عندما كنت استعد لالقاء محاضراتي في الدراما علي طلابي بالجامعة كنت استجمع خبرتي ومعرفتي لكن كان لي مصدران انهل منهما واعتمد عليهما اعتمادا دائما هما احدث ما انتجته مطابع لندن من كتب ومعظمها تصدره جامعات العالم العريقة وهي تغطي الجانب النظري ومقالات الناقدة المسرحية والمفكرة الكبيرة السيدة سناء فتح الله في جريدة الاخبار وهي تغطي الجانب التطبيقي وهو الاصعب وتلك المقالات التي تعلمت منها الكثير والتي ادين لها بالفضل العظيم.. فقد تجمع لكاتبتنا الكبيرة صفات من النادر ان تجتمع كلها في شخص واحد لقد امتلكت ثقافة واسعة ومنهجا فكريا ونقديا سليما ومتماسكا وموضوعيا لا مكان فيه للاهواء اوالميول الشخصية وحسا فنيا مرهفا لا يخلط بين الغث والثمين كما امتلكت شجاعة نادرة في ابداء الرأي ولم تتنازل ابدا وكانت كالقاضي النزيه والرحيم في نفس الوقت لانها تحترم الجهد الانساني مهما كانت نتيجة الاداء اضف الي هذا رشاقة الاسلوب وعفة اللسان والتواضع غير المفتعل. لذلك لم يكن غريبا ان ينتظر المسرحيون والقراء مقالها الاسبوعي كمن ينتظر الشهادة الصادقة او كمن ينتظر النبأ الصحيح وسط دوامة من الانباء التي تفتقد الي المصداقية.. ادين لها بالفضل ايضا ككاتب مسرحي فقد اخذت بيدي وشجعتني وعلمتني واذا كانت مسرحياتي تدرس في جامعات اوروبا وامريكا فلها هي افضل السبق في تقديمي قبلهم بسنوات طويلة وكانت استفادتي من كتاباتها عن اعمالي لا يقل عن استفادتي من النقد الغربي ذي المستوي الرفيع.. ان مقالاتها علي امتداد السنوات الماضية تأريخ صادق ومستنير وموضوعي للمسرح المصري حبذا لو جمعته جريدة الاخبار في كتب، ان هذا سيفيد المسرحيين والقراء فائدة كبيرة.. ان رحيل سناء فتح الله هو خسارة لقيمة علمية وأخلاقية رفيعة ليس لقرائنا فقط لكن لمصر بأكملها جزاها الله خيرا عما قدمته وانجزته فقد قدمت وانجزت الكثير. د. جمال عبدالمقصود المؤلف وأستاذ النقد المسرحي