منذ خمسين سنة وتحديدا في مايو 0691 بعد أن ربطت السفينة »كليوباترا« المملوكة لشركة بواخر البوستة الخديوية - علي الرصيف رقم »1« بحي منهاتن بميناء نيويورك فإذا بنقابة عمال الشحن والتفريغ -عضو الاتحاد النقابي العمالي الامريكي القوي AFL-CIO- يحاصر عمالها السفينة رافعين لافتات احتجاج علي قيام الحكومة المصرية في ميناء بورسعيد بمنع سفينة دنماركية تحمل بضائع اسرائيلية من عبور قناة السويس. وقد سمح المحاصرون للركاب بمغادرة السفينة »كليوباترا« حاملين حقائبهم بأنفسهم ومنعوا صعود العمال لتفريغ البضائع برسم ميناء نيويورك والتي كان قد تم شحن معظمها في موانيء عربية وأوربية لحساب مستوردين في امريكا. كما منعوا صعود المرشدين أو اقتراب القاطرات البحرية لمنع السفينة من مغادرة ميناء نيويورك لاستكمال رحلتها الي الموانيء الامريكية الأخري، وقد أمتد الحصار الي منع تزويد السفينة بالوقود والمياه والأغذية. وكان تحريك نقابات عمال الموانيء الامريكية أمرا سهلا فشجع ذلك المنظمات الصهيونية للتحرك في موانيء الدول الأوربية لاسيما الموانيء اليونانية والايطالية وموانيء شمال غرب اوروبا التي تدخلها السفن المصرية.. وتحركت الدبلوماسية المصرية فعلي سبيل المثال نجح السفير د. طه الفرنواني في الأتصال برؤساء الاتحادات والنقابات العمالية وكان منهم مستر »بتروليس« عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لعمال النقل وشرح السفير موقف مصر وموقف التطرف الاسرائيلي وشرعية وقانونية وجهة النظر المصرية بشأن منع مرور السفن الاسرائيلية في قناة السويس وبالفعل رفض الاتحاد الدولي وجهة النظر الاسرائيلية، ومع ذلك استمر حصار »كليوباترا«. وفي المقابل قاطع العمال العرب بميناءي »بيروت« و»اللاذقية« السفن الامريكية.. ومع ذلك استمر حصار »كليوباترا«. ودخلت المقاطعة في شهرها الثاني ثم جاء أمر الله.. رفض عمال ميناء »رأس تنورة« بالمملكة العربية السعودية تزويد احدي ناقلات البترول التابعة للأسطول الامريكي بالوقود.. سفينة واحدة حركت الحكومة الامريكية اذ تدخل البيت الابيض وكان الجنرال »ايزنهاور« رئيسا للولايات المتحدةالامريكية، ففك اتحاد العمال الامريكي الحصار حول السفينة »كليوباترا« وذلك لتلافي الاضرار بالأمن القومي الامريكي، ولم تدخل السفينة الدنماركية قناة السويس وغادرت بورسعيد الي عرض البحر المتوسط وعلي متنها البضائع الاسرائيلية. ورحم الله العمال السعوديين أحياء كانوا أم أمواتا.. ورحم الله جمال عبدالناصر. حدث ذلك منذ خمسين سنة حينما كانت شركات النفط الاجنبية تسيطر علي عمليات الانتاج والشحن.. وحدث ذلك في مواجهة مقاطعة سفينة عربية واحدة.. واليوم وبعد مرور نصف قرن من موقف العمال العرب وبالرغم من عدوان الموقف الامريكي وسلبية المجتمع الدولي واستئناس الحكومات العربية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي علي مدي اكثر من ستين سنة، فهل نستبعد ان تأخذ المنظمات الشعبية العمالية النفطية العربية موقفا مماثلا لما أخذته عام 0691 ليس لفك حصار غزة وانما لحسم القضية الفلسطينية بل ولفك حصار امريكا للدول العربية منذ نحو ثلاثين سنة؟.. لماذا لا يقوم عمال النفط العرب بالإضراب المتدرج ليبدأ بست ساعات في اليوم مثلا ولكي يزيد ساعة يوميا الي ان تهتز مصالح امريكا والغرب فينسحب جيش الاحتلال والمستوطنون الاسرائيليون من جميع اراضي الضفة وقطاع غزة.. ولماذا نستبعد مع استمرار فشل السياسيين العرب ان تثور العزة العربية يقودها عمال النفط العرب لمواجهة تكاثر الكلاب حول قصعة العرب التي تنهش فيها اسرائيل النازية أجساد الأطفال والنساء والمستضعفين من الرجال. كاتب المقال : كان ربان السفينة »كليوباترا« عام 0691