»لعن الله الخصخصة واليوم الذي سمعنا فيه عنها«.. كلام من الطبيعي ان يصدر عن الذين عارضوا من البداية بيع القطاع العام، أو من الذين صدمتهم الشبهات التي احاطت بالعديد من الصفقات التي تم خلالها نهب المال العام، أو من العمال الذين عملوا سنوات في مصانع تنتج وتربح وتسد حاجة السوق المحلي من سلع اساسية وتصدر للخارج، ثم اذا بهم- بعد الخصخصة- يجبرون علي ترك العمل او يستجدون المرتبات الاساسية او يتمنون الخروج للمعاش المبكر بعد ان اصبح الهدف- في العديد من الحالات- هو تصفية المصانع لان ثمن الاراضي التي تقام عليها يساوي- عشرة امثال ما دفع في الصفقة كلها!! من الطبيعي ان يدين هؤلاء جميعا ما حدث من كوارث اثناء عملية الخصخصة وفي غيبة قانون ينظمها، ولكن الجديد الذي ينبغي الانتباه اليه ان تكون هذه الادانة تحت قبة مجلس الشوري ومن رئيس لجنة الصناعة بالمجلس محمد فريد خميس. هنا نحن امام زاوية جديدة تعبر عن موقف رجال الصناعة الحقيقيين في مصر، هؤلاء الذين كافحوا في ظروف صعبة واقاموا صناعات وطنية اثبتت تفوقها، وهم يعرفون جيدا ان القطاع العام القوي هو سند حقيقي لهم، وان الحكومة القوية ضرورية لتحقيق النهضة المطلوبة وحماية للانتاج الوطني من المنافسة الاجنبية غير المشروعة. والصانع الوطني الحقيقي سعادته الحقيقية هي ان يخلق المزيد من فرص العمل ويفتح المزيد من البيوت. وبالتالي فهو يعرف اكثر منا معني ان يتشرد الآلاف تحت شعار الخصخصة، وان يصبح المعاش المبكر هو الهدف، وإغلاق المصانع بعد خصخصتها هو الوسيلة المثلي لتحقيق الثروات الطائلة من بيع اراضيها!! ورجل الصناعة الحقيقي هوالذي يعرف معني ان تذهب أموال البنوك المصرية لتمويل صفقات شراء وحدات القطاع العام »خاصة اذا بيعت بأقل من قيمتها كما حدث في حالات كثيرة« بدلا من ان تذهب هذه الأموال »التي هي مدخرات المصريين« في تمويل المستثمرين الصناعيين الحقيقيين ليبنوا المزيد من المصانع ولكي يطوروا إنتاجهم وينافسوا ويتفوقوا علي الانتاج الاجنبي في الداخل وفي الخارج ايضا. اتحدث عن رجال الصناعة الحقيقيين وليس عن فريق »إهبش.. وأجري« المستعد لإغلاق مصانعه او مصانع غيره إذا كان الاستيراد يحقق له أرباحا أكثر!! والمستعد لتعطيل برنامج مصر النووي لسنوات لأن أرض »الضبعة« يمكن ان تحقق له بضعة مليارات إذا استولي عليها!! والمستعد لترك صناعات إستراتيجية تقع في أيدي الأجانب مادام الثمن سيضاف لرصيده!! والمستعد لهدم صناعات بكاملها اذا كان الاستيراد يحقق مصالحه ويضاعف ثرواته، بينما منطق رجل الصناعة الحقيقي هو كما أورده فريد خميس بأن استيراد نظارة أو قميص يعني استيراد عامل أجنبي والاستغناء عن عامل مصري. نعم »لعن الله الخصخصة« حين تباع شركة طنطا للكتان بثمانين مليون جنيه ليصبح كل المراد بعد ذلك توفير معاش مبكر »وعلي حساب الدولة« لمن تبقي من العاملين بها الذين كانوا في وقت مايقاربون الاربعة آلاف فأصبحوا ثمانمائة عاطل عن العمل لأن المطلوب هو ارض المصانع التي تساوي المليارات!! و »لعن الله الخصخصة« حين تباع مصانع اساسية للحديد والاسمنت بنصف ثمنها وبأموال البنوك المصرية، لتحقق بعد ذلك- من خلال الاحتكار- ارباحا سنوية تفوق رأسمالها!! وفي نفس الوقت كل الدعم للصناعة المصرية في القطاعين الخاص والعام معا لكي تؤدي دورها في تحقيق النهضة والقضاء علي قنبلة البطالة التي تهدد المجتمع. وهنا أقف ايضا- بكل التقدير امام تصريحات هامة ادلي بها الفريق حمدي وهيبة رئيس الهيئة العربية للتصنيع قبل اسابيع، وطالب فيها بتضمين العقود مع الشركات العالمية التي ستسند لها عمليات اقامة المحطات النووية في مصر بندا يلزمها بأن تكون نسبة التصنيع المحلي 06٪ علي الاقل، وبأن تكون الاولوية لمن يوافق علي زيادة هذه النسبة من التصنيع المحلي، وهو ما تتبعه كل دول العالم الحريصة علي تنمية امكانيات التصنيع في هذه الميدان، بالاضافة إلي انه اذا كانت تكلفة المحطة الواحدة ما بين عشرة إلي اثني عشر مليار جنيه، فإن هذا الشرط يعني توفير حوالي سبعة مليارات للصناعة المحلية تكفي- كما يقول الفريق وهيبة- لتشغيل حوالي ثلاثين مصنعا وورشة مع توفير كل ضمانات الجودة والامان التي تتميز بها منتجات الهيئة العربية للتصنيع. ولن يكون الامر سهلا، ولكنه ضروري، فالمشروع النووي المصري ليس مجرد انشاء محطة لإنتاج بعض الكهرباء كما كان يردد بعض رجال »البيزنس« الطامعين في الاستيلاء علي موقع الضبعة، ولكنه مشروع للتقدم العلمي والصناعي ودخول عصر الطاقة النووية السليمة بما يفتحه من ابواب للتقدم في مجالات عديدة، وبالتالي فإن نظام »تسليم المفتاح« هنا لا يحقق الغرض، بل يحرمنا من اكتساب الخبرة ومن تطوير الصناعة ومن إعداد الكوادر المتخصصة علي أعلي مستوي، وقد يقاوم البعض في الخارج هذا الاتجاه الذي لابد ان يضره ولكن الاخطر ان يلجأ بعض اهل »البيزنس« عندنا للتعامل مع المشروع النووي علي انه مجرد »سبوبة« يمكن ان تضيف لأرصدتهم المالية الكثير. ورغم ان مشروع القانون المقرر ان يصدر عن مجلس الشعب بعد ان ايام يحصر العمل في هذا المجال في الدولة ومؤسساتها، فإن بعض اهل »البيزنس« يسعون لتوريط بعض السياسيين معهم لفتح ثغرة تتيح لهم- بخبرتهم الواسعة في المطاعم والإعلانات ونهب الاراضي!! ان يدخلوا هذا الميدان ويحصلوا علي نصيبهم من »الكعكة«.. وبدلا من الحديث الجاد عن قدرة مصر علي تصنيع 06٪ من معدات المشروع، يتحدث اصحاب »السبوبة« عن »استيراد« بعض المعدات وهبش العمولة أو توريد الاسمنت والطوب في مشروع ينبغي أن تقطع كل يد تحاول العبث به من قريب او بعيد!! آخر كلام »بنحبك يا رامي.. وأنت مش حرامي »هكذا استقبل ثلاثة آلاف من المشجعين- كما قيل- المليونير العائد رامي لكح بعدان انهي سنوات الهروب للخارج، وبعد رفع اسمه من قوائم المطلوبين للعدالة في اعقاب تسوية ديونه للبنوك المصرية التي بلغت 5.1 مليار جنيه. انا موافق علي ربع المبلغ فقط، اعيش به في ربوع اوربا سنوات ثم اعود بعد التسوية المناسبة التي تسقط الفوائد وربما تتنازل عن جزء من اصل الدين!! وأتعهد من الآن بأن يكون في استقبالي عند العودة 02 الفا من المشجعين علي الاقل يهتفون بكل ثقة »بنحبك ياجلال.. وأنت مش محتال!! امس مرت في صمت ذكري ميلاد سيد الموسيقي العربية حتي يومنا هذا »سيد درويش« هل كثير علي وزارة الثقافة ان تقيم مهرجانا سنويا في هذه المناسبة يعاد فيه عرض »أوبريت« من انتاجه الخالد، ويتباري فيه كل الفنانين العرب الكبار، وفي تقديم تراثه العظيم لتكتشف الاجيال الجديدة ان سيد درويش مازال الاكثر حداثة بعدما يقرب من تسعين عاما من رحيله؟!