كشف في دراساته عن أن القمامة ذات قيمة اقتصادية ومصدر للموارد لا تنتهي، يمكنها أن تحل كثيرا من مشكلاتنا الاقتصادية، وتفتح المجال للتوسع الصناعي والزراعي. وضع دراسات عملية طرحها محليا ودوليا. إنه الدكتورهشام القصاص أستاذ علوم البيئة ووكيل معهد الدراسات والبحوث البيئية، والذي نال شهادات وتقديرات محلية وعالمية وعمل مستشارا دوليا في مجالات البيئة. - سألته ما رأيكم في برنامج النظافة المفعل حاليا؟ القضية ليست رفع شعار ولكنها ترتبط بثقافة النظافة لدي المواطن فليس هناك منطق يقول: ارفع القمامة دون توعية المواطن بأخطارها، فالقمامة والنفايات المتخلفة عن المباني المنزلية والتجارية والهدم والمحاصيل الزراعية والحيوانية، ونفايات المصانع والمعامل والمستشفيات، ذات كميات هائلة، فالقضية ليست هنا مجرد نقل لهذه الكميات لتمثل عبئا علي مكان آخر دون أن تكون هناك رؤية للإفادة القصوي منها وما بها من معادن وبلاستيك وأخشاب، وعلف جيد للحيوان. فالقضية هنا هي مدي فهم المواطن والمسئولين في أن القمامة والنفايات نعمة وتحولها إلي نقمة تكون مصدر لتبوير الأرض وانتشار الأمراض وتلوث البيئة - ما هي الأخطار التي تخلفها القمامة والمخلفات علي الصحة العامة؟ القمامة والمخلفات هي مصدر الأمراض وانتشارها بما لا يقل عن 90% في البيئة المصرية إذ تنشر نحو 42 مرضا كلها خطيرة، حيث قدرت أجهزة البيئة والأممالمتحدة أن التلوث الناتج عنها يكلف مصر نحو 24 مليار جنيه ثلثيها تنفق علي العلاج والدواء والثلث الباقي بسبب تدهور الثروات الطبيعية، بطريقة مباشرة، حيث أثبتت البحوث وجود علاقة مباشرة، إن النفايات والقمامة لها دور أساسي في الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان والفشل الكبدي والكلوي والاجهاض وتشوه الاجنة، وأمراض الجهاز التنفسي والتحجر الرئوي وفقر الدم والإصابة بالطفيليات، فضلا عن تقرير الأممالمتحدة عن أن بيئة القمامة تولد مجموعة من الأمراض الاجتماعية مثل الارهاب والتوتر وسوء معاملة الزوجات والأطفال والاغتصاب فهي مسئولة عن ارتفاع نسبة وفيات الأطفال المناطق الشعبية - حرق القمامة بالمناطق الشعبية أو المساحات الواسعة هل يؤثر علي حياة الانسان والبيئة فضلا عن عادم المصانع والسيارات؟ كل هذه الأمور تولد غازات خانقة حول الانسان والكرة الأرضية وهي سبب أساسي في التأثير علي طبقة الأوزون ورفع درجة حرارة الأرض التي يحقق فيها نحو 25 بليون طن ثاني أكسيد الكربون، والميثان الذي يماثل 25 ضعفا لثاني أكسيد الكربون، وغاز النيتروز الذي يماثل 230 ضعفا والكلور الذي يعادل 150 ألف ضعف ثاني أكسيد الكربون. أي أن الكرة الأرضية تختنق بالفعل، فهناك مثلا بالقاهرة وحدها مصانع في القلب من السكان تفرز نحو 5 آلاف طن ثاني أكسيد الكربون إضافة لثاني أكسيد الكبريت والنيتروجين وعشرات الغازات التي لا تحصي وهي جميعا خانقة، فضلا عن نحو مائة مصنع طوب و750 مسبكا ومحارق للفخار والحجارة والقمامة بما يعادل حرق نحو مائة طن سولار علي الأقل يوميا، فإذا أضفنا إليها ألفي أتوبيس تستهلك 160 مليون لتر سولار سنويا وضعفها من سيارات النقل الخاص والملاكي بما يفوق افراز 3 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون والكبريت والغازات السامة كاملة - تكدس القمامة خاصة بالمناطق السكنية تعتبر مصدرا مباشرا للأخطار. كيف؟ هذه النفايات بيئة مناسبة لانتاج بلايين الذباب، فزوج واحد من الذباب ينتج في 6 أشهر '191' بليون ذبابة، وكل ذبابة يمكنها أن تحمل علي جسمها 6 ملايين ميكروب، وفي مصر تنقل الذبابة 42 مرضا خطير يتكلف العلاج لإصاباتها نحو مليار جنيه سنويا، وهناك مثال آخر حاليا في انتشار القمامة علي مدي 102 قرية سياحية بالساحل الشمالي بطريقة مزعجة من المصطافين، إضافة لمقلب رئيسي عند الكيلو '72' وهي في مرحلة الذروة تنتج كميات ضخمة من الذباب الذي أصبح خطرا علي السكان المؤقتين والدائمين - بعد كل ما ذكرته هل تعتبر أن مقالب القمامة نقمة وليست نعمة؟ نعم إنها نكبة بكل المقاييس لعدة اعتبارات فهي تستخدم قطعة أرض وتحولها إلي جزء مفقود من أراضي الدولة خاصة إذا أسيئ اختيار موقع المقلب، وأن البقعة التي يقع فيها المقلب تعتبر قنبلة موقوته، تحدث منها انفجارات ومخاطر كبيرة جدا، تحتاج مبالغ ضخمة واهتماما خاصا من الدولة والمواطن - ما العمل لحل هذه المشكلة المدمرة لمواجهة أخطار النفايات والقمامة؟ الحل أن تغير ثقافة التخلص من القمامة، وأن ينشئ هيئة استثمار قومي للنفايات لأنها ثروة وهي مصدر خطر في الوقت نفسه وأن تضم هذه الهيئة 8 مناطق، الأولي في الصحراء بشرق الدلتا، وأن تكون مساحتها ألف فدان بجوار سهل الطينة، والثانية في الصحراء أيضا بغرب الدلتا لتغطية 4 محافظات بنفس مساحة السابقة وتتميز بقربها من السكك الحديدية حتي وادي النطرون، والثالثة في صحراء غرب الدلتا في ألف فدان لخدمة الإسكندرية ومطروح والساحل الشمالي والشرقي، والرابعة بالصحراء شرق النيل بالقرب من حلوان وتقع علي مساحة ألفي فدان لخدمة القاهرة الكبري وتحتاج خط سكة حديد، والخامسة بالصحراء الغربية قرب بني سويف، والسادسة بالصحراء عند مركز بهنا بالمنيا، والسابعة قرب الخارجة بمساحة ألف فدان أيضا لخدمة أسيوط، والثامنة قرب نجع حمادي لقنا وسوهاج، ويجب أن تتوافر لها جميعا خطوط سكك حديدية لتسهيل حركة بالات القمامة إلي مصانع التدوير، وأن تتولي شركات خاصة كبري كل موقع مع تشجيعها واعفائها من الرسوم والضرائب والجمارك لمدة معينة لتفعيل الاستفادة من النفايات والقمامة ولتكون مصدرا مهما في الاقتصاد القومي المستوي الاقتصادي - ما هو الحجم الحقيقي للنفايات المنزلية والقمامة في مصر؟ كمية القمامة تبلغ 31 مليون طن سنويا وترتبط الكمية الصادرة عن الفرد بمستواه الاجتماعي والاقتصادي، بينما النفايات المتراكمة في القري والمدن تتعدي 250 مليون طن تتوزع علي 25 ألف مقلب قمامة في مصر، ويكون نصيب الفرد نصف كيلو قمامة يوميا إذا كان في مجتمع فقير، وكيلو واحد للطبقة المتوسطة، وتصل إلي 1.5 كيلو في المجتمعات الغنية والجديدة - ما هي النفايات غير المنزلية وأهميتها الاقتصادية؟ هناك 8 أنواع من المخلفات الأخري فهناك نفايات المباني وتبلغ نحو 500 مليون طن سنويا ونفايات المصانع العادية بالمدن الجديدة والصناعية وهي نحو 307 ملايين، ومخلفات المصانع غير الخطرة وهي 108 أطنان وبها نفايات اسبستوس وباي باس من الأسمنت وخبث الحديد والنفايات الألكترونية والسيراميك وغيرها، وهناك نفايات المستشفيات العادية وتبلغ 158 ألف طن سنويا حسب دراسات كلية طب قصر العيني 55% عضوية 18 بلاستيك و16% منها محرضة ومصدر للعدوي و11% ابر واسلحة، بينما تمثل النفايات الخطرة نحو 45% من نفايات المستشفيات وهي تعادل نحو 71 ألف طن تصدر من 1700 مستشفي تقريبا. وهناك نفايات المحاصيل الزراعية وتبلغ 26 مليون طن سنويا، يضم قسم الأرز وحطب الذرة والقطن والسمسم وعرش الطماطم والبطاطا، وتبن الفول والعدس ونفايات القصب والبنجر، كما أن هناك نفايات الحيوانات التي تربي بالمزارع والدواجن وتبلغ 220 مليون طن، وهذه كلها ثروات غنية بالمواد الخام والصناعية بما يحقق نحو 24 مليار جنيه مع تشغيل طاقات الشباب، وهذا يؤكد ضرورة انشاء جهاز لاستثمار القمامة والنفايات تكنولوجيا القمامة - ناديتم من قبل بتطبيق ما يسمي بتكنولوجيا تحويل القمامة فما هو المقصود بها وما الفائدة؟ مشكلتنا الحالية أننا مازلنا نفكر بعقلية القرن 19 في التخلص من النفايات بأنواعها مما جعل هذه المشكلة تتفاقم مما دفع بعض المحافظات أن تستعين بإدارة أجنبية لمواجهتها ودفعت المليارات دون جدوي لذلك فليس أمامنا سوي تطبيق الأساليب العالمية مثل تحويل النفايات المنزلية إلي طاقة كهربية من خلال محارق تحرق بمعدل 31 طنا في الساعة لتنتج ألفين و200 كيلو وات كهرباء في القوة، حيث تتحول النفايات الصلبة إلي غازات قابلة للاشتعال وكمية هائلة من الحرارة تنتج الطاقة الكهربية مثلما يحدث في ألمانيا والسويد واليابان وهولندا وغيرها - إذا دخلنا مرحلة تكنولوجيا القمامة. فهل توجد فوائد أخري منها؟ هناك مستثمرون يعرفون قيمتها ويتزاحمون للحصول علي حفنة من 'تورتة' القمامة، ويكفي أن الدول الأوروبية تعيد تدوير القمامة سنويا بما قيمته نحو 140 مليون دولار لتحقق مكاسب مادية وبيئية وصحية، فانجلترا مثلا تدور 50% من قمامتها، وألمانيا 70%، وهولندا 80%، وهناك أبحاث لكبار العلماء في مصر لهذه التطبيقات ولكن لا أحد يسأل عنهم أو يطبق أفكارهم التي تدر ذهبا، فالقمامة يمكنها أن تنتج 15 مليون طن سماد طبيعي يستصلح 2 مليون فدان زراعي جديد ويمكن زيادة امكاناتها لرفع خصوبتها، كما تنتج القمامة 605 آلاف من الأطنان من الحديد يمكنها أن تدخل في صناعة 815 ألف طن حديد تسليح ثمنها نحو 280 مليون جنيه، وكذلك 5 ملايين طن ورق قيمتها 35 مليونا و600 طن زجاج قيمتها 55 مليون جنيه و190 ألف طن بلاستيك و800 طن قماش، حيث يقدر عائد القمامة بنحو 1.1 مليار جنيه - إلي أي مدي يمكن أن تسهم مشروعات القمامة في المجالات الاجتماعية؟ المشروعات الاستثمارية في مجالات النفايات والقمامة يمكنها أن توفر نحو مليون فرصة عمل وإنشاء مئات من الصناعات التي تستوعب قوي بشرية بكل المستويات مدربة وغير مدربة باشراف العلماء من وزارة الزراعة ومراكز البحوث والجامعات المصرية، اضافة لتوفير تكنولوجيا وتجهيزات ومعدات متحركة بالمدن والقري مما يسمح بنشر الوعي من الناس من حيث السلوك والمشاركة الشعبية