين، إلا أنه رفض التصدي للمتظاهرين وتفريقهم بالقوة، وقال له: أرسل لي قرارًا مكتوبًا وموقعًا منك، ساعتها أستطيع مواجهة المتظاهرين، ولكني لا أريد أن ألقي مصير حبيب العادلي.
دعا اللواء محمد زكي بعض كبار ضباط الحرس الجمهوري أبلغهم بمطلب الرئيس فرفضوا جميعًا.. اتصل بالفريق أول عبد الفتاح السيسي وأحاطه علمًا بالمكالمة الهاتفية التي جرت مع الرئيس، إلا أن وزير الدفاع طلب منه عدم التدخل لفض الاعتصام والمظاهرات بالقوة خوفًا من سقوط قتلي وجرحي من كلا الجانبين.
بعد قليل اتصل قائد الحرس الجمهوري بالرئيس مرسي، حاول رجال السكرتارية الخاصة توصيله بالرئيس الذي كان قد قرر المبيت في دار الحرس الجمهوري، إلا أنهم أخطروه بأن الرئيس لا يجيب وربما يكون قد خلد إلي النوم.
كان اللواء محمد زكي قلقًا للغاية من إصرر الرئيس علي فض المظاهرات حول القصر بالقوة، طلب من سكرتارية الرئيس توصيله هاتفيًا بأسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية وابن شقيقة الرئيس والذي كان قد غادر القصر برفقته خلال الأحداث.
أبلغ قائد الحرس نائب رئيس الديون بالمكالمة التي جرت بينه وبين الرئيس مرسي وأكد له أن ما يطلبه الرئيس هو من المستحيلات، وأنه يتخوف من أن ينجم عن فض الاعتصام بالقوة سقوط أعداد كبيرة من القتلي والجرحي، لقد فوجئ اللواء محمد زكي بأسعد الشيخة يرد عليه بعنف قائلاً: ولماذا تحدثني أنا في هذا الموضوع؟ حاول مع الرئيس مرة أخري لأنه هو صاحب القرار، وأنتم جميعًا لا تريدون أن تفعلوا شيئًا.
بعدها بقليل عاود قائد الحرس الجمهوري الاتصال بالرئيس مرسي في منزله، وبعد إلحاح شديد، أجابه الرئيس وسأله علي الفور ماذا فعلت؟!
قال اللواء محمد زكي: احتاج إلي 24 ساعة لإنهاء التظاهرات والاعتصامات، أنا لدي طرق خاصة وسأحاول وأبذل كل الجهد من أجل إنهاء هذه المظاهرات حول القصر بطريقة سلمية.
الرئيس: ازاي يعني؟
قائد الحرس: سأخرج للمتظاهرين وأطلب منهم الانصراف بهدوء وسأتصل بقادتهم وأدعوهم لفض المظاهرات، أنا خوفي أن تسال الدماء حول القصر، وإذا بدأنا لا نعرف كيف سننتهي.
الرئيس: أنا ماليش دعوة بالكلام ده، أمامك ساعة فقط، اتصرف، أعمل أي حاجة، أنت خايف من إيه يا أخي، أنت قائد الحرس الجمهوري، ورجالتك ياكلوا الحديد، خلصني بأي طريقة.
قائد الحرس: عاوز بس 24 ساعة يا أفندم.
الرئيس: كلمتي واحدة، عاوز أحضر الرئاسة صباحًا ولا أجد متظاهرًا واحدًا، استخدم كل الأساليب بالقوة، بالهدوء، المهم تطردهم خلال ساعة من الآن.
قائد الحرس: سيكون صعبًا، الناس كتيرة وأناخايف من انقلاب الأوضاع.
الرئيس: جمد قلبك واضرب ومتخافش.
قائد الحرس: ربنا يسهل يافندم.
كان اللواء محمد زكي في حيرة من الأمر، أنه أمام موقف صعب للغاية، كيف يخالف ضميره، وكيف يتفادي غضب الرئيس، تقدم نحو أسوار القصر الجمهوري، لم يتبق سوي أعداد قليلة من المتظاهرين الذين نصبوا مجموعة من الخيام أمام أسوار القصر وبجوار مسجد عمر بن عبد العزيز، كان عدد الخيام محدودًا.
عندما سأله مرافقوه من قادة الحرس ماذا سنفعل، قال لهم الأعداد بسيطة، لا تحتكوا بأحد منهم، ودعوني أتفاهم مع الرئيس في الأمر.
انصرف اللواء محمد زكي في هذا الوقت لينال قسطًا من الراحة، كانت مشاعره متضاربه ومتناقضة إنه بين نارين، لكنه قرر ألا يخالف ضميره، وألا يكرر أية أخطاء ارتكبها غيره في أوقات سابقة.
في الصباح الباكر خرج اللواء محمد زكي من ساحة القصر إلي خارجه، كانت هناك مجموعة من الشباب تحاول اعتراض موكب الرئيس عند وصوله، لقد وضعوا أسلاكًا شائكة في الطريق إلي القصر، وهددوا بمنعه من الدخول، اقترب منهم قائد الحرس للتفاهم معهم، وطلب منهم إبعاد الأسلاك الشائكة، ودخل معهم في حوار مطول حتي استطاع إقناعهم بنزع الأسلاك الشائكة من الطريق المؤدي إلي القصر الجمهوري.
بعد نجاحه في هذه المهمة عاد اللواء محمد زكي إلي ساحة القصر الجمهوري مرة أخري، التقي المهندس أسعد الشيخة الذ ي كان قد أمضي ليلته داخل القصر في هذا اليوم، فطلب منه أن يقوم بفض التجمعات الموجودة أمام القصر وإحراق الخيام والقبض علي من فيها، رفض قائد الحرس تنفيذ الأمر الذي نقله أسعد الشيخة باسم الرئيس مرسي، وقال له: الخيام ممتلئة بالشباب ولن نستطيع فضها أو حرقها بهذه الطريقة وأن الحرس الجمهوري لم يتعود الاعتداء علي المدنيين ولن نتورط في ذلك.
قال أسعد الشيخة: يعني إيه، إنتوا لازم تقوموا بفض هذا الاعتصام، هذه مهمتكم، وأنتم المسئولون عن ذلك.
قال قائد الحرس: سأرسل عددًا من المساعدين للتفاهم مع الشباب والطلب منهم ضرورة فض الاعتصام بهدوء.
في هذا الوقت طلب قائد الحرس الجمهوري من قائد شرطة الحرس الجمهوري وأيضًا من رئيس عمليات الحرس محاولة إقناع المعتصمين بفض اعتصامهم ولكن دون الاحتكاك بهم.
وبالفعل خرج الاثنان والتقيا بمجموعة من الشباب الذين رفضوا إنهاء الاعتصام وقالوا: إننا معتصمون سلميًا كنوع من الاحتجاج علي الإعلان الدستوري، وأن اعتصامهم سيظل سلميًا ولن يفضوه طالما أنهم لم يخرجوا عن القانون ولم يهددوا الأمن أو الاستقرار.
قام الرجلان بإبلاغ اللواء زكي تليفونيًا بما حدث بينهم وبين المعتصمين، فطلب منهم قائد الحرس العودة إلي داخل القصر مرةأخري حرصًا علي عدم الاحتكاك.
وبالفعل بعد عودتهما مباشرة، أبلغ قائد الحرس اللواء محمد زكي نائب رئيس الديوان أسعد الشيخة بما جري، فثار وغضب، وقال: 'أنتم موش حتعملوا حاجة، إحنا حنتصرف، رجالتنا سيقومون بالواجب وزيادة، انهرده بعد العصر حوريك كيف تفض الاعتصامات وكيف يعاد للدولة هيبتها، إحنا موش حنتكل عليكم في حاجة بعدكده، وكل واحد يدفع ثمن تقصيره'.
أدرك اللواء محمد زكي أن أسعد الشيخة قرر أن يستخدم العنف والقوة ضد المعتصمين، حذره من ذلك، وقال سيسقط العديد من الضحايا، وسيكون رد الفعل قويًا.
أبدي أسعد الشيخة استهانته بكلمات اللواء محمد زكي وقال له: نحن نعرف كيف نحمي أنفسنا، لازم ياخدوا درسًا لن ينسوه، وحتشوف ماذا سيحدث، وعمومًا احنا موش حنفض الاتحادية بس، لأ حنفض كمان ميدان التحرير.
قال اللواء محمد زكي: أنتم كده حتدمروا البلد، والناس لن تقبل باستخدام القوة مع متظاهرين سلميين.
أسعد الشيخة: والله احنا عارفين بنعمل إيه، واحنا نفهم نتعامل مع الشعب ده أحسن من أي حد تاني، دي ناس تخاف ولا تختشي، وهتشوف ده بعينك اليوم، وأتمني أن تستوعبوا الدرس.
قال اللواء محمد زكي بعصبية شديدة: سيكون الثمن فادحًا علي الجميع وأنا أحذر من خطورة هذا الإجراء.
انصرف أسعد الشيخة من أمام اللواء محمد زكي الذي كان في حالة ذهول من الطريقة التي تحدث بها أسعد الشيخة، مهددًا ومتوعدًا، وعلي الفور أبلغ الفريق أول اليسسي بما جري، طلب منه السيسي التمسك بموقفه والحرص علي سلامة المعتصمين، وتحذير الرئيس من مغبة تهور أسعد الشيخة والآخرين.
وبالفعل ما أن وصل الرئيس مرسي إلي القصر الجمهوري في نحو العاشرة من صباح الأربعاء 5 ديسمبر 2012، حتي توجه قائد الحرس إلي الرئيس ليبلغه بالوضع، فقال له مرسي: انتظر قليلاً، سأجتمع بكم وبالفريق الرئاسي لنري ماذا سيحدث؟!
وعلي الفور طلب الرئيس مرسي من ابن شقيقته أسعد الشيخة، الدعوة إلي اجتماع عاجل برئاسته، وحضره د.أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس والسفير رفاعة الطهطاوي رئيس الديون والمهندس أسعد الشيخة نائب رئيس الديوان وخالد القزاز ود.ياسر علي، كما حضره أيضًا اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري واللواء أحمد فايد مدير شرطة الرئاسة واللواء أسامة الجندي مدير أمن الرئاسة.
بدأ الاجتماع ساخنًا، وجه الرئيس اللوم إلي قائد الحرس الجمهوري، ومدير شرطة الرئاسة اللواء أحمد فايد، وانتقد بشدة سلوك اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية وقال الراجل ده خلاص كتب نهايته بنفسه ولن يكون له 'عيش' معنا بعد ذلك، وكل من سيتراخي عن أداء مهمته أنا سأؤدبه بطريقتي.
نظر الرئيس إلي اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري وقال له: لماذا لم تفض هذه الاعتصامات وتنهي هذه الفوضي؟!
قال قائد الحرس: أنا أخاف من استخدام القوة، الضحايا لن يكونوا قليلين.. والبلد في وضع صعب وهذا سيضر بسمعة الرئاسة.
قال الرئيس محتدًا: وإيه يعني، وهل أنت راضٍ عن شوية 'ال.... ' الموجودين أمام القصر واقتحموا حرم القصر وعسكروا فيه، دول ولاد مأجورين وبلطجية، أنت خايف من إيه.
قال قائد الحرس: أنا خايف علي الأرواح، طلبت من سيادتك 24 ساعة لفض الاعتصام سلميًا.
الرئيس: ولا 24 دقيقة، كل شيء اتحسم وحينتهي بطريقتنا، أناكمان موش عاوز عنف، لكن إيه العمل؟!
قال قائد الحرس: الأمر خطير يافندم.
وقال اللواء أحمد فايد: وأنا شخصيًا باحذر من العنف، لازم نستخدم الحوار، والأولاد ممكن يمشوا.
نظر الرئيس إلي اللواء أسامة الجندي، وقال انت إيه رأيك ياسيادة اللواء؟
قال اللواء أسامة الجندي: العنف سيولد عنفًا، والأولاد حيمشوا لوحدهم، ولم يحاولوا اقتحام القصر واقترح تركهم وعدم التعرض لهم.
قال الرئيس: ده كلام فاضي، والأولاد دول لازم يمشوا النهارده.
أما أسعد الشيخة فقد قال: الموضوع اتحسم، واللي حيقرب من القصر الجمهوري سيلقي حتفه ولن يكون هناك أي تفاهم واحنا عندنا رجالتنا اللي يعرفوا يحموا القصر.
الرئيس': 'موجهًا كلامه لقائد الحرس الجمهوري' تعليماتي لك بشكل واضح اتصرفوا وفضوا الاعتصام فورًا.
انتهي الاجتماع، كانت عبارة الرئيس لاتزال تدوي، أدرك اللواء محمد زكي أن الأمر جد لا هزل فيه، أطلع الفريق أول السيسي بمضمون الاجتماع، طلب منه السيسي التمسك بموقفه، وحذره من خطورة التهديدات التي أطلقها أسعد الشيخة، وقال لا تسمحوا بالعنف ضد المتظاهرين.
في حوالي الساعة الرابعة تقريبًا تلقي اللواء محمد زكي إخطارًا من ديوان الرئاسة بأن الرئيس سيغادر إلي منزله في حوالي الرابعة والنصف تقريبا علي غير العادة، حيث إن الرئيس كان يظل موجودًا في قصر الرئاسة يوميًا إلي ما بعد صلاة العشاء، كان ذلك بناء علي نصيحة من اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية خوفًا علي حياته.
كان المرشد العام للجماعة قد وجه الدعوة إلي هيئة مكتب الإرشاد، للتباحث في الأمر، ومواجهة الاعتصامات التي ظلت مستمرة حول القصر الجمهوري، التقت رغبة المرشد مع رغبة الرئيس محمد مرسي: لابد من استخدام القوة في مواجهة المعتصمين، لابد من إعطائهم درسًا وتأديبهم حتي لا يتكرر ما جري يوم الرابع من ديسمبر.
وفي الاجتماع الذي شارك فيه د.محمد بديع المرشد العام للجماعة، ومحمود عزت نائب المرشد، وخيرت الشاطر نائب المرشد ومحمود غزلان المتحدث الرسمي للجماعة وأسامة أبو بكر الصديق عضو مكتب الإرشاد، تحدث المرشد العام، كان ثائرًا وغاضبًا، لقد وجه انتقادات شديدة إلي جبهة الإنقاذ التي كان يسميها دومًا 'جبهة الخراب' وقال: 'إنها أس البلاء في مصر'، وإنها تقف ضد الشرعية وتحرض علي التخريب في البلاد، وإنه حان الوقت لتلقينها درسًا لن ينسي.
واعتبر خيرت الشاطر أن الجبهة التقت مع فلول النظام السابق علي هدف واحد ووحيد وهو إسقاط نظام الرئيس مرسي، نظام جماعة الإخوان، لأن في قلوبهم حقدًا ومرضًا وعداءً مستحكمًا ضد المشروع الإسلامي.
وطرح نائب المرشد، د.محمود عزت الإسراع فورًا بتوجيه الدعوة إلي حشد شباب الإخوان والقوي الحليفة لفض هذا الاعتصام مساء نفس اليوم الخامس من ديسمبر 2012.
لقد أكد المرشد العام أنه اتفق مع الرئيس علي استخدام كافة الأساليب لتأديب المعتصمين وإحراق خيامهم والقبض علي عدد منهم وتسليمهم للجهات المعنية بعد إخضاعهم للتحقيق بواسطة عناصر الجماعة لمعرفة القوي التي تقف وراءهم وتمولهم.
وأكد خيرت الشاطر أنه سيتواصل مع أسعد الشيخة نائب رئيس الديوان ومع د.أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس وأيمن هدهد مستشاره الأمني للتنسيق حول سيناريو الأحداث.
كان عدد المعتصمين في هذا الوقت لا يزيد علي 300 شخص نصبوا بعض الخيام حول القصر الجمهوري بالاتحادية، رفعوا بعض اللافتات التي تطالب بإلغاء الإعلان الدستوري الصادر في 21 نوفمبر، كما طالبوا بإسقاط حكم الإخوان، وكتبوا علي جدران القصر الجمهوري شعارات تنادي برحيل الرئيس مرسي.
وعلي الفور حدد خيرت الشاطر المجموعة التي ستدير حركة الأحداث وطرد المعتصمين من أمام قصر الاتحادية وهم محمد البلتاجي وصفوت حجازي وأحمد المغير وعبد الرحمن عز وأسامة جمال الدين وأمير النجار، حيث تولي هؤلاء قيادة ميليشيا الجماعة التي ستنفذ مهمة طرد المعتصمين، والتي يطلق عليها داخل الجماعة 'مجموعات الردع'.
وكلف الشاطر أيضا أيمن هدهد المستشار الأمني للرئيس بتشكيل عدد من المجموعات للتحقيق مع من سيتم القبض عليهم من المعتصمين والتوصل إلي نتائج تكشف أبعاد 'المؤامرة' ضد الرئيس وذلك باستخدام القوة وإجبارهم علي هذه الاعترافات، علي أن يستعين في ذلك بعدد من قيادات الجماعة ومنهم علاء حمزة.
وفي الرابعة عصرًا وصلت طلائع الميليشيات إلي القصر الجمهوري، بدأوا علي الفور في الاعتداء علي المعتصمين وحرق الخيام، كان أحمد المغير وعبد الرحمن عز يقودان مجموعات الشباب التي تولت تنفيذ عملية حرق الخيام والاعتداء علي المتظاهرين في هذا الوقت تقدم أسعد الشيخة نحو قائد الحرس الجمهوري وقال له: إيه رأيك ياسيادة اللواء.. هل رأيت الشغل اللي علي أصوله، خلاص شبابنا قاموا بالواجب وزيادة.
كان اللواء محمد زكي منفعلاً للغاية، ساعتها قال لأسعد الشيخة: ما فعلتموه خطيئة كبيرة، أنتم حتودوا البلد في داهية وبكره أفكرك.
سخر أسعد الشيخة من كلام قائد الحرس وقال له: والله البلد موش حتروح في داهية طول ما فيها شباب الإخوان الرجالة، اللي بيقوموا بأفعال لا يستطيع أحد غيرهم القيام بها.
كان الرئيس محمد مرسي قد غادر القصر الجمهوري منذ قليل، قرر اللواء زكي مغادرة القصر الجمهوري احتجاجًا علي ما يجري، أعطي تعليماته لرجاله بعدم التدخل وتولي مسئولية حراسة القصر من الداخل فقط.
في هذا الوقت كانت الفضائيات تنقل الأحداث علي الهواء، بدأ سكان الشوارع القريبة يزحفون إلي القصر لإنقاذ المعتصمين بعد أن رأوا بأعينهم آثار الاعتداء الغادر لشباب الإخوان وحلفائهم.
تحرك مئات الشباب من ميدان التحرير وحدائق القبة ومدينة نصر وروكسي إلي القصر الجمهوري لانقاذ الشباب والفتيات من يد شباب الإخوان الذين راحوا يطلقون الرصاص ويعتدون بالعصي والآلات الحديدية علي كل من يواجهونه.. احتمي المعتصمون بمسجد عمر بن عبد العزيز إلا أن الميليشيات دخلت المسجد خلفهم وقاموا بالاعتداء عليهم وخطفهم وتعذيبهم.
مضوا بالعشرات من المصابين إلي بوابة القصر الجمهوري لاستجوابهم بناء علي اتفاق مع أسعد الشيخة نائب رئيس ديوان الرئاسة، اتصل العميد خالد عبد الحميد رئيس مجموعة التأمين بقائد الحرس الجمهوري وأبلغه أن هناك عددًا من المصابين في حالة سيئة أمام بوابة '4' وأن أسعد الشيخة طلب السماح بدخولهم إلي داخل القصر، رفض اللواء محمد زكي إدخال الجرحي إلي القصر الجمهوري وأصدر تعليمات محددة إلي العميد خالد عبد الحميد بعدم السماح بذلك إطلاقًا، حتي ولو كان رئيس الجمهورية هو الذي أصدر القرار.
في منتصف الليل وتحديدًا في الثانية عشرة من مساء الأربعاء الخامس من ديسمبر، أجري الرئيس مرسي عدة اتصالات هاتفية بقائد الحرس الجمهوري يطلب منه التدخل بالدبابات والمدرعات للفصل بين المتصارعين، بعد أن تحولت المنطقة إلي ساحة معارك.
لقد سقط مئات الجرحي وعشرة لقوا حتفهم من بينهم الصحفي الحسيني أبو ضيف الصحفي بصوت الأمة والذي استشهدبعد أن قتل رميًآ بالرصاص عن عمد بسبب قيامه بالتقاط صور لميليشيات الإخوان وهي توجه رصاصاتها إلي صدور المواطنين.
بدأ عدد من أعضاء الهيئة الاستشارية للرئيس مرسي يعلنون عن استقالاتهم احتجاجًا علي هذا العدوان، كان من بينهم عمرو الليثي وأيمن الصياد ومحمد عصمت سيف الدولة ود.سيف الدين عبد الفتاح لينضموا بذلك إلي آخرين كانوا قد أعلنوا عن استقالاتهم في أعقاب الإعلان الدستوري الانقلابي ومنهم سكينة فؤاد وفاروق جويدة وسمير مرقص.
طلب الرئيس من قائد الحرس الجمهوري أن يجري اتصالاً بالمهندس أسعد الشيخة للتنسيق معه في سبل مواجهة الموقف المشتعل أمام الاتحادية، وطالبه بأن يتوقف عن سياسة العناد وأن يستجيب لتعليماته بوصفه رئيس الجمهورية والقائد الأعلي للقوات المسلحة.
كان قائد الحرس علي يقين من أن الرئيس كان يدير المعركة بنفسه ويصدر التعليمات إلي أسعد الشيخة لمواجهة الأحداث ومطاردة المتظاهرين الذين قدموا إلي القصر الرئاسي لانقاذ المعتصمين وطرد شباب الإخوان، وعندما أبلغ أسعد الشيخة الرئيس مرسي بوجود حشود ضخمة من المتظاهرين المعادين لحكم الإخوان، قرر الرئيس أن يطلب من الحرس الجمهوري التدخل لانقاذ الأوضاع والفصل بين المتصارعين.
كان الرئيس قد طلب قبل ذلك من وزير الدفاع التدخل إلا أن الفريق السيسي أكد له أن الجيش لن يتورط في أي اقتتال داخلي مع أبناء شعبه، فطلب منه الرئيس أن يجري اتصالاً بقائد الحرس الجمهوري لأنه لم يكن قادرًا علي الوصول إليه في هذا الوقت، وبالفعل اتصل الفريق أول السيسي بقائد الحرس الجمهوري وقال له الريس بيحاول يطلبك شوف عاوز منك إيه وحذار من التورط، وبالفعل قام قائد الحرس بالاتصال برئيس الجمهورية الذي بادره بالسؤال: ماذا فعلت؟
قال قائد الحرس: سأذهب إلي القصر الرئاسي وأبحث الأمر مع قادة الحرس.
الرئيس: لماذا لم تتصل بأسعد الشيخة لينسق معك.
قال قائد الحرس: أنا أعرف شغلي جيدًا وسأقدر الموقف وأبلغ سيادتك بتطورات الأحداث أولاً بأول.
قال الرئيس: أوعي تعمل زي بتاع الداخلية، ده موش حيعمل حاجة، وحسابي معاه بعدين.
قام اللواء محمد زكي علي الفور بالعودة إلي القصر الجمهوري وشعر بخطورة الموقف فقرر الدفع بعدد من كتائب الحرس الجمهوري في نحو الخامسة صباحًا من يوم الخميس 6 ديسمبر لمواجهة الموقف فتم وضع أسلاك شائكة لمحاولة الفصل بين المتظاهرين لوقف الاشتباكات التي ظلت دائرة حتي هذا الوقت ورفض قائد الحرس الاستجابة لجميع مطالب الرئيس بفض الاعتصام بالقوة والتدخل ضد من أسماهم بالمعتدين وكان يقصد المعارضين.
أبدي الرئيس استياءه الشديد من رفض اللواء محمد زكي استخدام القوة ضد المعارضين، وهدد باتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بإعادة الأمن ومطاردة المعارضين الذين ظل بعضهم موجودًاحول القصر الجمهوري.
في هذا الوقت طلب الرئيس من أسعد الشيخة إصدار بيان باسم الحرس الجمهوري يطلب فيه من المتظاهرين والمعتصمين المعارضين إخلاء المنطقة فورًا، لم يكن اللواء محمد زكي علي علم بهذا البيان، وقد فوجئ به، إلا أنه طلب من ضباط الحرس عدم الاستجابة لأية أوامر من أحد إلا منه شخصيًا.
كان الرئيس قد كلف أسعد الشيخة للتنسيق مع اللواء أحمد فايد مدير شرطة الرئاسة ليكون حلقة الوصل مع اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية، ويبلغه التعليمات أولاً بأول.
كان أسعد الشيخة قد طلب منه إبلاغ وزير الداخلية بارسال قوات الأمن المركزي مساء يوم 5 ديسمبر لمواجهة المتظاهرين المعارضين في شارع الخليفة المأمون وميدان روكسي إلا أن وزير الداخلية رفض ذلك مما أثار حفيظة الرئيس مرسي.
وعندما جري احتجاز 54 شخصًا حول أسوار القصر، أسرع أسعد الشيخة واتصل بالرئيس محمد مرسي وقدم إليه معلومات كاذبة تقول: 'إن المقبوض عليهم اعترفوا أنهم تلقوا أموالاً من قيادات حزبية معارضة لتنفيذ مؤامرة ضد الرئيس'.
قبلها بساعات قليلة كان السفير رفاعة الطهطاوي قد نصَّب من نفسه خصمًا وحكمًا وراح يُصدر تصريحات لوسائل الإعلام المختلفة زعم فيها أن اجتماعات قد جرت في مركز إعداد القادة بالعجوزة بين قادة بالحزب الوطني ومتظاهرين لتمويل الاعتداء علي قصر الاتحادية، وقال إن هناك اجتماعًا آخر جري في فندق 'سفير' بين شخصية صعيدية ومتظاهرين للغرض نفسه، ولم يقدم السفير الطهطاوي ما يثبت صحة ادعاءاته أو يؤكدها.
وعندما ألقي الرئيس محمد مرسي بيانًا للشعب مساء الخميس 6 ديسمبر 2012 راح يردد الاتهامات ذاتها، وقال حرفيًا قبل أن تقول النيابة العامة كلمتها: 'لقد ألقت قوات الأمن القبض علي أكثر من 80 متورطًا في أعمال عنف وحمل للسلاح ومستعمل له، وإن النيابة العامة قد حققت مع بعضهم والباقون محتجزون قيد التحقيق بمعرفتها، وإنه من المؤسف أن بعض المقبوض عليهم لديهم روابط عمل واتصال ببعض من ينتسبون أو ينسبون أنفسهم إلي القوي السياسية، وبعض هؤلاء المستخدمين للسلاح والممارسين للعنف من المستأجَرين مقابل مال دُفع لهم، وكشفت ذلك التحقيقات واعترافاتهم فيها'.. وتساءل الرئيس: 'مَن أعطي لهم المال؟! ومَنْ هيأ لهم السلاح؟ ومَنْ وقف يدعمهم'؟
وقال الرئيس: 'لقد رأينا قبل ذلك حديثًا مجهَّلاً عن الطرف الثالث في أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد، ولم يتمكن أحد من التوصل للطرف الثالث. إن هؤلاء المقبوض عليهم تكلموا عنهم وعن ارتباطاتهم بهم، وإن اعترافات هؤلاء سوف تُعلن النيابة العامة نتائجها في ضوء التحقيقات التي تُجري الآن في هذه الوقائع المؤسفة مع مرتكبيها والمحرضين عليها ومموليها في الداخل كانوا أو في الخارج'.
وقال الرئيس: 'إن الدماء الزكية التي سالت في الأحداث خلال اليومين السابقين لن تذهب هدرًا، والذين زودوا المتهمين بالسلاح والمال وحرَّضوا علي العنف بدءوا ينزلون إلي النيابة العامة تمهيدًا للتحقيق معهم'.
.. لقد ظن الكثيرون في هذا الوقت أن معلومات الرئيس مستقاة من تحقيقات النيابة العامة، غير أن الواقع كان عكس ذلك تمامًا، وثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن كل ما ذكره مرسي كان معلومات مغلوطة لا أساس لها، إنما هي مجرد توريط متعمد له من قِبل الجماعة وعناصرها، وفي اليوم التالي 7 ديسمبر كان قائد الحرس الجمهوري يؤدي صلاة الجمعة مع الرئيس في دار الحرس الجمهوري وعندما أبلغه مساء أن حشودًا من الإخوان ستزحف إلي القصر الجمهوري وأنه يتخوف من دخول المعارضين لساحة القصر قال له من يتوجه إلي هناك اضربه بالنار واقتله فورًا.
أصاب الذهول قائد الحرس الجمهوري، وقال له أنا لن أستطيع أن أعطي أوامر لرجال الحرس بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين.
رد عليه الرئيس: وهل تسمح لهم بدخول القصر والعبث بمحتوياته أو إحراقه؟
قال اللواء محمد زكي: بالقطع لن نسمح، ولكن هناك وسائل عديدة يمكن استخدامها بخلاف ضرب الرصاص.
قال محمد مرسي: أنا قلت لك كلامًا واضحًا، اضرب بالرصاص، اقتل ولا تعمل حسابا لأي شيء، أنا أحميك، هذا حق دفاع شرعي.
قال قائد الحرس: لا أضمن أن أحدا ينفذ تعليماتي وأنا شخصيا لن أسمح بذلك، دعني أتعامل مع الوضع بطريقتي، أنت تعرف أننا حريصون علي القصر الرئاسي ولن نسمح باقتحامه أبدًا، ولكن هناك أكثر من وسيلة لمنع حدوث ذلك بعيدًا عن القتل والدم والموت، أنا كل ما أرجوه منك يا سيادة الرئيس أن تمنع حضور المتظاهرين الإخوان الذين علمت أنهم سيأتون إلي الاتحادية من عند جامعي رابعة والرحمن الرحيم، وأنا كفيل بإنهاء الأحداث الحالية..
قال الرئيس: أنا عاوز رجالتك يشهدوا في محضر النيابة علي الأولاد المجرمين اللي اتمسكوا امبارح.
قال قائد الحرس: النيابة من حقها أن تسأل من تريد ومن تشاء ولكن أنا لن أطلب من أحد أو أرغم أحدا علي الشهادة لصالح أو ضد أحد..
أدرك مرسي في هذه اللحظة، أنه لا أمل في تغيير موقف اللواء محمد زكي من الأحداث، لكنه لم يكن قادرًا علي إصدار قرار بإبعاده من موقعه، لكنه ترك مصيره للأيام القادمة..
كان الرئيس غاضبا أيضا من اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية، الذي رفض الرد علي هاتف الرئيس لعدة مرات، لأنه كان يعلم أن الرئيس سوف يطلب منه التصدي للمتظاهرين الذين أزالوا الحواجز التي وضعت للحيلولة دون وصولهم إلي مبني القصر الجمهوري.
كان الاتفاق يقضي بأن يتولي الحرس الجمهوري حماية القصر من الداخل وتتولي وزارة الداخلية حمايته من الخارج كان الاتصال الوحيد الذي جري بين الرئيس ووزير الداخلية تليفونيا هو الذي طلب فيه الرئيس من أحمد جمال الدين التصدي ولو بالقوة للمتظاهرين فرد عليه أحمد جمال الدين بالقول أنا معنديش مانع بس أرسل لي سيادتك قرارًا مكتوبًا وموقعا بخط يدك، ساعتها أغلق مرسي التليفون في وجه وزير الداخلية واتخذ قرارا بإبعاده في أقرب فرصة ممكنة.
تولي أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس الاتصال بوزير الداخلية في هذا الوقت، كان ينقل إليه التعليمات إلا أن أحمد جمال الدين لم يكن يستجيب لأي منها فقط كان يبذل كل ما في جهده لحماية القصر من الاقتحام إلا أنه رفض استخدام القوة بأي شكل من الأشكال.
كان أحمد جمال الدين يتخوف من تكرار سيناريو 28 يناير 2011، عندما وجدت الشرطة نفسها وجها لوجه مع الجماهير التي نزلت إلي الشوارع، كان المشهد مؤلما وتسبب في كارثة لا تزال الشرطة تدفع ثمنها، رغم أن المؤامرة كانت إخوانية، وهي التي سعت إلي اشعال المعركة بين الشعب والشرطة في هذا الوقت..
عندما أبلغ اللواء أحمد جمال الدين بأن المتظاهرين حملوا لواء شرطة أشرف عبد الله علي أكتافهم، وعندما شاهد رجال الشرطة يلتحمون مع الجماهير غمرته سعادة بالغة، لأنه أدرك في هذا الوقت أن الحاجز النفسي الذي أوجده الإخوان بين الشرطة والشعب قد سقط نهائيا وإلي غير رجعة.
في اليوم التالي أجري رئيس الجمهورية اتصالاً باللواء أحمد جمال الدين، لقد كان غاضبًا ومحتدا في الحديث وقال لوزير الداخلية: أنا أحمل الشرطة المسئولية عن الأحداث التي شهدها القصر الجمهوري أمس، لو كان هناك جدية في التعامل مع هؤلاء المخربين لما حدث ذلك ولكن للأسف رجال الداخلية تظاهروا مع المخربين وكمان حملوهم علي الأكتاف، أين الأمن؟ وكيف تترك الأحداث تتداعي بهذا الشكل؟
قال وزير الداخلية: لكن الشرطة كانت تعرف أن المظاهرة سلمية ولن يقتحموا القصر.
قال محمد مرسي: لكنك لم تستطع حماية رئيس الجمهورية، كيف سمحت لهؤلاء المخربين بأن يتواجدوا أمام القصر ويعتدوا علي سيارة رئيس الجمهورية.
قال وزير الداخلية: كانت قوات الأمن موجودة وهي التي أفسحت الطريق وقد تصدينا لهم وألقينا القبض علي عدد منهم، ومع ذلك أقول لسيادتك: إن قوات الأمن كانت قد أعدت 40 تشكيلا لمواجهة هذه الأحداث.
قال الرئيس: وأين هم وماذا فعلوا يا فرحتي بيهم هذه مؤامرة علي الرئيس، وأنا لن أسمح باستمرار هذه المهزلة.
كان أحمد جمال الدين يعرف أن أسعد الشيخة وأحمد عبد العاطي يحرضان الرئيس علي الشرطة وينقلان إليه معلومات خاطئة عن وجود مؤامرة تقودها الشرطة ضد الرئيس، ولذلك وصل في هذا الوقت نحو مائة من ميليشيات الإخوان ووقفوا إلي جانب وحول دارالحرس الجمهوري لحماية الرئيس..
ومع تدهور الأوضاع في مساء ذات اليوم اتصل د.سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق ورئيس حزب الحرية والعدالة بالوزير أحمد جمال الدين طلب فيه الكتاتني من وزير الداخلية التدخل العاجل والسريع لإنهاء الاشتباكات التي كانت تدور في هذا الوقت بين المعارضين وبين أنصار الرئيس مرسي حول قصر الاتحادية والشوارع المحيطة، وهنا طلب وزير الداخلية من د.سعد الكتاتني ضرورة إصدار تعليماته لشباب الإخوان بالانسحاب من أمام قصر الاتحادية حتي يتمكن من إنهاء هذه الاشتباكات علي الفور..
قام د.سعد الكتاتني في هذا الوقت المتأخر من الليل بإبلاغ أيمن هدهد المستشار الأمني للرئيس بضرورة فض المتجمهرين من جماعة الإخوان وإبعادهم فورًا من محيط الاشتباكات.
قام أيمن هدهد بالاتصال بشباب الإخوان أحمد المغير وعبد الرحمن عز وأيضا أبلغ البلتاجي بضرورة التجمع أمام الاتحادية حتي تتمكن الشرطة من فض الاشتباكات، وبدأت عناصر تنسحب تدريجيا من المنطقة إلي الاتحادية، بينما كانت هناك مجموعة أخري تمارس العنف والتعذيب علي المتظاهرين المعارضين والذين تم اختطافهم من الشوارع وجاءوا بهم أمام بوابة القصر الرئاسي رقم '4' لتعذيبهم والتحقيق معهم.
وحتي هذا الوقت الخامسة صباح 6 ديسمبر لم يكن الإخوان قد سحبوا ميليشياتهم، وعندما التقي وزير الداخلية بأيمن هدهد، سأله: لماذا لم تسحبوا عناصركم كما أبلغني د.سعد الكتاتني؟ فقال له: سوف ينسحب الشباب ولكن بعد أن يؤدوا الصلاة علي أرواح شهدائهم الذين سقطوا بيد المخربين أبدي وزير الداخلية امتعاضه من هذا السلوك وأدرك أن الإخوان قرروا الاستمرار في المواجهة لحين طرد المعارضين من أمام القصر الجمهوري.
لقد أبلغ أحمد عبد العاطي وزير الداخلية في هذا الوقت ضرورة أن تتسلم الشرطة بعض المقبوض عليهم من المواطنين بواسطة شباب الإخوان لتسليمهم إلي النيابة العامة، إلا أن وزير الداخلية رفض ذلك، وقال لن نتسلم أحدا إلا بعد حضور النيابة العامة.
كانت المعلومات التي وصلت إلي اللواء أحمد جمال الدين أكدت أن ميليشيات الإخوان قد قامت بتعذيب هؤلاء الشباب وأحدثوا بهم إصابات بالغة ولذلك أدرك الخديعة ورفض استلامهم فتم احتجازهم أمام بوابة '4' لحين وصول النيابة العامة.
وفي صباح ذات اليوم عندما التقي الرئيس وزير الداخلية كان عتاب الرئيس للوزير شديدًا، إلا أن الوزير اشتكي له من أن عناصر الإخوان هي التي بادرت بالاعتداء وإشعال الموقف، وأن استمرار الأوضاع في التدهور كان سببه أن أيمن هدهد رفض تنفيذ تعليمات د.سعد الكتاتني بصرف عناصر الإخوان بعيدًا عن القصر، فظلوا موجودين حتي هذه اللحظة.
في هذا الوقت طلب الرئيس من أسعد الشيخة صرف العناصر الموجودة حتي هذا الوقت، خاصة بعد أن أدت مهمتها علي الوجه الأكمل، وعلي الفور قام أسعد الشيخة بإصدار تعليماته بإنهاء وجود العناصر الإخوانية حول القصر فانصرفوا علي الفور ودون تردد.
كانت النيابة العامة تواصل تحقيقاتها في هذه الأحداث اعتبارًا من فجر يوم الخميس 6 ديسمبر، حيث تلقت نيابة مصر الجديدة الجزئية بلاغا بوقوع اشتباكات ومصادمات بمحيط قصر الاتحادية نشأ عنها حتي هذا الوقت وفاة 9 أشخاص وإصابة نحو 391 جريحا وقد شرعت النيابة علي الفور في مباشرة التحقيقات وانتقلت إلي المستشفيات لمناظرة جثث المتوفين ومعاينة أماكن الأحداث.
كان المستشار مصطفي خاطر المحامي العام لنيابة شرق القاهرة علي رأس وفد النيابة الذي تابع الأحداث، وأثناء إجراء المعاينة تلقي اتصالاً من المستشار طلعت عبد الله 'النائب العام المعين' بقرار من رئيس الجمهورية، حيث استفسر منه عن مجريات التحقيق وموقف المتهمين والاعترافات التي أدلوا بها، وقد أبلغه المستشار مصطفي خاطر بأنه تم ضبط 90 متهمًا علي ذمة الأحداث، وأن أفرادًا ينتمون إلي مؤيدي الرئيس هم الذين ألقوا القبض عليهم، وأن التحقيقات جارية معهم.
في هذا الوقت طلب النائب العام المعين من المستشار مصطفي خاطر التوجه إلي قصر الاتحادية وأبلغه أنه تم ضبط 49 بلطجيا هكذا قال وجميعهم محتجزون عند البوابة رقم '4' الخاصة برئاسة الجمهورية، وأنه تم التصديق بمعرفته مع السفير محمد رفاعة الطهطاوي 'رئيس ديوان رئيس الجمهورية' لكي تتوجه النيابة العامة إلي قصر الرئاسة لتسلُّم هؤلاء المتهمين، والغريب أن النائب العام المعين طلب من المحامي العام لنيابة شرق القاهرة ضرورة اتخاذ قرار حاسم بشأن هؤلاء المتهمين، خصوصًا المجموعة التي تم ضبطها واحتجازها بجوار قصر الاتحادية، وأوصي بضرورة حبسهم احتياطيا.
كان ذلك بمثابة توجيه من النائب العام المعين، حتي قبيل أن تبدأ التحقيقات مع المقبوض عليهم، وهو أمر أثار المستشار مصطفي خاطر.
لقد توجه المستشار مصطفي خاطر علي الفور علي رأس وفد من النيابة العامة إلي قصر الرئاسة بمصر الجديدة، وهاله حجم التعذيب والضرب المبرح الذي تعرض له المقبوض عليهم، وقد قام فريق النيابة بإثبات تلك الإصابات في حينه وبموجب تقارير طبية ومحضر إجراءات، حيث أفادوا جميعًا بأن من تولي ضبطهم وتعذيبهم مجموعة تنتمي إلي جماعة الإخوان المسلمين، وأن التعذيب الذي تعرضوا له منهم، كان الهدف من ورائه إجبارهم علي الاعتراف بأنهم مأجورون للقيام بأعمال شغب لقاء مبالغ نقدية.
في الثالثة والنصف من بعد عصر يوم الخميس، عُرض المحضر الخاص بالواقعة علي المحامي العام لنيابة شرق، حيث شرع فريق التحقيق من النيابة العامة في مباشرة التحقيقات واستجواب جميع المتهمين في ضوء محضر التحريات الذي أعده فريق من رجال المباحث الجنائية والأمن الوطني، فقد أشار المحضر إلي أن المتهمين تم ضبطهم بمعرفة عناصر من المتظاهرين الذين ينتمون لجماعة الإخوان، وأن التحريات أكدت عدم وجود أي أدلة تثبت إدانتهم وصِدْقَ التصريحات التي أدلي بها رئيس الجمهورية محمد مرسي في خطابه في اليوم التالي لهذه الأحداث، وهو ما لم يحدث جملة وتفصيلاً، كما ذكر المستشار مصطفي خاطر في خطاب استقالته المقدم منه إلي النائب العام المعين.
بعد الانتهاء من التحقيقات في اليوم التالي، تم عرض الأمر علي رئيس المكتب الفني للنائب العام، حيث أشارت التحقيقات إلي عدم وجود أي أدلة تفيد بتورط المقبوض عليهم في تلقي أموال أو ارتكاب أعمال عنف، بل كان الكثيرون منهم ضحية للعنف والتعذيب، وأن النيابة العامة قررت الإفراج عنهم جميعًا.. بعد أن ثبت أنه لا توجد أي أدلة من شأنها إصدار قرار حبس للمتهمين، وأن جميع أعضاء فريق التحقيق اتفقوا علي إخلاء سبيل جميع المتهمين ما عدا من ضُبط بحوزته أسلحة نارية، وعددهم أربعة متهمين، ينتمون جميعًا إلي جماعة الإخوان وحلفائها.
في هذا الوقت تجمع حول مبني محكمة مصر الجديدة حوالي 2000 من أهالي المتهمين ومجموعة كبيرة من المحامين للتنديد بما أسموه بتعسف النيابة العامة والتأخر في إخلاء سبيل المتهمين، وطالبوا بالإفراج عن المقبوض عليهم.
وفي اليوم نفسه تلقي المستشار خاطر إخطارًا من النائب العام المعين بأنه يتعين عليه حبس مجموعة من المتهمين، كان عددهم 45 متهمًا، إلا أنه رفض ذلك القرار واتفق معه في ذلك أعضاء فريق التحقيق، وقام السيد إبراهيم صالح 'رئيس نيابة مصر الجديدة' بعد التشاور مع المستشار مصطفي خاطر بإخلاء سبيل جميع المتهمين، لعدم وجود أي أدلة، وتم إصدار القرار علي غير رغبة النائب العام المعين.
في اليوم التالي استدعي مكتب النائب العام، المستشار مصطفي خاطر ومعه السيد سامح عصام 'رئيس النيابة الجزئية' والسيد إبراهيم صالح 'رئيس نيابة مصر الجديدة' لمقابلة النائب العام المعين، حيث استقبلهم استقبالاً فاترًا ووجَّه إليهم اللوم الشديد علي قرارهم بإخلاء سبيل المتهمين علي غير رغبته.
وقد حاول المستشار مصطفي خاطر أن يشرح الأمر للنائب العام المعين تفصيليا وقال له إنه لا توجد أي أدلة تثبت تورط المتهمين في أعمال عنف، وإن محاضر التحريات جاءت لصالحهم، وإن الأمن لم يقبض عليهم، وإنهم تعرضوا لتعذيب شديد علي يد عناصر من جماعة الإخوان المسلمين.. إلا أن النائب العام المعين قال لهم: إن هذا يُعَدُّ سوء تقدير للموقف، ويعني تكذيب المعلومات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه، وإنه في وضع حرج للغاية، وقال لهم إنه لا يستطيع أن يجبر أحدًا علي العمل معه، وإن من يرغب في ترك العمل عليه تقديم طلب في هذا الشأن.
خرج المستشار مصطفي خاطر ومن معه، ولديهم إحساس كبير بالمهانة، نظرًا لما تعرضوا له داخل مكتب النائب العام المعين، وما رافق ذلك من تهديد واضح وصريح يكشف عن رغبة النائب العام المعين في إجبارهم علي حبس هؤلاء الأبرياء مهما كان الثمن في المقابل، وهو ما عبَّر عنه البيان الصادر من النائب العام المعين بعد ذلك والذي أكد أنه سوف يتم حبس كل من توافرت أدلة ضده حتي مَنْ تم إخلاء سبيله منهم.
وعندما عاد المستشار مصطفي خاطر إلي مكتبه لمواصلة عمله فوجئ بفاكس يحمل كتابًا للنائب العام يتضمن قرارًا بنقله وانتدابه للعمل في نيابة بني سويف، مما أثار سخط أعضاء النيابة العامة جميعًا.
وعلي الفور اتفق المستشار مصطفي خاطر مع السيد إبراهيم صالح 'رئيس نيابة مصر الجديدة' علي كتابة خطاب موجه إلي رئيس مجلس القضاء الأعلي يطلبان فيه إنهاء انتدابهما بالنيابة العامة والعودة إلي منصة القضاء.
كان الخطاب صادمًا للجميع، فلقد تضمن الأسباب الحقيقية لقرار الإبعاد، فاهتز ضمير القضاة ورجال النيابة العامة وسادت حالة من الغضب لدي الرأي العام، الذي أدرك أن العدالة في خطر، وأن هناك من يتربص بها، وأن أسباب الإصرار علي إبعاد المستشار عبد المجيد محمود من منصبه تتضح يومًا بعد الآخر.
لقد كان المستشار عبد المجيد محمود يرفض بكل إصرار الإملاءات الرئاسية والحكومية عليه، خاصة بعد أن رفض إصدار قرارات بحبس من جري تقديمهم من المقبوض عليهم في أحداث محمد محمود الأخيرة دون أدلة واضحة، إضافة إلي أسباب أخري عديدة تتكشف تدريجيًا ولا علاقة لها بما جري ترديده عبر عناصر الإخوان وتابعيهم عن أسباب قرار إبعاده.
في الثالثة من عصر الخميس 13 ديسمبر 2012، عقدت الجمعية العمومية لأعضاء النيابة العامة والقضاة اجتماعًا طارئًا ترأسه المستشار أحمد الزند، تحدث فيه العديد من رجال النيابة العامة، الذين أعلنوا تضامنهم مع رجال النيابة العامة في نيابة شرق القاهرة، والمستشار مصطفي خاطر الذي كان قد صدر قرار من النائب العام بإعادته إلي عمله مرة أخري والتراجع عن قرار إبعاده إلي بني سويف، خاصة بعد أن رفض المستشار مصطفي خاطر تنفيذ قرار النائب العام المعين وقرر تقديم مذكرة إلي رئيس المجلس الأعلي للقضاء يشرح فيها أسباب الطلب الذي تقدم به ومعه السيد إبراهيم صالح 'رئيس نيابة مصر الجديدة' مطالبين فيه بالعودة إلي منصة القضاء وإنهاء انتدابهما بالنيابة العامة.
قرر الأعضاء تعليق العمل بجميع نيابات الجمهورية لحين تنحي المستشار طلعت إبراهيم 'النائب العام 'المعين'' عن منصبه، وإقالة المستشار أحمد مكي 'وزير العدل'، وتخلي المستشار زغلول البلشي 'مدير التفتيش القضائي' عن منصبه.. كما طالبوا بإقالة المستشار أسامة رءوف 'المحامي العام لنيابات الإسكندرية'، ودعا الأعضاء إلي الاعتصام في مكتب النائب العام في العاشرة من صباح يوم الإثنين 17 ديسمبر 2012 لإجبار النائب العام 'المعين' علي تقديم استقالته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.