ابراهيم سعده طالبت منذ أيام بترك الدستور لأساتذته، فهم الأجدر علي إعداده وصياغته ليأتي متوافقاً مع كل فئات الشعب. أساتذة القانون الدستوري وما أكثرهم في بلادنا يستطيعون في أيام أو أسابيع معدودة إعلان هذا الدستور الذي سيطرح للاستفتاء عليه ويحظي بالقبول ما دام يعبر عن أفكار وآمال الشعب وليس عن فصيل واحد منه، كما هو المفترض والمتوقع من اللجنة التأسيسية البرلمانية في حال إصرارها علي تولي مهمتها لإعداد دستورها المرفوض مقدماً. معظم المترشحين لرئاسة الجمهورية رفضوا تشكيل تلك اللجنة، في حين أيده مترشحو الرئاسة من السلفيين والإخوان. والأزمة بين هؤلاء وأولئك مازالت قائمة وتزداد حدة يوماً بعد يوم انتظاراً لما سيحدث بعد اجتماع المجلس العسكري ورؤساء كل الأحزاب: الموافقة علي التشكيل والرافضة له. وما أحوجنا اليوم إلي التمعن فيما يكتب ويقال منسوباً لفقهاء القانون من رموز التيارين المضادين عن الأزمة التي اندلعت بعد إعلان تشكيل اللجنة التأسيسية، وأسباب نشوبها، و وسائل إخمادها. .. ونبدأ بالموافقين علي تشكيل اللجنة التأسيسية، وأبرزهم المستشار محمود الخضيري الذي يري علي عكس كثيرين أن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور جاءت معبرة عن جميع شعب مصر بمختلف فئاته (..). وأضاف المستشار الخضيري مطالباً المصريين في تصريحاته المنشورة أمس بضرورة التأني حتي تنتهي اللجنة من أداء مهمتها، بشأن وضع الدستور، ثم يقوموا بالحكم عليه رفضاً أو قبولاً وبالتالي فليس هناك حاجة إلي تعالي الدعوات المنادية لمقاطعة الجمعية التأسيسية لوضع الدستور (..). أما المهندس عاصم عبد الماجد عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية فقد كان علي عكس المستشار الخضيري عنيفاً في كلماته. لاذعاً في أوصافه. موزعاً اتهاماته المفزعة علي المعارضين لتشكيل اللجنة، متشككاً في توجهاتهم، ومندداً بما ليس فيهم (..). وهذه نماذج من تصريحات المهندس عاصم عبدالماجد كما قرأتها في إحدي الصحف: بدأ عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية قائلاً: "إن التيارات الإسلامية لديها فرصة كبيرة لوضع الدستور بعيدا عن التيارات الليبرالية التي انسحبت من عضوية الجمعية التأسيسية بهدف إفشال أي خطوة تصب في الاستقرار والانتهاء من وضع الدستور بما يتوافق مع هوية الوطن" (..). أضاف قائلاً: في تصريحات لإحدي الصحف إن انسحاب هذه التيارات كان متعمدا، خاصة أنهم يشكلون 46 مقابل 54 من الإسلاميين أو من ينتمون للتيار الإسلامي صراحة، وهي نسبة كما يراها تبدو معقولة للغاية وتناسب أغلبية هؤلاء الإسلاميين في الشارع والبرلمان (..). ببساطة متناهية.. اتهم عبدالماجد "التيارات الليبرالية" بأنها" تقف عقبة كؤودا أمام الاستقرار، وأمام الإسلاميين بشكل خاص". وأضاف ساخراً من أنصار هذه التيارات بوصفهم: " هم يريدون أغلبية داخل الجمعية التأسيسية وداخل البرلمان.. رغم أنهم لا يتمتعون بأي شعبية في الشارع(..). ومن السخرية انتقل عاصم عبدالماجد إلي التحدي قائلاً: "كان البرلمان ذكيا عندما توقع انسحاب البعض فترك أسماء بديلة لهم يتولاها الإسلاميون الذين سوف ينجحون في وضع دستور بصيغة متوازنة، وأنهم سوف يجدون ترحيبا من الشارع عند الاستفتاء علي الدستور الذي سيضعونه". ومن التحدي إلي التباهي قائلاً: "إن الإسلاميين ليسوا إقصائيين كما تحب التيارات العلمانية تصويرهم وتفزيع الناس منهم. والاسلاميون سوف يراعون في الدستور الجديد كل مكونات المجتمع المصري ويحافظون علي هوية البلد، وسيتأكد الشارع المصري من كذب هذه التيارات التي تريد تشويه الإسلاميين عندما يضعون دستورا بعيدا عنهم، ويراه الناس متوازنا (..). بعدها ينتقل عبدالماجد من التباهي إلي التهديد.. وهذه قصة أخري.