[email protected] غير مجد في ملتي واعتقادي نوح النائحين أو شجبهم، أو ما بين ذلك من عاطفة الهم والنكد تلك التي ورثناها منذ ضياع فلسطين منا، وهل لم يكن لذلك العالم بتركيبتيه قبل وبعد اختفاء الاتحاد السوفيتي، الا موقف واحد غامض وتلك الحالة المخجلة التي هي دوران سكاري حول مركز الدائرة علي ابعاد مختلفة وهذا المركز هو الولاياتالمتحدة وفي قلبها اسرائيل، وما بين اسرائيل ودول الفلك البعيد والقريب علاقة يعترف يها هؤلاء وهؤلاء بأهمية وجود اسرائيل في هذه المنطقة وضرورة بقائها حتي لا يستطيع هؤلاء العرب أن يشربوا ماء أو يتنفسوا هواءً، نعم كل قوي أوروبا من وراء أمريكا في تأمين اسرائيل المارقة، وهم يعلمون، والذين يقرأون التاريخ جيداً يعرفون ان الاتحاد السوفيتي كان ايضاً من وراء إسرائيل حتي تمكنت وفرضت الأمر الواقع علي العرب في لحظة لم يأسف لنا حتي التراب الذي نمشي عليه، لحظة لم تبك السماء علينا وما بكت الأرض، وكنت اشعر دائماً أن أي خاطرة مهما كانت تحمل من احزان لا تستطيع أبداً أن تعبر عن تلك الحالة التي يشعر بها مؤمن بعد سقوط القدس في أيدي هؤلاء القتلة، فمن ذا الذي يأتيني بجواب حين أرتكب السفاحون مذبحة دير ياسين، ووقف العالم أجمع نفس الموقف من الشجب والاستنكار ذارفاً بعض الدموع علينا، ثم من يأتيني بجواب حين ارتكب الفجرة مذبحة مدرسة بحر البقر، قولوا بحق الله الذي وهبنا المآقي لتنزف من بعد الدمع دماً، من ذلك الوحش الذي قطع الاجساد ارباً في صابرا وشاتيلا ومن المجرم الذي أحرق غزة بالامس علي من فيها، اليس هو نفس السفاح وهذه العصابة وهؤلاء الفجار الذين يرتكبون أي شئ يتصوروه العقل أولا يتصوره من تحت سمع وبصر وحراسة قوي العالم الجديد الذي بشر به مفكرو الكوكبية بعقول يهودية ومشاعر صهيونية فاضحة. إنني لا أعجب من هذا الذي ترونه الان عجباً ولا آمل ذرةً أن يتحرك قلب من بين هذه القلوب المتحجرة لكي يعيد لنا الأرض المقدسة السليبة، أو أن يعيد لنا السلام الذي كان يوماً مبلغ آمالناً لكي تدور عجلة التنمية، وترتفع اشجار الحرية في سمائنا، لم تعد الأرض أرضنا بالرغم من اتساعها ولم تعد البحار بحارنا بالرغم من اندياحها، ولم تعد السماوات لنا بالرغم من افتراش آلامنا المدي، فقل لي يا سيد العالم الجديد، هل يريد أحد الآن أن يفك الحصار عن غزة حقاً، هل يريد أحد منكم ان يوقف النزق الصهيوني في منطقة الشرق الحزينة، افتحوا معي الصفحات السوداء في كتاب أليم تعذبنا النظرة اليه وترمينا كلماته بأبشع الاتهام، ستجدون مدوناً فيه ذات العبارات القديمة، وهذه الأعلام المنكسة، وأسباب تفرق العرب والفاظ خصامهم وتشرذمهم وتفريطهم في كل اسباب المنعة، لم يعد في النفس الا هذه الحسرات وبين الضلوع افئدة تحترق من طول مآسينا الدفينة وعرضها، فهل يلوم أحد منا أمريكا أو أوروبا أو الصين أو الهند أو حتي أفريقيا المهيضة، إذا تشابكوا جميعاً ليخنقوا القضية في مساحة غزة أو في ثقب ضئيل علي المتوسط يريدون له ان يكون مثوي العرب، إنني لازلت اهفو إلي ذلك اليوم الذي نقرأ فيه الحقيقة ونخرج به من ظلام الكهوف الي صحو البيداء الشاسعة والي اطراف الوجود الذي لا يعرف عنا سوي النواح والبكاء علي الأطلال، نريد أن نتذكر أمجادنا القديمة لماذا فرضت علي العالم أجمع إحترامنا، لماذا تمكن البعض منا في يوم من الايام من كل اسباب التقدم والرقي والنصر المؤزر، لماذا نحن الآن جامدون علي حدود غزة وفي مساحة من الهزال عريضة ليس لها آخر، فهل سنعيد كل يوم نفس العبارات، حتي ملنا الفراغ من حولنا.. لست ادري..! كاتب المقال : استاذ الطب بجامعة الازهر، عضو اتحاد كتاب مصر