محمد معيط: العجز في الموازنة 1.5 تريليون جنيه.. وأنا مضطر علشان البلد تفضل ماشية استلف هذا المبلغ    وزير الخارجية الروسي: الوضع في غزة لا يزال هشا    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بمنشأة القناطر    تحذير هام من محافظة كفر الشيخ للمواطنين بعد زحف السحب الممطرة على المحافظة    نيللي كريم وداليا مصطفى تسيطران على جوجل: شائعات ونجاحات تُشعل الجدل    لمدة يومين، فصل جزئي للكهرباء في أبو تيج بأسيوط لرفع كفاءة تشغيل محطة المياه    فصل التيار الكهربائى عن 3 مناطق بمدينة بيلا فى كفر الشيخ.. اليوم    أبرزهم أحمد حاتم وحسين فهمي.. نجوم الفن في العرض الخاص لفيلم الملحد    حزب "المصريين": بيان الخارجية الرافض للاعتراف بما يسمى "أرض الصومال" جرس إنذار لمحاولات العبث بجغرافيا المنطقة    بحضور وزير الثقافة.. أداء متميز من أوركسترا براعم الكونسرفتوار خلال مشاركتها في مهرجان «كريسماس بالعربي»    لجنة بالشيوخ تفتح اليوم ملف مشكلات الإسكان الاجتماعي والمتوسط    عمر فاروق الفيشاوي عن أنفعال شقيقه أثناء العزاء: تطفل بسبب التريندات والكل عاوز اللقطة    فيديو جراف| تسعة أفلام صنعت «فيلسوف السينما».. وداعًا «داود عبد السيد»    أسبوع حافل بالإنجازات| السياحة والآثار تواصل تعزيز الحضور المصري عالميًا    انتخابات النواب| محافظ أسيوط: انتهاء اليوم الأول من جولة الإعادة بالدائرة الثالثة    «الداخلية» تكشف مفاجأة مدوية بشأن الادعاء باختطاف «أفريقي»    ما بين طموح الفرعون ورغبة العميد، موقف محمد صلاح من مباراة منتخب مصر أمام أنجولا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    أمم إفريقيا - لوكمان: تونس لا تستحق ركلة الجزاء.. ومساهماتي بفضل الفريق    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    ناقد رياضي: الروح القتالية سر فوز مصر على جنوب أفريقيا    أحمد سامى: كان هيجيلى القلب لو استمريت فى تدريب الاتحاد    لافروف: نظام زيلينسكي لا يبدي أي استعداد لمفاوضات بناءة    تفاصيل إصابة محمد على بن رمضان فى مباراة تونس ونيجيريا    2025 عام السقوط الكبير.. كيف تفككت "إمبراطورية الظل" للإخوان المسلمين؟    حادثان متتاليان بالجيزة والصحراوي.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين وتعطّل مؤقت للحركة المرورية    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    لافروف: أوروبا تستعد بشكل علني للحرب مع روسيا    نوفوستي تفيد بتأخير أكثر من 270 رحلة جوية في مطاري فنوكوفو وشيريميتيفو بموسكو    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميل روبير الفارس لحصوله علي جائزة التفوق الصحفي فرع الصحافة الثقافية    مها الصغير تتصدر التريند بعد حكم حبسها شهرًا وتغريمها 10 آلاف جنيهًا    آسر ياسين ودينا الشربيني على موعد مع مفاجآت رمضان في "اتنين غيرنا"    «زاهي حواس» يحسم الجدل حول وجود «وادي الملوك الثاني»    بعد القلب، اكتشاف مذهل لتأثير القهوة والشاي على الجهاز التنفسي    محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    «إسرائيل: السحر الدين الدم».. كتاب جديد يكشف الأسرار الخفية للدولة العبرية    المحامي ياسر حسن يكشف تطورات جديدة في قضية سرقة نوال الدجوي    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    أخبار مصر اليوم: انتظام التصويت باليوم الأول لجولة الإعادة دون مخالفات مؤثرة، تطوير 1255 مشروعًا خلال 10 سنوات، الذهب مرشح لتجاوز 5 آلاف دولار للأوقية في 2026    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرارات 25 يوليو وأسبابها الحقيقية

إخوان تونس.. رحلة الصعود والسقوط (6)
-لماذا قرر الرئيس قيس سعيد التدخل دستوريًا وتجميد عمل البرلمان؟
-مجلس شورى "النهضة" يحمّل الغنوشي وقيادات الحزب مسئولية ما حدث
-الوعود الوهمية.. والتحالفات المصلحية.. وتردي الأوضاع.. والخوف من انهيار
-الدولة شكلت أسبابا رئيسة وراء قرارات الرئيس قيس سعيد
.. ..
" في الحلقة السادسة من حلقات «إخوان تونس رحلة الصعود والسقوط» يتناول الزميل مصطفى بكري، رئيس التحرير، الأسباب التي أدت بالشعب التونسي إلى الانتفاضة مجددًا ضد حزب حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي، وانحياز الرئيس قيس سعيد إلى الخيار الشعبي وتفعيل الفصل (80) من الدستور الذي يعطيه صلاحية التدخل لحماية الدولة من الانهيار.
ويتناول الكاتب تفاصيل اجتماع مجلس شوري الحركة الذي أعقب قرارات 25 يوليو بتجميد البرلمان وإقالة الحكومة، ومدى مصداقية قرارات المجلس الذي أكد تحمل الحركة جزءًا من مسئولية ما حدث وطالبها بمراجعة مواقفها وقراراتها ".
.. ..
بعد التعديل الوزاري الذي قام به رئيس الحكومة هشام المشيش في 16 يناير 2021، والذي أملاه عليه كل من حزب حركة النهضة، وحزب قلب تونس المتحالف مع الحركة، رفض الرئيس قيس سعيد تنظيم حفل أداء اليمين للوزراء الجدد، وهو أمر لازم وأساسيّ ودستوريّ.
ومع تصاعد الأزمة، حاولت أحزاب ومؤسسات أن تسعى للعب دور الوسيط بين رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة، ولكن حركة النهضة رفضت ذلك، بل وسعت إلى المواجهة مع الرئيس، وذلك بأن دعت أنصارها إلى التظاهر دفاعًا عن الشرعية ومؤسساتها، وهكذا نزل آلاف المتظاهرين إلى شارع محمد الخامس في قلب العاصمة التونسية للاحتجاج ضد مواقف الرئيس، برغم جائحة كورونا وتداعياتها.
وكان التصويت على حكومة «المشيش» قد جري في 2 سبتمبر 2020 بحصولها علي ثقة 134 صوتا من مجموع أصوات البرلمان (217) صوتا، ومعارضة 72 صوتا، ورغم أن الرئيس قيس سعيد هو الذي اختار المشيش مرشحًا لرئاسة الحكومة، فإنه سعي إلى كسب ثقة النهضة وقلب تونس في كثير من القرارات التي لم يكن يرضي بها الرئيس التونسي، ومن بينها عزل وزير الصحة فوزي المهدي المحسوب على الرئيس.
وكانت الأزمة داخل مجلس النواب تتصاعد من جانب آخر وتحديدا منذ نوفمبر 2020، حيث قاد الحزب الدستوري برئاسة عبير موسي اعتصامًا مفتوحًا أمام فرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كما سعت إلى سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي ولكنها لم تستطع الوصول إلى الرقم المطلوب الذي يمكنها من صلاحية سحب الثقة وشهد البرلمان في هذه الفترة اعتداء جسديا من أحد أعضاء المجلس المقربين من حزب حركة النهضة، وهو أمر أثار استياءً واسعًا في كافة الأوساط داخل تونس وخارجها..
وفي مقابل ذلك كانت الأوضاع في البلاد تزداد تفاقمًا، خاصة بعد الفشل الكبير الذي مُنيت به الحكومة في إدارة الأزمة ومحاولة تحميلها فقط لوزير الصحة المحسوب علي الرئيس وعزله من منصبه بتعليمات مباشرة صدرت من حزب حركة النهضة إلي رئيس الوزراء "هشام المشيش".
تراجع أداء الاقتصاد التونسي
رغم الوعود التي أعلنتها "النهضة" منذ وصولها إلي السلطة في أكتوبر 2011، فإن هذه الوعود لم تجد مصداقية وفاعلية على أرض الواقع في كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقبيل صدور قرارات 25 يوليو 2021، كانت الديون الخارجية لتونس قد وصلت لأكثر من 35.7 مليار دولار، مطلوب سداد نحو 5.4 مليار دولار منها في نهاية العام الجاري، كما أن الحكومة في حاجة لحوالي 6 مليارات دولار لسد العجز في ميزانية 2021.
وقد بلغت نسبة الدين العام المستحق على البلاد ما يساوي 55٪ من الناتج المحلي الإجمالي حتي نهاية عام 2021 ليقفز لنحو 90٪ خلال العام الجاري.
وكان متوسط الدين المستحق على تونس قد بلغ في 2010 حوالي 16 مليار دولار، وارتفع مع فترة حكم حركة النهضة الإخوانية إلى 20.36 مليار دولار بنهاية عام 2011، كما أن العجز المالي بلغ نحو 11.5٪ من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2020، وهو الأعلي منذ ما يقرب من أربعة عقود.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن مؤشرات الاقتصاد التونسي تراجعت بشكل كبير خلال فترة حكم «النهضة» حيث تراجعت مصادر الدخل بشكل سريع، ومن أبرز مؤشرات التدهور هو انكماش الاقتصاد بنحو 9٪ خلال العام 2020، فضلا عن ارتفاع معدل البطالة إلى 18٪.
أما الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني «فيتش» فقد خفضت التصنيف الائتماني الطويل المدي لمصادر العملة الأجنبية في تونس من «B» إلى «-B» مع آفاق سلبية، الأمر الذي يعكس مخاطر في توفر السيولة المالية محليًا وخارجيًا.
وقد اعتبر البنك المركزي التونسي أن خفض تصنيف تونس الائتماني يعد مؤشرًا سيئا للغاية، ودعا الحكومة إلى القيام بالإصلاحات اللازمة خاصة المتعلقة برفع الدعم وتخفيض كتلة الأجور.
قرارات الرئيس ومسئولية النهضة:
أمام تردي الأوضاع وزيادة حدة التوتر تصاعدت الأحداث في الشارع التونسي ضد حركة النهضة «الإخوانية» حيث حددت يوم الأحد 25 يوليو ليكون «يوم الحسم» الأخير لسحب الثقة من الحركة واستعادة الدولة التونسية المخطوفة.
وقد لقيت هذه الدعوة تجاوبًا كبيرًا في الشارع التونسي، الذي رأي أن الخلاص من حكم الإخوان في تونس، يعني إنقاذ البلاد من الأوضاع المتردية اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وصحيًا..
وأمام مخاطر انهيار الأوضاع كان طبيعيا أن يتدخل الرئيس قيس سعيد لوضع حد لحالة الفوضي التي سادت البلاد في هذه الفترة، فاضطر إلي اللجوء للفصل (80) من الدستور الذي يمنحه الحق في التدخل واتخاذ خطوات تهدف إلى حماية الدولة في حال إعلان حالة الخطر الداهم.
وقد عقد الرئيس اجتماعًا مع القيادات العسكرية والأمنية قبيل تدخله بقليل لمناقشة الأوضاع الراهنة في البلاد وأبلغهم بقراره بالتدخل المباشر استنادًا إلى الصلاحيات التي يخولها له الدستور.
وقد ألقي الرئيس خطابا يتضمن الإجراءات التي جري اتخاذها حيث حدد الموقف على الوجه التالي:
- إن المسئولية التي يتحملها بصفته رئيسًا للجمهورية تقتضي إعمال الدستور واتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذ الدولة والمجتمع التونسي.
- - إنه اتخذ جملة من القرارات التي سيتم تطبيقها فورًا، وهي تجميد كل اختصاصات المجلس النيابي، ورفع الحصانة عن كل أعضائه.
- - إعفاء رئيس الحكومة هشام المشيش ودعوة شخص آخر لتولي رئاسة الحكومة في مدة التدابير التي يجب اتخاذها.
- - إن الإجراءات التي تم اتخاذها لا تعني تعليقا للدستور أو خروجا عن الشرعية الدستورية وإنما تهدف إلى إنقاذ البلاد من خطر الفوضي.
- - إن القوات العسكرية والأمنية سوف تتصدي بكل قوة لمن يستخدم السلاح ضد الدولة.
- - اتخاذ المزيد من الإجراءات تباعًا حسب تطور الأوضاع.
- - إن القرارات لا تعني تعليق الدستور وإنما تهدف إلى إنقاذ الدولة وقطع الطريق أمام اللصوص الذين نهبوا أموال الدولة. (1)
- وبعد الإعلان عن هذا البيان الذي تضمنه خطاب الرئيس قيس سعيد تجمع المئات من المتظاهرين أمام مجلس النواب حيث شهد التجمع هتافات متبادلة خاصة بعد وصول راشد الغنوشي إلى مقر البرلمان الذي تم إغلاقه ثم المغادرة سريعًا، بعد أن أدرك أن قرارات الرئيس التونسي لقيت تجاوبًا كبيرًا من الشارع التونسي ومؤسسات الدولة المختلفة.
- ولم تكن تلك الأحداث التي تعرضت لها تونس، هي وليدة التظاهرات الأخيرة التي انطلقت في ذكري الاحتفال بتأسيس الجمهورية في 25 يوليو 2021، بل إن تونس شهدت أزمات متعددة قبل ذلك، نتيجة فشل حزب حركة النهضة في إدارة شئون البلاد وعدم الوفاء ببرنامجها الانتخابي وتصاعد التوتر داخل البرلمان والفشل في التعامل مع أزمة «كورونا»، حيث تعالت أصوات أحزاب ومنظمات وشخصيات عامة تطالب بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة كحل للخروج من الأزمة السياسية وتعثر الحوار، ولكن حركة النهضة تحفظت على ذلك.
- في هذا الوقت اقتحم متظاهرون في مناطق متعددة مقرات حزب حركة النهضة في مدن «تورز والقيروان وسيدي بوزيد وسوسة وصفاقس وغيرها» وأسقطوا اللافتات الخاصة بالحزب واقتحموا مقاره وهتفوا ضد رئيسه راشد الغنوشي، كما تجمعوا أمام مقر الحزب الرئيس في تونس وقاموا بمحاصرته للتعبير عن غضبهم، ورفعوا شعارات تطالب بخروج الحركة من الحكم، ومن بينها «ارحلوا سئمنا منكم»، «ياغنوشي يا سفاح، يا قتال الأرواح»، كما انتزع أحد المتظاهرين يافطة الحزب وألقي بها على الأرض وسط تصفيق حار من الحاضرين. (2)
- تصاعد الانشقاقات ودلالتها السياسية
- وفي 31 يوليو 2021، أي بعد قرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد عمل مجلس النواب ورفع الحصانة عن أعضائه لمدة شهر قابل للتمديد أصدر 130 عضوا من أعضاء حركة النهضة من بينهم 5 نواب وأعضاء بالمكتب التنفيذي للحركة وأعضاء من مجلس شوري الحركة بيانًا تحت عنوان «تصحيح المسار» طالبوا فيه رئيس الحركة راشد الغنوشي بتغليب مصلحة البلاد واتخاذ ما يجب من إجراءات لتأمين عودة البرلمان إلى عمله الطبيعي.
- ودعا الموقعون على البيان قيادة الحركة إلى تحمل المسئولية كاملة عن التقصير في تحقيق مطالب الشعب التونسي وتفهم حالة الاحتقان والغليان، معتبرين أن سياسات الحركة لم تكن ناجحة في الاستجابة لمطالب واحتياجات المواطنين الذين يعانون أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية بالإضافة إلى ارتفاع البطالة وتداعيات أزمة جائحة كورونا.
- وقد أحدث هذا البيان ردود فعل قوية داخل الحركة حيث أرجع الكثيرون صدور هذا القرار في هذا التوقيت إلي عدة عوامل:
- - أن البيان يأتي استمرارًا لمواقف سابقة تبناها أعضاء وقيادات الحركة طالبوا خلالها باستقالة راشد الغنوشي من رئاسة الحركة ولكنه رفض وتشبث بموقفه ضاربا بمواقف المعارضين عرض الحائط، وذلك بالرغم من استقالة الأمين العام السابق للحركة زياد العذاري من منصبه في نوفمبر 2019 وعدد آخر من القيادات صاحبة الثقل داخل الحركة ومنهم عبد الحميد الجلاصي ومحمد بن سالم وعبد اللطيف المكي والذين اتهموا القيادة بالعجز عن التعاطي مع المتغيرات السياسية التي تشهدها البلاد.
- - التأكيد علي رفض دعوة راشد الغنوشي للمواطنين بالنزول إلي الشارع والتهديد باستخدام العنف ردًا علي قرارات الرئيس قيس سعيد، وهو ما اعتبر تحريضا علي العنف ودعوة صريحة لاستدعاء الإرهابيين بشكل يهدد الأمن والاستقرار في البلاد، واتهام قيادة الحركة بالتنسيق بينها وبين تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا ومساعدة 90 من عناصر داعش بالتسلل داخل ليبيا.
- - تحميل قيادة النهضة الحالية المسئولية كاملة عن سياسات وإجراءات المرحلة الماضية والتي أدت إلي فشل الحكومات المتعارضة في التعاطي مع الأزمات الداخلية.
- - إصرار قيادة الحركة على ممارسة سياسة الهيمنة والديكتاتورية في صنع واتخاذ القرار وتجاهل وجهات نظر بقية الأعضاء.
- - الإبقاء على التنظيم السري لحركة النهضة والتورط في اغتيال الصحفيين والنشطاء السياسيين التونسيين أمثال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وتورطها في ارتكاب جرائم إرهابية في البلاد.
- وقد كشفت هذه الاستقالات عن تصاعد حدة الخلافات داخل الحركة بين القيادات الكبري وجيل الشباب الحالي، وأيضا حدوث انهيارات تنظيمية كبيرة داخل أوساط الحركة مما يؤكد تعرضها لانشقاقات مستقبلية أكثر شدة بما يضعف من مصداقيتها داخل الأوساط التي كانت متحالفة معها.
- وقد تزايدت حدة الخلافات خلال الدورة (52) لمجلس شورى الحركة خلال اجتماعه يوم الخميس 5 أغسطس 2021، حمل عددا من الأعضاء القيادة الحالية للحركة مسئولية الأوضاع التي آلت إليها البلاد، ومنها التحالفات السياسية مع الأحزاب الأخري التي لم تُجدِ نفعًا، وأوصدت باب الحوار مع رئيس الجمهورية قيس سعيد.
- وأمام الانتقادات الشديدة أصدرت الحركة بيانا في أعقاب هذه الاجتماعات أكدت فيه عددًا من النقاط أبرزها:
- 1- أنه من الضروري القيام بنقد ذاتي معمق لسياسات الحركة في المرحلة الماضية والقيام بالمراجعات الضرورية وتجديد برامجها وإطاراتها التنظيمية والحركية.
- 2- أننا نتفهم الغضب الشعبي، خصوصا لدي الشباب، بسبب الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي بعد عشر سنوات من انطلاقة الثورة.
- 3- أنها تحمل الطبقة السياسية برمتها كلا من موقعه وبحسب حجم مشاركته في المشهد السياسي مسئولية ما آلت إليه الأوضاع، ودعوتهم إلى الاعتراف، والعمل على تصحيح الأداء والاعتذار عن الأخطاء.
- وهكذا فقد أكد هذا البيان الصادر بهذا الشأن «أن الحركة تفتح الباب أمام تغيير في سياساتها خلال المرحلة المقبلة، وأن البيان يحمل في طياته نوعًا من المرونة تجاه التعامل مع قرارات الرئيس قيس سعيد لم تبدها الحركة في وقت سابق، ولكنها أبقت على توصيف ما حصل يوم 25 يوليو بالانقلاب علي الدستور.
- وعلاوة علي ذلك فقد أصدر رئيس الحركة راشد الغنوشي تصريحات أكد فيها ضرورة تحويل إجراءات الرئيس قيس سعيد إلي «فرصة للإصلاح وأن تكون مرحلة تحول ديمقراطي في البلاد».
- ووفقا لتصريحات أدلي بها رياض الشعيبي (3) المستشار السياسي لحركة النهضة لعرب بوست حول مواقف الحزب من قرارات الرئيس التونسي فقد أكد الآتي:
- أولا- إن حركة النهضة اختارت منذ انفجار الأزمة الدفاع عن حرمة الدستور التونسي وعن الديمقراطية بالوسائل السياسية السلمية والقانونية، لذلك دعت أنصارها للعودة إلى منازلهم بعد تظاهرات اليوم الأول أمام البرلمان، ونبهت إلى عدم الزج بالشعب التونسي وبمؤسسات الدولة وأجهزتها في هذا الصراع المميت.
- ثانيًا- إذا كان السلم الأهلي والوحدة الوطنية والمكتسبات المشتركة خطا أحمر بالنسبة لحركة النهضة، فعلى ذلك بنت خطتها السياسية باعتماد الحوار والمفاوضات والتنسيق السياسي والضغط لدفع الرئيس للتراجع عن خطواته «الانقلابية» وقد نجحت إلى حد الآن في الحد من جموحه للتسلط، وعبأت ضغطًا دوليًا غير مسبوق من أجل دفعه لتسريع المسار الديمقراطي.
- ثالثًا- ندعو باستمرار لحل كل الخلافات السياسية على طاولة الحوار، وترى أن الثقافة السياسية التونسية المتبناة تشجع علي سلوك هذا المنهج، بل إننا كنا ندعو وحتي قبل 25 يوليو 2021 للحوار، وتبنينا مبادرة اتحاد الشغل للحوار الوطني، لكن حينها رفض رئيس الجهمورية إجراء هذا الحوار، كما تلكأت أطراف أخرى لتتهرب من المشاركة فيه، مثلما قدر التونسيون أن يعيشوا معًا إلى الأبد على هذه الأرض، فإن قدرهم أيضًا أن يكون الحوار وسيلتهم الوحيدة لحل خلافاتهم.
- رابعًا- إن الحملة لا تتهرب من مسئولياتها عن الأزمة وأنه ومن دون تبرير رغم أن المبررات قوية، لقد نبهنا باستمرار للأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد، وربما تكون بعض خياراتنا غير موفقة في المساعدة على التخفيف منها، كما لا شك أن الحركة تتحمل قدرًا من المسئولية عن تعثر المسار الدستوري.
- خامسًا- أن الخيارات التوافقية التي أردنا من خلالها تأمين استمرار الانتقال الديمقراطي تحولت إلى عائق أمام أي تغيير في الواقع.
- سادسًا- أن حركة النهضة وضعت نفسها تحت كراهات كثيرة كان بوسعها أن تخفف منها، لكنها للأسف لم تكن في أحيان كثيرة بناء على رؤي إستراتيجية واستباقية، وتعاملت مع الأحداث والافعال ببراحماتية، ورد الفعل حتي أفقدها ذلك ميزتها وقدرتها علي بناء بدائل ناجزة.
- سابعًا: أن مشاركة حركة النهضة في الحكم على مدي امتداد السنوات العشر الأخيرة اتخذت 3 أشكال:
- - ترأست حكومتين لمدة سنة ونصف السنة.
- - شاركت بممثلين في 3 حكومات لمدة خمس سنوات ونصف السنة.
- - دعمت من الخارج حكومتين طوال سنتين.
- ولذلك فإن الحديث عن مسئوليتها يجب أن يوضع في إطار هذه المستويات المختلفة من المشاركة.
هوامش
.. .. ..
- (1) العين الإخبارية: 26/7/2021
- (2) اليوم السابع: 26 يوليو 2021
- (3) عرب بوست: 3/8/2021


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.