مجلة The Financial Times Banker نشرت مؤخرا تحليلات اقتصادية عن دول الشرق الاوسط واثر الازمة العالمية عليها. وأود أن الخص ما ذكرته هذه المجلة الاقتصادية المتخصصة عن مصر حيث يهمني الاطلاع علي ما يقوله المتخصصون المحايدون عن حقيقة الوضع الاقتصادي في بلدي. ذكرت المقالة »بعد ظهور الازمة الاقتصادية العالمية لجأت بعض الحكومات الي التوسع في الانفاق، الامر الذي لاقي استحسان المنظمات العالمية وهذا الاتجاه هو ما اتبعته الحكومة المصرية حيث خصصت اعتمادات اضافية للانفاق علي مشروعات المرافق وقد عاد ذلك بالفائدة علي معدل النمو الاقتصادي في مصر والذي وصل الي اكثر من 4٪ وهو معدل اعلي من معظم دول العالم هذا العام كما انه يزيد عن معدل النمو في مصر في الاعوام من سنة 0002 الي سنة 4002 ومن المتوقع ان يصل معدل النمو في العام القادم الي 5٪ او اكثر. ان نجاح الاقتصاد المصري يرجع الي ما اتخذته الحكومة من خطوات ايجابية منذ عام 4002 والتي بدأت بإصلاح نظام الجمارك وتخفيض الرسوم واصلاح نظام الضرائب بتخفيضها ايضا وكان المصريون متخوفين من هذه الاجراءات ولكن شجاعة الحكومة ووزير المالية يوسف بطرس غالي تجاوزت هذه المخاوف وكانت النتيجة ايجابية للغاية هذا بالاضافة الي زيادة عقوبات المتهربين من الضرائب واخيرا بدأ تصحيح نظام الضرائب العقارية. هذه الاصلاحات حمت مصر من السقوط في هوة الكساد التي سقطت فيها دول اخري. وحيث قامت مصر بالانفاق المتسارع عامي 9002و0102 في مشروعات المرافق فان هذه المشروعات تزيد تشجيع دخول استثمارات اجنبية مباشرة ورغم هذا الانفاق المتزايد فإن العجز في الميزانية سيستمر قريبا من العجز قبل الازمة العالمية وقبل الانفاق المتزايد في مشروعات المرافق وهو الذي يقدر بحوالي 9.6٪. ولا يمكن اغفال ان نجاح الاقتصاد المصري يعود الي تنوع مصادره ومكوناته فهناك قطاعات متعددة تساهم في النشاط الاقتصادي المصري منها الطاقة والزراعة والسياحة وغيرها وهذا التنوع يسمح بمزيد من الاستقرار وعدم التعرض لهزات مفاجئة خصوصا في اوقات الازمات الدولية. ولكن يعيب الاقتصاد المصري عدم القدرة علي التحكم في التضخم الذي وصل الي 5.11٪ عام 9002 ورغم ذلك اتخذ البنك المركزي خطوات جريئة لتخفيض الفوائد علي القروض تشجيعا للاستثمارات الجديدة التي تحتاجها مصر لاستمرار النمو الاقتصادي. وقد انخفض دخل قناة السويس بنسبة بسيطة نتيجة الظروف الاقتصادية الدولية السيئة كما اتسعت الفجوة بين الواردات والصادرات حيث زادت الواردات بينما نقصت الصادرات لاعتماد مصر علي تصدير معظم منتجاتها غير البترولية الي اوروبا وامريكا ولما كان سوق العمالة المصرية معتمدا الي حد كبير علي الصادرات فإنه قد تأثر بنقصها. والبطالة تعتبر عامل الضعف الثاني في الاقتصاد المصري بعد التضخم ومعدل البطالة يتراوح بين 6.8٪ و3.9٪.. ولما كان تعداد الشعب المصري في حدود 08 مليون نسمة يتزايدون بنسب مرتفعة فإن هناك جهدا حقيقيا يجب ان يبذل لخلق فرص عمل جديدة كل عام. ورغم كل هذا فإن هناك اسبابا جيدة وقوية للنظر بتفاؤل الي المستقبل،. فقد وصلت المدخرات لدي البنك المركزي الي اكثر من 43 مليار دولار كما ان قطاع البترول مازال قطاعا جاذبا للاستثمارات الاجنبية بالاضافة الي ان قطاع البنوك قد لعب دورا مساندا للاقتصاد حيث نمو الاقتصاد المصري يعتمد في الاساس علي نمو الاستثمار وان الاستثمارات السنوية خلال العامين الماضيين. قد بلغت 63 مليار دولار في السنة الواحدة ومعظمها استثمارات القطاع الخاص بالاضافة الي السيولة الزائدة المتوفرة لدي هذا القطاع التي تسمح بارتفاع وازدياد الاستثمارات السنوية. وقد اختتمت المجلة بجدول اسمته مصر حقائق وارقام كالأتي: متوسط اعوام 0002 الي 4002 المتوقع 0102/ 1102 إجمالي الناتج القومي »مليار دولار« 4.88 - 1.842 نسبة النمو في الناتج القومي 9.3٪ - 5.5٪ نسبة التضخم 7.4٪ - 5.9٪ حجم المدخرات لدي البنك المركزي »مليار دولار« 6.41٪ - 9.73 نسبة الدين الحكومي الي اجمالي الناتج القومي 4.79٪ - 27٪ نسبة الدين الخارجي الي اجمالي الناتج القومي5.23٪ - 1.61٪ انتهت المقالة: ومنها يتضح ان كل المعايير تعبر عن تحسن مطرد في الاقتصاد المصري ما عدا التضخم والبطالة. ولكن الوقفات الاحتجاجية والاضرابات التي تتزايد من طوائف مختلفة ومتنوعة من الشعب تعبر بوضوح ان هذا التحسن الاقتصادي الواقعي لم يصل اليها وان حالتها الاقتصادية لا تتحسن ان لم تكن تزداد سوءا مع نسب التضخم المرتفع. وفي رأيي ان هذا هو التحدي امام من يدير الاقتصاد في مصر بحيث ينجح في توصيل الرخاء الي كل طبقات الشعب ولا يستفيد منه فقط اصحاب الدخول المرتفعة وهنا نستطيع ان نقول ان احوال الاقتصاد في مصر واحوال البشر في تحسن مطرد.