من جديد تعود حالة الذعر لعدد من سكان أحياء وسط وشرق الإسكندرية بسبب تفشي ظاهرة انتشار النمل الأبيض في 6 مناطق بالمدينة و التي تحمل تهديداً للثروة العقارية بعروس البحر.. اصابع الاتهام تشير إلي تراكم الاهمال في حماية المباني و صيانتها والسعي للربح السريع من مستوردي الأخشاب و عدم معالجتها بالتجفيف والتبخير حسب الاشتراطات السليمة من جهة.. وتكدس الابراج السكنية في سلاسل خرسانية تسد عين الشمس في اراض اغلبها طينية مرتفعة في نسبة الرطوبة واحتفاظها بالمواد العضوية دون معالجتها المسبقة قبل البناء.. مما جعلها بيئة أكثر من رائعة لمستعمرات النمل الابيض المنتشرة بالملايين في الثغر وخاصة منطقة سموحة وامتدادها العمراني التي تحولت الي قلب نابض بالحركة التجارية والعمرانية في السنوات العشر الأخيرة من تطوير عروس البحر.. علماء الحشرات بجامعة الاسكندرية خرجوا عن صمتهم بعد غزو الجراد واطلقوا تحذيرات خطيرة علينا ان نعيها جيداً قبل ان يلتهم النمل الأبيض بيوت المدينة وخاصة ان الظاهرة تمتد لتشمل مساكن ومباني سموحة والابراهيمية ومصطفي كامل ورشدي وجليم والمنشية طبقاً للشكاوي التي حققتها ميدانياً وحدة الحشرات الاقتصادية بزراعة الاسكندرية.. ولكن مازال أمامنا فرصة لعلاج الظاهرة ووقاية الانشاءات المستقبلية ولكن ليس بالأساليب العشوائية والدعائية المجزأة بل بجهد علمي منظم ورقابة صارمة للنتائج حتي بلوغ غايتها. أخطر الآفات د.ممدوح إدريس الاستاذ بقسم علوم الحشرات الاقتصادية بزراعة الاسنكدرية يقول ان النمل الابيض يختلف تماماً عن النمل المعروف لدينا والذي ينتشر في المنازل والارضيات والحدائق خلال مواسم ارتفاع درجة الحرارة فهذا معروف باسم النمل الفرعوني وله شكل واضح و يميل لونه الي البني بدرجاته.. اما النمل الأبيض فهو لا يمكن ان نراه بالعين المجردة لأنه لا يعيش ولا يتكاثر الا في الظلام ولذلك يعتبر من أخطر الآفات الحشرية التي تصيب الاخشاب ومنتجاتها وكذلك الاشجار والمحاصيل الزراعية كما تصيب المنازل والاخشاب المصنعة و الآثاث والارضيات الخشبية و تنتشر الاصابة بالنمل الأبيض في معظم محافظات مصر و تسبب خسائر فادحة تقدر بالملايين.. ويضيف الدكتور ممدوح ادريس ان النمل الابيض له اكثر من 1800 نوع علي مستوي العالم وتنقسم مستعمراته إلي طوائف متدرجة مثل الجيوش.. ومن حيث تأثيره ينقسم الي نوعين نمل أبيض يهاجم الأخشاب سواء كانت أخشابا جافة أو رطبة ونمل أبيض يعيش تحت التربة ويهاجم ويتغذي علي المواد العضوية والسليلوزية وهذا النوع يهاجم مباني المدن وظهرت في الآونة الأخيرة مستعمرات بصورة وبائية في منطقة سموحة بالاسكندرية وبالبحث العلمي تبين انتشاره في أحياء أخري.. أما الدكتور حسين عبد الرزاق الأستاذ بوحدة الحشرات للمكافحة والانتاج فيقول ان عدة شكاوي قد وردت من الاهالي في مواقع مختلفة وبناء عليه تم التحقق منها حيث تبين وجود أعراض الاصابة الوبائية وانتشار هذا النوع من النمل الابيض في مساكن ومباني مناطق وسط وغرب الاسكندرية وبالذات أحياء سموحة والابراهيمية ومصطفي كامل ورشدي وجليم و المنشية.. وبصفة عامة فإن النمل الأبيض التحت أرضي أخطر الانواع حيث تضم المستعمرة الواحدة 7 ملايين فرد من الحشرة وتعتمد الاصابة علي توافر 3 عناصر هامة توفر الغذاء وهي اخشاب أو منتجات سليلوزية و توافر مصدر للرطوبة و المناخ شبه الاستوائي الذي يشبه مناخ مصر .. ويرجح الدكتور حسين عبدالرزاق اسباب الاصابة الوبائية لمباني مناطق سموحة بالاسكندرية لاسباب انها في الاصل أرض زراعية منذ عدة سنوات قريبة و غنية في تربتها بالمواد العضوية ونسبة المياه الارضية مرتفعة و في نفس الوقت فان هذه المنطقة و التي كانت عبارة عن أراض فضاء مليئة بالبوص كانت تنتشر بها مخازن الاخشاب ومواد البناء المصابة بالنمل الابيض المتوطن بها.. كذلك فانه مع توسع حركة البناء العمراني بالمنطقة في سلاسل الابراج السكندرية والمراكز التجارية قد اشتري كثير من المواطنين وحدات سكنية واغلقوها اما للسفر أو للاستثمار مما يزيد نسبة الرطوبة في الشقق المغلقة.. المنشآت التراثية ويفجر الدكتور ممدوح ادريس قضية بالغة الخطورة عندما يقول ان النمل الابيض و جيوشه قد تؤثر علي حوائط وجدران المباني السكندرية والطوب المفرغ ولكنها لا تأكل الخرسانة وذلك حتي لا يصاب أهالي المناطق الموبوءة بالذعر من انهيار العمارات مثلاً أو تآكل الهياكل الخرسانية.. ولكن الخطورة الحقيقية متمثلة في عمارات الاحياء القديمة التي يدخل الخشب كمكون رئيسي في بنائها وقد تبين اصابة مناطق مثل العطارين والمنشية وهي قلب الاسكندرية التراثية القديمة والحافلة بمنشآت عبارة عن تحف معمارية علي الطراز الروماني واليوناني وذاخرة بمتاحفها وكنوزها المعمارية.. وقد حذرنا من ذلك في اطار حملة اقليمية لمكافحة الآفات نعمل بها منذ عام 1999 وقدرنا تكلفة لهذه الحملة 4 ملايين جنيه ووضعنا خطة لتمويلها من الشركات ورجال الاعمال والهيئات الخاصة و العامة لحماية الثروة العقارية بالاسكندرية و خاصة الاحياء القديمة كعلاج من النمل الأبيض الذي لابد وان نفرق جيداً بينه وبين "سوس الخشب" لان الاخير يترك الخشب واقفاً اما النمل الابيض فهو يحوله الي ذرات رملية "تراب" ومن هنا تأتي الخطورة علي المباني القديمة التي يدخل الخشب كعنصر رئيسي في تكوينها سواء في الأسقف او الارضيات.. .. اما أحمد السدودي تاجر اخشاب و مواد بناء فيقول ان الاشتراطات التي يتحدث عنها العلماء في الخشب المستورد لا توجد الا علي الورق فقط فامام اعين الجميع تتم عمليات التلاعب في رسائل الخشب المستورد سعيا وراء المزيد من الربح.. و باختصار فان أي رسائل اخشاب قادمة الي موانئ مصر لابد من معالجتها بطريقتين أولا التجفيف عن طريق دخولها افرانا بدرجات حرارة محددة لضمان خلوها من الرطوبة لانها في الاصل مستخرجة من اشجار قائمة في اراض زراعية.. ولكن المستوردين يقدمون لسلطات الموانئ المختصة "الحجر الزراعي" مستندات ورقية تفيد بمرور الرسالة بعملية التجفيف دون ان يحدث ذلك بالفعل وذلك حتي تظل الأخشاب محتفظة برطوبتها و يزيد وزنها و بالتالي سعرها لأن الخشب معظمه يباع بالوزن.. اما الاشتراط الثاني فهو تبخير الاخشاب قبل خروجها من الموانئ الي الاسواق و هذه عملية تقوم بها شركات متخصصة في التبخير و هنا أيضاً يقوم موظفو تلك الشركات بتقديم ايصالات وهمية لمستوردي رسائل الخشب لتقديمها للسلطات مقابل مبالغ زهيدة يدفعونها تجنباً لتكاليف التبخير الفعلية.. أشرف أحمد حارس أحد الأبراج السكنية المصابة بالنمل الابيض بمنطقة سموحة يقول لقد حضرت الي العمارة لجنة من الجامعة واخذوا عينات من الارض بعد ان اشتركت مع معظم السكان في حرق الباركيه »خشب الارضيات« فوق السطح بعد نزعه من ارضيات الشقق.. "كان جواه دود".. أما رأفت محمد علي "محام" فهو يقول سكان العمارة يعتبرونني غير طبيعي لاني أجمع منهم دائماً مبالغ نقدية من أجل الصيانة و النظافة فما بالك لو امتد الامر الي مبالغ مكافحة النمل الابيض.. لذا فإن قانون اتحاد الشاغلين يجب ان يتضمن بنوداً ملزمة لاتحادات الملاك و مجالس ادارتها لصيانة الثروة العقارية في مصر وحمايتها من آفات مثل النمل الابيض وغيره.. تقرير للمحافظ د.طارق القيعي رئيس المجلس المحلي أعد تقريراً عاجلاً لتقديمه للواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية عن حجم الاصابة بالنمل الابيض في أحياء الاسكندرية وطرق الوقاية والعلاج والحد من انتشار الآفة في المزيد من المناطق.. ويقول الدكتور القيعي ان أساتذة قسم الحشرات قد اعدوا تقريرا متكاملاً لبرنامج مكافحة النمل الابيض وتعتمد خطة المكافحة علي تعاون أجهزة المحافظة المختلفة مع شركة النظافة بالاسكندرية تحت إشراف هيئة علمية وبحثية متخصصة لمنع تفشي الوباء في مناطق أخري بالاسكندرية وخاصة في المناطق المصابة والاهتمام بالوقاية ومعاملة التربة بالمبيدات قبل بناء العمارات واخذ عينات منها لتحديد مدي انتشار النمل الابيض وربطه مع تصاريح البناء.. اما علاج العمارات المصابة بالفعل فيكون عن طريق تنفيذ برنامج مكافحة لها بالتعاون مع اتحاد الملاك من خلال مشروع متكامل يمول من خلال مشاريع النظافة لمكافحة الآفة والقضاء عليها .