إبراهيم سعده يقول أستاذ القانون الدستوري الدكتور جورجي شفيق ساري في ملاحظاته علي بعض ما جاء في مشروع الدستور الذي أعده زميله الأستاذ الجامعي: دكتور محمد سعد زغلول سالم [بالنسبة للإسلام فهو دين أغلبية المواطنين، وليس دين الدولة. لأن الدين يخاطب الشخص الطبيعي، أي الإنسان صاحب العقل المميز والإرادة وليس الشخص الاعتباري مثل الدولة، فالمفروض أن الدولة ليس لها دين، ولكن الشعب هو الذي له دين.]. و أضاف د. ساري قائلاً: [إن الدستور يأتي بالأحكام الأساسية والمقومات الرئيسية للدولة والمجتمع دون النص علي التفاصيل. و هناك فرق بين مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكام الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع، فمبادئ الشريعة الإسلامية من العدل والحرية والمساواة والأمن أي المقاصد العليا والكلية للشريعة لا خلاف عليها، أما الأحكام فهي تدخلنا في خلافات في الآراء لا حصر لها، وقد ينتج عن هذه الخلافات آثار وخيمة علي المجتمع كله]. ورداً علي هذه الملاحظات قال الأستاذ الدكتور محمد سعد زغلول سالم: [إن الإسلام دين ودولة ولذا فإن النص علي الهوية الإسلامية لمصر أمر بديهي بحكم إسلام أغلبية المصريين. ولا يصلح القياس في هذا الصدّدْ مقارنةً بالأديان الأخري التي تخاطب الأفراد الطبيعيين فقط بذواتهم الشخصية لأنَّ أوامر القرآن الكريم إنما شُرِّعَتْ لتطبيقها علي آحاد الأفراد وعلي جموعهم علي حدٍ سواء لتحقيق مصالحهم في الدنيا والآخرة. ولا يخفي علي أ.د. جورجي ما جاء في القرآن الكريم وفي الحديث الصحيح من أحكامٍ ومباديء يصعُبْ حصرُها تتعلق جميعُها بتنظيم نواحي الحياة المختلفة لجموع المواطنين المسلمين في الدولة المسلمة وذلك خلاف الأوامر والنواهي التي تختص فقط بتنظيم علاقة الفرد بربه]. وأضاف د. سالم في ردوده علي ملاحظات زميله د. ساري، قائلاً: [ إن الفرق بين مباديء الشريعة الإسلامية وأحكامها أمر صحيح نظرياً ولكنَّ الأحكامَ هي تفصيل لكيفية تطبيق المباديء. ولذا فإن مقصَد وجوهر المبدأ هو المعيار الذي يتم بموجبه الحكم علي صحة أو خطلْ الحُكم. وبذا فإن التخوف الموجود لدي الكثيرين ممن يقولون بأن إستنباط الأحكام يتوقف علي أهواء من يُشَرِّعُها أو يُقننها وهو تخوف مشروع لا يمكن إنكارُه أو التهوين من تَبعاتِه لن يجد مجالاً له إلا في حالة سوء القصد من قِبَلْ المُشرِّع وهو أمرُ لا يخفي علي المقصودين بالتشريع، فضلاً عن أنه ينافي مباديء الشريعة الإسلامية ذاتها فيما تقصُده من تحقيق مصالح البشر]. وأنهي د. سالم توضيحاته قائلاً: [إنني أختلف مع رأي أ. د. جورجي ومع جموع القانونيين المتخصصين في هذا المجال في أن الدستور يأتي بالأحكام الأساسية والمقومات الرئيسية للدولة والمجتمع دون النص علي التفاصيل. ليس فقط لأن الشيطانَ يكمُن دَوْماً في التفاصيل ولكن لأنني أتساءل دائماً كلما سمعتُ هذه المقولة : ولماذا لا يكون الدستور شاملاً ومُفَصِّلاً لجميع الأمور التي يتعرض لها بالتحديد والتنظيم ؟ أوَليسَ ذلك أكثرَ منطقيةً وأفضل حالاً حتي يتحقق له الوضوح والإستقرار المطلوب منه ؟ بدلاً من الطعن في منطقية أو غموض أو قصور بعض مواده بين الفينة والأخري والإضطرار إلي بحثها ودراستها وصياغتها من جديد ؟. كما أن ما يُجْمِلهُ الدستور يَتِّمُّ تفصيلُه في ملاحق قوانين وقرارات وأحكامٍ أخري ! فأيُّ هذين المَسْلكَيْن أفضل : الإجمال أم التفصيل؟]. ولم ينس الدكتور محمد سعد زغلول سالم توجيه شكره وتقديره واحترامه للزميل الكريم أ.د. جورجي، الذي سبقه في توجيه نفس الشكر والتقدير والاحترام في بداية ملاحظاته التي أبداها علي بعض ما جاء في مشروع الدستور الذي أعده أ. د. سالم. لا أجد تعليقاً علي ما قاله الأستاذان الجامعيان سوي إبداء إعجابي الشديد باحترامهما المتبادل في عرض اختلافهما في الرأي دون المساس بالود الذي يجمع بينهما، وأتمني أن يصبح هكذا أسلوبنا عندما تختلف آراؤنا حول القضايا العامة.. وما أكثرها في هذه الأيام.