هل الدراما المصرية شاركت فى ترسيخ مبادئ الأسرة المصرية بشكل سليم؟ هل استطاعت الدراما تجسيد دور الأب، الأم، الزوج، الزوجة بشكل يدعم الأسرة بعيدًا عن العنف والهدم؟ عندما تأملت المشهد الدرامى الأسرى وبدأت أحلل أسباب الجريمة الأسرية التى انتشرت فى الآونة الأخيرة، كان لابد ألا نغفل دور «الدراما التليفزيونية» والذى يعتبر دور هامًا فى ترسيخ المبادئ داخل العقول منذ الطفولة. وها نحن وفى أجيال الشباب الراهنة وجدنا أن مؤسسة الزواج بل نسبة كبيرة من الحياة الزوجية داخل الأسرة قد ننتهى بالفشل، إما «بالانفصال العاطفي» أو «الطلاق» أحيانا أو حتى بفشل الأب أو الأم فى دورهما. فى الزمن السابق كان الجيل الحالى يغذى عقله من خلال الدراما التليفزيونية، بل والأفلام السينمائية التى كانت تجسد مؤسسة الزواج فى صورة خاطئة. كانت غالبية المسلسلات أو الأفلام تجسد العلاقة الزوجية على أنها «علاقة صراع» بل إن البقاء للأقوى، والبقاء لمن يستطيع السيطرة على الطرف الآخر والتحكم فيه، الزوج أم الزوجة! كانت الدراما تجسد العلاقة الزوجية بأنها علاقة رتيبة تفتقد المودة، الرحمة أو حتى التفاهم بل كانت هناك أفلام تتعمد أن توصل رسالة للمشاهدين أن الزواج هو «مقبرة الحب»، وبدلًا من تجسيد الزوجة كرمز الحب والحنان، الأنوثة والاحتواء، أصبحت تتجسد كرمز للإهمال، السيطرة بل أخذت لقب «أم العيال». التى كانت تجسدها الدراما بعيدا عن الحب، الاحتواء، الأنوثة والجمال. بالتالى تجسدت هذه الصورة الذهنية لدى الرجال وبدأوا يعاملون الزوجة بهذا المبدأ، مما قد تسبب فى الكثير من الخيانات الزوجية بل الخيانات المسبقة لأى حياة بسبب أو بدون سبب. هناك إيضا بعض المسلسلات أو الأفلام التى حولت العلاقة الزوجية إلى علاقة صراع مادى بين الزوجين بل تعمدت إظهار أن المرأة العاملة دائما مقصرة ناحية واجباتها الزوجية وأن العمل قد يؤثر بالسلب على الحياة الزوجية، وتجاهلت إظهار الزوجة العاملة كزوجة مضحية بوقتها، بمالها من أجل مساعدة أبنائها فى متطلبات الحياة، وبالتالى تكونت الصورة الذهنية لدى الرجال بأن عمل المرأة قد يجعلها مقصرة فى حقوقه وتجاهلت إظهار أن الحياة مشاركة بين الزوج والزوجة فى السراء والضراء وأن عملية المساندة ليست عملية مطلوبة من جهة الزوجة تجاه الزوج بل أيضا الزوج تجاه الزوجة. أين الدراما التى جسدت أن الرجل هو القوام فى المسئولية المادية والزوجية وأنه هو من يقدم لنفسه السعادة الزوجية إذا تحمل مسئوليته الصحيحة السليمة العاطفية، الجسدية والمالية؟ أين الدراما التى جسدت معانى الحب والتضحية بدلا من الصراع والسيطرة؟.. بالطبع هناك من استطاع أن يجسد دور الأب والأم الأمثل فى الدراما المصرية بعيدا عن القتل والصراعات والفتور، كمثل على ذلك مسلسل «يوميات ونيس» وغيره ولكن للأسف كانت قلة. لذلك نتمنى أن تعود الدراما لترسيخ المبادئ السليمة لتجسيد دور الزوجة، الزوج، الأب والأم دون اللجوء فى الدراما إلى ترسيخ العنف الأسرى بكل أنواعه والذى للأسف ظهرت أثاره السلبية فى المجتمع.